نواكشوط ـ يتوجه الموريتانيون يوم 29 يونيو/حزيران الجاري إلى صناديق الاقتراع، في انتخابات رئاسية حساسة هي الثامنة في تاريخ البلاد، وتسعى فيها الأغلبية الحاكمة لتجديد الثقة بالرئيس الحالي وتوطيد حكمه لولاية ثانية، بينما تنتظر المعارضة إعلان ميلاد رئيس جديد.

وتأتي هذه الاستحقاقات التي يشارك فيها أكثر من 1.

9 مليون ناخب، في وقت تتصاعد فيه الأهمية الإستراتيجية لموريتانيا بفعل استقرارها السياسي والأمني، ودورها المحوري في "مكافحة الإرهاب" والهجرة غير النظامية، وسط محيط متوتر تتمدد فيه الانقلابات وتنحسر فيه الممارسة الديمقراطية.

وتحظى الانتخابات الرئاسية في موريتانيا باهتمام كبير داخليا وخارجيا؛ إذ تتبنى الدولة ذات الموقع الإستراتيجي الرابط بين المغرب العربي وغرب أفريقيا، نظاما سياسيا يمنح رئيس الجمهورية كامل الصلاحيات، فهو الذي يحدد كما ينص الدستور "السياسة الخارجية للأمة وسياستها الدفاعية والأمنية" كما يُعين الوزير الأول (رئيس الوزراء) وينهي وظائفه.

وبالنسبة للنظام الانتخابي، تعتمد موريتانيا نظام الجولتين، ويتم انتخاب الرئيس بالأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها، وإذا لم يحصل أحد المترشحين على الأغلبية في الجولة الأولى، تُنظم جولة ثانية بعد أسبوعين بين المرشحَين الحاصلين على أعلى نسبة من الأصوات، وللرئيس الحق في الترشح لفترة رئاسية أخرى مدتها 5 سنوات فقط.

مهرجان سابق للمعارضة الموريتانية (الجزيرة) هيئات الإشراف

وتجرى الانتخاب الرئاسية في موريتانيا باستدعاء من رئيس الجمهورية لهيئة الناخبين، ويتم بعدها وجوبا انتخاب رئيس الجمهورية الجديد خلال 30 يوما على الأقل و45 يوما على الأكثر قبل انقضاء مدة الرئاسة الجارية.

ويتولى المجلس الدستوري استقبال ملفات الترشيح، ويبتّ في صحتها، ويعلن نتائج الانتخابات، ويستقبل الطعون في النتائج، ويلزم أن يتضمن كل ملف لمترشح للرئاسة 100 تزكية من مستشارين بلديين و5 عُمد على الأقل من مناطق مختلفة.

ومن جهة أخرى، تتولى وزارة الداخلية تأمين المسار الانتخابي وتهيئة الظروف، بالتنسيق مع اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تتولى هي الأخرى الإشراف على عملية الاقتراع في المكاتب على كافة التراب الوطني، وتوفير بطاقات التصويت المؤمّنة، وإصدار تقرير مع نهاية العملية، وتتألف اللجنة من 11 عضوا يعينهم رئيس الجمهورية باقتراح من الأغلبية والمعارضة.

أما السلطة العليا للصحافة، فتسعى لضمان تغطية مهنية وموضوعية للحملات الانتخابية، وتأمين النفاذ الشامل لكافة المرشحين للرئاسة، إلى وسائل الإعلام العمومي والخصوصي.

المعارضة تطالب بضمانات محددة لإجراء الانتخابات الرئاسية (الجزيرة) مرصد جديد

وفي الانتخابات الرئاسية الحالية لعام 2024 استحدثت موريتانيا مرصدا وطنيا جديدا يعنى بمراقبة الانتخابات، ويدعى "المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات" تم تعيين رئيسه وأمينه العام من طرف الوزير الأول محمد بلال مسعود.

وتتألف تشكيلة المرصد الوطني المنتدب لمدة 3 أشهر، من 12 عضوا تم اختيارهم من بين الأعضاء الذين تم اقتراحهم من طرف منظمات المجتمع المدني الرئيسة في موريتانيا.

وكانت رئاسة الوزراء قد أوضحت في بيان سابق لها أن المرصد هو "إطار وطني مستقل يعمل مع منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية في مجال مراقبة الانتخابات".

لكن المعارضة أعلنت رفضها لهذا المرصد "الذي أقصى المعارضة من تشكيلته"، وعبّرت عن مخاوفها من التلاعب بنتائج الانتخابات.

ويرجع القيادي في حزب "تواصل" الدكتور محمد الأمين ولد شعيب أسباب هذه المخاوف إلى "ضعف هيئات الرقابة وعدم استقلاليتها؛ إذ يتم تعيينها من طرف السلطة التنفيذية ممثلة في الوزير الأول بمعنى أن النظام هو الخصم والحكم في الوقت ذاته".

ويقول ولد شعيب، الذي يشغل منصب مدير العمليات الانتخابية للمرشح حمادي سيد المختار، في حديث للجزيرة نت "لا مؤشرات على شفافية ونزاهة هذا الاقتراع إذا لم تبادر جهات الإشراف بإصلاحات حقيقية تعالج الاختلالات الهيكلية التي تهدد مصداقية العملية الانتخابية".

مرشحو الرئاسة من المعارضة قدموا 12 مطلبا للجنة الانتخابات (الجزيرة) هواجس الشفافية

ورغم التعهد المتكرر من اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بالتزام الشفافية في سير العملية الانتخابية، تظل ثقة المعارضة فيها دائما مهزوزة.

ويؤكد ولد شعيب أن اللجنة المستقلة للانتخابات غير جادة في توفير ضمانات حرية ونزاهة وشفافية الانتخابات، وتلعب على فرض الأمر الواقع بحجة عامل الوقت.

وكان وكلاء مرشحي الرئاسة من المعارضة قد قدموا 12 مطلبا للجنة الانتخابات اعتبروها مطالب ملحة لضمان الشفافية في الانتخابات، لكن رد اللجنة حسب شعيب كان مخيبا للآمال، حيث أعطت وعدا بتلبية مطلب واحد منها، واكتفت بحديث في العموميات عن بقية المطالب.

وقال ولد شعيب "أبلغنا اللجنة رسميا بإحضارنا خبيرا دوليا متخصصا في تدقيق السجلات الانتخابية لكنها رفضت تدخله بحجة ضيق الوقت، ورفضت أيضا توفير الأجهزة القارئة للبصمة في مكاتب التصويت للوقوف في وجه التصويت بالنيابة".

الناطق الرسمي باسم اللجنة الانتخابية ينفي رفض طلبات المعارضة (مواقع التواصل ) لجنة الانتخابات ترد

لكن الناطق باسم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد تقي الله الأدهم، نفى أن تكون اللجنة رفضت أي طلب متعلق بتدقيق السجل الانتخابي، مؤكدا "أن اللجنة عبرت مرارا عن استعدادها لتولي كلفته ماليا".

وأضاف تقي الله في تصريح صحفي السبت الماضي "أن ردهم على الوكلاء كان شفويا، مؤكدا أن التدقيق مناف للارتجال ولا يمكن أن يحصل بملاحظات عابرة لخبير كان مسافرا لإحدى دول الجوار ومرّ بالبلاد في طريق عودته إلى بلده".

وعبّر تقي الله عن استغرابه من شعور وكلاء المرشحين بالقلق رغم تجاوب اللجنة معهم واستعدادها اللامشروط لتلبية مطالبهم ما لم تخالف نصّا قانونيا صريحا، لا تملك اللجنة صلاحية تغييره أو تأويله.

ورغم قلقها المتزايد على مصداقية هذه الانتخابات، تأمل المعارضة في أن تصحح اللجنة الاختلالات والخروقات التي تعتقد أنها شابت الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية الماضية في عام 2023.

لكن، وحسب الدكتور ولد شعيب فإن "اللجنة مصرّة على المضي في نفس المسار، وفي استحقاق خاص وغاية في الحساسية، يتعلق بمنصب رئيس الجمهورية في نظام سياسي يمنحه كل الصلاحيات، وهو ما يفرض أن تكون مشروعيته وشرعيته معترفا بها من قبل الجميع وفق آلية انتخابية حرة ونزيهة وشفافة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المستقلة للانتخابات رئیس الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

بن زير: ليبيا أمام خيارين إما تسريع العملية السياسية أو مواجهة انفجار شعبي

أكد الدكتور رمضان بن زير أستاذ القانون الدولي والأمين العام المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أن الوضع السياسي المؤلم الذي تعيشه ليبيا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخها هو بسب الانقسام السياسي والتدهور الاقتصادي والنهب المنظم لثروات البلاد بسبب غياب المساءلة القانونية والمواطن هو من يدفع الثمن.

جاء ذلك في مداخلة له في الندوة التي نظمها المنتدى العربي للتعدد الثقافي بالعاصمة البريطانية لندن حول المشهد السياسي والاقتصادي في ليبيا وبمشاركة مجموعة من الأكاديمين العرب والليبيين.

وأضاف د. بن زير أن التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى مجلس الأمن، الخميس الماضي، قد أشاد فيه بجهود اللجنة الاستشارية التي استمدت شرعيتها من الفقرة 2 والفقرة 5 من قرار مجلس الأمن رقم 2725 لسنة 2024 معتبرا عمل اللجنة عملية سياسية شاملة منها إنجاز قاعدة قانونية توافقية لإنجاز الانتخابات التشريعية والرئاسية والتي عجز عن إنجازها مجلسي النواب والدولة طيلة أكثر من عقد.

وتابع د. بن زير: “من هذا المنبر نشيد بعمل اللجنة الاستشارية واتشرف بمعرفة بعض منهم من شارك معنا في هذا المنتدى فهم قادرون بعون الله على إنجاز ما كلفوا به”.

وأشار إلى أن ليبيا في حاجة لحكومة تكنوقراط تبسط سيطرتها على كامل تراب الوطن وتعمل على إنجاز الانتخابات وتوحيد المؤسسات وإعادة هيكلية المؤسسات الأمنية والعسكرية على أسس وطنية.

واختتم د. بن زير كلمته بالقول: “الوقت لم يعد في صالح الوطن والمواطن.. بلادنا أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما تسريع العملية السياسية أو مواجهة انفجار شعبي بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وغياب الشفافية وانتشار الفساد بشكل غير مسبوق.

مقالات مشابهة

  • أبرز أنشطة رئيس الوزراء خلال أسبوع.. رؤية متكاملة لدعم مدارس التكنولوجيا التطبيقية وآليات لالتحاق الخريجين بالجامعات
  • بن زير: ليبيا أمام خيارين إما تسريع العملية السياسية أو مواجهة انفجار شعبي
  • تركي آل الشيخ رئيسًا للاتحاد السعودي للملاكمة للدورة الانتخابية 2024 - 2028
  • اعتقالات وإجراءات أمنية تواكب محاكمة زعيم المعارضة بتنزانيا
  • بالتزكية.. فوز 22 في انتخابات لجنة اللاعبين بـ الأولمبية المصرية
  • بالتزكية.. فوز 22 لاعبًا في انتخابات لجنة اللاعبين بالأولمبية المصرية
  • بالتزكية.. فوز 22 لاعبا في انتخابات لجنة اللاعبين باللجنة الأولمبية المصرية
  • انطلاق أول انتخابات للجنة اللاعبين بالأولمبية المصرية
  • رئيس لجنة السجون ومستشار هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية فهد غثاية لـ” الثورة”:توجيهات السيد القائد كان لها الأثر الكبير في تحسين أوضاع السجون
  • بتكليف من رئيس الجمهورية .. عطاف في فنلندا