لجريدة عمان:
2024-12-03@17:22:18 GMT

كارثة الشرق الأوسط على بعد غارة جوية

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

عندما يتوجه بنيامين نتانياهو إلى واشنطن الشهر القادم، تجب نصيحته باجتناب الطيران في مجال بريطانيا الجوي ومطاراتها. فالمملكة المتحدة بوصفها عضوا مؤسسا في المحكمة الجنائية الدولية قد تجد نفسها مرغمة قانونيا وأخلاقيا على اعتقال رئيس وزراء إسرائيل إذا ضل طريقه وحل في أراضيها.

وذلك لأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يسعى إلى استصدار مذكرة باعتقال نتانياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، التي مات فيها أكثر من سبعة وثلاثين ألف شخص، أغلبهم مدنيون، منذ هجمة حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل التي أسفرت عن مصرع قرابة ألف ومائتي شخص.

والمحزن أن احتمال سوق نتانياهو مغللا بالقيود لا يزال بعيدا. وقد يكون من المغالاة أن نرجو في كير ستامر، بوصفه رئيس وزراء بريطانيا الجديد، أن يحاول اعتراض هذا الآبق من العدالة. مع ملاحظة أن حزب العمال في بيانه الانتخابي يدعم بقوة المحكمة الجنائية الدولية التي تعتمد على الدول الأعضاء فيها في تنفيذ الاعتقالات.

أما فيما يتعلق بغزة، فثمة الكثير من الحدود البرجماتية لتفاني حزب العمال في تحقيق العدالة للفلسطينيين، برغم الأدلة الدامغة على الإجرام وبرغم اكتشاف محاولات هيئات التجسس الإسرائيلية تخريب المحكمة الجنائية الدولية. فضلا عن أن نتانياهو ينتهك أيضا قرارا أصدرته محكمة العدل الدولية بإيقاف عمليات الجيش في رفح.

وازدواج المعايير البريطاني -لكيلا نقول النفاق- بشأن سلوك القيادة الإسرائيلية الوحشي لا يمثل شيئا بالقياس إلى مثيله في الكونجرس الأمريكي. فالسبب في سفر نتانياهو عما قريب هو دعوته إلى إلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة لغرفتي الشيوخ والنواب في الرابع والعشرين من يوليو.

وتتوافر هذه المنصة بفضل الجمهوريين المتشددين الموالين لترامب الذين يعدون نتانياهو عضوا فخريا في عصبتهم. ولا بد أن يكون ذلك أمرا مزعجا للرئيس بايدن الذي سارع إلى القدس بعد السابع من أكتوبر ووضع ذراعه على كتف نتانياهو ووعده بالدعم السخي.

يدفع بايدن الثمن باهظا في العام الانتخابي مقابل عرضه الطائش بالتضامن الثابت. فالناخبون الشباب يشعرون بالفزع أمام مذبحة غزة، وأغلبها يحدث بسبب القنابل المقدمة من الولايات المتحدة. وفي موقف شديد البعد عن إبداء الامتنان، يعوق القائد الإسرائيلي جهود السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة ويتحين الصراعات مع راعيه.

فقد هاجم نتانياهو الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي لمنعه المفترض تسليم أسلحة مصورا نفسه في ثنايا ذلك وكأنه ونستون تشيرشل العصر الحديث الذي يطالب بـ«الأدوات اللازمة لإتمام المهمة». واستعر غضب البيت الأبيض. والواقع أن ما تم منعه لم يتعد قنابل «التأثير واسع النطاق» التي تزن ألفي رطل وتصنعها الولايات المتحدة وتؤدي إلى القتل دونما تمييز. وتزداد واشنطن قلقا من أن نتانياهو -الذي يزداد اعتماده على الصهاينة المتدينين والعنصريين المتطرفين بعد انهيار مجلسه الوزاري الحربي- يستعد لخوض قتال بلا محاذير مع حزب الله المدعوم من إيران بعد شهور من المناوشات.

وكثير في إسرائيل يتخوفون مما تتخوف منه الولايات المتحدة، فيتهمون رئيس الوزراء بتأبيد حرب غزة من أجل البقاء في السلطة بعيدا عن السجن (إذ إنه يواجه اتهامات جنائية داخلية بالإضافة إلى اتهامات المحكمة الجنائية الدولية)، ومن شأن غزو لبنان أن يمثل الخطوة المنطقية التالية في هذا التقدم الجنوني.

حتى حينما كان مبعوث بايدن الخاص في بيروت والقدس يحاول منع التصعيد، كان وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز يحذر من أن خطط الجيش الإسرائيلي لحرب كاملة النطاق على حزب الله قد اكتملت وأن القرار «شديد القرب». وتعهد إسرائيل كاتز بأن قوات حزب الله -وإن فاقت حماس عددا وتفوقت عليها سلاحا- «سوف تتحطم وسوف يتعرض لبنان لضربة موجعة». وهذه هي مثل نوعية الوعود غير الواقعية التي سبق التعهد بها قبل حملة غزة.

وفي ضوء أن بعض المعلقين الإسرائيليين يرون أن الأداء الحالي هو أسوأ أداء حربي للجيش الإسرائيلي فإن هذه النوعية من التهديدات تبقى مثيرة للفزع. فلو وقع فعلا غزو للبنان مثلما سبق ووقع في 2006 وفي 1982، فمن اليقيني أن الخسائر والمعاناة البشرية سوف تكون هائلة.

كثيرا ما يقال إن حزب الله، برغم هجماته الصاروخية المكثفة على شمال إسرائيل الأسبوع الماضي، لا يسعى إلى صراع كامل، ولا راعيته إيران تريد ذلك. وفي حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، سوف يخف التوتر. لكن هذا التحليل لا يبعث الكثير من الطمأنينية. فقد أصدر حسن نصر الله، زعيم حزب الله القوي، تهديدات قوية من جانبه في الأسبوع الماضي. ونصر الله -شأن نتانياهو- يفتقر إلى الخطة اللازمة لإنهاء العنف، وإلى الرؤية الاستراتيجية لمستقبل ما بعد الحرب. في الوقت نفسه، ينشغل رؤساؤه في طهران باختيار رئيس جديد.

فقد سنحت بوفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الشهر الماضي فرصة لإيران لإعادة النظر في سياسة تقوم على «الدفاع المتقدم» الإقليمي باستعمال الوكلاء في توسيع نفوذها وحماية حدودها والضغط على إسرائيل وحلفائها. وتلك الفرصة تتبدد في ظل إجازة رسمية لستة مرشحين للحلول محل رئيسي في الثامن والعشرين من يونيو. ولا يعد إصلاحيا من هؤلاء إلا واحد هو مسعود بيزشكيان. وترشحه يعطي انطباعا زائفا بوجود منافسة مفتوحة. فالمرشح المفضل هو المحافظ المخضرم محمد باقر قاليباف -ويفترض أنه اختيار القائد الإيراني الأعلى علي خامنئي. وفي حال فوزه، سوف تستمر إيران في طريقها المسدود نحو المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة على كل شيء من فلسطين إلى الأسلحة النووية.وثمة نقطة اشتعال أخرى قد تجذب الولايات المتحدة. إذ يشير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن «المسرح السوري يهدد بإشعال صراع مباشر أكثر فتكا بين إسرائيل وإيران» مشيرا إلى مائة وسبعين هجمة على قواعد للولايات المتحدة في سوريا والعراق منذ السابع من أكتوبر، وإلى قصف إسرائيل لقنصلية إيران في دمشق، ورد طهران.

قد يكون الانزلاق إلى فوضى على بعد غارة جوية ضالة أو على بعد اغتيال آخر. فبعد تسعة أشهر شنيعة في غزة، لم يكن احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة كلها أعلى مما هو عليه الآن. ولكنها في حال وقوعها، قد تكون ناجمة عن الصدفة لا عن التدبير.

من الذي بوسعه إيقاف هذا الانسياق الفوضوي الضال إلى الكارثة؟ أما الدول العربية فلا فعالية لها، أو اشتراك. وروسيا تلعب دور المفسد، والصين تنقصها الجدية، ونوايا إيران خبيثة. وحماس تختفي وراء المدنيين، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مهمشان، وبايدن يسقط.

وفي إسرائيل، يعيش نتانياهو، دليلا حيا على حقيقة أكبر، وهي أنه في كل مكان، ثمة نقص فادح في القادة القادرين أصحاب الرؤى والنزاهة.

سيمون تيسدال من كتاب الرأي في صحيفة الأوبزرفر

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة حزب الله

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تشن غارة جديدة على جنوب لبنان

شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية، اليوم الأحد، غارة جوية على إحدى القرى الحدودية في جنوب لبنان، بينما قصفت القوات الإسرائيلية بلدات وقرى أخرى ما زالت تحت السيطرة الإسرائيلية، وفقاً لما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.

تأتي هذه الهجمات بعد أيام من دخول اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وتنظيم حزب الله حيز التنفيذ، ولم ترد على الفور تقارير عن إصابات.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي فوراً على الضربة الجوية في قرية يارون، كما لم يعلق حزب الله.
وتواصل إسرائيل الدعوة إلى عدم عودة اللاجئين اللبنانيين إلى عشرات القرى الجنوبية في هذه المرحلة الحالية من وقف إطلاق النار، كما تواصل فرض حظر تجوال يومي على تحرك الأشخاص عبر نهر الليطاني، بين الساعة 5 مساء و7 صباحاً.

وقف إطلاق النار في لبنان أضعف إيران - موقع 24رأى ميشال كرانز، صحفي مستقل مختص في شؤون الشرق الأوسط،  أن وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في جنوب لبنان بين إسرائيل وحزب الله – بعد 14 شهراً من الصراع المدمر - يمثل تحولاً مهماً للمنطقة، حيث لا يعيد تشكيل توازن القوى داخل لبنان فحسب، بل يوجه ضربة لإيران، راعية حزب الله، ويكشف عن ...

وانتقد رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي والجيش اللبناني الهجمات والغارات الجوية الإسرائيلية، منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، متهمين إسرائيل بانتهاك الاتفاق. وقال الجيش إنه قدم شكاوى، لكن لم تتخذ أي إجراءات عسكرية واضحة من قبل حزب الله رداً على ذلك، مما يعني أن التوقف المتوتر للقتال لم ينهار بعد.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يعلن مسؤوليته عن مقتل قيادي كبير في حزب الله يعمل مع الجيش السوري في غارة جوية على دمشق
  • الجيش الإسرائيلي يعلن مسؤوليته عن مقتل قيادي كبير في حزب الله يعمل مع الجيش السوري في غارة جوية على دمشق
  • أول تعليق من نتانياهو على تهديد ترامب بـالجحيم في الشرق الأوسط
  • أول تعليق من نتانياهو على تهديد ترامب بـجحيم الشرق الأوسط
  • تحرك التنظيمات التكفيرية ووهم “إسرائيل” في تغيير الشرق الأوسط
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار مع لبنان بـ20 غارة جوية أمس
  • تباين المصالح الأمريكية وتأثير دعم إسرائيل على أمن سوريا
  • إسرائيل تشن غارة جديدة على جنوب لبنان
  • الهجوم على حلب.. تصاعد جديد يهدد بفتح جبهة عنيفة في الشرق الأوسط
  • هل ينقذ بايدن سلام الشرق الأوسط وينقذ إرثه أيضا؟