عربي21:
2025-02-07@05:31:15 GMT

التوتر الباكستاني- الأفغاني.. تداعيات بعيدة المدى

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

أمضيت حوالي أسبوعين بين العاصمتين الباكستانية والأفغانية، وأنا أبحث وأسأل عن خلفيات وتداعيات التوتر الأخير الناشب بين البلدين، والذي أتى ظاهريا على ما تقوله إسلام آباد بسبب دعم وإيواء كابول لمقاتلي حركة طالبان باكستان الذين يواصلون عملياتهم ضد قوات الأمن الباكستانية، لا سيما بعد فشل التوصل لهدنة بين الطرفين برعاية حكومة الإمارة الإسلامية الأفغانية في كابول.



وتعتقد أوساط عدة في العاصمة الأفغانية أن من نسف هذه الهدنة بعض الأوساط العسكرية الباكستانية، إذ إن الاتفاق كان قد أُبرم في ظل حكومة عمران خان الذي يواجه السجن بتهم عدة الآن، ليتم التخلي عنه فجأة، وتعود الأمور إلى حالتها المتأزمة، ومربعها الأول.

بالتأكيد لا يمكن اختزال مسألة التوتر بهذا الشكل البسيط، فمقاتلو طالبان باكستان هم نسيج قبلي باكستاني مقيم على الجانب الجغرافي الآخر، وقد لعبوا أدورا مهمة، شبيهة بأدوار الدولة الباكستانية أيام الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، من حيث توفير الملاذ الآمن لمقاتلي طالبان أفغانستان، ودعمهم ومساندتهم في مواجهة القوات الغربية بقيادة أمريكا، وذلك على مدى عقدين كاملين من المقاومة الأفغانية، بينما اصطفت الحكومة الباكستانية الرسمية طوال تلك الفترة إلى جانب القوات الغربية ضد مقاتلي طالبان أفغانستان، إما بدعم القوات الأمريكية،مقاتلو طالبان باكستان هم نسيج قبلي باكستاني مقيم على الجانب الجغرافي الآخر، وقد لعبوا أدورا مهمة، شبيهة بأدوار الدولة الباكستانية أيام الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، من حيث توفير الملاذ الآمن لمقاتلي طالبان أفغانستان، ودعمهم ومساندتهم في مواجهة القوات الغربية بقيادة أمريكا، وذلك على مدى عقدين كاملين من المقاومة الأفغانية، بينما اصطفت الحكومة الباكستانية الرسمية طوال تلك الفترة إلى جانب القوات الغربية أو باعتقال المقاتلين وشحنهم إلى غوانتانامو، فضلا عن مهاجمة مقاتلي طالبان باكستان وإجلائهم عن مناطقهم القبلية إلى أفغانستان، وهو الأمر الذي لا يمكن لمقاتلي طالبان أفغانستان أن يتخلوا عنه، الأمر الذي يذكر تماما بخسارة طالبان بقيادة الملا محمد عمر لدولتها من أجل حماية أسامة بن لادن، يوم رفضت تسليمه للسعودية أو لأمريكا، فكيف ستُقدم الإمارة الإسلامية الأفغانية على التخلي عن طالبان باكستان التي وقفت معها في ساعة العسرة!

يدور همس واسع في أفغانستان بأن باكستان هي من أقنعت المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى بالابتعاد عن كابول، وإغلاق سفاراتها، ولكن مثل هذه السياسة الباكستانية إن صحت لا يمكن التعويل عليها اليوم في ظل استقطاب اقليمي ودولي واسع النطاق، ونحن نرى اقترابا روسيا وصينيا وإيرانيا وحتى دول شرق آسيا باتجاه الحكم الجديد في كابول، الأمر الذي سيعزل الطرف الآخر وهو باكستان ومن يبتعد عن أفغانستان، ومعه سيسعى المقتربون من الإمارة الإسلامية الأفغانية باستغلال كابول لتكون مصدر تهديد بشكل أو بآخر لإسلام آباد وغيرها. ونحن نرى ذلك بشكل واضح من خلال تشغيل شركة هندية لميناء تشاربهار الإيراني باتجاه دول وسط آسيا.

فالإعلان الأخير الذي تم بين نيودلهي وطهران عن تشغيل هذا الميناء المهم ولمدة عشر سنوات؛ سيلقي بتداعيات جيوسياسية خطيرة على كل من الصين وباكستان وربما على دول الخليج، إذ إنه سيوفر نافذة لكل من أفغانستان ودول وسط آسيا بعيدا عن ميناءي كراتشي وجوادر الباكستانيين، مما سيحرم باكستان من الإطلالة على أفغانستان ووسط آسيا، ويقدم هذه الفرصة لخصمها اللدود الهند، ومن خلفه سيحرم الصين من استراتيجية الطريق والحزام الواحد. أما على صعيد الخليج فإنه سيقدم الغاز الإيراني وربما غاز مناطق وسط آسيا وتحديدا تركمانستان، كبديل عن غاز بعض دول الخليج.

ما زاد الغضب الأفغاني أكثر هو التململ الباكستاني من شق قناة أفغانية على نهر جيحون لجرّ المياه إلى آلاف الهكتارات الأفغانية لريّها، الأمر الذي يشي بثورة زراعية مهمة في الشمال الأفغاني الذي يبعد مئات الكيلومترات عن الأراضي الباكستانية، ويقول الأفغان بأن إسلام آباد منعت تصدير الإسمنت الذي يستخدم في بناء مثل هذه القنوات، وذلك بحجة أن ذلك ربما يساعد في بناء سدود مقبلة على الأنهار الأفغانية، ومنها نهر كونار الذي سيهدد برأيها كمية المياه الواصلة إلى باكستان، وهو أمر لم يتحمله الأفغان، بل وصل الأمر إلى قول أحدهم لي في كابول: "إن خلاف إسلام آباد لم يعد مع حكومة طالبان أو مع حكومة إسلامية في كابول، إن خلافها الحقيقي مع حكومة قوية مستقلة ذات قرار وطني".

وصل الأمر إلى قول أحدهم لي في كابول: "إن خلاف إسلام آباد لم يعد مع حكومة طالبان أو مع حكومة إسلامية في كابول، إن خلافها الحقيقي مع حكومة قوية مستقلة ذات قرار وطني"
على باكستان أن تعي تماما أن مياها كثيرة جرت بعد الغزو الغربي لأفغانستان بقيادة أمريكا، وأن تحالفها طوال تلك الفترة ضد طالبان أفغانستان، لا يمكن تناسيه أفغانيا بهذه السهولة، ويحتاج وقتا لتندمل تلك الجروح الغائرة. كما على باكستان أن تعي تماما أن الجيل الأفغاني الجديد في كابول ليس كالجيل القديم الذي كان مواليا لها، ولديها عليه أفضال كثيرة، مما يجعله محكوما بالولاء لها، فالجيل الشبابي الأفغاني الجديد في كابول لا تربطه روابط قوية بباكستان، وإن كانت تربطه، فبمقدار وقوف الشرائح الباكستانية معه في قتاله ضد الأمريكيين، لقد بات هذا معيارا مهما في الحكم على الجهات التي يتعامل معها الجيل الأفغاني الحاكم.

بالمقابل فإن على الإمارة الإسلامية في كابول أن تعي أن التعويل على علاقات تكتيكية مع الدول الأخرى لا يمكن الرهان عليه، يضاف إليه بأن قهر الجغرافيا يفرض على كابول وإسلام آباد الكثير من التعاون وتناسي الخلافات التكتيكية، خصوصا مع التشاطر العرقي والديني والمذهبي الكبير بينهما، وبجانب هذا تحديات كثيرة يطول الحديث عنها في هذا المقال، فكما قال المثل البشتوني "إن الماء لا يمكن فصله بالعصا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الباكستانية طالبان علاقات باكستان افغانستان علاقات طالبان مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإمارة الإسلامیة طالبان أفغانستان القوات الغربیة طالبان باکستان إسلام آباد الأمر الذی فی کابول مع حکومة لا یمکن

إقرأ أيضاً:

طالبان تغلق إذاعة نسائية وتعتقل اثنين من موظفيها

داهمت طالبان، الثلاثاء، إذاعة بيغوم النسائية الأفغانية واعتقلت موظفتين، وفق المحطة التي طالبت بالإفراج عنهما بسرعة.

وقالت وزارة إعلام طالبان في بيان عبر إكس إنها علقت بثّ الإذاعة على خلفية "انتهاكات متعددة".
وقالت الإذاعة في بيان إنّ "ضباطاً من المديرية العامة للمخابرات بمساعدة ممثّلين لوزارة الإعلام والثقافة داهموا اليوم مجمّع بيغوم في كابول".
وأضافت أن سلطات طالبان احتجزت الموظفين أثناء تفتيش للمقر، وصادرت أجهزة كمبيوتر وأقراصاً صلبة وهواتف، وأوقفت موظفين إثنين  "لا يشغلان أي منصب إداري كبير".
وأوضحت الإذاعة أنها لن تدلي بتعليقات، خوفاً على سلامة الموظفين الموقوفين، وطلبت من السلطات "الاهتمام بزميلينا والإفراج عنهما في أقرب وقت ممكن".
وقالت الوزارة عن الإذاعة: "بالإضافة إلى انتهاكات متعددة، كانت تؤمن مواد وبرامج لمحطة تلفزيونية في الخارج".
وأضافت "بسبب انتهاك سياسة البثّ والاستخدام غير السليم للترخيص من الوزارة، علق البرنامج الإذاعي اليوم حتى يتسنى تقييم الوثائق ذات الصلة بعناية واتخاذ القرار النهائي".
وأكدت إذاعة بيغوم أنها لم تشارك قط في أي نشاط سياسي وأنها "ملتزمة خدمة الشعب الأفغاني، خاصةً المرأة الأفغانية".
تأسست الإذاعة في اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس (آذار) 2021، قبل خمسة أشهر من عودة طالبان إلى السلطة بعد إطاحتها بالسلطات السابقة المدعومة من الولايات المتحدة.
وفرضت طالبان قيوداً شاملة على النساء، وأبعدتهن من الحياة العامة، وفرضت قواعد وصفتها الأمم المتحدة بـ "فصل عنصري بين الجنسين"، ومنعت النساء من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات، واستبعدتهن من فئات معينة من الوظائف.
ترتدي النساء القليلات اللواتي يظهرن على القنوات التلفزيونية النقاب، كما توقفت العديد من الإذاعات عن بثّ أصوات النساء.


أما إذاعة بيغوم فكانت تبثّ برامج تقدمها نساء وموجهة إليهن، من بينها برامج تعليم وقراءات كتب واستشارات هاتفية. وفي 2024، أطلقت السويسرية الأفغانية حميدة أمان، مؤسسة راديو بيغوم، ومحطة تلفزيونية فضائية بالاسم نفسه تبثّ برامج تعليمية من باريس، لمساعدة الفتيات والنساء الأفغانيات على مواصلة تعليمهن.


كما حملت آلاف مقاطع الفيديو التي تغطي المنهج الوطني الأفغاني على موقع ويب مرتبط بالمؤسسة، وهي متاحة مجاناً.
ويعد تعليق بثّ راديو بيغوم أحدث إجراء من نوعه ضد وسائل الإعلام المحلية في أفغانستان، ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أغلت قناة  آريزو الأفغانية، وأوقف 7 موظفين بعد أن قالت سلطات طالبان إن مكتبها يستخدم لدبلجة برامج "مبتذلة" لوسائل إعلام محظورة.


واتهمت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العاملين في قناة أريزو بتقديم محتوى لوسائل إعلام أفغانية في الخارج.

مقالات مشابهة

  • ترامب وطالبان ومعضلة الأسلحة الأميركية في أفغانستان
  • مقتل وإصابة 9 عناصر من الشرطة الباكستانية في هجوم بـ «نقطة تفتيش»
  • النعماني يبحث مع رئيس الأركان الباكستاني تعزيز التعاون
  • أستاذ علوم سياسية: ترامب يتخذ قرارات بعيدة عن مؤسسات الأمن القومي الأمريكي
  • واشنطن توافق على صفقة رادارات بعيدة المدى لمصر بقيمة 304 ملايين دولار 
  • إلى دول بعيدة..سموتريتش يرفض ترحيل فلسطينيي غزة إلى الأردن أو مصر
  • بسبب ترامب..مخاوف من ترحيل باكستان لاجئين إلى أفغانستان
  • طالبان تدعو الدول الداعمة للعدالة للوقوف بوجه قرار ترامب ضد غزة
  • طالبان تغلق إذاعة نسائية وتعتقل اثنين من موظفيها
  • السفارة الباكستانية تهنئ فريق طلابها بالأزهر لفوزه في بطولة الكريكيت السنوية