جريدة الرؤية العمانية:
2024-06-29@13:06:45 GMT

ضريبة الدخل على الأفراد وآثارها

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

ضريبة الدخل على الأفراد وآثارها

 

 

مرتضى بن حسن بن علي

 

تُواجه عُمان تحديات صعبة في الاقتصاد، والمالية العامة، والركود الاقتصادي، والكساد، وصعوبة في خلق فرص عمل، والتي ستزداد بسبب انكماش الاقتصاد، بينما مؤسسات التعليم ترفد سوق العمل بالآلاف من الشباب والشابات، وكل تلك تحديات وصعوبات كانت تُواجهها في كل مرة تنخفض خلالها أسعار النفط، وذلك لاعتمادها شبه الكامل عليه، بالرغم من كل خططها الخمسية المُتوالية المستهدفة تنويع مصادر الدخل، إلّا أن اقتصادنا ظل ريعيًا يعتمد على الموارد الطبيعية، ويوّلد مشاكل عديدة، وهو المسؤول عن عدم خلق وظائف معقولة.

لذا من المهم الفصل بين الميزانية المرتكزة على ارتفاع أسعار النفط وما يسبّبه من نمو في الناتج المحلي، وبين القاعدة الاستهلاكية والإنتاجية وحجم الطبقة المتوسطة وانكماشها يكشف حالة الاقتصاد. الكساد جاثم بشكل واضح، والاقتصاد يستند وبشكل شبه كامل على ارتفاع أسعار النفط، والذي يتيح للحكومة الإنفاق على المشاريع والرواتب ومختلف أنواع الصرف.

الفترة من منتصف عام 2014 وحتى 2022، كانت عصيبة، بسبب انخفاض أسعار النفط والمصروفات الاستهلاكية الكبيرة لفترة طويلة، وترتب على ذلك عجز مستمر في الميزانية، واضطرار الحكومة للاقتراض ووصلت الديون إلى مرحلة خطرة وحرجة. واعتمدت عُمان في تنميتها وبناء بنيتها التحتية وتعيين الموظفين وزيادة رواتبهم على إيرادات النفط، وعليه هناك ضرورة قصوى لإيجاد تغييرات هيكلية في الاقتصاد والتعليم. ورأت الحكومة أنها غير قادرة على الاستمرار في القيام بدور الدولة الريعية، وتقديم خدمات مجانية أو بأسعار رمزية. لم يعد هذا الأمر قابلا للاستدامة، دون أن تبحث في وسائل سهلة جديدة للتمويل، ومنها ضريبة الدخل على الشركات والضرائب الأخرى، ومن دون إجراء دراسات اقتصادية مُعمقة حول تأثيراتها السلبية. فرض ضريبة الدخل يُعبر بوضوح عن انتهاء فترة الحقبة النفطية.

الدول الغربية وغيرها التي تفرض الضرائب، هي دول مُنتجة وتستعمل الضرائب لتقديم خدمات مختلفة مع وجود مجالس منتخبة مختلفة تقوم بمراقبة أوجه الصرف ومحاسبتها، وهي لا تمتلك الثروات الطبيعية، وإنما تمتلكها الشركات المختلفة. والمشاريع التي كانت تمتلكها الحكومات سابقًا مثل مشاريع السكك الحديدية ووسائل المواصلات المختلفة وبعض السلع ومعامل السيارات باعتها إلى الشركات باستثناء الدول الشرقية التي اتخذت لعقود عديدة المبادئ الشيوعية قاعدة لها، وسيطرت سيطرة كاملة على الأرض وعناصر الإنتاج، وتوزيع السلع والخدمات. اقتصاديات الدول الغربية نشطة ومنتجة، وعندما تعيش المجتمعات على إيرادات الحكومة من مواردها الطبيعية التي قد تنضب في أي وقت، يغيب عنها طابع الإنتاج، والرواتب الكبيرة تقصم ظهرها.

ومن سلبيات فرض ضريبة الدخل على الأفراد "عبء الامتثال"؛ فمن الصعب والمكلف التعامل مع قوانين الضرائب على الأفراد، وهي تقلل حوافز العمل بجدية، وتؤدي إلى التهرب من دفعها، وهروب الأموال والودائع للخارج تسبب شح في السيولة، وبالتالي إلى ارتفاع الفائدة البنكية والتضخم. وعلى الأغلب سوف تضطر الحكومة لتعيين عدد كبير من الموظفين للقيام بتلك المهمة، والذين سوف يشكلون عبئًا إضافيًا تذهب معها أية مبالغ قد تجنيها الدولة.

الضرائب ستَفْرِضُ على الحكومة استحقاقات سياسية مُعيّنة، قد تجد صعوبة في تحقيقها، إذ إنَّ دافعي الضرائب سوف يطالبون بإخضاع الإنفاق لرقابة تشريعية، وإلى مبادئ الحوكمة والشفافية، وتحسين كفاءة الخدمات العامة المقدمة؛ مما سيستدعي وجود عقد اجتماعي مختلف بين الحكومة والمجتمع، ومن المهم في هذه الفترة بذل كل الجهود لمعالجة الركود الاقتصادي وتحسين تنافسية عُمان.

ومن سلبيات الضريبة ما يلي:

أنها ستزيد العبء المالي على الأفراد المعنيين، وهؤلاء سوف يحولونها إلى مصاريف الشركات مما قد يرفع أسعار السلع والخدمات. والأفراد المتأثرون أيضًا سوف يدفعون الضريبة مرتين؛ مرة على فوائد الشركات، والمرة الثانية على الضريبة على الأرباح الموزعة. وصاحب العقار يدفع ضريبة البلدية على عقود الإيجار، والضريبة على أية فوائد يُحققها. التأثير سلبًا على الاستثمارات وتقليل جاذبية البلاد للاستثمارات الأجنبية والداخلية.

ويمكن اتباع أساليب أخرى لجمع الإيرادات بدلًا من فرض الضريبة مثل:

رفع ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% على السلع والخدمات المستهلكة؛ فهذه النسبة سوف تكون أقل ضررًا من ضريبة الدخل على الأفراد، ويمكن الحصول عليها بسهولة.  تحسين كفاءة جباية الضرائب لتشمل كل الشركات؛ إذ إن عددًا من الشركات الصغيرة والمتوسطة ربما تُحقق أرباحًا متباينة، ولا تعمل ميزانيات رسمية مُدققة، وبالتالي غير خاضعة للضرائب.  تنويع مصادر الدخل الحكومية من خلال تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى، وجذب المزيد من الاستثمارات التي سوف تخلق فرص عمل جديدة ومتنوعة من دون الحاجة إلى فرض ضريبة الدخل على الأفراد، وبذل كل الجهود لمُعالجة مشكلة إقفال المشاريع والشركات.

 

 

ويُمكن على سبيل المثال تطوير السياحة التي سوف تزيد إيرادات الحكومة وتحسن من ميزان المدفوعات، وتخلق عشرات الآلاف من فرص العمل.

في البلدان التي تريد جذب الاستثمارات الأجنبية، فإنَّ الضرائب تؤثر سلبًا على جذبها؛ حيث إن الاستثمارات تعتمد على عدة عوامل مثل: معدلات الضرائب، والسياسات الاقتصادية العامة، إلّا أن اقتصاداتها نشطة وفاعلة، لكن عندما تعيش المجتمعات على إيرادات الحكومة من مواردها الطبيعية التي قد تنضب في أي وقت، يغيبُ عنها طابع الإنتاج، وتصبح عالة على الإنفاق الحكومي، وعلى الرواتب التي تقصم ظهر الحكومة لأجل توفيرها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الرئيس يسحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل محتجين الحكومة الكينية ترضخ لمطالب الشعب وتلغي فرض الضرائب

نيروبي"أ ف ب": أعلن الرئيس الكيني وليام روتو اليوم سحب مشروع موازنة 2024-2025 الذي ينص على زيادة الضرائب، في أعقاب احتجاجات تطورت إلى أعمال عنف دامية الثلاثاء.

وقال روتو في كلمة ألقاها غداة التظاهرات المناهضة للمشروع والتي خلفت 22 قتيلاً، بحسب الهيئة الرسمية لحماية حقوق الإنسان، "بعد أن استمعت بعناية إلى شعب كينيا الذي قال بصوت عالٍ وواضح أنه لا يريد مشروع قانون المالية لعام 2024، فإنني أحني رأسي ولن أوقعه.. ليصبح قانونًا، وبالتالي سيتم سحبه".

وأضاف الرئيس"بعد تبني مشروع القانون، عبرت البلاد بشكل واسع عن استيائها من مشروع القانون بصيغته الحالية، والذي أدى للأسف إلى خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات".

أثارت موافقة البرلمان الذي يشكل فيه الحزب الحاكم الأغلبية على النص الثلاثاء غضب المتظاهرين الذين خرجوا للمرة الثالثة خلال ثمانية أيام إلى الشارع في نيروبي.

اقتحم المتظاهرون البرلمان وتعرضت مبان للنهب والحرق، في سابقة في تاريخ الدولة التي نالت استقلالها عام 1963.

ووفقا لمنظمات غير حكومية منها الفرع الكيني لمنظمة العفو الدولية، أطلقت الشرطة الرصاص الحي في محاولة لاحتواء الحشود.ووقعت أعمال نهب في نيروبي ومدن عدة. وأحرقت مبان في إلدوريت في الوادي المتصدع معقل الرئيس وليام روتو.ودعا الرئيس إلى التشاور الوطني.

وقال "بما أننا تخلينا عن مشروع قانون الموازنة لعام 2024، فمن الضروري إجراء مشاورات كدولة مستقبلاً. كيف يمكننا إدارة ديوننا معًا سأقترح التواصل مع شباب بلدنا، مع ابنائنا وبناتنا".

وسارعت المعارضة إلى اعتبار القرار "من باب العلاقات العامة".

وقالت الصحافية والناشطة حنيفة آدان على منصة إكس" لقد تم سحب مشروع القانون ولكن هل يمكنكم احياء كل من ماتوا؟".

وتقول الحكومة إن هذه الضرائب ضرورية لاستعادة مجال المناورة للبلد المثقل بالديون (يمثل الدين العام حوالي 70% من اجمالي الناتج المحلي)، وتمويل ميزانية 2024-2025 التي تبلغ بنود الانفاق فيها 4 ترليون شلن (29 مليار دولار)، وهو رقم قياسي.

مقالات مشابهة

  • ترامب: سياسة خفض الضرائب استقطبت الشركات الكبرى
  • "الشورى" يُقِّر "الضريبة على دخل الأفراد"
  • الشورى يُحيل مشروع قانون ضريبة الدخل على الأفراد إلى مجلس الدولة
  • عمالة الأطفال وآثارها السلبية على المجتمع… ورشة عمل في بلدة النجيح بدرعا
  • تقرير خبراء على طاولة الدبيبة قريبا بخصوص ضريبة مبيعات القطع الأجنبي
  • استطلاع رأي: 78% من الروس يؤيدون ضريبة الدخل التصاعدية للمواطنين الأثرياء
  • وزيرا المالية والتخطيط في الحكومة المنتهية يناقشان تأثير فرض ضريبة 27% على التحويلات النقدية
  • بلومبيرغ: الإمارات مغناطيس الأثرياء الفاسدين المتهربين من الضرائب حول العالم
  • الرئيس يسحب مشروع قانون الموازنة بعد مقتل محتجين الحكومة الكينية ترضخ لمطالب الشعب وتلغي فرض الضرائب
  • وصفها الرئيس بالخيانة.. تفاصيل مظاهرات كينيا الدامية ضد زيادة الضرائب