الصين وفرنسا تتشاركان تعقّب انفجارات أشعة غاما الكونية.. رغم الحظر الأميركي
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
ضمن شراكة نادرة، أثمر عمل مشترك بين الصين وفرنسا إطلاق قمر صناعي لتعقب آثار انفجارات أشعة غاما الضخمة، وذلك بهدف البحث في تاريخ الكون السحيق. وذلك رغم حظر الولايات المتحدة أي تعاون مع الصين في مجالات الفضاء.
ويحتوي القمر الصناعي الذي يُطلق عليه "إس في أو إم" (SVOM)، على جهازين من صناعة فرنسية، وآخرين من صناعة صينية، لغرض البحث عن آثار لانفجارات أشعة غاما التي تقطع مليارات السنوات الضوئية للوصول إلى الأرض، وتعد أكثر الأحداث الكهرومغناطيسية المضيئة في الكون.
وأشارت إدارة الفضاء الوطنية الصينية إلى أنّ القمر الصناعي الذي يبلغ وزنه 930 كيلوغراما، انطلق بنجاح مساء السبت 22 يونيو/حزيران على متن الصاروخ الصيني "لونغ مارش 2 سي" من قاعدة إطلاق الصواريخ في "شيتشانغ" التابعة لمقاطعة "سيتشوان" جنوب غربي البلاد.
وتقع انفجارات أشعة غاما عادةً نتيجة لانفجار النجوم العملاقة؛ تلك التي يزيد حجمها عن حجم الشمس بعشرين مرّة تقريبا، أو عندما تحدث عملية اندماج نجمين نيوترونيين معا، وتعادل الطاقة الناتجة من مثل هذه الانفجارات الكونية في بضع ثوانٍ كمية من الطاقة تعادل ما تطلقه الشمس طوال عمرها الممتد لـ10 مليارات سنة.
ويقول عالم الفيزياء في مركز الفيزياء الفلكية التابع لمعهد "فلاتيرون" في نيويورك "أوري غوتليب": "إنّ مراقبة انفجارات أشعة غاما يشبه النظر إلى الوراء في الزمن، إذ يقطع الضوء المنبعث منها وقتا طويلا للوصول إلينا".
حقل تجارب على مسافات شاسعةتستغرق معظم انفجارات أشعة غاما أجزاء من الثانية إلى بضع دقائق، ولوحظ أنّها تحدث في المجرات البعيدة التي تقع على حافة الكون المرئي، وهو ما يجعلها أدوات قيّمة لدراسة الكون في المراحل المبكرة من عمره. ويوضح غوتليب ذلك قائلا: "إنّ القمر الصناعي الجديد لديه القدرة على كشف العديد من الألغاز والخبايا في هذا الشأن، بما في ذلك الكشف عن الانفجارات التي حدثت في نقاط بعيدة في الكون".
وعلى مستوى الكون، فإنّ المسافة ترتبط بالعمر، فكلّما كان الشيء بعيدا كان أقدم، ويقع أبعد انفجار لأشعة غاما جرى اكتشافه على بعد 630 مليون سنة فقط من بَعد نشأة الكون، ويحمل رمز "انفجار أشعة غاما 090423″، والتقطه مرصد "سويفت" الفضائي في عام 2009.
انفجارات أشعة غاما تحدث في غضون أجزاء من الثانية إلى عدّة دقائق نتيجة انهيار نجوم ضخمة أو اندماج نجوم نيوترونية معا في المجرات البعيدة (شترستوك)ويقول عالم الفيزياء الفلكية في معهد باريس للفيزياء الفلكية "فريدريك دايغن": "نحن مهتمون بانفجارات أشعة غاما لذاتها لأنّها انفجارات كونية نشطة للغاية تسمح للعلماء بفهم نهاية بعض النجوم بشكل أفضل، والحصول على كلّ تلك البيانات يجعل من الممكن اختبار القوانين الفيزيائية التي من المستحيل اختبارها ضمن تجارب مخبرية على الأرض".
ولا يغرد القمر الصناعي "إس في أو إم" وحيدا في الفضاء لتعقب انفجارات أشعة غاما، بل ثمّة العديد من الأقمار الصناعية والتلسكوبات القابعة في مدار الأرض القريب للقيام بذات المهمة، في حين سيحلّق القمر الصناعي على مسافة 625 كيلومترا ليكون مداره الأخير ويبدأ العمل مباشرة بإرسال البيانات إلى المحطات المعنية في الأرض.
الخروج من عباءة ناسا والبحث عن حليف آخرويأتي هذا المشروع نتيجة شراكة ناجحة بين كلّ من وكالتي الفضاء الفرنسية والصينية، ويقول الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء الفرنسية "فيليب بابتيست" لوكالة فرانس برس: إنّ العملية أجريت بنجاح كبير، وإنّه كان تعاونا مميزا بين باريس وبكين.
وجاء المشروع على الرغم من أنّ التعاون الفضائي على مستوى الغرب والصين أصبح شبه نادر إلى حدٍ كبير، لأنّ الولايات المتحدة حظرت جميع مظاهر التعاون بين وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" والصين في عام 2011 لدواع أمنية. ويشمل الحظر كذلك منع حلفاء أميركا من التعامل مع الصين، إلا أنّه في بعض المنافسات يحدث ذلك.
ففي عام 2018، أطلقت الصين وفرنسا بشكل مشترك قمرا صناعيا لدراسة المحيطات والأرصاد الجوية البحرية، كما أنّ العديد من الدول الأوروبية شاركت في برنامج الصين لاستكشاف القمر "تشانغ آه" الواعد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات انفجارات أشعة غاما القمر الصناعی
إقرأ أيضاً:
مركز محمد بن راشد للفضاء يُعلن عن بدء الاستعدادات النهائية لإطلاق القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات”
دبي – الوطن:
أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء أمس عن بدء الاستعدادات النهائية لإطلاق “محمد بن زايد سات”، القمر الاصطناعي الأكثر تطورًا في المنطقة. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر المركز بدبي، بحضور سعادة سالم حميد المري، مدير عام المركز، وعامر الصايغ الغافري، مدير مشروع “محمد بن زايد سات”، وحصة علي حسين، نائب مدير المشروع، بالإضافة إلى فريق العمل المسؤول عن القمر الاصطناعي، وعدد كبير من ممثلي وسائل الإعلام العالمية والمحلية.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد أعلن عن المهمة في عام 2020، حيث تم تسمية القمر الاصطناعي تيمناً باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة. وكان صاحب السمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ورئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، قد اعتمد إطلاق القمر الاصطناعي رسمياً في وقت سابق خلال عام 2024.
بعد تطويره في دولة الإمارات، تم نقل “محمد بن زايد سات”، القمر الاصطناعي الأكثر تطورًا في المنطقة، إلى المعهد الكوري لأبحاث الفضاء في كوريا الجنوبية، حيث تم الانتهاء من الاختبارات البيئية بنجاح. شملت هذه الاختبارات الصارمة، التي تهدف إلى ضمان تحمل القمر الاصطناعي لظروف الفضاء القاسية، اختبارات الفراغ الحراري، واختبارات الاهتزاز، واختبارات الصوتيات، واختبارات خصائص الكتلة. بعد ذلك تم نقل القمر الاصطناعي إلى موقع الإطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية استعدادًا للتحضيرات النهائية.
قال سعادة سالم حميد المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء: “يمتلك القمر الاصطناعي محمد بن زايد سات أهمية خاصة في مسيرة دولة الإمارات، حيث يعكس التزامها الثابت بالتقدم والابتكار بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة. إن محمد بن زايد سات ليس مجرد إنجاز تكنولوجي، بل هو تجسيد لإرادة دولة الإمارات في الريادة بمجال علوم الفضاء، وسعيها المتواصل للمساهمة الفاعلة في مجتمع الفضاء العالمي. ومع كل خطوة نخطوها نحو المستقبل، نؤكد دورنا على تمكين الأجيال القادمة وتحقيق طموحاتهم للاستفادة من إمكانيات علوم الفضاء لدعم الإنسانية وتعزيز التنمية المستدامة على كوكب الأرض.”
الإمكانات التقنية
يمثل القمر الاصطناعي محمد بن زايد سات، الذي تم تطويره بالكامل بواسطة فريق من المهندسين الإماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء، خطوة محورية في مسيرة دولة الإمارات نحو الريادة في مجال استكشاف الفضاء. يجسد هذا القمر الاصطناعي التزام الدولة بالاستفادة من تقنيات الفضاء المتقدمة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التعاون العالمي.
يتميز محمد بن زايد سات بامتلاك إمكانيات متطورة تضع معيارًا جديدًا في مجال رصد الأرض، حيث يوفر دقة في التقاط الصور تفوق سابقيه بمعدل الضعف، وسيكون قادرًا على التقاط صور أكثر بـ 10 أضعاف من الأقمار الاصطناعية التقليدية. وستتم معالجة هذه الصور وتسليمها في أقل من ساعتين، مما يتيح تطبيقات حيوية في مجالات متنوعة مثل مراقبة البيئة، والإغاثة من الكوارث، وإدارة البنية التحتية، ما يساعد صناع القرار على اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة. كما يوفر محمد بن زايد سات دقة غير مسبوقة في تحديد مواقع التصوير. وتعزز الكاميرا عالية الدقة وسرعات نقل البيانات المحسنة – التي تتفوق أربع مرات على القدرات الحالية – من مكانته كأداة مبتكرة في مجال رصد الأرض.
شراكات محلية
لقد ساهم محمد بن زايد سات في تعزيز اقتصاد الفضاء في دولة الإمارات من خلال مساهمة الشركات المحلية في تصنيع 90% من هيكله الميكانيكي ومعظم وحداته الإلكترونية. تم ذلك من خلال التعاون مع شركات إماراتية رائدة مثل ستراتا، والإمارات العالمية للألومنيوم، وهالكن، وفالكون، وEPI، و ركفورد زيليركس. هذه الشراكات لا تعمل على تعزيز قدرات دولة الإمارات في تكنولوجيا الفضاء فحسب، بل تساهم أيضًا في نقل المعرفة والمهارات المتقدمة إلى المواهب الإماراتية، مما يعزز من قدرة الدولة التنافسية في مجال استكشاف الفضاء على الساحة العالمية.
من جانبه، قال عامر الصايغ الغافري، مدير مشروع محمد بن زايد سات: “يُمثل القمر الاصطناعي محمد بن زايد سات خطوة مهمة في مجال الابتكار التكنولوجي والهندسة الدقيقة، بفضل العمل المتواصل لفريقنا في مركز محمد بن راشد للفضاء. تم تزويد هذا القمر الاصطناعي بأحدث أنظمة التصوير، ليُقدم بيانات عالية الدقة وبسرعة غير مسبوقة. يمثل محمد بن زايد سات تقدمًا كبيرًا في مجال رصد الأرض، ويُتيح تطبيقات تدعم مجموعة واسعة من القطاعات، بدءًا من مراقبة البيئة وصولًا إلى التخطيط الحضري وإدارة الكوارث.”
بمجرد إطلاقه، سينضم “محمد بن زايد سات” إلى أسطول الأقمار الاصطناعية النشط لدولة الإمارات، مما يعزز بشكل كبير قدرات مركز محمد بن راشد للفضاء في هذا المجال. سيقوم مركز محمد بن راشد للفضاء بتشغيل القمر الاصطناعي، مما يوفر تبادلاً سريعاً للبيانات على مدار الساعة عبر نظام متقدم. تتمتع حلول التصوير هذه بتطبيقات متنوعة تشمل رسم الخرائط، ومراقبة البيئة، والملاحة، وإدارة البنية التحتية، والإغاثة في حالات الكوارث.