أقمار إيلون ماسك.. هل تدمر طبقة الأوزون؟
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
يوصف "تقليص ثقب الأوزون" بأنه أحد أبرز قصص النجاح التي تعكس القدرة على تحقيق إنجاز بيئي عالمي إذا توفرت الرغبة العالمية لتحقيق ذلك. ولكن يبدو أن هناك خطرا يهدد هذا النجاح الذي جاء نتيجة الالتزام العالمي بتطبيق بروتوكول مونتريال لعام 1987 الخاص بتنظيم مركبات "الكربون الكلورية الفلورية" الضارة بطبقة الأوزون، ويأتي الخطر هذه المره من أكاسيد الألومنيوم كأحد مخلفات الأقمار الصناعية القديمة.
وعندما تسقط تلك الأقمار في الغلاف الجوي للأرض وتحترق فإنها تترك وراءها جزيئات صغيرة من أكسيد الألومنيوم التي تأكل طبقة الأوزون الواقية للأرض. ووجدت دراسة جديدة نشرت بدورية "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز"، أن هذه الأكاسيد زادت بمقدار 8 أضعاف بين عامي 2016 و2022، وسوف تستمر في التراكم مع ارتفاع عدد الأقمار الصناعية ذات المدار الأرضي المنخفض.
ومن بين 8100 قمر صناعي في مدار أرضي منخفض، هناك 6 آلاف منها هي أقمار "ستارلينك" الصناعية التي أُطلقت في السنوات القليلة الماضية، حيث يؤدي الطلب العالمي على تغطية الإنترنت إلى زيادة سريعة في إطلاق أسراب من تلك الأقمار الصغيرة.
وتعد شركة "سبيس إكس" لصاحبها إيلون ماسك، هي المتسابق الأول في هذا المشروع، حيث حصلت على إذن لإطلاق 12 ألف قمر صناعي آخر من نوع ستارلينك، كما أن أمازون وشركات أخرى تخطط لإنشاء مجموعات تتراوح بين 3 آلاف و13 ألف قمر صناعي بحسب الدراسة التي أعدها باحثون من قسم هندسة الملاحة الفضائية بجامعة جنوب كاليفورنيا.
يبلغ عمر أقمار الإنترنت الفضائية التي توجد في مدار أرضي منخفض نحو خمس سنوات، ويجب على الشركات بعد ذلك إطلاق أقمار بديلة للحفاظ على خدمة الإنترنت، والاستمرار في دورة من التقادم المخطط له. غير أنها لا تضع في حسبانها بدرجة كبيرة ما تسببه الأقمار القديمة من تلوث، كما يقول الباحثون في بيان صحفي أصدرته جامعة جنوب كاليفورنيا.
ويأتي التلوث -كما أوضح الباحثون في الدراسة- من أن احتراق تلك الأقمار يخلّف أكاسيد الألومنيوم التي تثير تفاعلات كيميائية تدمّر الأوزون في طبقة "الستراتوسفير"، والتي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
وتكشف الدراسة أن أكاسيد الألومنيوم لا تتفاعل كيميائيا مع جزيئات الأوزون، بل تؤدي عوضا عن ذلك إلى تفاعلات مدمرة بين الأوزون والكلور، مما يؤدي إلى استنفاد طبقة الأوزون. ونظرا إلى أن أكاسيد الألومنيوم لا تُستهلك في هذه التفاعلات الكيميائية، فيمكنها الاستمرار في تدمير جزيء تلو الآخر من الأوزون لعقود من الزمن أثناء انجرافها عبر طبقة الستراتوسفير.
ولم يتم إيلاء سوى القليل من الاهتمام للملوثات التي تتشكل عندما تسقط الأقمار الصناعية في الغلاف الجوي العلوي وتحترق.
وركزت الدراسات السابقة على تلوث الأقمار الصناعية إلى حد كبير على عواقب وقود الصواريخ المستخدمة في إطلاقها، وتعد الدراسة الجديدة هي أول تقدير واقعي لمدى التلوث طويل الأمد في الغلاف الجوي العلوي الذي تُحدثه تلك الأقمار.
واستخدمت النيازك في دراسات سابقة لتقدير التلوث لأنها تدخل الغلاف الجوي للأرض وتحترق، على غرار ما يحدث في الأقمار الصناعية.
وعبر تحليل الجسيمات والتفاعلات الكيميائية الناتجة عن النيازك، كان العلماء يحصلون على فكرة عما يحدث عندما تتفكك الأجسام القادمة من الفضاء.
ومع ذلك، وبالنظر إلى أن النيازك تحتوي على كمية أقل بكثير من الألومنيوم مقارنة بالأقمار الصناعية، فإن هذه التقديرات لم تكن دقيقة جدا لفهم التلوث الناجم عن حرقها.
وللحصول على صورة أكثر دقة للتلوث الناتج عن عودة الأقمار الصناعية، وضع الباحثون نموذجا للتركيب الكيميائي والروابط داخل مواد الأقمار الصناعية أثناء تفاعلها على المستويين الجزيئي والذري، وأعطت النتائج للباحثين فهما لكيفية تغير المادة مع مدخلات الطاقة المختلفة.
ووجد الباحثون أنه في عام 2022، أدى إعادة دخول الأقمار الصناعية إلى زيادة نسبة الألومنيوم في الغلاف الجوي بنسبة 29.5% عن المستويات الطبيعية.
وأظهرت النمذجة أن قمرا صناعيا نموذجيا يبلغ وزنه 250 كيلوغراما (550 رطلا) و30% من كتلته من الألومنيوم، سيولد نحو 30 كيلوغراما (66 رطلا) من جسيمات أكسيد الألومنيوم النانوية (بحجم 1-100 نانومتر) أثناء هبوطه عند إعادة الدخول.
وتنشأ معظم هذه الجسيمات في طبقة الميزوسفير، على ارتفاع 50-85 كيلومترا (30-50 ميلا) فوق سطح الأرض.
وبعد ذلك -حسب الفريق- وبناء على حجم الجسيمات، سيستغرق الأمر ما يصل إلى 30 عاما حتى تنجرف أكاسيد الألومنيوم إلى ارتفاعات الستراتوسفير، حيث يوجد 90% من الأوزون الأرضي.
ويقدر الباحثون أنه بحلول الوقت الذي تكتمل فيه مجموعات الأقمار الصناعية المخطط لها حاليا، سيسقط 912 طنا متريا من الألومنيوم (الطن المتري يساوي 1000 كيلوغرام) على الأرض كل عام، وسيؤدي ذلك إلى إطلاق نحو 360 طنا متريا من أكاسيد الألومنيوم سنويا في الغلاف الجوي، بزيادة قدرها 646% عن المستويات الطبيعية.
(انظر الفيديو: محاكاة عملية الاحتراق أثناء دخول قمر صناعي إلى الغلاف الجوي للأرض)
عمر أطول.. مواد جديدةلا بديل لحل تلك المشكلة -التي ذكرتها الدراسة- عن استخدام مواد جديدة في إنتاج الأقمار الصناعية، والعمل على زيادة العمر الافتراضي ليتعدى خمس سنوات، كما يؤكد باحث ما بعد الدكتوراه المتخصص بهندسة الجيوماتكس بجامعة ووهان بالصين محمد فريشح.
يقول فريشح في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت": إن "الأقمار التي كانت تستخدم بشكل كبير في أغراض الاتصالات هي أقمار المدار الثابت بالنسبة للأرض (GEO)، ولكنها استُبدل بها أقمار المدار الأرضي المنخفض (LEO)، وذلك لأن الأخيرة ذات كلفة أقل".
ويوضح أنه "لو كان التوظيف الوحيد لأقمار المدار الأرضي المنخفض في مجال الاتصالات، لكان الحل الذي نطرحه هو تحقيق قدر من التوزان بين استخدام النوعين، لأن أقمار المدار الثابت بالنسبة للأرض، وإن كانت كلفتها أعلى، فإنها من ناحية أخرى لا تتطلب إطلاق عدد كبير من الأقمار الصناعية لتغطية الأرض، وبالتالي سيقل عدد الأقمار الصناعية، فضلا عن أن تأثيراتها على طبقة الأوزن ستكون محدودة لبُعدها عن الأرض".
ويضيف: "لكن المشكلة أن هناك توسعا في أقمار المدار الأرضي المنخفض لأغراض أخرى غير الاتصالات، مثل أغراض تحديد المواقع، لأنها تكون مفيدة في هذا الإطار بسبب قوة الإشارة الصادرة منها، لذلك فإنه لا بد من العمل على توظيف تقنية النانو لإنتاج تلك الأقمار الصناعية بمواد تعطيها المقاومة في ظروف الفضاء، وفي الوقت نفسه تكون صديقة للبيئة، كما يجب أيضا العمل على زيادة عمر تلك الأقمار لتتعدى الخمس سنوات، لأن ذلك من شأنه أن يقلل من حجم تراكم المواد الملوثة".
وعن إمكانية فرض حلول لتلك المشكلة على الشركات المنتِجة للأقمار الصناعية، يضيف فريشح: "إذا حدث توافق عالمي على الحلول، مثما حدث مع بروتوكول مونتريال لعام 1987 الخاص بتنظيم مركبات الكربون الكلورية الفلورية الضارة بطبقة الأوزون، فإن الشركات ليس عليها إلا الالتزام، لأنه وإن كانت تقوم بتصنيع تلك الأقمار، فإن منصات إطلاق الأقمار تابعة للحكومات، وبإمكان الحكومات ألا تطلق أي قمر مخالف للمواصفات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأقمار الصناعیة فی الغلاف الجوی طبقة الأوزون أقمار المدار تلک الأقمار قمر صناعی
إقرأ أيضاً:
33 مليار ريال حجم اقتصاد الفضاء في المملكة
المناطق_متابعات
أعلنت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية بلوغ حجم اقتصاد الفضاء في المملكة 33 مليار ريال خلال العام المنصرم، شاملا جميع الأنشطة والصناعات المولدة للقيمة من تقنيات وخدمات الفضاء، كما بلغ حجم سوق الفضاء 7.1 مليار ريال، وذلك حسب تقرير “سوق الفضاء في المملكة 2025″، الذي يهدف إلى الكشف عن تطورات ونمو أسواق الفضاء المحلية والعالمية، وتنمية السوق ورفع التنافسية فيه، ودعم المستثمرين ورواد الأعمال في القطاع، وتسليط الضوء على الفرص الواعدة في قطاع الفضاء.
وأكد محافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، د. محمد التميمي، أن الدعم الكبير من القيادة الرشيدة يحفز تسريع وتيرة الاستثمار وتطوير البنية التحتية، وتمكين الكفاءات الوطنية، وهو ما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 والوصول إلى اقتصاد فضائي تنافسي ومستدام على المستوى الإقليمي والدولي.
أخبار قد تهمك محافظة طريف تسجل أدنى درجة حرارة بالمملكة 12 أبريل 2025 - 7:19 مساءً صندوق النقد الدولي يؤكد تفوّق المملكة في عدد مراكز البيانات ويشيد بجهودها في إصدار نظام حماية البيانات الشخصية 12 أبريل 2025 - 5:33 مساءًوأشار إلى أن التقرير يأتي امتدادا لجهود الهيئة في تمكين قطاع الفضاء كمحرك اقتصادي جديد يعزز مكانة المملكة على الخارطة العالمية للتقنية والابتكار، مضيفا أن التقرير يوفر مرجعية مهمة لصناع القرار والمستثمرين ورواد الأعمال لفهم التوجهات المستقبلية وفرص النمو الواعدة في القطاع.
ويستعرض التقرير النمو المتسارع لاقتصاد الفضاء بالمملكة، الذي يتوقع أن يصل إلى 119 مليار ريال في 2035، وذلك بنمو سنوي مركب يقدر بـ 12%، مدعوما بالاستثمارات في البنية التحتية في قطاع الفضاء، في الوقت الذي يتوقع أن يصل اقتصاد الفضاء العالمي إلى 6.7 تريليون ريال في 2035، وبنمو سنوي مركب يقدر بـ9%.
ويبرز التقرير نمو حجم سوق الفضاء بالمملكة، والذي يتوقع أن تصل قيمته في عام 2035 إلى 21 مليار ريال، مدعوما بالتطور في تقنيات الفضاء، كما تناول التقرير حجم سوق الفضاء العالمي والذي بلغ 661 مليار ريال سعودي خلال عام 2024، ويتوقع أن يصل إلى 1.4 تريليون ريال سعودي في 2035.
وكشف التقرير عن أبرز التطورات في أسواق قطاع الفضاء المحلية والعالمية والتي شملت العديد من الخدمات الفضائية كتحليل بيانات رصد الأرض، وخدمات البنية التحتية الأرضية، وأنظمة الاتصالات المتكاملة، وكذلك أنظمة الاستشعار المتقدمة، وتطوير الأقمار الصناعية الصغيرة، كما سلط الضوء على أبرز التحولات التي شهدها قطاع الفضاء عالميا، كدخول لاعبين من القطاع الخاص وتزايد الطلب على الخدمات القائمة على الأقمار الصناعية والاهتمام المتجدد باستكشاف الفضاء.
ويتطرق التقرير إلى المشهد الاستثماري لقطاع الفضاء في المملكة، وما يشهده من تطورات، إضافة إلى تسليط الضوء على أبرز مجالات السوق الواعدة، كاتصالات الأقمار الصناعية وملاحتها وتصنيع وإطلاق الصواريخ، ومراقبة الأرض عبر الأقمار الصناعية.