مستهدفاً وزراء من أصول مغربية.. اليمين المتطرف الفرنسي ينوي حرمان حاملي الجنسية المزدوجة من تقلد “مناصب حساسة”
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
زنقة 20 | الرباط
ينوي حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف في فرنسا حرمان مزدوجي الجنسية من شغل “مناصب حساسة للغاية” سيتم تحديد قائمتها “بموجب مرسوم”، حسبما أعلن أحد نوابه الإثنين.
و يتقلد مجموعة من السياسيين من أصول مغربية ، مناصب حساسة في فرنسا بينهم وزراء في الحكومة مثل رشيدة داتي وزيرة الثقافة الفرنسية.
وقال النائب سيباستيان شينو لقناة “TF1” إن الحظر سيشمل “وظائف حساسة للغاية، مثل شغل الأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة روسية لمناصب إدارية استراتيجية في الدفاع”، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول طبيعة الوظائف المعنية.
وسيستند إجراء الحظر هذا على “قانون تنظيمي ومرسوم لمنع التدخلات” لأن الأمر يتعلق بـ”حماية الذات” في “القطاعات الحساسة”، بحسب شينو، الذي أضاف: “ما نأخذه في الاعتبار هو الجنسية: إما أن تكون فرنسيا أو لست فرنسيا. عندما تكون فرنسيا، فإنك تتمتع بالحقوق نفسها مثل أي فرنسي، حتى إن أصبحت فرنسيا عبر التجنيس”.
وأشار نفس المتحدث إلى أنه في حال فوز حزب اليمين المتطرف بالانتخابات التشريعية المبكرة في مطلع يوليوز، “فمن المحتمل أن يصبح الحصول على الجنسية الفرنسية أقل سهولة”.
وأكد أن حاملي الجنسية المزدوجة سيتمتعون بالحقوق نفسها، على عكس ما اقترحه التجمع الوطني في 2022. موضحا: “عندما تكون فرنسيا من هذا الأصل أو ذاك، فأنت فرنسي وبالطبع لديك الحقوق نفسها مثل أي فرنسي”.
وحاليا، يحظر على الرعايا الأجانب شغل بعض الوظائف في القطاع العام، باستثناء أطباء المستشفيات والأساتذة الباحثين.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
التطرف: أفكار أم طريقة تفكير؟
أ. د. حيدر بن أحمد اللواتي **
في العادة عند الحديث عن الفكر المتطرف فإنَّ الحديث يركز على الأفكار التي يحملها المتطرف ويتم تحليل تلك الأفكار ومُناقشتها، إلّا أن بعض المفكرين والعلماء يرى أنَّ المشكلة ربما تكمن أساسا في طريقة التفكير لا في الأفكار التي يحملها المتطرف، وهذا يعني أنَّ التطرف لا ربط له بالعقائد والأديان والأفكار التي تؤمن بها الجماعات المتطرفة، فيمكن أيضاً للملحد أن يكون متطرفًا!
التطرف- حسب نظر هؤلاء- في الغالب يقوم على تفكير منظم للغاية، وكثيرًا ما يبدأ ببعض البديهيات والحقائق الواضحة، ثم يبدأ بوضع استنتاجات قد تبدو منطقية، ليبني منظومة متكاملة، تحتوي على إجابات واضحة، لكل الأسئلة التي تدور في مخيلة الإنسان، وإلى هنا فإن الأمور قد تبدو طبيعية؛ فالكثير قد يفكر بهذه الطريقة ويعتقد بهذا النوع من العقائد؛ لأنَّ طبيعة الإنسان تسعى إلى الوضوح وتجنح له، لكن العقل المتطرف، إضافة إلى ما تقدم يمتلك خاصيتين إضافيتين أحدهما الجمود فيما يُؤمن به من أفكار ومعتقدات والآخر جمود في الهوية، فهو يؤمن بأنَّ هناك حل وحيد للتحديات التي تواجه البشرية. وهذا الحل يكمن فيما يحمله من أفكار ومعتقدات، ولا بُد لهذا العالم أن يسير على أساس هذه الأفكار والمعتقدات ولا بُد للتصرفات والسلوك البشري أن يتماشى معها، ولا يكتفي بذلك؛ بل يجزم بصحة ذلك، بصورة لا يشوبها أدنى شك. وهذا الإيمان بيقينية الأفكار التي يؤمن بصحتها يعني أنَّه لا مجال للتراجع عنها قيد أُنملة، حتى لو توفرت الأدلة التي تقف على الطرف النقيض؛ لأنَّ هناك وسائل تبريرية يمكن للعقل أن يقوم باستغلالها لنقض تلك الأدلة بصورة تبدو منطقية، لذا فإن تجديد تلك العقائد والأفكار أمر لا يُمكنه القيام به.
ويمكن للإنسان أن يختبر نفسه في مدى تطرفه من خلال متابعة ردة فعله عند إثارة الأفكار والأدلة المضادة لما يؤمن به، فمن أكثر الأمور التي تضايق المتطرف وتقض مضجعه، وينزعج منها انزعاجًا بالغًا هو إثارة الأفكار المضادة لما يؤمن به؛ لأنه لا يفرق بين أفكاره وعقائده التي يؤمن بها وبين ذاته، فكل نقد لفكرة يؤمن بها هو انتقاد لشخصه واعتداء على خصوصياته، ولأنَّ الأدلة المضادة، تحتاج إلى جهد كبير لقمع رغبة البحث لدى العقل عادة، لذا يتفاقم غضبه إذا اضطر للتعامل معها ومُواجهتها، وعادة يتهرب من مواجهتها وذلك من خلال وصفها بأنَّها سخيفة وفارغة.
ويؤمن المتطرف بأنَّ العقول وجدت للطاعة لا لإثارة الشك والشبهات ولا ينبغي لها أن تتصرف بحرية؛ بل لا بُد من تقزيمها، ولذا فتجده غالبًا ما يُشكك في قدرات الأفراد العقلية ويقلل من قيمة تفكيرهم، وكثيرًا ما ينهر الآخرين الذين يثيرون تساؤلات واستفهامات ويشككون في تلك الأفكار.
كما إنه يجد صعوبة بالغة في تقبل الآخر المختلف معه في أفكاره وعقائده، فالعالم من حوله أما معه أو ضده، ولهذا فهناك تمييز حاد وواضح بين البشر، فهم منقسمون إلى قسمين، قسم ينتمي لنا (نحن) وقسم آخر لا ينتمي لنا (هم).
فمن ينتمي لنا فهو خير ومن ينتمي لغيرنا فهو شر لا خير فيه، ولهذا فأي عمل خير يصدر من غير جماعته ينظر له بعين الريب، فما يصدر من الآخرين لا يمكن أن يكون خيرًا.
إنَّ الجمود في طريقة التفكير يعني أن هذا الجمود لا يقتصر على الأفكار الأيديولوجية التي يؤمن بها المتطرف؛ بل يسري على طريقة تفكيره في مناحٍ أخرى من حياته، لذا فإنِّ هذا الجمود يصبح جزءًا من طريقة تفكيره في عدد من الموارد إن لم يكن في جميعها، وقد يصعب عليه الخروج منها، ولهذا طرح بعض العلماء فرضية مفادها أنَّه كلما كان الإنسان جامدًا في تفكيره، ولا يفكر خارج الصندوق؛ فهو هدف أسهل للتطرف والأفكار المتطرفة؛ إذ إنَّ طريقة تفكير المتطرف تلائمه وتناسب ما اعتاد عليه، ولا تختلف عنها. ومن هنا قام بعض العلماء بوضع اختبارات للكشف عن مدى الجمود العقلي أو الجمود في طريقة التفكير، فمثلا من الاختبارات التي وضعت في هذا الصدد، أن تطلب من الفرد وضع قائمة للأغراض التي يمكن القيام بها لأغراض مُعينة، فمثلا كيف يمكنه الاستفادة من مشبك الأوراق (clip)، وكلما كان تفكيره مرناً فإنه سيستطيع أن يأتي باستخدامات جديدة، وبالمقابل فإن العقل الجامد سيجد صعوبة بالغة في التفكير خارج الصندوق، فعقله تعود على التفكير في اتجاه واحد، فلكل غرض استخدام مخصص له، وهذه قناعة تجعله يفكر بصورة أحادية جامدة، وهؤلاء الناس الذين يفكرون بصورة أحادية هم من يكونون صيدا أسهل للتطرف والجماعات المتطرفة.
وإذا صحت هذه الفرضية، فإن أهمية التدريب على المرونة العقلية وتنمية القدرات على التفكير خارج الصندوق، لا تقتصر فوائده على تنمية المجتمعات وإثرائها بأفكار متنوعة فحسب؛ بل ربما يسهم في وقايتها من مصيدة التطرف والتعصب الأعمى.
فهل حقًا تنمية القدرات على التفكير خارج الصندوق هو أحد الحلول المُهمة لمواجهة التطرف؟!
** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس
رابط مختصر