لماذا نستقل برؤية هلالنا؟
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
بدر بن خميس الظفري
في عام 1439 هجري والذي يُوافق العام 2018 للميلاد، كنت ضمن حجاج تلك السنة، وكان التاريخ الهجري في سلطنة عُمان 28 من ذي القعدة، وكان التاريخ في المملكة العربية السعودية 29 من ذي القعدة، وكانت السلطنة مُلتزمة في تلك الفترة باتباع تقويم أم القرى في رؤية هلال ذي الحجة، من أجل أن تواكب السلطنة شعائر الحج من وقوف في جبل عرفات ويوم النحر وأيام التشريق.
ما حدث أنَّ السعودية أعلنت ثبوت رؤية الهلال في اليوم التاسع والعشرين، وبالتالي فإنَّ اليوم التالي سيكون غرة شهر ذي الحجة حسب تقويم أم القرى، وعليه فكان على سلطنة عُمان أن تتخذ أحد القرارين: إما أن تعدّ اليوم التالي هو الأول من ذي الحجة، أي أن شهر ذي القعدة سيكون 28 يومًا، وهو ما يستحيل، لأنَّ الشهر الهجري إما أن يكون 29 يومًا أو 30 يومًا، ولا يكون أبداً 28 يومًا. أو أنها تعتبر اليوم التالي هو 29 من ذي القعدة وبالتالي تخالف تقويم أم القرى، وهو أيضًا شيء لم يكن قد أعد له لأسباب كثيرة في ذلك العام.
وبسبب ما حدث في عام 1439 للهجرة وتجنبًا لأية أمور أخرى، اتخذت السلطنة قرارها بداية من عام 1440 للهجرة بتحري هلالها بنفسها في جميع الشهور الهجرية بلا استثناء؛ بما في ذلك شهر ذي الحجة.
القرار كان معتمدًا على معايير عدة منها اختلاف المطالع؛ أي أن لكل بلاد مطلعها، خصوصًا أن المسافة المكانية بين سلطنة عُمان والسعودية ليست بالقصيرة، وكذلك المسافة الزمنية، فتفصل بيننا وبينهم ساعة من الزمن، وهذا كله بلا شك يؤثر على رؤية الهلال، بالإضافة إلى أن سلطنة عُمان تُعلن عن رؤية هلالها قبل غيرها من الدول المجاورة، مما ينفي قطعاً الادعاءات القائلة بتعمد مُخالفة الغير في الرؤية.
المعيار الثاني الذي اتُخذ هذا القرار بناء عليه هو الدقة المتناهية التي تتمتع بها سلطنة عُمان في تحري الأهلة، فهي تجمع بين الاعتماد على علم الفلك، وبين الرؤية الشرعية التي سنّها الرسول صلى الله عليه وسلم، فوزارة الإعلام بالتعاون مع وزارة الأوقاف الشؤون الدينية ووزارة الداخلية وغيرها من المؤسسات الحكومية يعدون برنامجًا مُباشرًا يُبث على شاشة تلفزيون سلطنة عُمان لتحري هلال كل من شهر رمضان وشوال وذي الحجة، تتواصل فيه اللجنة الرئيسة مباشرة مع اللجان الفرعية في جميع محافظات السلطنة، التي خَصَّصَت مراصد عدة لتحري الهلال.
المعيار الثالث في اتخاذ هذا القرار يتمثل في الفتاوى الشرعية الصادرة من علماء الدين الإسلامي من مختلف مدارسهم الفقهية حول قضية صوم يوم عرفة وذبح الأضحية؛ إذ أكد معظمهم أنَّ هذه العبادات تؤدّى حسب رؤية هلال كل دولة، وليس لزامًا أن يوافقوا الحجاج زمانيًا في تأديتها؛ فالحاج- مهما اختلفت رؤية بلاده للهلال- يقف بصعيد عرفات حسب تقويم أم القرى، وغير الحاج يُشرع له صوم التاسع من ذي الحجة حسب رؤية بلده، وكذلك فيما يتعلق ببقية الشعائر الأخرى كذبح الأضاحي والتكبير بعد الصلوات خلال أيام التشريق.
وكذلك لا ننسى أنَّ الشهور إذا اختلف منهج حسابها من شهر إلى آخر فإن محصلتها النهائية تتأثر بذلك، أي أننا سنجد أنفسنا في الموقف المحرج ذاته الذي وقعنا فيه عدة مرّات، وهو أن يكون شهر ذي القعدة 28 يومًا، وهذا لا يصح شرعا، لأنه يترتب على هذه الشهور أحكام شرعية مثل عدة المعتدة من طلاق أو من وفاة، أو بعض الكفارات؛ إذ إن المُعتَبَر في جميع ذلك الشهور الهجرية الكاملة التي إما أن تكون 29 يومًا أو 30 يومًا، وعلى ذلك فنحن أمام خيارين: إما أن نعتمد على تقويم "أم القرى" في الشهور كلها بلا استثناء، حتى لا نجد أنفسنا في شهرٍ أيامه 28 يومًا كما حدث في عام 1439 وقبلها من السنوات، وهذا ما يصعب تطبيقه، أو أن نعتمد على التقويم العُماني ورؤية هلالنا بأنفسنا، في جميع الشهور دون استثناء.. أما الخلط بينهما فإنه مدعاة للفوضى ولا معنى له!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نزوح جديد لآلاف القرويين السودانيين إلى مدينة الرهد أبو دكنة بشمال كردفان، اتهامات لـ«متفلتين» من «الدعم السريع» بعمليات نهب وخطف وضرب
كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس/ ضمن موجة نزوح جديدة تشهدها ولاية شمال كردفان، فرَّت السيدة أ.ب، بجلدها وأطفالها من بلدة الحقينة الجلابة، قاصدةً رئاسة المحلية في مدينة الرهد أبو دكنة، جراء هجمات متفلتي «قوات الدعم السريع» على بلدتها، وهرباً من «اعتداءاتهم على الناس وإطلاق الرصاص على كل مَن يبدي أي نوع من المقاومة، أو الاحتجاج، على عمليات النهب والسلب واستهداف النساء الشابات والفتيات»، على ما أفادت مصادر محلية.
وقالت السيدة أ.ب لـ«الشرق الأوسط»: «خرجت من بيتي قبل السحور، ومعي أطفالي وبناتي، كنت خائفةً عليهم، ولذلك لم آخذ شيئاً معي، حتى ملابسنا الشخصية لم نجد الوقت أو القدرة على حملها». وأضافت: «قطعنا مسافةً طويلةً سيراً على أقدامنا والأولاد خلفي، بينما أحمل الاثنين الصغيرين غير القادرين على المشي... كانت رحلة مرهقة ومخيفة».
وإثر استرداد الجيش منطقة الرهد أبو دكنة من «قوات الدعم السريع»، انتشرت قوات متفلتة تابعة لها في مناطق غرب المدينة التي تُعرَف بـ«إدارية غرب الرهد»، وهاجمت عشرات القرى والبلدات التي يسكنها مزارعون بسطاء.
وتقع هذه القرى والبلدات غرب المدينة، وتفصلها عنها البحيرة الصناعية الشهيرة بـ«تردة الرهد»، ويعبرها الناس عادة باستخدام قوارب محلية الصنع، وتُعرَف باسم «الطرور» إضافة لقوارب بخارية. تقول السيدة إنها لم تستطع قطع المسافة دفعة واحدة، واضطرت للمبيت وأطفالها قرب إحدى البلدات، لتنضم لمَن سبقوها من أهل البلدة في إحدى مدارس المدينة.
حكاية السيدة أ.ب، ليست سوى واحدة من حكايات عشرات الآلاف من البسطاء الذين أُجبروا على النزوح من قرى وبلدات غرب الرهد بوسط شمال كردفان، وأكدها شهود العيان للصحيفة.
ومنذ أيام عدة يهاجم رجال مسلحون على دراجات بخارية، ويرتدون ثياب «قوات الدعم السريع»، وأحياناً ثياباً مدنية، المواطنين وينهبون أموالهم ومقتنياتهم وسياراتهم، ويطلقون الرصاص عشوائياً، أو على كل معترض؛ ما أدى لإصابات عدة، ولا يتركون حتى الذرة المحفوظة في «المطامير».
وظلت قرى وبلدات «الحِقينة الجَلابة، وأُم بَشار، وعَرديبَة، وعَلوبة، وأم سبولة، وأم قنيبيلة، والعنانية»، وعشرات القرى التابعة لإدارية الغربية التابعة لمحلية - محافظة - الرهد، هدفاً لهذه الهجمات طوال الأيام العشرة الماضية.
وبينما لا توجد إحصاءات حقيقية عن أعداد القتلى والجرحى نتيجة تلك العمليات، فإن شخصاً على الأقل قُتل وجُرح آخرون، بينما أُبلغ عن اختطاف فتاة من قرية الحقينة الجلابة، فضلاً عن اعتداءات بالضرب بالعصي، وأعقاب البنادق على الشباب وكبار السن وحتى الأطفال.
وقالت نازحة أخرى للصحيفة: «إن (قوات الدعم السريع) واصلت مهاجمتهم طوال أكثر من 10 أيام». وأضافت: «هاجمونا آخر مرة الجمعة الماضي، كسروا دواليبنا. نهبوا قروشنا، وكسروا خزنة دكان الحلة، ودفقوا المواد التموينية الموجودة والعدس والزيت، فخرجنا خائفين لا نملك أي حاجة».
وأدت هجمات «الدعامة المتفلتين»، إلى نزوح عشرات الآلاف إلى مدينة الرهد للاحتماء بقوات الجيش التي تسيطر على المدينة، وسط أوضاع نزوح أقل ما توصف بأنها مأساوية، يفتقدون فيها الغذاء والدواء والملبس، وضروريات الحياة كافة.
ويلوم أهل تلك القرى القوات المسلحة، ويعدّون أنها «تخلت عن حمايتهم واكتفت بالسيطرة على المدن، ويطالبون بنشر قوات للدفاع عنهم، واستعادة الأمن، حتى لا يضطروا للنزوح ومغادرة بلداتهم».
وقالت س.ص، من قرية عرديبة: «نطلب من الجيش إرسال قوات لحمايتنا من الأخطار، ولحفظ الأمن».
ونقلت تقارير إعلامية عن المدير التنفيذي لـ«جمعية الهلال الأحمر السوداني»، فرع الرهد أبو دكنة، وليد الرشيد، إن عدد النازحين من بلدات وقرى غرب الرهد يتجاوز 10 آلاف نازح، وسط ازدياد عمليات النزوح جراء استمرار هجمات «قوات الدعم السريع».
ووفقاً لمدير «الهلال الأحمر»، فإن المدينة «تواجه أوضاعاً إنسانيةً تتفاقم باطراد، ما يستدعي التدخل العاجل لتوفير المعينات الصحية والغذائية للأعداد المتزايدة من النازحين، ووقف التداعيات التي قد تترتب على تدهور الأوضاع الأمنية، وأهمية تدخل منظمات الإغاثة والمعنيين لتقديم الدعم الإنساني فوراً».