واشنطن تداعب المليشيات بتهديد جديد
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
أفلتت سفينة شحن من هجوم حوثي استهدفها في المحيط الهندي، الاثنين، غداة إصابة ناقلتين وإخلاء طاقم إحداهما، وذلك في سياق العمليات التي تشنّها الجماعة ضد السفن للشهر الثامن تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.
ومع تواصل عمليات الدفاع الاستباقية التي تقودها واشنطن لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، تعهد الجيش الأميركي، في بيان، بالاستمرار مع الشركاء في تقويض القدرات العسكرية للجماعة الحوثية، واصفاً هجماتها بـ«الخبيثة».
وأفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الاثنين، بأن قبطان سفينة تجارية أبلغ عن انفجار على مقربة منها، على بعد 246 ميلاً بحرياً جنوب شرقي ميناء نشطون اليمني، مشيرة إلى أن الطاقم بخير وأن السفينة في طريقها إلى الميناء التالي.
ولم تتبن الجماعة الحوثية على الفور الهجوم، في حين لم يعلق الجيش الأميركي على الهجوم الذي جاء غداة إصابة سفينتين، الأولى في المحيط الهندي والأخرى في جنوب البحر الأحمر، في هجمات تنبتها الجماعة.
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان متلفز، إن قوات جماعته استهدفت السفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر باستخدام زورق مسيّر، ما أدى إلى إصابتها إصابة مباشرة، إلى جانب استهداف السفينة «ستولت سيكويا» في المحيط الهندي بعدد من الصواريخ المجنحة، وفق ادعائه.
وكانت تقارير الأمن البحري البريطاني أفادت، الأحد، بأن سفينة أطلقت نداء استغاثة من على بعد 96 ميلاً بحرياً عن ميناء نشطون اليمني، وإن المياه تسربت إليها بشكل لا يمكن احتواؤه، وأنه تم إجلاء طاقم السفينة من قبل سفينة أخرى، بعد عدم القدرة على احتواء المياه، حيث باتت السفينة المصابة منجرفة في المياه.
وفي الحادثة الأخرى، قالت «هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية» وشركة «أمبري» البريطانية أن هجوماً ألحق أضراراً بسفينة تجارية ترفع علم ليبيريا على بعد 65 ميلاً بحرياً، غرب مدينة الحديدة في اليمن، وإن جميع أفراد الطاقم سالمون، والسفينة تبحر نحو الميناء التالي.
4 هجمات على سفينة
من جانبه، أفاد الجيش الأميركي، في بيان الاثنين، بتعرض سفينة يونانية للهجوم أربع مرات من قِبل الحوثيين في البحر الأحمر، مؤكداً إصابتها بأضرار طفيفة ومتوسطة.
وبحسب القيادة المركزية الأميركية، ضرب الحوثيون، المدعومون من إيران، السفينة «ترانس وورلد نافيجيتور»، وهي ناقلة بضائع سائبة ترفع العلم الليبيري وتملكها وتديرها اليونان، في هجوم يشتبه بأنه نظام جوي غير مأهول، حيث أبلغ الطاقم عن إصابات طفيفة وأضرار متوسطة للسفينة، لكنها واصلت إبحارها.
ورست السفينة أخيراً، وفق البيان، في ماليزيا وكانت في طريقها إلى مصر، ويعد هذا الهجوم الحوثي عليها هو الرابع.
ووصف الجيش الأميركي سلوك الحوثيين المدعومين من إيران بـ«الخبيث والمتهور». وقال إنه «يهدد الاستقرار الإقليمي ويعرّض حياة البحارة عبر البحر الأحمر وخليج عدن للخطر». وتعهد «العمل مع الشركاء لمحاسبة الحوثيين وتقويض قدراتهم العسكرية».
وتشنّ الجماعة الحوثية، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، كما تدّعي، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما أعلنت أخيراً توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط، وتبنّت هجمات في موانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لإيران.
وتعطي الهجمات الحوثية المتلاحقة في الشهر الحالي انطباعاً عن ضراوة الهجمات وفاعليتها، خاصة مع غرق السفينة اليونانية «توتور» في البحر الأحمر، لتصبح ثاني سفينة تغرق بعد السفينة البريطانية «روبيمار»، وتهديد سفينتين على الأقل بمصير مماثل، لتضاف إلى السفينة المقرصنة «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر الماضي.
وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، وشاركتها بريطانيا في 5 مناسبات حتى الآن، كما شارك عدد من سفن الاتحاد الأوروبي ضمن عملية «أسبيدس» في التصدي لهجمات الجماعة.
27 سفينة
أصابت الهجمات الحوثية حتى الآن نحو 27 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان، حيث أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر بالتدريج، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور» الأربعاء الماضي.
وتسود مخاوف من مصير مماثل تواجهه السفينة الأوكرانية «فيربينا» التي تركها بحارتها تهيم في خليج عدن بعد تعذر إطفاء حرائق على متنها جراء هجوم حوثي آخر تعرّضت له في 13 من الشهر الحالي، دون أن تتوفر معلومات أحدث حول حالتها.
ومع مزاعم الجماعة استهداف نحو 155 سفينة، أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.
وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها قبل أكثر من 6 أشهر، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.
وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضدّ الحوثيين على الأرض، منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 530 غارة، أدَّت في مجملها، حتى الآن، إلى مقتل 58 عنصراً، وجرح 86 آخرين، وفق ما اعترفت به الجماعة.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر الجیش الأمیرکی وخلیج عدن
إقرأ أيضاً:
القاعدة الروسية بالسودان.. هل حان أوان التنفيذ؟ (تقرير)
الأناضول - بعد سنوات من تعثر تنفيذ الاتفاقية أعلن وزير الخارجية السوداني من موسكو التوصل إلى تفاهمات بشأن إنشاء القاعدة البحرية الرسوية على البحر الأحمر في بلاده - المحلل السياسي أمير بابكر: القاعدة الروسية ليست أولوية للخرطوم أو موسكو حاليا والحديث عنها ربما بمثابة رسائل سياسية من الحكومة السودانية للأطراف الدولية
- المحلل السياسي محمد سعيد: من الصعب تنفيذ اتفاقية القاعدة وتصريحات وزير الخارجية تكتيك من الحكومة لكسب الوقت ومعرفة ما سيفعله ترامب تجاه المنطقة
عادت إلى الواجهة مسألة إقامة قاعدة روسية على البحر الأحمر في السودان، إثر إعلان الخرطوم قبل أيام التوصل إلى اتفاق بشأنها مع موسكو.
وجاء الإعلان في وقت يشهد فيه السودان منذ 22 شهرا حربا ضاريا بين الجيش وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية طالت معظم ولايات البلاد.
وخلّفت الحرب، منذ أبريل/ نيسان 2023، أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.
وجاء الإعلان بشأن القاعدة هذه المرة من موسكو، خلال مؤتمر صحفي جمع وزير الخارجية السوداني علي يوسف ونظيره الروسي سيرغي لافروف.
وقال يوسف الأربعاء الماضي إن السودان وروسيا توصلا إلى تفاهم بشأن الاتفاقية الخاصة بإقامة قاعدة البحرية الروسية.
وأضاف: "متفقون تماما في هذا الموضوع ولا توجد أي عقبات.. لا توجد عقبات، نحن متفقون تماما".
وتابع: "توصلنا إلى تفاهم متبادل بشأن القضية، وبالتالي فإن المسألة بسيطة للغاية، ليس لدي ما أضيفه. لقد اتفقنا على كل شيء"، دون تفاصيل.
ومرت سنوات على الإعلان عن اتفاقية بشأن إقامة قاعدة بحرية روسية في السودان، وصادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عليه في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
لكن المسألة ظلت متعثرة، وأعلنت الخرطوم حينها أن الاتفاقية تحتاج لموافقة برلمانية.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حل الحكومة ومجلس الوزراء، ثم اندلعت الحرب منتصف أبريل 2023.
وتتضمن الاتفاقية إقامة منشأة بحرية روسية على البحر الأحمر، قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، واستيعاب 300 عسكري ومدني.
ويمكن للقاعدة استقبال أربع سفن حربية في وقت واحد، وتُستخدم في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين لأفراد أطقم السفن الروسية.
ولا ترغب دول، تتقدمها الولايات المتحدة، في حصول خصمها الاستراتيجي روسيا على مواطئ قدم في البحر الأحمر بالسودان.
** قصة القاعدة
في 2017 لم تتحمس موسكو لطلب الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير (1989 - 2019)، إنشاء قاعدة عسكرية روسية في بلاده، في ظل توترات بين الخرطوم وواشنطن.
لكن في مايو/ أيار 2019 كشفت موسكو عن بنود اتفاقية مع الخرطوم، لتسهيل دخول السفن الحربية إلى موانئ البلدين، بعد أن دخلت حيز التنفيذ.
وصادق بوتين، في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان.
لكن بعد ثلاثة أيام، قال رئيس الأركان السوداني حينها محمد عثمان الحسين: "حتى الآن ليس لدينا الاتفاقية الكاملة مع روسيا حول إنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر، لكن التعاون العسكري بيننا ممتد".
و9 ديسمبر/ كانون الأول 2020، نشرت الجريدة الرسمية الروسية نص الاتفاقية بين موسكو والخرطوم حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على البحر الأحمر، بهدف "تعزيز السلام والأمن في المنطقة"، حسب مقدمة الاتفاقية.
** رفض ومخاوف
لم يحظ الإعلان مؤخرا عن التوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاقية بردود فعل كثيفة كما في السابق من القوى السياسية السودانية، والتي يظل معظمها رافضا لإنشاء القاعدة.
إلا أن الحزب الشيوعي المعارض أعلن، في بيان الجمعة، رفضه للاتفاقية، قائلا إن إبرامها في ظل الانقسام السياسي والصراع العسكري بالسودان، ومن جانب سلطة غير منتخبة، يفتقر إلى أي شرعية قانونية أو شعبية.
وأردف أن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية على الأراضي السودانية يُعد انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية، ويفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الخارجية التي تهدد وحدة السودان وتجره إلى صراعات دولية لا مصلحة له فيها.
كما علق رئيس الحركة الشعبية- التيار الثوري ياسر عرمان بقوله إن "السودان اليوم بحاجة إلى سلام عادل ومشروع وطني جديد، ولا يحتاج لبناء قواعد أجنبيه على أراضيه".
ولفت عرمان، عبر حسابه على "فيسبوك"، إلى "الحديث المنسوب لوزير الخارجية بشأن الاتفاق على بناء قاعدة روسية على الساحل السوداني".
واعتبر أنه "إذا كان صحيحا، فذلك يعني مزيدا من الاستقطاب الإقليمي والدولي، في وقت السودان فيه أضعف ما يكون، ويحتاج لحماية سيادته.. ومصلحة السودان الحفاظ على سيادته والابتعاد عن هذه الصراعات".
** رسائل سياسية
المحلل السياسي أمير بابكر قال للأناضول إن حديث وزير الخارجية بشأن القاعدة في حضور لافروف كان معمما، حيث كانت الرسالة هي "حدوث تفاهمات بشأن القاعدة الروسية".
وأضاف: "من الواضح أن القاعدة الروسية ليست أولوية للخرطوم أو موسكو حاليا، باعتبار أن الأوضاع في السودان غير مستقرة، والحرب لا زالت في أشدها".
وتابع: "بالنظر إلى مجريات الأحداث على المستوى المحلي والإقليمي والدولي فإن الحديث عن القاعدة الروسية في هذا التوقيت ربما بمثابة رسائل سياسية من الحكومة السودانية للأطراف الدولية"، دون إيضاحات.
** تكتيك سوداني
أما المحلل السياسي محمد سعيد فقال للأناضول إن "موضوع القاعدة الروسية مطروح باستمرار، لأن مركز القرار في الحكومة السودانية ليس واحدا".
وأردف أن "الحكومة أو الجيش السوداني ليسوا مضطرين حاليا إلى إثارة توتر جديد في المنطق،ة خاصة مع الدول المشاطئة على البحر الأحمر".
وفي يناير/ كانون الثاني 2020، اجتماع ممثلون من مصر والسعودية واليمن والأردن والسودان والصومال وجيبوتي وإريتريا في الرياض، ودشنوا مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، بهدف حماية أمن البحر الأحمر.
وأعرب سعيد عن اعتقاده بأنه "من الصعب تنفيذ اتفاقية القاعدة الروسية، أما تصريحات وزير الخارجية السوداني فتكتيك من الحكومة السودانية لكسب الوقت ومعرفة ما سيفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه المنطقة".