زوجات الأسرى يتجرعن مرارات مضاعفة في ظل استمرار العدوان
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
اختزلت أم أسامة قصة اسر زوجها ومعيل الاسرة منذ اكثر من 6 شهور ببعض الكلمات المخنوقة "لا نعرف أين زوجي بعد اعتقاله من احدي مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا بشمال غزة في أواخر ديسمبر الماضي، دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي للمدرسة ليلًا وقاموا بالتنكيل بالرجال وتعريتهم وتقييدهم بالأصفاد وتغطية وجوههم بالاكياس السوداء ثم اعتقالهم الى جهة مجهولة تحت القصف الشديد.
عادت للحديث وهي تحمل بين يديها ابنها ابراهيم الذي انجبته بمساعدة قابلة في ذات المدرسة قبل اسر زوجها بأسبوع تقريبًا، رغم قرب المسافة ما بين المدرسة ومستشفى كمال عدوان الا ان القصف الجوي العنيف أحال بينها وبين وصولها للمستشفى فلم تجد بديل لانجابها داخل احد الفصول في بيئة صحيه اقل ما يمكن ان يقال عنها بأنها غير آمنه بالمطلق.
لقد تحولت حياة ام اسامه واطفالها إلى جحيم بعد اسر رب الأسرة بشكل بشع وغير لائق، مسؤوليات جمه ألقيت على عاتقها فأصبحت تقوم بدور الاب والام معا، تراعي متطلبات ابناءها الصغار في اجواء صعبه تعينها على ذلك اخت زوجها الحجه مريم، تنقل المياه، تحاول جمع الحطب وتوفير الطعام وزراعة بعض الخضروات بالقرب من المنزل المهدم، فيما لا تزال ابنتها الكبرى اسلام تعاني من صدمة نفسية منذ اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي للمدرسة واسر والدها، تصحو من نومها ليلًا تعاني من كوابيس واضطربات بالنوم، اما اخوانها اللذان تترواح اعمارهم ما بين 12، 10 سنوات فبمجرد سماعهم عن تصريحات تفيد بنيه جيش الإحتلال الإسرائيلي الافراج عن بعض الاسري المعتقلين فإنهم يهرعون إلى مستشفى كمال عدوان للبحث عن والدهم، كان الافراج عن الدفعة الثالثة قبيل عيد الأضحى لكنهم عادوا الى المنزل يومها دون الحصول على معلومات تخفف من وطأة حزنهم على ابيهم الذي لم يكن ضمن قائمه المفرج عنهم.
يذكر ان الإحتلال الإسرائيلي كان يفرج عن الأسرى من خلال معبر كرم أبو سالم قبل الاجتياح البري لمدينة رفح.
أين العدالة؟
لم يكن حال ام امجد افضل فقد تم اعتقال زوجها وابناءها من المدرسة ذاتها وفي نفس الظروف القاسية والصعبة، تقول وقد بدأ على وجهها الشحوب والتعب "سته شهور وانا احاول ان اتلقي خبر عنهم، قمت بالإتصال بالصليب الأحمر الدولي اكثر من مرة دون جدوى، فلا احد يعلم عن اخبارهم شيئًا في ضل عجز المؤسسات والمنظمات والهيئات الخاصة بالاسري من الوصول لمعلومات عنهم، لم نقبل بالنزوح من شمال قطاع غزة وبقينا في مركز ايواء تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، عدت الى منزلى المهدم بشكل جزئي بعد ان اخبرنا جيش الاحتلال بالعودة، أعيش ظروف قاسية جدا، فالحياه تتطلب وجود رجال ليساعدوا في توفير سبل العيش الكريم في ظل استمرار الحرب علي غزة "ثم تسألت اين العدالة ونحن لا نعرف ما حدث لرجالنا، مصيرهم، مكانهم، لماذا هم مختفون؟ نريد قوانين العالم العادلة لتحمينا، نريد تبريراً واعترافاً واعتذارا عن كل الجرائم التي اركبت بحقنا من تهجير قسري، واختفاء قسري لأزواجنا، أريد لأولادي وبناتي أن يعيشوا مع والدهم كباقي الأولاد".
تقول حنين ، وهي امرأة من مخيم جباليا للاجئين عمرها 47 سنة وأم لستة أولاد تتراوح أعمارهم بين 13 و23 سنة تم اسر زوجي من داخل مستشفى كمال عدوان، وقد تضاربت بعض الانباء بشأن سلامته، علمت مؤخرا أنه توفي في أحد مراكز الاحتجاز دون أن اتأكد من ذلك أو احصل على اي دلالة، كلما تخرج دفعة جديدة من الأسرى المفرج عنهم اذهب للسؤال عنه فاعود بخفي حنين، لم يراه احد، حاولت الإتصال بالصليب الأحمر الدولي وهيئة شؤون الأسرى عدة مرات ولكن دون جدوى، لا احد يعرف شيئًا عن أسرى قطاع غزة.
اثناء بكاءها قالت "خرج احد الأسرى المعتقلين قبل عدة ايام من المعتقل وقام باجراء مقابلة صحفية مع احد الصحفيين تحدث فيها عن الظروف القاسية والمأساوية التي يعيشها الأسرى حتى ان احد الأسرى استشهد داخل اقبية السجن من جراء التعذيب الذي تعرض له توقعت ان يكون زوجي الذي يتحدث عنه ولكنه لم يكن هو، اشعر بالقلق والخوف والألم خصوصًا مع ازدياد وحشية الاحتلال الإسرائيلي في التعامل مع الأسرى، ليس لدي سوى الدعاء والانتظار وطلب الفرج من الله حتى يعود زوجي لى ولعائلته قريبا ان شاء الله".
كشفت وزارة الأسرى والمحررين في قطاع غزة في بيان لها بتاريخ 20 يونيو 2024م أن "حجم الكارثة التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال كبير وأن والظروف الحياتية والمعيشية التي يواجهها المتعقلون مرعبة وغير إنسانية وغير مسبوقة.
إن 36 أسيراً من أسرى غزة الذين تم اعتقالهم خلال حرب الإبادة الجماعية؛ استشهدوا تحت التعذيب ونتيجة ظروف الاعتقال القاسية، وإن 54 شهيداً من كافة المحافظات الفلسطينية استشهدوا في سجون الاحتلال نتيجة التعذيب وظروف الاعتقال اللاإنسانية والاعتداء الممنهج على الأسرى منذ بدء حرب الإبادة الجماعية".
كما أن إدارة سجون الاحتلال لا زالت تحتجز الأسرى داخل أقسام ضيقة للغاية والغرف حُولت إلى زنازين، والأسرّة داخل الغرفة قليلة جداً مقارنة بعدد الأسرى والذي يصلون في بعض الأحيان داخل الغرفة الواحدة إلى 15 أسيراً، وغالبيتهم يفترشون الأرض بسبب الاكتظاظ.
واستنادًا إلى شهادات بعض الأسرى المفرج عنهم من السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية الذين تم مقابلتهم داخل احد مراكز الايواء فإن هناك العديد من أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، ومن ضمن هذه الممارسات: تعرية الأسرى بالقوة وبشكل متكرر، تقييد الأيدي والأرجل وتعصيب الأعين لفترات طويلة، الصعق بالكهرباء، التجويع الممنهج، الشبح والحفر على الجسم بآلة حادة، الحرمان من النوم والاستحمام والرعاية الطبية، إطلاق الكلاب الشرسة عليهم، التعريض لدرجات حرارة منخفضة، دعوة مسؤولين ومدنيين لمشاهدة عمليات التعذيب، وغيرها الكثير من الانتهاكات الجسيمة.
يذكر أن حصيلة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ارتفعت إلى 9000 أسيرًا، منهم 300 امرأة و635 طفل و80 صحفيًا منذ حرب الإبادة الجماعية، ويواصل الاحتلال تنفيذ جرائمه ضد الإنسانية بحقهم وأبرزها جريمة الإخفاء القسري بحقهم.
تجاهل المؤسسات الدولية
لقد أصبحت سجون الاحتلال عبارة عن مقابر جماعية لآلاف الأسرى الفلسطينيين، وسط تجاهل من مؤسسات دولية كالصليب الأحمر الذي لم يتحرك في هذه القضية، رغم حجم الجرائم التي ترتكب داخل سجون الاحتلال.
ان جرائم التعذيب البشعة والممنهجة التي تمارسها دولة الاحتلال الإجرامية ضد المواطنين المختطفين في مراكز الاعتقال العسكرية والسجون، تستدعي تحركا عاجلا من المجتمع الدولي لمحاسبتها على هذه الجرائم التي تُضاف إلى مجمل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها بحق شعبنا الفلسطيني.
الاحتلال يستخدم في التعامل مع الاسرى المختطفين من ابناء شعبنا أساليب لا إنسانية ووحشية هدفها إخضاع وكسر روح شعبنا، في جريمة حرب تشكل انتهاكا صارخا لاتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على المعاملة الإنسانية للأسرى وحظر نقلهم خارج الأراضي المحتلة.
ان الصمت الدولي على جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الإنسانية وتقاعسه عن محاكمة دولة الاحتلال يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم.
كما هو معلوم فإن إصدار الإدانات والبيانات من المجتمع الدولي لا يكفي لوقف مأساة شعبنا المستمرة وانما يتطلب الأمر تحرك مُنسَّق وفوري يهدف إلى وقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، يجب فضح أساليب التعذيب التي تنتهجها دولة الاحتلال ضد المواطنين المختطفين في مراكز الاعتقال العسكرية، حسبما وثقت التقارير الدولية، تتضمن استخدام التعذيب الجسدي والنفسي، بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات طويلة، والضرب، والشبح لايام، والحرمان من الطعام والرعاية الطبية، هذه الأساليب البشعة من التعامل مع الاسرى تشكل إرهاب دولة.
من الضروري ارسال دعوة لكافة الدول والهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان إلى اتخاذ خطوات فورية وحاسمة لوضع حد لهذه الجرائم، ونشر مراقبين دوليين في مراكز الاعتقال العسكرية والسجون، وفرض عقوبات على قادة الاحتلال المسؤولين عن هذه الجرائم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سجون الاحتلال هذه الجرائم
إقرأ أيضاً:
رغم 14 شهرًا من العدوان الغاشم.. شروط إسرائيل تهدد «مفاوضات غزة» وتفاؤل حذر من مصر والوسطاء
على مدار أكثر من 14 شهرًا من المحاولات المكثفة التي تقودها مصر والولايات المتحدة وقطر، بدأت المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة تُحقق تقدماً ملحوظاً، ما يجعل التوصل إلى اتفاق أقرب من أي وقت مضى. وأسفر العدوان الإسرائيلي المستمر طوال المدة المذكورة عن تدمير أكثر من 85% من منشآت غزة، ومصرع أكثر من 50 ألف فلسطيني، وتجاوز عدد الإصابات حاجز الـ100 ألف شخص، في ظل حرب إبادة أدانها المجتمع الدولي.
ورغم التفاؤل المتزايد بنجاح هذه الجولة من المفاوضات، تتمسك حكومة بنيامين نتنياهو، وفق تصريحاته، بشرط القضاء التام على المقاومة الفلسطينية، وهو ما يعتبره البعض محاولة لإرضاء الجناح المتطرف في الحكومة الإسرائيلية. وفي المقابل، اضطرت المقاومة الفلسطينية إلى تقديم تنازلات تحت وطأة الضغوط العسكرية والجيوسياسية، مثل القبول بإبعاد شخصيات فلسطينية بارزة، وتوقيع اتفاق غير ملزم من إسرائيل. تعمل مصر بدورها على توحيد الصف الفلسطيني، وتحقيق توافق بين السلطة الفلسطينية والمقاومة، سعيًا لقطع الطريق على حجج إسرائيل التي تروج لغياب شريك فلسطيني موحد نتيجة الانشقاق الداخلي، وهو ما جاء ضمن مباحثات أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا مع زعامات إقليمية ودولية.
ويرى محللون أن نتنياهو يستغل هذه الظروف لإرضاء الجناح المتطرف في حكومته، مستفيدًا من الدعم غير المحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية كبرى، إضافة إلى التغييرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة. ويأتي هذا في ظل تكتم كبير على تفاصيل المفاوضات لضمان إنجاحها. ومع ذلك، كشفت تسريبات محدودة عن تنازلات وصفتها حركة حماس بـ«المرونة»، والتي جاءت نتيجة التحديات التي واجهتها المقاومة خلال الأسابيع الماضية، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتعطل جبهة الإسناد التي كان يمثلها حزب الله في جنوب لبنان.
وفق ما يعتبره محللون "تنازلات" من المقاومة، فإن حماس أبدت استعدادها لإبعاد شخصيات قيادية بارزة مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، إلى خارج الأراضي المحتلة ضمن صفقة الإفراج، إلى جانب العشرات من الأسرى الفلسطينيين كحل وسط. حاليًا، يدور التفاوض حول تحديد البلدان التي سيتم ترحيل هؤلاء الأسرى إليها. في الوقت نفسه، أكدت التسريبات أن القوات الإسرائيلية لن تُخلي مواقعها العسكرية على الفور، خاصة من محوري نتساريم وفيلادلفيا، لكنها ستنسحب تدريجيًاً بعد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين. في هذا السياق، تتمسك إسرائيل بتسلم جميع الأحياء منهم، بينما تسعى حماس إلى تسليم جثث الموتى أولاً كشرط للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ووقف إطلاق النار.
كما كشفت التسريبات عن نوايا إسرائيل بمراقبة دقيقة لعودة السكان إلى شمال قطاع غزة، حيث سيتم الإشراف على دخولهم مع فحص الأنشطة السابقة للأفراد، مع فرض قيود على دخول الشباب. أضف إلى ذلك، أن إسرائيل تحتفظ بحقها في التدخل العسكري داخل القطاع إذا رأت ضرورة أمنية، سواء لملاحقة المقاومين أو لأهداف أمنية أخرى، مما يعني استمرار القطاع تحت الرقابة الأمنية والعسكرية الدائمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
من النقاط الخلافية البارزة، إصرار المقاومة الفلسطينية على توقيع إسرائيل اتفاقاً مكتوباً بضمان دولي، بينما تكتفي إسرائيل بالمطالبة ببيان مصري قطري فقط لوقف إطلاق النار دون توقيع ملزم. في هذا السياق، أوضح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن المرحلة الأولى من الهدنة ستستمر ستة أسابيع، وتشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وإطلاق سراح النساء وكبار السن والجرحى المحتجزين، مقابل إطلاق مئات السجناء الفلسطينيين.
وتتواصل المفاوضات بمشاركة فرق فنية تضم وسطاء مصريين رفيعي المستوى، ومسؤولين أمريكيين وقطريين، بجانب ممثلين عن الموساد والشاباك والجيش الإسرائيلي. في الوقت ذاته، وصل آدم بوهلر، مندوب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لشؤون الرهائن، وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، إلى المنطقة في إطار توصية من ترامب بإنهاء المفاوضات قبل تسلمه السلطة في 20 يناير. وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى أن هذه المحادثات تعد الأفضل مقارنة بجولات التفاوض السابقة
اقرأ أيضاً«الاحتلال الإسرائيلي» يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الإندونيسي بغزة
واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتعزز مواقعها العسكرية «صور»شرق غزة.. 3 شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لفلسطينيين بحي الشجاعية