إدلب– لم تستطع الحاجة الستينية فاطمة الحسين، التأقلم على الحياة في الخيمة القماشية رغم السكن بها منذ 5 سنوات ببردها القارس وحرها الشديد، وما زاد عليها الطين بلة تجفيف الدعم عن مخيمات النزوح في شمال غرب سوريا من قبل الأمم المتحدة.

وفي لقائها مع الجزيرة نت، بدأت حديثها قائلة "العيشة بها موت أحمر.. ساعات الليل الحر شديد، وفي النهار الحر أشد، وإذا أردنا تبريد أنفسنا، فالماء المتوفر ساخن جدا".

وتسكن الحسين هذه الخيمة مع عائلتها المكونة من 9 أشخاص، بعد أن فقدت ولدها الأكبر بقصف لقوات النظام قبل النزوح من ريف معرة النعمان بريف إدلب الشرقي، ولم تستطع حتى الآن أن تتخلص من الخيمة التي لا تقيهم البرد القارس ولا الحر الشديد.

فاطمة الحسين تقول إن أكثر ما تعاني منه حاليا هو تأمين الماء (الجزيرة) أسعار تؤرق النازحين

وتتأمل الحسين في العودة إلى ديارها التي هُجرت منها، وأن تتخلص من عيشة المخيم. وتضيف أن أكثر ما تعاني منه اليوم هو تأمين الماء بعد توقف الدعم عن مخيمهم، وهي بحاجة لشراء ألف لتر من الماء في كل 24 ساعة، في حين يصل سعرها إلى 70 ليرة تركية، أي ما يقارب 2 دولار أميركي.

يقول ساجر العبو، مدير مخيم "أبو حبة" إنه يتكون من 250 عائلة أي ما يقارب 1500 نسمة، بينهم 30 شخصا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وجميع هذه العوائل هُجّرت من ريف إدلب الشرقي وحلب وحماة، وفقدت كل ما تملك وباتت أحوالها المادية ضيقة جدا، وزاد من ذلك قطع الدعم عن مخيمهم منذ بداية عام 2024.

وأضاف أن أكثر ما يعاني منه السكان في المخيمات في ظل موجة الحر الشديد هو تأمين الماء الذي تزيد الحاجة إليه، وخاصة للاغتسال وتبريد الأطفال وكبار السن الذين يُصابون بضربات الشمس أو الحمى والإسهال.

وناشد العبو المنظمات الدولية والإقليمية الإنسانية والجمعيات الخيرية لتوجيه الدعم لمخيمات النزوح في الشمال السوري التي يقطنها نحو مليوني نسمة بعد توقف وتجفيف دعم توفير المياه والخبز والسلات الإغاثية عن مخيمه بشكل كامل منذ بداية 2024.

الحاجة غزالة تصف موجة الحر التي تعصف بمخيمات النازحين بـ"المؤلمة" (الجزيرة) خيام من النايلون

الحاجة غزالة نزحت من منزلها قسرا منذ 6 سنوات لتعيش في خيمة أصبحت مهترئة وتزيد من الحر عليها وعلى عائلتها.

وتصف موجة الحر هذه بالأليمة ولم يمر مثلها من قبل، حيث تزيد أقمشة الخيم المصنوعة من النايلون أو البطانيات من حرارة الجو أيضا. وتضيف "أكثر ما نستطيع فعله رش المياه على ثيابنا وعلى أجساد الأطفال للتقليل من لهيب الشمس، ورغم ذلك أطفالنا أصابتهم ضربات الشمس والحمى".

أما طلال المحيميد، المهجّر من ريف حماة، فيعتقد أيضا أن موجة الحر الحالية غير مسبوقة، و"إذا كان قياس درجة الحرارة 40، فهذا ينطبق على الأبنية السكنية وليس على الخيام المصنوعة من النايلون لأن الحرارة تصبح بداخلها 60 درجة مئوية".

ويزيد من هذه الحرارة داخل الخيم، يقول المحيميد، عدم وجود مراوح تلطف الجو قليلا بالإضافة إلى سعر الماء المرتفع، في ظل عدم وجود فرص عمل وتجفيف الدعم، "لذلك لا نستطيع شراء المزيد من المياه لرش الخيمة وتبريدها قليلا".

وأضاف أن هذه الحرارة تزيد من معاناة الأطفال وكبار السن ولا سيما الذين يعانون من الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري، وكذلك الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.

طفلتان تلهوان بالماء في إحدى خيام النازحين بشمال سوريا (الجزيرة) الهروب هو الحل

ويعتبر السوري محمد الجاسم، نفسه أوفر حظا قليلا، لأن خيمته يجاورها بعض أشجار الزيتون التي يهرب إلى ظلها مع أفراد أسرته علّه يخفف قليلا من تأثير موجة الحر. ويحاول الجاسم أن يلطف الجو قليلا على أطفاله بصب الماء على رؤوسهم.

وأشار إلى أن صعوبة موجة الحر هذه يزيد منها عدم وجود وسائل تخفف من درجات الحرارة مثل ألواح الطاقة لتشغيل المراوح، موضحا أيضا أن الماء يصل سعر الألف لتر منه إلى 3 دولارات، بسبب بُعد منطقة المخيم عن المناطق السكنية بالإضافة لوقوعه بمنطقة صخرية وعرة تزيد تكلفة نقله.

يحاول سكان المخيمات تخفيف الحرارة عن أطفالهم باستخدام الماء (الجزيرة) أمنية

بدورها، تحدثت المعمرة عواش المحيميد، البالغة من العمر 100 عام، وهي والدة محمد الجاسم، عن صعوبة موجة الحر التي لم تستطع التأقلم معها، وتريد العودة إلى منزلها الذي بنته بيدها وعاشت به، ولكن قوات النظام هجرتها منه قسرا.

وتقول للجزيرة نت إن كل ما تتمناه هو الهروب من هذه الخيمة، التي تصفها بكُتلة من الجمر مشتعلة في قلبها، والعودة إلى منزلها لتموت بين جدرانه.

وتتكرر معاناة السورين في خيام النزوح في كل عام مرتين، الأولى في فصل الشتاء حيث يعصف بهم البرد داخل الخيام بظل العجز عن تأمين التدفئة اللازمة لهم ولأطفالهم، والثانية في فصل الصيف حيث الحر الشديد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات موجة الحر أکثر ما

إقرأ أيضاً:

خبير طاقة متجددة: استهلاك الكهرباء قد يسجل 40 جيجا واط هذا الصيف

أكد الدكتور المهندس محمد سليم، خبير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن الدولة المصرية تخوض معركة استباقية لضمان استقرار التيار الكهربائي خلال صيف 2025، في ظل التحديات المتوقعة على مستوى الأحمال وارتفاع معدلات الاستهلاك.

جهود حكومية غير مسبوقة

وقال «سليم»، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «صباح البلد» مع الإعلامي أحمد دياب والإعلامية نهاد سمير، إن وعود الحكومة بعدم انقطاع الكهرباء تعكس جدية حقيقية في تنفيذ استراتيجيات متكاملة بين وزارات الكهرباء والبترول والمالية، موضحاً أن هذه الجهود تسير وفق خطط وطنية منظمة تهدف لتفادي أي أزمات في منظومة الطاقة.

دور المواطن لا يقل أهمية

وشدد خبير الطاقة على أهمية وعي المواطن ومشاركته في تحقيق الاستقرار، عبر ترشيد الاستهلاك ودعم جهود الدولة، قائلاً: "يجب أن نكون جميعًا نقرأ من نفس الصفحة، فنجاح الدولة في عبور الصيف يتطلب شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع".

تحذير مبكر من ارتفاع قياسي في الأحمال

وتطرق الدكتور محمد سليم إلى مقاله المنشور في يناير الماضي بعنوان "العبور الآمن من صيف 2025"، والذي حذر فيه من ارتفاع غير مسبوق في الأحمال الكهربائية، متوقعًا أن تصل إلى 40 جيجا واط خلال الصيف الحالي، وهو أعلى رقم في تاريخ مصر.

وأوضح أن الحمل الأقصى خلال صيف العام الماضي بلغ 37.2 جيجا واط، مقارنة بـ 34 جيجا واط في الأعوام السابقة، وهو ما يشير إلى تسارع في النمو السكاني والاستثماري يتطلب استعدادات استثنائية.

خطة من أربعة مسارات لمواجهة التحدي

واختتم سليم تصريحاته بالإشارة إلى أن خطة "العبور الآمن" التي أعدها ترتكز على أربعة مسارات رئيسية لمواجهة الأزمة، وهي:

تعزيز كفاءة محطات الإنتاج والنقل.

رفع جاهزية وحدات الطوارئ والاحتياط.

إدارة مرنة للأحمال الكهربائية خلال الذروة.

توسيع برامج التوعية والترشيد بين المواطنين.

وأكد أن النجاح في تطبيق هذه المحاور بشكل علمي ومتزامن مع دعم مجتمعي واعٍ، كفيل بتجاوز صيف 2025 دون أي انقطاعات أو اختناقات في الشبكة.

طباعة شارك استهلاك الكهرباء الصيف طاقة متجددة

مقالات مشابهة

  • السعودية تجدد رفضها القاطع للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف سيادة سوريا وأمنها
  • هل تفي الحكومة المصرية بوعدها توفير كهرباء بلا انقطاع في الصيف؟
  • الجوع يفتك بمليوني شخص في غزة.. وإسرائيل تعلن السيطرة على الحرائق
  • العقيل: أرصاديا تبقى 30 يوما على دخول فصل الصيف ..فيديو
  • الجوع يفتك بسكان غزة.. من يستطيع توفير رغيف خبز أو شربة ماء؟
  • موجة حارة مبكرة وعواصف ترابية .. ماذا يحدث فى الشرق الأوسط؟
  • والي شمال دارفور وقائد الفرقة السادسة يهنئان البرهان بالإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة على المليشيا بالفاشر
  • هل تم تقديم موعد عطلة الصيف في تركيا؟
  • خبير طاقة متجددة: استهلاك الكهرباء قد يسجل 40 جيجا واط هذا الصيف
  • أخبار القليوبية: مصرع وإصابة 14 شخصًا في انقلاب سيارة.. وبروتوكول تعاون لإنشاء محطة تموين وقود غاز طبيعي بشبرا الخيمة