الطبيب عمرو الجدبة.. شهادة من قلب الإبادة
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
غزة - خـــاص صفا
في خضم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، يعيش المدنيون الفلسطينيون فظائع تتكشف تفاصيلها بدقّة في شهادات الأطباء والجرحى وشهود العِيان؛ ليروي هؤلاء جزءًا يسيرًا من مآسيَ شلال دمٍ نازفٍ على مرأى العالم ومسمعه، منذ تسعة أشهر.
الطبيب عمرو فوزي الجدبة المختصص في جراحة الأوعية الدموية في سنته الخامسة ضمن "بورد فلسطين" واحد من الأطباء الذين ما زالوا يمارسون مهمتهم الإنسانية منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول 2023 في مدينة غزة.
رفض الطبيب الجدبة (32 عامًا)، كما يروي لوكالة "صفا"، النزوح القسري إلى جنوبي القطاع رغم المخاطر الشديدة التي تعرض لها؛ وانتقل بأسرته من بيت إلى بيت بعد قصف منزله؛ ليبقى مع عدد قليل من الأطباء والممرضين لخدمة أكثر من 600 ألف مواطن محاصر في محافظتي غزة والشمال.
الحرب على المستشفيات
في الـ14 من نوفمبر/ تشرين ثاني 2023، حاصرت قوات الاحتلال مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة قبل اقتحامه، وكان حينها الطبيب الجدبة هناك يمارس عمله الإنساني؛ فتعرض لتحقيق قاسٍ وطلب منه الجنود النزوج إلى جنوبي القطاع، لكنه قرر المخاطرة، وعاد إلى بيته في منطقة اليرموك، وبعد نحو أسبوعين تعرض منزله للقصف؛ فلجأ مع أسرته إلى منزل آخر.
لم يحُل التحقيق القاسي ولا التهديد ولا قصف المنزل دون أن يواصل الطبيب الجدبة مهمته الإنسانية؛ فالتحق بمستشفى "أصدقاء المريض"، لكن وأثناء وجوده على رأسه عمله في أحد أيام الاجتياح البري، وصلت دبابات الاحتلال إلى المستشفى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل؛ فاضطر إلى الهرب مخاطرًا بحياته مرة أخرى.
توجّه الطبيب بعد ذلك إلى مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة، واستمر في عمله إلى جانب زملائه الأطباء، لكنه اضطر مرة أخرى للهرب من المركز الطبي للنجاة بحياته يوم 20 فبراير/ شباط 2024 حين اقتربت قوات الاحتلال من المستشفى أثناء اجتياح حي الزيتون.
عاد الطبيب الجدبة للعمل مرة أخرى في مستشفى الشفاء بعد إعادة تأهيله جزئيًا عقب الاقتحام الأول، لكن في 17 مارس/ آذار 2024 تفاجأ باقتحام قوات الاحتلال المجمّع الطبي من جديد بشكل مباغت.
تعرّض الطبيب ورفاقه إلى تحقيق قاسٍ وتصوير بكاميرات جيش الاحتلال خلال فترة الاقتحام التي استمرت 14 يومًا، وكان وضع المحاصَرين داخل المشفى، ولاسيما من الجرحى، مأساويًا للغاية، ولا يتوفر لهم رعاية طبية مناسبة، ولا طعام وشراب.
ويقول الطبيب الجدبة لوكالة "صفا": "في اليوم الثاني من الاقتحام أخذَنا الجيش، وكان الوضع صعبًا للغاية، إذ منعوا دخول الأدوية والغيارات، وكنا نضطر لصنع محلول ملحي بأنفسنا لعلاج الجرحى الذين كان عددهم نحو 260".
بعد انسحاب جيش الاحتلال من مستشفى الشفاء وتدميره، انتقل الطبيب الجدبة مرة أخرى إلى مستشفى المعمداني وأكمل مهمته هناك، ومنذ ذلك الوقت، لم يتمكن من العودة إلى بيته.
أسلحة محرمة دوليًا
ويستطيع الطبيب- من خلال مشاهداته وتعامله مع الجرحى- الجزم باستخدام جيش الاحتلال أسلحة محرمة دوليًا خلال حربه على القطاع، إذ إن "الكثير من الجرحى كانوا يعانون من إصابات غريبة، خاصة في أسفل الركبة".
ويضيف "كان الجرحى يصلون بإصابات تُسبب تآكلًا في العضلات بطريقة غير معروفة لدينا، كما كان التسمم الدموي منتشرًا رغم استخدامنا مضادات حيوية قوية."
وبالنسبة للطبيب الجدبة فإن "كل الحالات التي تعاملنا معها صعبة؛ لأن التعامل مع الشرايين الرئيسية للجسد يتطلب سرعة كبيرة لإنقاذ المريض، وإذا لم نتمكن من التدخل خلال ساعتين إلى ست ساعات، فإنه قد يموت."
رسالة أمل
ورغم الظروف القاسية التي يمر بها القطاع، ولاسيما على المستوى الصحي، إلا أن الطبيب الجدبة مُصر على إحياء الأمل في نفوس الجرحى؛ لتمكينهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
ويتابع موجهًا حديثه للجرحى من مبتوري الأطراف "لا تفقدوا الأمل.. الحياة بحلوها ومرها ستستمر، هناك أبطال من ذوي الاحتياجات الخاصة ينافسون في مسابقات الركض العالمية، وهم مثال على القوة والإصرار، وحققوا إنجازات كبيرة رغم إعاقتهم".
نداء للعالم
ومن وسط حرب الإبادة الجماعية المستمرة، يوجّه الطبيب الجدبة نداءً إلى العالم لإنقاذ ما تبقى من القطاع الطبي؛ وتجنيب المدنيين موتًا جماعيًا.
ويقول: "إن الوضع الصحي في غزة سيئ للغاية وكارثي لأبعد الحدود، إذ لا توجد أدوية، ولا إمكانيات، ولا كهرباء، واضطررنا لإجراء عمليات جراحية لساعات طويلة على ضوء كشافات الهواتف.. نحن بحاجة إلى دعم العالم، يجب أن يقفوا معنا ويساعدونا".
وحصدت حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد القطاع نحو 38 ألف شهيد بينهم نحو 500 من الطواقم الطبية، عدا عن 10 آلاف ما زالت جثثهم تحت الأنقاض، وأكثر من 86 ألف جريح، في وقت دمّر جيش الاحتلال معظم المستشفيات والمراكز الطبية، وثلثي المباني والبنية التحتية والمشاريع الاقتصادية.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: حرب الإبادة حرب غزة طوفان الأقصى غزة جیش الاحتلال مرة أخرى
إقرأ أيضاً:
مناصرو فلسطين يلقون مسحوقا أحمر في ماراثون لندن تنديدا بدعم الاحتلال (شاهد)
احتج ناشطون مناصرون لفلسطين خلال ماراثون لندن، عبر إلقاء مسحوق أحمر على المسار عند جسر تاور الشهير، تعبيرا عن رفضهم لدعم السلطات البريطانية للإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
وقفز اثنان من أعضاء مجموعة "يوث ديماند" الداعمة لفلسطين، الأحد، على مسار الماراثون أثناء مرور العدائين، وقاما بنثر مسحوق أحمر اللون في محاولة لإيقاف السباق، قبل تدخل عناصر من الشرطة.
RACE AGAINST TIME TO SAVE GAZA: YOUTH DEMAND SUPPORTERS DISRUPT LONDON MARATHON
At 10:30am, Willow and Cristy jumped the barriers at Tower Bridge and sat down in front of the men's elite race at the London Marathon, wearing 'Stop Arming Israel' t-shirts.
Gaza is running out of… pic.twitter.com/LxEVhGI29g — Youth Demand (@youth_demand) April 27, 2025
في غضون ذلك، هتف متظاهر آخر من المجموعة من على جانب الطريق، قائلا إن "حكومة حزب العمال البريطاني تفتح المجال أمام الإبادة الجماعية في فلسطين"
وشدد المتظاهر، على أن بريطانيا "تواصل بيع الأسلحة لدولة الإبادة الجماعية إسرائيل"، وهو ما يشكل انتهاكا للقوانين البريطانية والقانون الدولي.
وقالت مجموعة "يوث ديماند"، في بيان، إن المتظاهرَين، ويلو وكريستي، دخلا مسار سباق فئة النخبة للرجال وهما يرتديان قمصانا كتب عليها "توقفوا عن تسليح إسرائيل".
وشددت المجموعة الداعمة لفلسطين، عبر منشور على منصة "إكس"، على أن "غداء غزة آخذ في النفاد. وتسليح الإبادة الجماعية يعني تجاوز كل الحدود"، وأضافت "لن نقف مكتوفي الأيدي".
من جانبها، أكدت شرطة لندن، في بيان، أن أحد موظفي الماراثون أبعد المتظاهرين عن المسار، لافتة إلى أن أفراد الشرطة ساندوه فورا وقاموا بتوقيفهما.
ولفت البيان، إلى أن المسحوق الأحمر الذي ألقاه المتظاهران كان عبارة عن غبار طباشير، مشيرا إلى أنه لا يشكل خطرا على العدائين المشاركين في الماراثون.
وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.
وتقول منظمات إغاثة، إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاكا للقانون الإنساني الدولي.