عربي21:
2024-06-29@15:47:11 GMT

التوتر الباكستاني- الأفغاني.. تداعيات بعيدة المدى

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

أمضيت حوالي أسبوعين بين العاصمتين الباكستانية والأفغانية، وأنا أبحث وأسأل عن خلفيات وتداعيات التوتر الأخير الناشب بين البلدين، والذي أتى ظاهريا على ما تقوله إسلام آباد بسبب دعم وإيواء كابول لمقاتلي حركة طالبان باكستان الذين يواصلون عملياتهم ضد قوات الأمن الباكستانية، لا سيما بعد فشل التوصل لهدنة بين الطرفين برعاية حكومة الإمارة الإسلامية الأفغانية في كابول.



وتعتقد أوساط عدة في العاصمة الأفغانية أن من نسف هذه الهدنة بعض الأوساط العسكرية الباكستانية، إذ إن الاتفاق كان قد أُبرم في ظل حكومة عمران خان الذي يواجه السجن بتهم عدة الآن، ليتم التخلي عنه فجأة، وتعود الأمور إلى حالتها المتأزمة، ومربعها الأول.

بالتأكيد لا يمكن اختزال مسألة التوتر بهذا الشكل البسيط، فمقاتلو طالبان باكستان هم نسيج قبلي باكستاني مقيم على الجانب الجغرافي الآخر، وقد لعبوا أدورا مهمة، شبيهة بأدوار الدولة الباكستانية أيام الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، من حيث توفير الملاذ الآمن لمقاتلي طالبان أفغانستان، ودعمهم ومساندتهم في مواجهة القوات الغربية بقيادة أمريكا، وذلك على مدى عقدين كاملين من المقاومة الأفغانية، بينما اصطفت الحكومة الباكستانية الرسمية طوال تلك الفترة إلى جانب القوات الغربية ضد مقاتلي طالبان أفغانستان، إما بدعم القوات الأمريكية،مقاتلو طالبان باكستان هم نسيج قبلي باكستاني مقيم على الجانب الجغرافي الآخر، وقد لعبوا أدورا مهمة، شبيهة بأدوار الدولة الباكستانية أيام الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، من حيث توفير الملاذ الآمن لمقاتلي طالبان أفغانستان، ودعمهم ومساندتهم في مواجهة القوات الغربية بقيادة أمريكا، وذلك على مدى عقدين كاملين من المقاومة الأفغانية، بينما اصطفت الحكومة الباكستانية الرسمية طوال تلك الفترة إلى جانب القوات الغربية أو باعتقال المقاتلين وشحنهم إلى غوانتانامو، فضلا عن مهاجمة مقاتلي طالبان باكستان وإجلائهم عن مناطقهم القبلية إلى أفغانستان، وهو الأمر الذي لا يمكن لمقاتلي طالبان أفغانستان أن يتخلوا عنه، الأمر الذي يذكر تماما بخسارة طالبان بقيادة الملا محمد عمر لدولتها من أجل حماية أسامة بن لادن، يوم رفضت تسليمه للسعودية أو لأمريكا، فكيف ستُقدم الإمارة الإسلامية الأفغانية على التخلي عن طالبان باكستان التي وقفت معها في ساعة العسرة!

يدور همس واسع في أفغانستان بأن باكستان هي من أقنعت المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى بالابتعاد عن كابول، وإغلاق سفاراتها، ولكن مثل هذه السياسة الباكستانية إن صحت لا يمكن التعويل عليها اليوم في ظل استقطاب اقليمي ودولي واسع النطاق، ونحن نرى اقترابا روسيا وصينيا وإيرانيا وحتى دول شرق آسيا باتجاه الحكم الجديد في كابول، الأمر الذي سيعزل الطرف الآخر وهو باكستان ومن يبتعد عن أفغانستان، ومعه سيسعى المقتربون من الإمارة الإسلامية الأفغانية باستغلال كابول لتكون مصدر تهديد بشكل أو بآخر لإسلام آباد وغيرها. ونحن نرى ذلك بشكل واضح من خلال تشغيل شركة هندية لميناء تشاربهار الإيراني باتجاه دول وسط آسيا.

فالإعلان الأخير الذي تم بين نيودلهي وطهران عن تشغيل هذا الميناء المهم ولمدة عشر سنوات؛ سيلقي بتداعيات جيوسياسية خطيرة على كل من الصين وباكستان وربما على دول الخليج، إذ إنه سيوفر نافذة لكل من أفغانستان ودول وسط آسيا بعيدا عن ميناءي كراتشي وجوادر الباكستانيين، مما سيحرم باكستان من الإطلالة على أفغانستان ووسط آسيا، ويقدم هذه الفرصة لخصمها اللدود الهند، ومن خلفه سيحرم الصين من استراتيجية الطريق والحزام الواحد. أما على صعيد الخليج فإنه سيقدم الغاز الإيراني وربما غاز مناطق وسط آسيا وتحديدا تركمانستان، كبديل عن غاز بعض دول الخليج.

ما زاد الغضب الأفغاني أكثر هو التململ الباكستاني من شق قناة أفغانية على نهر جيحون لجرّ المياه إلى آلاف الهكتارات الأفغانية لريّها، الأمر الذي يشي بثورة زراعية مهمة في الشمال الأفغاني الذي يبعد مئات الكيلومترات عن الأراضي الباكستانية، ويقول الأفغان بأن إسلام آباد منعت تصدير الإسمنت الذي يستخدم في بناء مثل هذه القنوات، وذلك بحجة أن ذلك ربما يساعد في بناء سدود مقبلة على الأنهار الأفغانية، ومنها نهر كونار الذي سيهدد برأيها كمية المياه الواصلة إلى باكستان، وهو أمر لم يتحمله الأفغان، بل وصل الأمر إلى قول أحدهم لي في كابول: "إن خلاف إسلام آباد لم يعد مع حكومة طالبان أو مع حكومة إسلامية في كابول، إن خلافها الحقيقي مع حكومة قوية مستقلة ذات قرار وطني".

وصل الأمر إلى قول أحدهم لي في كابول: "إن خلاف إسلام آباد لم يعد مع حكومة طالبان أو مع حكومة إسلامية في كابول، إن خلافها الحقيقي مع حكومة قوية مستقلة ذات قرار وطني"
على باكستان أن تعي تماما أن مياها كثيرة جرت بعد الغزو الغربي لأفغانستان بقيادة أمريكا، وأن تحالفها طوال تلك الفترة ضد طالبان أفغانستان، لا يمكن تناسيه أفغانيا بهذه السهولة، ويحتاج وقتا لتندمل تلك الجروح الغائرة. كما على باكستان أن تعي تماما أن الجيل الأفغاني الجديد في كابول ليس كالجيل القديم الذي كان مواليا لها، ولديها عليه أفضال كثيرة، مما يجعله محكوما بالولاء لها، فالجيل الشبابي الأفغاني الجديد في كابول لا تربطه روابط قوية بباكستان، وإن كانت تربطه، فبمقدار وقوف الشرائح الباكستانية معه في قتاله ضد الأمريكيين، لقد بات هذا معيارا مهما في الحكم على الجهات التي يتعامل معها الجيل الأفغاني الحاكم.

بالمقابل فإن على الإمارة الإسلامية في كابول أن تعي أن التعويل على علاقات تكتيكية مع الدول الأخرى لا يمكن الرهان عليه، يضاف إليه بأن قهر الجغرافيا يفرض على كابول وإسلام آباد الكثير من التعاون وتناسي الخلافات التكتيكية، خصوصا مع التشاطر العرقي والديني والمذهبي الكبير بينهما، وبجانب هذا تحديات كثيرة يطول الحديث عنها في هذا المقال، فكما قال المثل البشتوني "إن الماء لا يمكن فصله بالعصا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الباكستانية طالبان علاقات باكستان افغانستان علاقات طالبان مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإمارة الإسلامیة طالبان أفغانستان القوات الغربیة طالبان باکستان إسلام آباد الأمر الذی فی کابول مع حکومة لا یمکن

إقرأ أيضاً:

سلاح الجو الإسرائيلي يجري تدريبات تحاكي ضربات بعيدة على إيران

بدأ سلاح الجو الإسرائيلي الخميس، بإجراء تدريبات مكثفة تحاكي ضربات بعيدة المدى على أهداف بعيدة، في خطوة وصفت بأنها قد تكون "استعدادا لاتخاذ إجراءات ضد إيران".

وذكر تقرير لصحيفة "إسرائيل هيوم" أن هذه التدريبات تأتي وسط مخاوف متزايدة من أن طهران تستغل تركيز "إسرائيل" الحالي على الحرب ضد حركة حماس في قطاع غزة وضد حزب الله في لبنان لتسريع برنامجها النووي.

وقالت الصحيفة إنها حصلت على تقارير خاصة بيّنت أن القوات الجوية الإسرائيلية نفذت عدة تدريبات من هذا النوع في الأسابيع الأخيرة، وتتضمن هذه التدريبات رحلات طويلة المدى وأنشطة عملياتية تستهدف مواقع بعيدة، بمشاركة طائرات التزود بالوقود والطائرات النقل ووحدات إضافية للاستعداد للعمليات المحتملة في إيران".


وأوضحت أن "التركيز المتزايد على إيران سببه تقييمات استخباراتية تشير إلى أن طهران تحقق تقدمًا مقلقا وغير مسبوق نحو قدرات نووية عسكرية، وأن هذا التطور أثار مخاوف داخل المؤسسة الأمنية، مما أدى إلى إنشاء قسم خاص بإيران داخل مقر العمليات الجوية خلال الحرب الجارية".

وأضافت أن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، في اجتماع مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، شدد على ضرورة الإسراع في التحرك، قائلا: "الآن هو الوقت للوفاء بالالتزام الذي قطعته جميع الإدارات الأمريكية الأخيرة وهو: منع إيران نووية، الوقت ينفد في هذه القضية".

 ويذكر أن موقع "أكسيوس" ذكر أن "إسرائيل" تعيد إنشاء مجموعات عمل في مختلف الهيئات الحكومية لمناقشة التهديد النووي الإيراني، بعد أن تم تجميدها منذ حوالي 18 شهرا.

 وقال التقرير أن هذه المبادرة تأتي بإشراف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، حيث ستعيد تشغيل ست مجموعات في الموساد، وجهاز الأمن العام الإسرائيلي، وفي مجالات الاستخبارات والفضاء الإلكتروني".


ويأتي ذلك بينما أجرى جيش الاحتلال الإسرائيلي تجربة صاروخية لاختبار صاروخ يحمل اسم "أريحا"، بإمكانه الوصول إلى العاصمة الإيرانية طهران، بمدى يصل أكثر من 1800 كيلومتر.

وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن التجربة الصاروخية جاءت من قاعدة "بالماخيم" باتجاه المياه الإقليمية في البحر المتوسط، للتأكد من قدرة الصاروخ على الوصول إلى قلب طهران.

وذكرت أن المسافة التي أطلق إليها الصاروخ الإسرائيلي تعد أكبر من المسافة بين الأراضي المحتلة والعاصمة الإيرانية طهران.

وأوضحت أن "تل أبيب تعمل على تطوير صواريخ أريحا منذ سنوات عديدة، وحسب التقديرات فإن الاختبار الذي تم هو جزء من المحاولات لتحسين قدرة إطلاق الصواريخ التي بحوزة إسرائيل بشكل كبير".

مقالات مشابهة

  • عشية محادثات دولية.. طالبان: حقوق النساء الأفغانيات شأن داخلي
  • كيف استولت طالبان على مناجم أفغانستان؟
  • برلمان باكستان يرد على قرار أميركي بشأن الانتخابات
  • باكستان تطلق عملية جديدة لمكافحة الإرهاب
  • مارين لوبان: تسليم أسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا قد يجعل فرنسا دولة معادية لروسيا
  • سلاح الجو الإسرائيلي يجري تدريبات تحاكي ضربات بعيدة على إيران
  • كابولوف: العالم بدأ يدرك أن "طالبان" هي السلطة الحقيقية في أفغانستان
  • الأمم المتحدة تنفي أن يكون اجتماع الدوحة مع طالبان لمناقشة الاعتراف بالحركة
  • [ برمكة حكومة البصرة المحلية بكهرباء الشعب البصري ]
  • بارزاني يشكر رئيس الإقليم ويعلن دعمه انتخابات بعيدة عن التدخلات