يحظى التوجه الحكومي نحو تعزيز اللامركزية في محافظات سلطنة عُمان عموما باهتمام كبير من قبل مختلف شرائح المجتمع، لاسيما لامركزية تقديم الخدمات لأفراد المجتمع وإنجازها سريعا عبر الصلاحيات الممنوحة للمحافظات في اتخاذ بعض القرارات في منافذ تقديم الخدمات في مديريات المؤسسات الخدمية؛ فمثلا وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني تخطو سريعا نحو إنجاز كثير من المعاملات إلكترونيا بدلا من تقديمها بالطرق التقليدية التي تتطلب وقتا طويلا؛ لكثرة المعاملات في قائمة الانتظار، ووزارة العمل عزّزت موقعها الإلكتروني بنوافذ جديدة لإنجاز معظم المعاملات التي كانت تتطلب الحضور إلى المديريات في المحافظات لإنجازها، وغيرها من المؤسسات الحكومية التي أطلقت تطبيقات إلكترونية تسهم في إنجاز المعاملات إلكترونيا حديثا تزامنا مع معرض كومكس لعام 2024م.
أما القطاع الصحي فيشهد حراكا تنمويا نشطا تمثّل في إسناد الأعمال الإنشائية لبعض المستشفيات الكبرى في المحافظات، وطرح مناقصات لإنشاء مستشفيات أخرى، إضافة إلى الجهود التي تبذلها إدارات المستشفيات في محافظة مسقط لتقليل فترة انتظار مواعيد العيادات التخصصية، وتجويد الخدمات الصحية والطبية للمرضى، وكذلك التعاون بين المؤسسات الصحية الخاصة والحكومية لتقليل فترة انتظار المواعيد، والاستعانة ببعض التخصصات الطبية في المؤسسات الصحية الخاصة؛ لمعالجة موضوع تأخر المواعيد.
ما يميّز القطاع الصحي أنه متجدد في تخصصاته ويتطور في تقديم خدماته، وكذلك يشهد تزايدا في عدد المؤسسات الصحية بجميع أنواعها في المحافظات التي تستوعب عددا كبيرا من الباحثين عن عمل من خريجي التخصصات الصحية والطبية باستمرار، مما يعد أحد القطاعات النشطة في استيعاب الباحثين عن عمل، إضافة إلى دوره الكبير والملحوظ في إحلال الكوادر البشرية العُمانية بالكوادر البشرية غير العُمانية.
قبل فترة وجيزة استبشرنا خيرا ببدء الأعمال الإنشائية لمستشفى النماء بمحافظة شمال الشرقية، ومستشفى سمائل بمحافظة الداخلية، وطرح مناقصة إنشاء مستشفى الفلاح بمحافظة جنوب الشرقية المتوقع إسناد الأعمال التشغيلية قريبا للبدء في إنشائه، إضافة إلى وصول نسب الأعمال الإنشائية للمستشفيات الأخرى في عدة محافظات إلى أكثر من 70% مثل مستشفيات محوت، ومسندم، وصلالة، جميع هذه المستشفيات بعد اكتمالها وبدء الأعمال التشغيلية ستسهم في توزّع الخدمات الصحية في المحافظات، وستعزز اللامركزية في تقديم خدمات القطاع الصحي، مما ستعالج موضوع تأخر مواعيد بعض الأشعات والعيادات التخصصية، وكذلك ستساعد على تقريب العاملين الصحيين من مناطق سكناهم، وستنشّط من الحركة التجارية والشرائية في المحافظات خاصة في المناطق المحيطة بالمستشفيات عبر توفير بعض الخدمات والسلع ذات الاحتياج لمرتادي المستشفيات والعاملين فيها، أيضا ستساعد في رفع إسهام المحافظات في الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للتوجه بتعزيز اقتصاديات المحافظات، والترويج عن فرصها الاستثمارية والسياحية.
الحق أننا نعيش فترة تتميّز بتسريع وتيرة العمل الجاد والمخلص لأجل عُمان وقائدها ومن يعيش عليها، وتتميّز بالإنصات جيدا لما يناقش من مقترحات وملحوظات وحلول فاعلة لبعض التحديات التي تواجه أهالي المحافظات عبر تفعيل ممارسة الرصد والتحليل في غالبية دوائر التواصل والإعلام في المؤسسات الحكومية؛ لمعالجتها واستدامتها وتطويرها بحيث تتواءم مع المتغيرات وتنسجم مع تطلعات أفراد المجتمع عموما. يحق لنا أن نفخر بما يشهده القطاع الصحي من حراك تنموي واعد في مختلف مجالاته لاسيما البنى الأساسية التي ستشهد نقلة نوعية في مرافقها وقدرة القطاع على توفير جميع التخصصات الطبية والصحية، إلا أن ما نرجوه أن يحظى ملف العلاج في الخارج باهتمام وزارة الصحة والمدينة الطبية الجامعية والمدينة الطبية للأجهزة العسكرية والأمنية؛ لدراسة أسباب ثقة بعض المواطنين بالعلاج في الخارج عوضا عن العلاج في مستشفيات سلطنة عُمان؛ لتقليل التكاليف على المواطنين وعناء السفر إلى بعض الدول لتلقي العلاج وإجراء الفحوصات، رغم توفّرها بمستوى عال من الكفاءة وبكوادر بشرية مؤهلة ومدربة في أرقى الجامعات والمستشفيات العالمية، مع إمكانية توفير بعض التخصصات غير الموجودة في مستشفيات سلطنة عُمان عبر استقطاب الكفاءات الطبية عالميا بين فترة وأخرى لتقديم العلاجات في المستشفيات.
نأمل بعد اكتمال إنشاء المستشفيات في المحافظات ألا يضطر أهاليها للذهاب إلى محافظة مسقط لتلقي العلاج أو مراجعة بعض العيادات التخصصية؛ لتسهم في تعزيز اللامركزية في تقديم الخدمات الصحية، واستقرار أهالي المحافظات في مناطق سكناهم للاستفادة من الخدمات بدلا من عناء السفر وتكاليف الإقامة في محافظة مسقط.
ختاما،، كل الشكر والتقدير لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- وللمخلصين من أبناء عُمان على جهودهم الكبيرة المقدّرة التي أثمرت عن بدء الأعمال الإنشائية لبعض المستشفيات الكبرى في المحافظات، آملين أن تنفذ وفق البرنامج الزمني المعد لذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأعمال الإنشائیة تقدیم الخدمات القطاع الصحی فی المحافظات فی تقدیم
إقرأ أيضاً:
القوات دان الحملة على الجيش: محاولة للانقضاض على آخر المؤسسات التي تعطي أملا للبنانيين
دانت الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية" الحملة على الجيش، وقالت في بيان: "كنا نتمنى لو أن ما حصل في لبنان جراء الحرب شكل لحظة وعي بأن الدولة وحدها تشكل الملجأ والملاذ، لكن ما نراه هو ان الفريق الذي صادر قرار الدولة واستجر الحروب على لبنان، ما زال يواصل ضرب ما تبقى في هذه الدولة التي من دونها يعني المراوحة في الحروب والفوضى والخراب. ومناسبة هذا الكلام الحملة التي يشنها محور الممانعة على الجيش اللبناني في محاولة للانقضاض على آخر المؤسسات التي تعطي أملا للبنانيين، وذلك على خلفية حادثة الاختطاف في البترون، وكأن هذا الفريق أفسح في المجال أصلا أمام الجيش ليتحمل مسؤولياته".
واعتبرت ان "مسؤولية الاختراقات كلها تقع على من ادعى القوة وتوازن الرعب والردع، علما ان القاصي يعرف والداني أيضا، بأن ما استخدمته إسرائيل من تكنولوجيا غير قابل للرصد وما قامت به في البترون قامت بالشيء نفسه في سوريا وداخل إيران نفسها، لا بل داخل بنية "حزب الله" نفسه، ومن يريد أن يلوم الجيش عليه ان يلوم نفسه بسبب حجم الاختراقات التي طالته بدءا من استهداف معظم كوادره وصولا إلى اغتيال أمينه العام وخليفته".
وشددت على ان "التلطي خلف واقعة البترون للانقضاض على الجيش اللبناني هي محاولة مكشوفة من قبل من أغرق لبنان واللبنانيين بالحروب والموت والدمار، فيما خشبة الخلاص الوحيدة للبنانيين من أجل الخروج من نفق الحروب إلى الاستقرار والازدهار، تتمثل بالدولة الفعلية وعمادها الجيش الذي وحده يحمي الحدود والسيادة".