استطلاع: نصف فلسطينيي الداخل يخشون على سلامتهم الشخصية بفعل الجرائم
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
الداخل المحتل - صفا
أظهر استطلاع رأي أن السكان الفلسطينيين في الداخل المحتل، يعانون من الاكتئاب والقلق، ويفكرون بطلب المساعدة النفسية على إثر موجة الجرائم، بينما أظهر إجماع بين فلسطينيين ويهود على إخفاق الكيان الإسرائيلي في مواجهتها.
وحسب الاستطلاع، فإن الفلسطينيين يخشون على سلامتهم الشخصية أكثر من السّكان اليهود، وهم يعانون من اكتئاب وقلق ويقضون وقتًا أقل في الأمكنة العامة، وفقما نشرت جمعية أطباء لحقوق الإنسان.
وفحص الاستطلاع الذي أشرفت عليه شركة "بانِل برويكت همدغام"، موقف شريحة من الفلسطينيين وأخرى من الإسرائيليين بالداخل المحتل، من العنف المتصاعد في المجتمع، والطريقة التي تؤثر بها هذه الظاهرة على مشاعرهم وعلى حالتهم العاطفية والنفسية، وعلى حياتهم اليوميّة.
ودلت النتائج أن 44% من الفلسطينيين يخشون على سلامتهم بدرجة كبيرة حتى كبيرة جدًا، وأن العنف في المجتمع يثير خوفًا وقلقًا لدى 66% من الفلسطينيين.
ووفق الاستطلاع، فإن 34% من الفلسطينيين، يعانون من الاكتئاب بسبب هذه الظاهرة، مقارنة بنسبة 28% فقط من اليهود.
كما اتضح من نتائج الاستطلاع، بأنّ العنف المتزايد له عواقب على أنماط السّلوك والتغيّرات في أسلوب الحياة، وخطورة تلك العواقب تؤثر بشكل خاص على المجتمع الفلسطيني في الداخل.
وأشار أكثر من خُمس من شاركوا بالاستطلاع، إلى أنهم قد غيّروا من نمط الحياة الخاص بهم، وأن 71% من الفلسطينيين يَعمدون إلى تقليص أوقات تواجدهم في الأماكن العامة، يقابلهم 53% فقط من اليهود ممن يفعلون ذلك.
وبين الاستطلاع أن 71% من المشاركين من الفلسطينيين يمتنعون عن زيارة البلدات التي حصلت فيها حوادث قتل العام الماضي، و21% منهم يفكّرون بالتوجه لطلب مساعدة نفسية في أعقاب موجة الجرائم.
أخيرًا، هناك إجماع قائم لدى المستطلعة أرائهم، حول قدرة حكومة الاحتلال والسّلطات التنفيذية على حلّ مشكلة الجريمة في المجتمع، حيث يؤمن 47% بأن السلطات ليست قادرة، أو أنّ لديها قدرة على ذلك بدرجة متدنيّة فحسب، 23% يؤمنون أنها قادرة بدرجة متوسطة، و24% فقط يؤمنون بأنها قادرة إلى حدٍّ كبير حتى كبير جدًا.
وأفادت جمعية أطباء لحقوق الانسان بأن "تعرض المجتمع في الداخل للعنف والنزاع المسلّح وما يترتّب عن ذلك، ثمنه أضرارٌ جسدية ونفسية، على مستوى الفرد كما على مستوى الصّحة الجماهيرية".
وقالت رئيسة جمعية أطباء لحقوق الإنسان لينا قاسم حسان، إن "الوضع اليوم، هو نتيجة لتجاهل الحكومة الإسرائيلية المتعمَّد لكلّ ما يحدث في المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك الجريمة المنظَّمة، التي تنامت على مر السنين، وألقت بالرّعب على الجميع".
وشددت على أن ما يمكن استنتاجه من الاستطلاع، أنه إذا أرادت الحكومة الإسرائيلية، فبإمكانها القضاء على هذه الظاهرة، تمامًا كما فعلت مع الجريمة المنظّمة في المجتمع اليهودي سباقًا، ولكن طالما أن هذا الأمر ليس في قائمة أولوياتها، فإن شيئًا لن يتغير.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: جرائم استطلاع من الفلسطینیین فی المجتمع
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: المصباح يثير جدلًا !
في خضم التحولات المزلزلة التي يشهدها السودان منذ اندلاع حرب 15 أبريل 2023 ، تبرز حقائق لم تعد تحتمل التأجيل، أولها أن السيادة الوطنية لا تُصان بالشعارات، بل تُبنى على ركائز الاستعداد الاستراتيجي، ووعي جمعي يدرك أن الأوطان لا تحرسها الجيوش وحدها، بل تستبسل شعوبها في الذود عنها.
تغريدة قائد “فيلق البراء بن مالك”، التي أعلن فيها عن الاستعداد لتجهيز نصف مليون شاب كقوة احتياط تحت إمرة القوات المسلحة ومؤسسات الدولة، تمثل انعكاسًا لهذا الفهم الجديد. ليست دعوة للتجنيد الموازي، بل تصور استراتيجي لقوة دعم مدنية، جاهزة دون أعباء على الدولة، تكون امتدادًا شعبيًا للجيش، وسندًا وقت الحاجة.
فحين يُطرح إعداد نصف مليون شاب متدرب على حمل السلاح، فالمقصود ليس المواجهة العسكرية فحسب، بل إعداد جيل جديد، واعٍ بواجبات السيادة، وقادر على حماية قراره الوطني، في زمن تتساقط فيه الدول من الداخل، لا بفعل الجيوش ، بل من خلال استهداف الوعي، والاقتصاد، ومؤسسات الدولة.
هذه الحرب كما عبّر عنها المصباح طلحة، ليست حرب حدود أو سلطة، بل حرب وجود ضد مشروع تفكيك الدولة الوطنية لصالح المشروع الاستعماري الذي يدار بأدوات محلية وإقليمية. لا مكان هنا للعفوية، فالمشهد يشير إلى محاولة منظمة لتجريد السودان من أدوات قراره، وتحويله إلى دولة مستباحة وتحكم في مواردها تُدار من الخارج، وتُحكم بوكلاء الداخل.
في قلب هذا المشهد، لا يمكن إغفال الأدوار الإقليمية التي تجاوزت الدعم الإنساني إلى محاولة التأثير في مسارات الصراع عبر أدوات متعددة، من دعم مليشيا الدعم السريع، إلى تصدير خطاب سلام زائف، مما يكرّس واقعًا جديدًا يستبدل البندقية بالمؤتمرات، والسيادة الوطنية بتوصيات الدبلوماسيات الدولية.
المطلوب ليس فقط دعم القوات المسلحة ورفع أجورها وتحسين بيئة عملها وحشد الإمكانات لها، بل بناء منظومة رديفة من الشباب، مدربة ومؤمنة بدورها، تمثل قوة فكرية وميدانية، تفهم أن الوطن لا يُحمى فقط بالبندقية، بل بالوعي والعلم ، والإرادة، والاستعداد.
لقد علمتنا هذه الحرب أن لا نصر بدون إعداد، ولا سيادة دون شباب يحملون السلاح بيد، والوعي باليد الأخرى. آن للشارع السوداني أن يتحول من مساحة للانتظار إلى رصيد جاهز لكل طارئ.. كما آن للشباب أن يتصدروا المشهد السوداني قيادة وريادة ووحدة صف دون إقصاء أو استعلاء علي الآخرين .
ومن هنا تبرز أهمية نماذج إقليمية ملهمة ؛ فكما أعادت رواندا بناء ذاتها عقب العام 1994بعد واحدة من أفظع المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث، مستثمرة في شبابها عبر التعليم والمشاركة السياسية والريادة التقنية، يمكن للسودان أن يحذو ذات المسار، بمقاربات شاملة تستنهض طاقات الشباب، وتصقل وعيهم بحقهم في الحلم، والمشاركة، والدفاع عن وطنهم.
الدارس لواقع الشباب السوداني اليوم يدرك أن الرهان لا ينبغي أن يكون على الدولة وحدها، بل على الشراكة المجتمعية، بمشاركة المؤسسات التعليمية، والمنظمات المدنية، والقطاع الخاص . وحدة الفعل التشاركي هو القادر على تحويل جراح الحرب إلى طاقة بناء.
التغريدة التي نشرها قائد “فيلق البراء” والتي نقلتها منصة “نبأ السودان”، جاءت بصيغة تكشف عن تطور نوعي في فهم طبيعة المعركة. كتب: “استراتيجيتنا إعداد نصف مليون مجاهد كقوة احتياط ضاربة متى ما احتاجها الوطن، تحت قيادة القوات المسلحة ومؤسسات الدولة، دون أعباء إدارية على الدولة.” إنها ليست دعوة لميليشيا، بل تصور لاستعداد وطني شعبي مندمج داخل مؤسسة الدولة.
ردود الفعل على التغريدة لم تكن سطحية، بل طالبت بزيادة العدد إلى أكثر من ذلك ، وهي ليست مبالغة بقدر ما هي صرخة وعي أمام واقع أرادوا له أن يُطمر. فالحرب الأخيرة لم تكن مواجهة عسكرية عادية، بل محاولة منظمة لإسقاط الدولة من الداخل، مدفوعة بأجندات دولية، وأدوات إقليمية.
لذلك يجب ان نعلم وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة بأن الذين هندسوا مشروع تفكيك السودان لن توقفهم معركة واحدة بل ستظل معاركهم متجددة . لذلك النصر الحقيقي يبدأ من الوعي والتنظيم والإرادة. وما لم نتحول إلى دولة ذات مشروع وطني يوحد أهلها ويبني السلام من الداخل، وتحمي قرارها بوعي شبابها، فستبقى السيادة حلمًا مؤجلاً.
ولأن الشعوب الحية وحدها من تدرك أن السيادة لا تُمنح بل تُنتزع، تظل اللحظة الأخطر حين يغيب وعي الدفاع عن القرار المستقل. فكما قال روسو: “الشعوب لا تفقد حريتها دفعة واحدة، بل تفقدها حين تتخلى عن حقها في أن تقرر.” وعليه، فإن أي مشروع وطني للفنون أو الإنتاج أو السياسة، لا يكتمل إلا بتجذير هذا الوعي، وتحويله من شعار إلى فعل يومي يُمارَس وإرادة وطنية قادرة علي الإستجابة .
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الخميس 24 أبريل 2025