عربي21:
2025-04-14@22:54:12 GMT

المجرم البطل: يهوذا وترامب وسواهما

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

انتقل الصراع السياسي الانتخابي الأمريكي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى القضاء ومحاكم الجنايات في أمريكا، وهو أفضل للأمريكان من انتقاله إلى الشارع، فالشعب الأمريكي مسلّح، وقد احتدم الصراع بينهما مؤخرا، وتباينت الفروق كثيرا، ولا يدوم إلا من له الدوام، لكن الصراع السياسي لا يزال بخير ما داموا يحتكمون إلى الصندوق الانتخابي على سوآته.



الحرب الأهلية تحت الرماد، وقد حكم على ترامب بجنحة، وهو مظلوم فيها، وكان قد عمل تسوية وضع مع السيدة التي كانت عاملة جنس (بائعة هوى شمالي وجنوبي، جملة ومفرق)، وتؤدي واجبها الأخلاقي والاقتصادي، فرفعت عليه دعوى، ودفع لها تعويضا مجزيا، لكنها انقلبت عليه، والسبب صفقة أخرى أجزى.

وكانت له عربدات، ونُقل عنه أنه عاشر ألف امرأة، وكان نجما ومذيعا وسيما، وله مشهد شهير يسأله فيه المذيع ما إذا كان شعره طبيعيا، فمدَّ رأسه للمذيع حتى يتأكد بنفسه من صدق شعره وبسالته، ماذا لو قال للمذيع ليس المهم شعري، المهم ما هو تحته؟ ولو قالها لذهبت بها الفضائيات ولغلب شِعره شَعره، وزادت من شعبيته ولُقب بالرئيس الشاعر. يبدو أنه ليس بذكاء كاتب هذه السطور الذي تساقط شعره وخسر وطنه، ولم يقابل مذيعا في حياته.

قدر خصومه أنه بعد الجنحة القضائية التي بعثها له خصومه من تحت الرماد، سينفضّ عنه بعض ناخبيه، لكن الزعماء الأمريكان ليسوا أطهارا أبرارا مثل زعمائنا، ويمكن تذكر بيل كلنتون في موقعة مونيكا لوينسكي. والقانون الأمريكي لا يمنعه من الترشح للرئاسة، وهو يتوعد ويعد؛ الوعد للناخبين البيض، والوعيد للمهاجرين الملونين.

الأمريكان يحبون الألوان على الشاشة، والأبيض والأسود على الواقع، وقد ينتصر الحزب اليميني الجمهوري، وقد ينهزم، وليس من فرق بينهما لدن العرب الذين لا يفرقون بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي كثيرا، وهما في وصف شائع يشبهان فردتي النعل، والقياس هو موقفهما من قضايا العرب؛ حزب يساري يأكل الثروات العربية بالشوكة والسكين، ويميني يأكلها ببراثنه الحادة.

الديمقراطية الأمريكية تحظى بدعاية عملاقة، لكنها ليست الديمقراطية المؤتسى بها، وهي أفضل من دكتاتوريات العرب المعاصرة، فالمواطن الأمريكي يستطيع أن يشتم الرئيس، نذكر أنَّ الممثل الشهير فرانكو دي نيرو شتم ترامب بتلك الشتيمة التي تترجم في الأفلام بلفظ اللعنة، فرد عليه ترامب ردا لطيفا غير متوقع منه وليس فيه لعنة، وهو أنه عذره لسكره. الشتم لا يجدي كثيرا في أمريكا، وهو رياضة لفظية وترويحية في الأفلام الأمريكية.

وقد جمعت حملة ترامب الانتخابية 141 مليون دولار، وهو مبلغ كبير، وكان المبلغ الذي جمعته حملة بايدن 85 مليون دولار، وتباهى أصحاب الحملة به، وقيل إنه أكبر مبلغ جُمع لحملة رئاسية حتى الآن، وهذا يعني أن حكم المحكمة على أبي إيفانكا قد زاد من قبوله وشعبيته لدى جمهوره.

البطل المجرم هو بطل القرن العشرين والحادي والعشرين، البطل المجرم هو بطل السينما الأمريكية المفضل، أو هو أحد أهم أبطالها. غالبا لدى البطل "سوابق" جنائية، وهو جندي له فضائل، مثل خوض حرب فيتنام، فهذه بتلك. في فيلم "العرّاب"، أشهر فيلم أمريكي، ينجو مايكل كورليوني من السجن بعد قتله شرطيا، تشفع له خدمته في فيتنام. الأمثلة كثيرة في أفلام المغامرات، حتى إن الجنحة فيها نمطية. في فيلم get shorty"" (الرضى بالقليل)، بطولة جون ترافولتا يُسأل "تشيلي بالمر" إن كان في سجله السجن، فيعدد التهم في سجله ويقول: لكني لم أدخل السجن، المحاكم الأمريكية تقبل بالتسويات والصفقات، الجرائم والقضاء تجارة أيضا. يمكن تذكر صكوك الغفران.

يستنكر أحمد منصور في مقابلة في برنامج "بلا حدود" ردَّ جنرال أمريكي برتبة ميجور اسمه دوغ كوكه، خاض حرب العراق، وأصيب بالسرطان بسبب استعماله اليورانيوم المنضب، وتزعّم حملة قضائية ضد جورج بوش، فيقول ردا على أحمد منصور بسرور، إنه أخذ تعويضا ماليا مجزيا عن إصابته باليورانيوم المنضب، حتى أن الشرطي البطل في الأفلام الأمريكية يخرج على القانون في كثير من الأفلام ضائقا بطول المحاكمات وسلسلة المرافعات، ويحقق العدالة بيده، ويسميها أسماء فخمة، جزلة، شعرية، مثل: العدالة الشاعرية.

متلازمة ستوكهولم، علّة مرضية نفسية تصاب بها الضحية، فتغرم بالجاني عليها، وتتولع بخاطفها. تميل المخطوفة إلى خاطفها؛ إما لأنه مظلوم، وإما لأن الدولة طاغية شمولية باغية، أو لحب المخطوفة للمغامرة ولصدق المجرم الخاطف واختلاط العنف بالتحدي، يصدق عليها مثل معاصر يقول: "الهرّ يحب خناقه"، المثل فيه تجاوز واعتداء على الهررة، فليس من طباع الهرِّ أن يحبَّ خناقه. الشعوب العربية قد تحبُّ خنّاقها، أما الهرة فلا.

إن كان في الغرب أفراد يصابون بمتلازمه ستوكهولم، فإن المتلازمة لدن العرب وباء وطاعون فاش، فثمة متلازمة القاهرة ومتلازمة القرداحة ومتلازمة الرياض، وغيرها من العواصم القواصم، لوقوع عرب هذه العواصم في هوى الخاطف الملهم، ولي الأمر، القائد، أبو الأمة، منجبها من نكاح العدم.. يمكن تذكر مثال هزيمة حزيران/ يونيو الشهيرة، وخروج الجماهير لتوسل عبد الناصر والتضرع إليه للعدول عن الاستقالة المزعومة.

نتذكر أنَّ أمريكا دولة أسسها خارجون على القانون، وأنهم أبادوا أهلها واستأصلوا شأفتهم، فهي دولة محدثة بلا تاريخ، كذلك هم أشهر زعماء العرب الذين تنتخبهم أمريكا من غير صناديق. الطيور على أشكالها، والزعماء أيضا، وزعماء العرب يأتسون بأمريكا في إبادة شعوبهم أو إذلالهم، فلا يعرف لأشهر الزعماء العرب جدٌ ثان أو ثالث، إنهم يشبهون البطل الغربي الخارج عن القانون اليتيم الفريد، الذي يأتي من الغيب، ويعود إليه عند إنجاز المهمة البطولية.

إن أشهر أبطال الغرب هما بطلان: أرسين لوبين، وروبين هود، وهما مجرمان خارجان عن القانون، ويغيران على بيوت الأغنياء ويسلبانهم أموالهم ويوزعانها على الفقراء، حالهم حال الشعراء الصعاليك في الجاهلية. ترامب ازداد مجدا وعزّا بالحكم عليه بجنحة قضائية.

يمكن أن نخلص إلى أنَّ أحد أسباب حبُّ الدول الأوروبية لإسرائيل، غير الفوائد المادية والمراديد المعنوية التي تدرها عليها، هو متلازمة حبِّ يهوذا، أو حب إسرائيل. إسرائيل مبغوضة في الغرب، لكنها محبوبة عن بعد. أنتجت أفلام تبخس المسيح حقه وجلاله وتنتقص منه، مثل فيلم "الإغواء الأخير للمسيح" وشيفرة دافنشي وغيرهما كثير، لكن ثمة أفلام جديدة تبحث عن بطولة يهوذا مثل فيلم يهوذا، إخراج شارلز روبرت كارنر الذي يقدّمه بطلا.

يعزى حبُّ اليهود المستجد إلى ظهور البروتستانتية، فاليهود هم أقرباء المسيح وقومه، لكن الكاثوليك باتوا يحبونهم أيضا، وأمسى بعضهم يحبُّ يهوذا ويعتبره المخلص، فهو الذي وشى بالمسيح، وكان سببا في قتله، فهو صاحب فضيلة الغفران الأول، وإن لم يكن، فثلاثون من الفضة مبلغ يستحق التضحية بابن الإله المسكين وحلال على الشاطر.

عشنا إلى أن نرى يهوذا بطلا والشيطان ربا معبودا.

x.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الأفلام امريكا أفلام فضائح ترامب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

حقوقي يطالب بالتركيز على نشر ألقاب مثل البطل والشهيد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد أيمن نصرى، رئيس المنتدى العربى الأوروبى للحوار وحقوق الإنسان، علي أن كلمة باشا مشتقة من الكلمة التركية باشا وهو لقب شرفيا كان يمنحه السلطان العثماني إلي السياسين البارزين والشخصيات الهامة وهو يعادل في الثقافة الإنجليزية لقب لورد وهذه الألقاب بدأت مع بداية الإحتلال العثماني لمصر منذ أكثر من ٢٠٠ سنة وقد استمر منح هذه الألقاب في المجتمع المصري كنوع من الوجاهة الاجتماعية واستمرت حتي قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ بموجب القرار ٦٨ بهدف القضاء على الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، مشيراً إلى أن لقب باشا مرفوض شكلا وموضوعا من السواد الأعظم من الشعب المصري لأنه يرتبط بشكل كبير بفترة زمنية سيئة عانا فيها من الظلم والقهر والاستبداد من قبل  طبقة الباشوات الإقطاعية والتي تعاملت مع الشعب المصري، مضيفاً أنه أمر مرفوض تماما ويهدم أحد أهم مبادئ ثورة يوليو ٥٢ والتي قامت لتحقيق المساواة بين الجميع وتعزيز مبدأ المواطنة وإعلاء دولة القانون.

وطالب «نصري»، في تصريح خاص لــ " البوابة نيوز"، بضرورة التركيز على نشر ألقاب مثل البطل والشهيد لفئات في المجتمع ساهمت بشكل كبير في حماية الوطن والمواطنين وعلى رأسهم أبطال شهداء القوات المسلحة ،الشرطة ،خط الدفاع الأبيض من الأطباء ،الممرضين ،الممرضات والذين ساهموا بشكل كبير في إنقاذ حياتهم في جائحة كورونا واستشهد عدد كبير منهم، مشدداً على أن هؤلاء هم باشوات مصر إذا جاز التعبير ولكننا نسميهم بالأبطال والشهداء ، مطالباً تعزيز هذه الثقافة لإبطال خرجوا من شوارع مصر، وأن هم من يمثلونا من النسبج المصري  لم يطلبوا نفوذ ولا سلطة ومكاسب مادية لكنهم ضحوا بأنفسهم لخدمة هذا الوطن.

وأضاف «نصري»، أن هذه الألقاب تتعارض بشكل كبير مع القوانين الدولية التي تحمي حقوق الإنسان وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة في ١٦ ديسمبر ١٩٦٦ والذي يؤكد على احترام الحقوق المدنية الأساسية للمواطنين دون أي تمييز بسبب الوضع الاجتماعي أو الثروة وأن الجميع يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات، مشدداً على أن لا يجوز منح ألقاب لأفراد بعينهم مقابل أموال تعزز من قوتهم ونفوذهم المجتمعي على حساب باقي المواطنين وهو الأمر الذي يعد انتهاك لحقوق الإنسان ويعزز الطبقية ويُحدث شرخ في النسيج الوطني مما يزيد من مشاعر الإحساس بالظلم المجتمعي ويعزز من ثقافة الطبقية.

مقالات مشابهة

  • خلاف جديد بين ماسك وترامب بسبب وكالة الفضاء الأمريكية
  • الموقف اليمني.. قانوني بنص القانون والمعاهدات الدولية
  • شارك في فيلم البطل لـ أحمد زكي.. وفاة المنتج صلاح حسن
  • حقوقي يطالب بالتركيز على نشر ألقاب مثل البطل والشهيد
  • جولة جديدة من المفاوضات بين طهران وواشنطن وترامب يشيد بها
  • ترامب وسياسة التخويف
  • أسير اسرائيلي في غزة: نتنياهو ديكتاتور وترامب ضحية أكاذيبه / شاهد
  • اجتماع أميركي إيراني في عمان وترامب يتوعد مجددا
  • اجتماع أميركي إيراني مرتقب بمسقط وترامب يتوعد مجددا
  • وصول الوفدين الإيراني والأمريكي إلى عمّان وترامب يعلق