خط الدفاع الأول لحماية المال العام
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
خالد بن حمد الرواحي
يُعَدُ المال العام المورد الأساسي لتحقيق الاستقرار وبناء وتنمية أي دولة، لذا، يجب على الدول كافةً أن تولي اهتمامًا كبيرًا لحماية وصيانة ورقابة مواردها، ومن هنا كانت حماية المال العام من الأمور المُهمة التي تشغل الجميع، خاصة في مؤسسات القطاع العام التي تتمتع بأهمية كبيرة.
ويرتبط تعزيز قيم النزاهة والشفافية ونظم المساءلة في القطاع العام ارتباطًا وثيقًا بالبنية المؤسسية السليمة والأجهزة الرقابية القوية والفاعلة التي تتمتع بالاستقلالية والمهنية.
وتُعد دوائر التدقيق الداخلي أجهزة إنذار مُبكر للتعرف على الأخطاء والمخالفات، كونها عنصراً جوهرياً وأساسياً لضمان الأداء المالي الصحيح في دوائر الجهاز الإداري للدولة، خاصةً في ظل حجمه الكبير وتعدد أساليبه وإجراءاته العملية، وكثرة تنظيماته الإدارية وزيادة عدد العاملين فيه وتنوع خدماته.
وبالنظر إلى ذلك، يُستدعى التدقيق الداخلي الحاجة إلى تطوير كفاءة الأداء المالي وتوفير الحماية المناسبة للأموال العامة. كما يتضمن التدقيق مُراجعة الأنظمة الرقابية الحالية، مما يُسهّل تنفيذ الأعمال الإدارية بكفاءة وفعالية عالية، ويُقدم الدعم للإدارة العليا في اتخاذ القرارات على أي مستوى. ومع التركيز المُتزايد على استخدام مؤشرات قياس وتقييم وتحسين الأداء، يظهر أن التدقيق الداخلي يُسهم أيضًا في مراجعة الأنظمة الرقابية الحالية، مما يسهل تحقيق كفاءة وفعالية الأداء المالي لتحقيق أهداف المؤسسة.
والتدقيق الداخلي بشكل مبسط، عبارة عن عملية مستقلة مهنية منظمة وموضوعية، تعمل على الرقابة والتأكد من صحة عمليات الجهة الحكومية، وإضفاء الثقة والمصداقية عليها، من خلال تقرير يصدره الشخص المخول للقيام بتلك المهام، والذي يجب أن يكون على قدر عالٍ من الكفاءة والاستقلالية.
من جهة أخرى، تتمثل أهمية استقلالية مُمارسة المدقق الداخلي لعمله في الحفاظ على قدرته على القيام بمهامه بحرية تامة، بعيدًا عن الضغوط التي تُهدد كفاءته وقدرته على القيام بالمهام الموكلة إليه. وتُحقق هذه الاستقلالية من خلال ارتباط التدقيق الداخلي بمستوى إداري في قمة الهيكل التنظيمي للمؤسسة. ومع ذلك، تتأثر استقلالية وحدات التدقيق الداخلي في الجهات الحكومية، حيث لا تتمتع بمقومات الاستقلالية المناسبة بشكل كامل نظرًا لأنها جزء من الهيكل التنظيمي للجهة الحكومية، وبالتالي فإن استقلاليتها عامة.
علاوة على ذلك، لا توجد إدارة أو هيئة مستقلة تنضوي تحتها وحدات التدقيق الداخلي، مما يعني أن الإدارة العليا في الوزارة أو في الإدارات الأخرى قد تفرض عقوبات على موظفي التدقيق الداخلي أو تحرمهم من بعض حقوقهم، مما يؤدي إلى إضعاف استقلاليتهم. بالإضافة إلى ذلك، التشريعات لا تمنح أية حصانة للعاملين في هذه الوحدات.
ويكتسب التدقيق الداخلي أهمية خاصة في القطاع العام، حيث يُعتبر خط الدفاع الأول لحماية المال العام وضمان استخدامه بطريقة أمثل، وتقديم أفضل الخدمات لأفراد المجتمع المحلي. كما يُعتبر التدقيق الداخلي أداة فعالة في تطوير السياسات وزيادة الكفاءة الإنتاجية، مما يسهم في تعزيز مختلف قطاعات المجتمع بالفائدة.
ووفقًا للائحة التنفيذية للقانون المالي، تختص وحدات التدقيق الداخلي دون غيرها بمراجعة سندات الصرف، والتحقق من أن الإنفاق تم وفقًا للتشريعات والإجراءات المالية، بالإضافة إلى مراجعة القيود المحاسبية. تعطي هذه المهام أهمية كبيرة للتدقيق الداخلي ووحداته، حيث تتفرد بالرقابة القبلية الشاملة وتمثل نوعًا من الرقابة الذاتية. ينعكس أثر هذه الرقابة على أداء جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، الذي يتولى الرقابة الخارجية اللاحقة للصرف بالعينة. هذا في حين أن إدارات التدقيق الداخلي في الجهات الحكومية ما زالت اختصاصاتها تقتصر على التدقيق المالي فقط ولا تشمل التدقيق الإداري.
وفي ذات السياق، يؤدي غياب التدقيق الداخلي في بعض الأحيان إلى انتشار الرشوة والفساد، وظهور المحسوبية، وتأخير العمل، وعدم التوازن في أنظمة العمل اليومي، مما يُكلف ميزانية الدولة ملايين الريالات. بالإضافة إلى ذلك، يُؤدي الغياب إلى تآكل حقوق بعض الموظفين على حساب مصالح موظفين آخرين، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان المؤسسات لجزء كبير من مواردها البشرية، وتسجيل خسائر سنوية على حساب مصالح بعض المستفيدين والمتعاملين داخل وخارج تلك المؤسسات.
لذلك، أنشأت الجهات الحكومية الخاضعة لأحكام القانون المالي إدارة للتدقيق الداخلي ضمن سلطتها التنفيذية وفقًا للمادة (9) من القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (47/98). تم تحديد اختصاصات وحدات التدقيق الداخلي بموجب القرار الوزاري رقم (80/99) الصادر عن وزارة المالية، وتم إلغاء القرار السابق المشار إليه بصدور اللائحة التنفيذية للقانون المالي بالقرار الوزاري رقم 118/2008. واجبات هذه الإدارات تتمثل في التحقق من تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات والإجراءات المالية المعمول بها.
وعليه.. فإنِّه من الأهمية بمكان تعزيز استقلالية دوائر التدقيق الداخلي في الجهات الحكومية وتوفير الضمانات الكافية لها، من خلال تبعيتها لوزارة المالية. يجب تعزيز استقلالية المدقق الداخلي من خلال إنشاء نظام خاص بهم، وتنظيم دورات تدريبية داخلية وخارجية متخصصة في مجال التدقيق الداخلي. كما ينبغي تشجيع المدققين للحصول على شهادات مهنية في مجال التدقيق، وتعريفهم بالتشريعات الرقابية العامة، والتشريعات المتعلقة بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة بشكل خاص.
علاوة على ذلك، من الضروري توجيه الاهتمام إلى تأهيل وتدريب وتطوير الكوادر الرقابية العاملة في وحدات التدقيق الداخلي، وتوفير المخصصات والمتطلبات اللازمة لهم، خاصة مخصصات التدريب.
وأخيرًا.. ينبغي السعي لانتقاء الموظفين الذين يعملون في دوائر التدقيق الداخلي من بين أصحاب الكفاءات والمهارات والمؤهلات المناسبة، ومن الضروري تعزيز تطوير الأداء في إدارات التدقيق الداخلي ليشمل كل من التدقيق الإداري والمالي، مع تعزيز رقابة الأداء بأساليب مشابهة للرقابة الخارجية، مع أهمية تعزيز قدرة المدققين الداخلين على اكتشاف الاستثناءات والأنماط غير المألوفة عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، وهذا بدوره سيُعزز من تحقيق مستوى عالٍ لحماية المال العام في عصر التكنولوجيا بالتالي سيُعَظِّمُ الثقة في المؤسسات العامة ويُسهم في تحقيق التنمية المُستدامة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزارة المالية تمدد مهلة تقديم البيان الضريبي للمكلّفين عن عام 2024 إلى الأول من حزيران القادم
دمشق-سانا
أعلنت وزارة المالية تمديد مهلة تقديم البيان الضريبي عن تكاليف عام 2024، للمكلفين المشمولين بأحكام البند (1) من الفقرة (أ) من المادة (13) من قانون الضريبة على الدخل رقم (24) لعام 2003 وتعديلاته، حتى الأول من شهر حزيران القادم.
ووفقاً لقرار نشرته وزارة المالية عبر قناتها على تلغرام، فإن التمديد تم لـ (60) يوماً إضافياً من تاريخ انتهاء مهلة تقديم البيانات عن 2024 الذي يصادف في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري.
وأشارت الوزارة إلى أنه لكون مدة التمديد لـ (60) يوماً المحددة في أحكام قانون الضريبة على الدخل تنتهي في الثلاثين من شهر أيار المقبل، ونظرا لأن هذا التاريخ يصادف يوم جمعة (عطلة رسمية)، تم تمديد المهلة ليوم الأحد الموافق في الأول من حزيران المقبل.
المالية 2025-03-15Remسابق من ساحة الأمويين بدمشق.. الأهالي يعبرون عن فرحتهم بانتصار الثورة بعد 14 عاماً من الثبات والإصرار انظر ايضاً وزارة المالية تشكل لجنة لدراسة النظام الضريبي السوري ومراجعة التشريعات الضريبية النافذة دمشق-سانا أعلنت وزارة المالية تشكيل لجنة برئاسة وزير المالية لدراسة النظام الضريبي السوري
آخر الأخبار 2025-03-15مراسل سانا باللاذقية: انفجار عنيف يهز حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية ولا تزال الأسباب مجهولة حتى الآن. 2025-03-15احتفالاً بالذكرى الـ 14 للثورة السورية المباركة… مسير مركبات في شوارع حمص 2025-03-15وزارة الخارجية ترحب بمبادرة دولة قطر لتزويد الكهرباء في جميع أنحاء البلاد 2025-03-15إعادة تشغيل مطار حلب الدولي أمام حركة الطيران اعتباراً من 18 آذار الجاري 2025-03-15محافظة دمشق: تدعوكم جماهير الثورة للمشاركة في استكمال فعاليات احتفال ذكرى الثورة السورية المباركة، التي ستُقام اليوم السبت عند الساعة الثامنة والنصف مساءً في ساحة الأمويين، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة نهاراً 2025-03-15منحة مالية للعاملين في الدولة والمتقاعدين بما يعادل راتب شهر واحد بمناسبة عيد الفطر المبارك 2025-03-15إعلان قائمة منتخب سوريا الأول بكرة القدم لمواجهة منتخب باكستان بتصفيات كأس آسيا 2025-03-15الرئيس العراقي يبحث مع الشيباني العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها 2025-03-15حملة إزالة الركام ومخلفات الدمار من المدارس في داريا 2025-03-14اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق والتقصي في أحداث الساحل تجتمع مع محافظ اللاذقية
صور من سورية منوعات العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة 2025-03-11 تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |