لجريدة عمان:
2024-06-29@11:36:05 GMT

كارثة الشرق الأوسط على بعد غارة جوية

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

عندما يتوجه بنيامين نتانياهو إلى واشنطن الشهر القادم، تجب نصيحته باجتناب الطيران في مجال بريطانيا الجوي ومطاراتها. فالمملكة المتحدة بوصفها عضوا مؤسسا في المحكمة الجنائية الدولية قد تجد نفسها مرغمة قانونيا وأخلاقيا على اعتقال رئيس وزراء إسرائيل إذا ضل طريقه وحل في أراضيها.

وذلك لأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يسعى إلى استصدار مذكرة باعتقال نتانياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، التي مات فيها أكثر من سبعة وثلاثين ألف شخص، أغلبهم مدنيون، منذ هجمة حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل التي أسفرت عن مصرع قرابة ألف ومائتي شخص.

والمحزن أن احتمال سوق نتانياهو مغللا بالقيود لا يزال بعيدا. وقد يكون من المغالاة أن نرجو في كير ستامر، بوصفه رئيس وزراء بريطانيا الجديد، أن يحاول اعتراض هذا الآبق من العدالة. مع ملاحظة أن حزب العمال في بيانه الانتخابي يدعم بقوة المحكمة الجنائية الدولية التي تعتمد على الدول الأعضاء فيها في تنفيذ الاعتقالات.

أما فيما يتعلق بغزة، فثمة الكثير من الحدود البرجماتية لتفاني حزب العمال في تحقيق العدالة للفلسطينيين، برغم الأدلة الدامغة على الإجرام وبرغم اكتشاف محاولات هيئات التجسس الإسرائيلية تخريب المحكمة الجنائية الدولية. فضلا عن أن نتانياهو ينتهك أيضا قرارا أصدرته محكمة العدل الدولية بإيقاف عمليات الجيش في رفح.

وازدواج المعايير البريطاني -لكيلا نقول النفاق- بشأن سلوك القيادة الإسرائيلية الوحشي لا يمثل شيئا بالقياس إلى مثيله في الكونجرس الأمريكي. فالسبب في سفر نتانياهو عما قريب هو دعوته إلى إلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة لغرفتي الشيوخ والنواب في الرابع والعشرين من يوليو.

وتتوافر هذه المنصة بفضل الجمهوريين المتشددين الموالين لترامب الذين يعدون نتانياهو عضوا فخريا في عصبتهم. ولا بد أن يكون ذلك أمرا مزعجا للرئيس بايدن الذي سارع إلى القدس بعد السابع من أكتوبر ووضع ذراعه على كتف نتانياهو ووعده بالدعم السخي.

يدفع بايدن الثمن باهظا في العام الانتخابي مقابل عرضه الطائش بالتضامن الثابت. فالناخبون الشباب يشعرون بالفزع أمام مذبحة غزة، وأغلبها يحدث بسبب القنابل المقدمة من الولايات المتحدة. وفي موقف شديد البعد عن إبداء الامتنان، يعوق القائد الإسرائيلي جهود السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة ويتحين الصراعات مع راعيه.

فقد هاجم نتانياهو الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي لمنعه المفترض تسليم أسلحة مصورا نفسه في ثنايا ذلك وكأنه ونستون تشيرشل العصر الحديث الذي يطالب بـ«الأدوات اللازمة لإتمام المهمة». واستعر غضب البيت الأبيض. والواقع أن ما تم منعه لم يتعد قنابل «التأثير واسع النطاق» التي تزن ألفي رطل وتصنعها الولايات المتحدة وتؤدي إلى القتل دونما تمييز. وتزداد واشنطن قلقا من أن نتانياهو -الذي يزداد اعتماده على الصهاينة المتدينين والعنصريين المتطرفين بعد انهيار مجلسه الوزاري الحربي- يستعد لخوض قتال بلا محاذير مع حزب الله المدعوم من إيران بعد شهور من المناوشات.

وكثير في إسرائيل يتخوفون مما تتخوف منه الولايات المتحدة، فيتهمون رئيس الوزراء بتأبيد حرب غزة من أجل البقاء في السلطة بعيدا عن السجن (إذ إنه يواجه اتهامات جنائية داخلية بالإضافة إلى اتهامات المحكمة الجنائية الدولية)، ومن شأن غزو لبنان أن يمثل الخطوة المنطقية التالية في هذا التقدم الجنوني.

حتى حينما كان مبعوث بايدن الخاص في بيروت والقدس يحاول منع التصعيد، كان وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز يحذر من أن خطط الجيش الإسرائيلي لحرب كاملة النطاق على حزب الله قد اكتملت وأن القرار «شديد القرب». وتعهد إسرائيل كاتز بأن قوات حزب الله -وإن فاقت حماس عددا وتفوقت عليها سلاحا- «سوف تتحطم وسوف يتعرض لبنان لضربة موجعة». وهذه هي مثل نوعية الوعود غير الواقعية التي سبق التعهد بها قبل حملة غزة.

وفي ضوء أن بعض المعلقين الإسرائيليين يرون أن الأداء الحالي هو أسوأ أداء حربي للجيش الإسرائيلي فإن هذه النوعية من التهديدات تبقى مثيرة للفزع. فلو وقع فعلا غزو للبنان مثلما سبق ووقع في 2006 وفي 1982، فمن اليقيني أن الخسائر والمعاناة البشرية سوف تكون هائلة.

كثيرا ما يقال إن حزب الله، برغم هجماته الصاروخية المكثفة على شمال إسرائيل الأسبوع الماضي، لا يسعى إلى صراع كامل، ولا راعيته إيران تريد ذلك. وفي حال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، سوف يخف التوتر. لكن هذا التحليل لا يبعث الكثير من الطمأنينية. فقد أصدر حسن نصر الله، زعيم حزب الله القوي، تهديدات قوية من جانبه في الأسبوع الماضي. ونصر الله -شأن نتانياهو- يفتقر إلى الخطة اللازمة لإنهاء العنف، وإلى الرؤية الاستراتيجية لمستقبل ما بعد الحرب. في الوقت نفسه، ينشغل رؤساؤه في طهران باختيار رئيس جديد.

فقد سنحت بوفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الشهر الماضي فرصة لإيران لإعادة النظر في سياسة تقوم على «الدفاع المتقدم» الإقليمي باستعمال الوكلاء في توسيع نفوذها وحماية حدودها والضغط على إسرائيل وحلفائها. وتلك الفرصة تتبدد في ظل إجازة رسمية لستة مرشحين للحلول محل رئيسي في الثامن والعشرين من يونيو. ولا يعد إصلاحيا من هؤلاء إلا واحد هو مسعود بيزشكيان. وترشحه يعطي انطباعا زائفا بوجود منافسة مفتوحة. فالمرشح المفضل هو المحافظ المخضرم محمد باقر قاليباف -ويفترض أنه اختيار القائد الإيراني الأعلى علي خامنئي. وفي حال فوزه، سوف تستمر إيران في طريقها المسدود نحو المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة على كل شيء من فلسطين إلى الأسلحة النووية.وثمة نقطة اشتعال أخرى قد تجذب الولايات المتحدة. إذ يشير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن «المسرح السوري يهدد بإشعال صراع مباشر أكثر فتكا بين إسرائيل وإيران» مشيرا إلى مائة وسبعين هجمة على قواعد للولايات المتحدة في سوريا والعراق منذ السابع من أكتوبر، وإلى قصف إسرائيل لقنصلية إيران في دمشق، ورد طهران.

قد يكون الانزلاق إلى فوضى على بعد غارة جوية ضالة أو على بعد اغتيال آخر. فبعد تسعة أشهر شنيعة في غزة، لم يكن احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة كلها أعلى مما هو عليه الآن. ولكنها في حال وقوعها، قد تكون ناجمة عن الصدفة لا عن التدبير.

من الذي بوسعه إيقاف هذا الانسياق الفوضوي الضال إلى الكارثة؟ أما الدول العربية فلا فعالية لها، أو اشتراك. وروسيا تلعب دور المفسد، والصين تنقصها الجدية، ونوايا إيران خبيثة. وحماس تختفي وراء المدنيين، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مهمشان، وبايدن يسقط.

وفي إسرائيل، يعيش نتانياهو، دليلا حيا على حقيقة أكبر، وهي أنه في كل مكان، ثمة نقص فادح في القادة القادرين أصحاب الرؤى والنزاهة.

سيمون تيسدال من كتاب الرأي في صحيفة الأوبزرفر

عن الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة حزب الله

إقرأ أيضاً:

لماذا تريد إسرائيل عدم استقرار الوضع في الشرق الأوسط.. فيديو

قال اللواء الدكتور محمد قشقوش، أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، إن الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت في دعم دول حلف الأطلنطي بشكل كبير بعد توسعه، مضيفا أن الوضع أصبح ليس مريحا مع روسيا.

وتابع أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، خلال لقائه مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج صالة التحرير المذاع على قناة صدى البلد، أن روسيا تدعم نفسها بشعبها، وتسعى لـ كسب رضا الصين وكوريا الشمالية، وكذلك مصادقة إيران لأن بينهما حدودا مشتركة.

 

وذكر اللواء الدكتور محمد قشقوش، أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل بشكل كبير، مضيفا أن دولة إسرائيل لا تريد أن يستقر الوضع الشرق الأوسط.

وتابع: إسرائيل تعيش بعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وهناك دول ضحية مثل لبنان، موضحا أن الولايات المتحدة تتحرك في إطار دعم إسرائيل والحلف الأطلنطي، من خلال الدعم المادي الكبير ودعم بالأسلحة المتطورة، لترفع من طاقة الجيش الإسرائيلي.

وأشار إلى إسرائيل تمتلك مزايا ضخمة من خلال الدعم المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أن إسرائيل دولة صغيرة ولكنها قوية وأصبحت مؤخرا تضم بعض المناطق وتتوسع بشكل مقلق، مشيرًا إلى أن بعض دول الغرب واوواشنطن وحدهم هم القادرون على تمويل للحرب الإسرائيلية في غزة.

صراع وجود

وأضاف أن ما يحدث في الأراضي الفلسطينية هو صراع وجود وصراع من أجل البقاء، ولابد من اتحاد الدول العربية لحل هذه القضية وإنقاذ الأوضاع المتبقية في غزة.


وتابع أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية: «إذا لم يتم اتحاد غزة مع الضفة الغربية، ستظل مشكلة الانقسام إلى الأبد ويظل الصراع مستمرا لأجيال قادمة داخل الأراضي الفلسطينية، وهذا الانقسام يساعد الجانب الإسرائيلي على تحقيق أهدافه».


وأردف الدكتور محمد قشقوش: «إسرائيل تعيش في أجواء عدم الاستقرار، ولا تريد هدوء في المنطقة، ومن مصلحتها أن الأوضاع في الشرق الأوسط لا يهدأ، حتى يتم زعزعة الأراضي العربية».


وحول الصراع الإسرائيلي في لبنان، قال الدكتور محمد قشقوش: «لبنان في موقف حرج وضعيف، فهي دولة مسكينة وغير قادرة على تحمل الدخول في حرب».

شراكة روسيا مع كوريا الشمالية

وكشف الدكتور محمد قشقوش، أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، تفاصيل زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة إلى كوريا الشمالية؛ وكواليس الاتفاق الاستراتيجي بين روسيا وكوريا. 


وقال إن دولتي روسيا وكوريا الشمالية قاموا بتشكيل تحالف مشترك خلال الفترة الأخيرة ، حيث أن صداقتهما القوية تقلق الغرب بشكل كبير، معقبًا: «الغرب خسر الكثير بعد هذه الصداقة».


وأوضح قشقوش، أنه تم توقيع اتفاق شراكة استراتيجي بين كلا من روسيا وكوريا الشمالية؛ يغلب عليه الطابع العسكري، لأن روسيا بحاجة إلى العون النوعي في بعض الأسلحة والكثير من الذخائر المختلفة، خاصة وأن كلا الدولتين ينتميان إلى مدرسة تسليحية واحدة.


وأشار أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية، إلى التقدم الروسي في مجال الفضاء، قائلاً: «سيفيد كوريا الشمالية في مجالات القوات الجوية والأقمار الصناعية والصواريخ بعيدة المدى، حيث يساعد في زيادة وتعدد عناصر الردع في مواجهة الغرب».

مقالات مشابهة

  • صحيفة: توترات الشرق الأوسط تطغى على اجتماعات الناتو المقبلة في واشنطن
  • فاينانشيال تايمز: توترات الشرق الأوسط تطغى على اجتماعات الناتو المقبلة بواشنطن
  • ناشطة كورية: إسرائيل كلب حراسة للغرب في الشرق الأوسط.. وهكذا ينتهي الصراع
  • التصعيد يعود إلى جنوب لبنان.. غارات على النبطية والبقاع الغربي
  • سليمان شكر ميقاتي وطيران الشرق الأوسط على تسهيلات الحج
  • إصابة عدة أشخاص في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
  • الصين تطالب إسرائيل بوقف عقابها الجماعي ضد أهل غزة
  • لماذا تريد إسرائيل عدم استقرار الوضع في الشرق الأوسط.. فيديو
  • بايدن وترامب يعرضان رؤى مختلفة لمستقبل الولايات المتحدة في العالم
  • لماذا تريد إسرائيل عدم استقرار الوضع الشرق الأوسط؟.. خبير يوضح