طهران- تتفاوت الآراء حول دور رئيس الجمهورية وحكومته في إيران، لا سيما أن النظام السياسي الإيراني تتعدد فيه المؤسسات، ويُعرف بأنه أحد الأنظمة المُعقدة في العالم، وتمر عملية صُنع القرار بمراحل متعددة، مما يخلق تساؤلات حول مدى تأثير الرئيس ودور حكومته.

وعاد إلى الأذهان الملف الصوتي المسرب لوزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، عندما انتقد تدخل ما سماه "الميدان" في "الدبلوماسية"، وأراد بذلك تدخل الحرس الثوري، وتحديدا فيلق القدس الجناح المخصص للفعالية خارج الحدود.

وحينها، رد المرشد الأعلى علي خامنئي، مؤكدا أن وزارة الخارجية تنفذ سياسات النظام فقط ولا تقررها.

صلاحيات الرئيس

وقبيل الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 28 يونيو/حزيران الجاري، يتساءل الكثير من الإيرانيين حول وجود دور حقيقي للرئيس وحكومته في السياسات الداخلية والخارجية، وهل يختلف الأمر فعلا في ما إذا كان الرئيس أصوليا أو إصلاحيا؟

وسجلت إيران في انتخاباتها الرئاسية الأخيرة أقل نسبة مشاركة في تاريخ نظامها الحالي، وتواجه تحديا بإرجاع الشعب إلى صناديق الاقتراع، وتسعى إلى أن تتجاوز النسبة 50%، بعد أن سجلت انتخابات عام 2021 مشاركة 48.8%، وشكّلت الآراء الباطلة 13% منها.

وفق الدستور الإيراني، يُعد رئيس الجمهورية ثاني أعلى منصب رسمي في البلاد، بعد المرشد الأعلى، ويتولى رئاسة السلطة التنفيذية، ما عدا القضايا التي تتعلق بالمرشد مباشرة.

ويتوجب على الرئيس توجيه حكومته لتنفيذ القوانين التي يشرّعها البرلمان ونتائج الاستفتاءات، ويوقع الرئيس الاتفاقيات مع الدول الأخرى، ويعين السفراء ويوافق عليهم أو يرفضهم، كما يتولى قضايا البرمجة والميزانية والتوظيف، ويختار الوزراء، ولكن يجب أن يوافق البرلمان عليهم بعد ذلك، كما يمكنه عزلهم.

حمّالة أوجه

يقول أستاذ العلوم السياسية مهدي خراطيان إن رئيس الجمهورية لديه صلاحيات كثيرة في الدستور الإيراني، وتاريخ الجمهورية الإسلامية يُظهر بوضوح أن أبا الحسن بني صدر أول رئيس بعد ثورة 1979، يختلف كثيرا عن الرئيس الثاني محمد علي رجائي.

كما أن الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد يختلف عن سابقه محمد خاتمي في السياسة الخارجية ووزرائها، كما الفرق بين الوزير الأسبق منوشهر متكي، والوزير السابق محمد جواد ظريف، وفق المصدر نفسه.

يُذكر أنه تم عزل بني صدر بعد استجوابه من قِبل البرلمان بسبب خلافاته مع حزب "الجمهورية الإسلامية"، واغتال حزب "مجاهدي خلق" رجائي بتفجير مكتبه.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى خراطيان أن الرئيس يمكن أن يعزز العلاقات مع الغرب أو الشرق، ويضعف العلاقات مع الجانب الآخر، كما يؤثر اختياره للسفراء ومستواهم في تحديد العلاقات، مؤكدا أن الحكومة والرئيس لديهما مجالات مختلفة للتأثير ومنها الميزانية.

وأشار إلى أن حكومة روحاني تمكنت من إيقاف بعض البرامج التلفزيونية من خلال الضغط، على الرغم من أن التلفزيون لا يتبعها وإنما يتبع المرشد.

ومن جانب آخر، يُعتقد أن السياسات العامة للنظام ليست واضحة تماما، بل هي حمّالة أوجه ودلالات مختلفة، ويمكن أن تخضع لقراءات عدة وهذا ما يتغير باختلاف الرؤساء والحكومات وتوجهاتها وانتماءاتها الحزبية، وبالتالي، يمكن للإنسان أن يلمس قراءات مختلفة لسياسات النظام العامة وتنفيذها، على الرغم من كون القراءات قد تختلف كثيرا، بحسب خراطيان.

نفوذ المرشد الأعلى

ولفت أستاذ العلوم السياسية خراطيان إلى أن الرئيس السابق حسن روحاني كان يرى أن توجيهات المرشد باتخاذ سياسة "المقاومة الاقتصادية" تعني التعامل مع الغرب، بينما يرى غيره أنها تعني الاكتفاء الذاتي، وعدم التعامل مع الغرب.

و"المقاومة الاقتصادية" عبارة عن سياسات وجهها المرشد الأعلى إلى الحكومات لتعزيز البنى التحتية، ومواجهة العقوبات ومقاومتها.

أما أستاذ العلوم السياسية برهام بور رمضان، فيرى أن السياسات العامة للنظام هي التي يحددها المرشد الأعلى بناء على "أساس العزة والحكمة والمصلحة"، وأكد أن الرئيس الذي سيتم اختياره في الانتخابات المرتقبة لن يستطيع العدول عن هذه السياسات العامة، "لكن هذا لا يعني أن لا نشهد قرارات وسياسات وإستراتيجيات جديدة في المرحلة المقبلة".

ومن جانب آخر، توقع المتحدث ذاته أن يمنح النظام الحكومة المقبلة حرية أكثر من السابق في تحركاتها من أجل حلحلة القضايا العالقة، لا سيما في السياسة الخارجية والعلاقات مع الإقليم.

وقال بور رمضان إن هناك تفاوتا في الخطابات ونوع القرارات وتوجهات الخبراء، لكن في حالات مختلفة، يقرر النظام إلى أي حد يستخدم سياسات الحكومة، وخلص إلى أن وزارة الخارجية -في شكلها العالمي- لا تقرر بل تنفذ العقيدة السياسية للأنظمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السیاسات العامة المرشد الأعلى أن الرئیس إلى أن

إقرأ أيضاً:

بخيارات محدودة.. إيران تبدأ التصويت في الانتخابات الرئاسية

بدأ الإيرانيون التصويت لاختيار رئيس جديد الجمعة بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، إذ يختارون من بين مجموعة من أربعة مرشحين موالين للزعيم الأعلى جرى اختيارهم بضوابط محددة وسط تزايد حالة السخط العام.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي وتغلق عند الساعة السادسة مساء، لكن عادة ما يتم تمديد فترة التصويت حتى منتصف الليل.

وتتزامن الانتخابات هذه المرة مع تصاعد التوتر في المنطقة بسبب الحرب بين إسرائيل وكل من حليفتي إيران حركة حماس في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، فضلا عن زيادة الضغوط الغربية على طهران بشأن برنامجها النووي الذي يحقق تقدما متسارعا.

ورغم استبعاد أن تؤدي الانتخابات إلى تحول كبير في سياسات النظام الإيراني، فإن نتائجها قد تلقي بظلالها على اختيار خليفة المرشد الإيراني علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما والذي يشغل المنصب منذ 1989.

ودعا خامنئي إلى إقبال كبير على التصويت لتبديد الأزمة التي تواجه شرعية النظام بسبب السخط الشعبي إزاء الصعوبات الاقتصادية وتقييد الحريات السياسية والاجتماعية.

وقال خامنئي للتلفزيون الرسمي بعد الإدلاء بصوته "متانة وقوة وكرامة وسمعة الجمهورية الإسلامية تعتمد على التواجد الشعبي... الإقبال الكبير ضرورة قصوى".

وتراجعت نسبة إقبال الناخبين على مدى السنوات الماضية، وسط استياء السكان الذين يشكل الشباب أغلبيتهم إزاء القيود السياسية والاجتماعية.

وبالنظر إلى أنه يتم فرز بطاقات الاقتراع يدويا، فمن المتوقع إعلان النتيجة النهائية خلال يومين مع إمكانية توافر مؤشرات أولية في وقت أقرب.

وإذا لم يحصل أي مرشح على ما لا يقل عن 50 في المئة بالإضافة إلى صوت واحد من جميع بطاقات الاقتراع بما في ذلك البطاقات الفارغة، فسيتم إجراء جولة ثانية بين المرشَحين الأعلى في النتائج في أول يوم جمعة بعد إعلان نتيجة الانتخابات.

وثلاثة من المرشحين هم من غلاة المحافظين فيما يعد الأخير معتدلا نسبيا ويدعمه الفصيل الإصلاحي الذي تم تهميشه إلى حد كبير في إيران خلال السنوات القليلة الماضية.

ويقول منتقدو حكم رجال الدين في إيران إن نسبة المشاركة المنخفضة والتي تراجعت في الانتخابات السابقة تظهر تآكل شرعية النظام. وشارك 48 بالمئة فقط من الناخبين في انتخابات 2021 التي أوصلت رئيسي إلى السلطة فيما وصلت نسبة المشاركة إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 41 بالمئة في الانتخابات البرلمانية قبل ثلاثة أشهر.

ومن غير المتوقع أن يحدث الرئيس المقبل فارقا كبيرا في سياسة إيران بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في أنحاء الشرق الأوسط، إذ أن خامنئي هو من يمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة ويتخذ القرارات الخاصة بها.

إلا أن الرئيس هو من يدير المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يكون له تأثير على أسلوب بلاده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.

واعتمد مجلس صيانة الدستور الذي يتألف من ستة من رجال الدين وستة من رجال القانون موالين لخامنئي قائمة مرشحين تضم ستة أشخاص من إجمالي 80 متقدما للترشح. وانسحب بعد ذلك مرشحان.

ومن بين غلاة المحافظين المتبقين محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان والقائد السابق بالحرس الثوري، وسعيد جليلي المفاوض النووي السابق والذي عمل لأربع سنوات في مكتب خامنئي.

أما المعتدل نسبيا الوحيد فهو مسعود بزشكيان. وبزشكيان وفيّ للحكم الديني لكنه يدعو إلى الانفراج في العلاقات مع الغرب والإصلاح الاقتصادي والتحرر الاجتماعي والتعددية السياسية.

وتتوقف حظوظه على إثارة حماسة الناخبين أصحاب التوجهات الإصلاحية الذين أحجموا إلى حد كبير عن الإدلاء بأصواتهم على مدار السنوات الأربع الماضية بعدما لم يحقق الرؤساء البراجماتيون السابقون تغيرا يذكر. كما أنه قد يستفيد من فشل منافسيه في‭‭‭‭ ‬‬‬‬توحيد أصوات غلاة المحافظين.

وتعهد المرشحون الأربعة ببث الروح من جديد في الاقتصاد المتعثر الذي يعاني تحت وطأة سوء الإدارة والفساد والعقوبات التي أعيد فرضها منذ عام 2018 بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع ست قوى عالمية.

وتداول الإيرانيون على نطاق واسع وسم (هاشتاج) #سيرك_الانتخابات على منصة إكس للتواصل الاجتماعي خلال الأسابيع القليلة الماضية وسط دعوات من نشطاء في الداخل والخارج إلى مقاطعة التصويت قائلين إن من شأن نسبة المشاركة العالية أن تضفي شرعية على النظام الإيراني.

مقالات مشابهة

  • إيران تجري جولة ثانية من انتخابات الرئاسة بين بزشكيان وجليلي
  • باحث سياسي: صلاحيات الرئيس في إيران محدودة للغاية لهذا السبب
  • الرئيس الصيني يعلن خططا لإصلاحات كبرى
  • المرشد الإيراني: «شرف وسمعة الجمهورية الإسلامية مرهونين بحضور الشعب للانتخابات الرئاسية»
  • الخارجية: سورية تؤكد على ضرورة احترام النظام الدستوري الشرعي لبوليفيا، والحفاظ على الاستقرار الديمقراطي والمؤسسي وسيادة القانون، وعدم التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لهذا البلد الصديق
  • بخيارات محدودة.. إيران تبدأ التصويت في الانتخابات الرئاسية
  • ‏انسحاب المرشح المحافظ علي رضا زاكاني من السباق الرئاسي في إيران
  • الانتخابات الإيرانية.. نظرة على المرشحين
  • وزارة التربية الوطنية تحدد موعد تلقي الشكايات المرتبطة بتصحيح امتحانات الباكالوريا
  • أقواها المرشد الأعلى.. تعرف على أقوى المؤسسات الإيرانية وصلاحياتها