مع إعلان الاحتلال بين حين وآخر عن تنفيذ اغتيال هنا أو هناك، في غزة وبيروت ودمشق وطهران، يتساءل الإسرائيليون عن جدوى هذه التصفيات المستهدفة لكبار القادة في قوى المقاومة في تعزيز أمنهم، أم العكس، مما يستدعي، من وجهة نظرهم، وضع سياسة الاغتيال الشخصي أمام اختبار أوسع وأكثر تحليلية وأكثر حسابية، بعيدا عن شعارات البروبوغاندا، والدعاية الرخيصة، لأنه في اختبار النتيجة، فإن اغتيال قائد كبير في قوى المقاومة لا يساهم بشيء في خفض الصراع الحالي، بل على العكس، يزيده ويؤججه.



المحامي أوريل لين الكاتب في صحيفة "معاريف" العبرية، ذكر أنه "بعد الاغتيالات الأخيرة في صفوف حماس وحزب الله والحرس الثوري، يجب طرح السؤال بشكل مباشر وبسيط: هل التصفية المستهدفة لكبار القادة في جانب العدو، ذوي الهوية الشخصية المعروفة، تعتبر تقدما لصالح أمن دولة الاحتلال أم العكس، لا سيما وأن التصفية المباشرة لقائد ذي هوية شخصية ينظم أعمال حرب ومقاومة ضدها تثير دائما مسار رد فعل من الجانب الآخر، مع العلم أن مثل هذه التصفية لا تعتبر عملاً حربياً، بل عملية قتل تحظى بتغطية إعلامية كبيرة".


وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "يمكن خلال المعارك الإسرائيلية مع قوى المقاومة القضاء على العشرات، وحتى المئات من مقاتليها، لكن هذه النتائج لا تخلق الحاجة إلى ضربة مضادة كخطوة انتقامية وتوازن، صحيح أن تصفية شخصية بارزة تهاجم الاحتلال يملأ جمهوره بمشاعر الارتياح. وحتى الشعور بالفخر، لأنها تُظهر القدرة الاستخباراتية والعملياتية لقوات الأمن والجيش الإسرائيلي نفسه، وترى في ذلك إنجازاً مهماً، حتى أن العدو نفسه لا يخفي دهشته من قدرات ذراع الاحتلال الطويلة في الجانب الاستخباراتي والتنفيذي".

وأشار أنه "بعد هذه المشاعر العابرة، يبقى السؤال الحقيقي عما حققناه بالفعل بعد هذه الاغتيالات: هل أنشأنا قوة ردع للعدو عن مهاجمتنا؟ وفي الحساب الإجمالي، وأيضاً في الرؤية للمستقبل القريب والبعيد، هل تقدّمنا بأي شكل من الأشكال بأمن الدولة وسكانها؟ لأن ردّ الفعل العنيف الحتمي على أي اغتيال يكون ثمنه دائماً من دماء الإسرائيليين، لأنه مؤخراً فقط، وبعد اغتيال أحد كبار مسؤولي حزب الله، تلقت المستوطنات الشمالية وابلاً كثيفاً ومركزاً من مئات الصواريخ، وزيادة مستمرة في إطلاق الطائرات بدون طيار".

وأكد أن "الاستخلاص الأكيد من هذه الاغتيالات التي تستهدف كبار قادة قوى المقاومة في المنطقة أنها لا تؤثر على دوافعها القتالية، ولا تجعلها تعيد النظر في رغبتها بإلحاق الأذى بالاحتلال، ولا تُضعف هذه الرغبة، بل على العكس من ذلك، فإن الشعور بالانتقام والرغبة في إلحاق الأذى به يتعززان، لأنه بعد القائد الذي يتم القضاء عليه، سيأتي قائد آخر، ربما أكثر تطرفا وأكثر موهبة، ولا يمكن للاحتلال القضاء على نظام قيادة بأكمله عن طريق استهداف أحد قادته، وإذا كنا نعرف القائد الذي تمت تصفيته، فإننا لم نلتقِ بعد بالقائد الجديد، وطرق عمله".

وأشار أن "المشكلة الرئيسية أمام الاحتلال أن الردّ المضاد على اغتيال قائد كبير في قوى المقاومة يصبح مشروعا، سواء في نظر العالم، أو حتى في نظرنا نحن الإسرائيليين، وهو ما حصل على سبيل المثال عقب قتل الجنرال الإيراني حسن مهداوي، قائد فيلق القدس في لبنان، على الأراضي السورية في مبنى دبلوماسي تابع لإيران، وهو عمل في نظري كان غبياً، ويثير أسئلة صعبة، لأنه بعد اغتياله، كان من الواضح أن إيران ستردّ، والعالم كله توقع منها هذا الرد، وظهر الاتفاق على أنها سترد، وتمحور السؤال فقط حول متى، وبأي شدة، وكيفية رد إسرائيل على رد فعلها، الأمر الذي كان يعني توليد تصعيد أحمق يسرّع الحرب بينهما".


واعترف أن "دولة الاحتلال تلقت في ليلة واحدة وابلا هائلا من الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، مما استدعى في حينه دعوة لتفحص المنفعة مقابل الضرر أمام كل اغتيال، بدليل أن تلك العملية لم تردع إيران، بل تعزز الشعور بالانتقام من الاحتلال الإسرائيلي بين الجمهور الإيراني، وأصبح دافعهم لإيذائه أقوى، فضلا عن عثور القيادة الإيرانية بسهولة عن بديل جديد للجنرال الذي تم القضاء عليه".

تكشف هذه القراءة الواقعية من وجهة نظر الاحتلال أنه يجب النظر لسياسة الاغتيالات للقادة في معسكر المقاومة من وجهة نظر استراتيجية وشاملة ومبدئية، لأن الاحتلال عندما يستهدف شخصية معينة، وينتظر الفرصة لقتله، واتخاذ القرار فيما إذا كان سيضغط على الزناد، أم يتراجع، يتم تقديم نافذة زمنية قصيرة مدتها ساعة، وربما دقائق، أو حتى أقل من ذلك، قبل الاستشارة المسؤولة والشاملة، كي يتم إطلاق النار، الأمر الذي يتطلب وضع سياسة الاغتيالات الشخصية أمام اختبار أوسع وأكثر تحليلا وأكثر حسابية، وعلى أساس كل ما يترتب عليها من نتائج وتبعات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة المقاومة فلسطين غزة الاحتلال المقاومة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوى المقاومة

إقرأ أيضاً:

1247 شهيدا وأكثر من 5 آلاف جريح بالغارات الإسرائيلية على لبنان

سرايا - استشهد قرابة 1247 شخصا وأصيب قرابة 5278 معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء منذ بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي شنّ غارات على لبنان، وفقا لمنسق خطة الطوارئ الحكومية وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ناصر ياسين.



وقال ياسين في مؤتمر صحفي، إنّه يوجد أكثر من 150 ألف نازح، منهم 52900 موزعون على 360 مركز إيواء في لبنان.


وأضاف أن عدد النازحين في مراكز الإيواء يشكل قرابة 30% من مجموع الأهالي الذين هجروا، حيث إنّ عمليات الاستجابة لحاجات النازحين مستمرة بالتنسيق مع غرف العمليات المناطقية عبر المحافظين واتحادات البلديات.

وأشار إلى أن الهيئة العليا للإغاثة تقوم بجهدها لتأمين الحاجيات الأساسية.

إقرأ أيضاً : إسرائيل: إذا فشلت الدبلوماسية سنستخدم كل الوسائل في لبنانإقرأ أيضاً : بمبادرة واحدة .. واشنطن تسعى لوقف القتال في لبنان وغزة معاًإقرأ أيضاً : الاحتلال يشن سلسلة غارات على بلدات شمال وغرب بعلبك والهرمل اللبنانية

مقالات مشابهة

  • اعتراف إسرائيلي لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال عماد مغنية.. من هو؟
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تصدر بيانا حول اغتيال حسن نصر الله
  • لجان المقاومة: الاغتيالات لا تحقق انتصارات بل تورث الثأر والتحدي
  • النائب أيمن محسب يدين تمادي إسرائيل في سياسة الاغتيالات
  • لجان المقاومة: الاغتيالات أثبتت أنها لا تحسم المعارك ولا تحقق انتصارات
  • اغتيال حسن نصر الله الذي اختلفوا حوله
  • منير شفيق: الاغتيالات لا تحسم الحرب
  • إعلام إسرائيلي: هدف قصف الضاحية الجنوبية لبيروت اغتيال حسن نصر الله.. عاجل
  • الصحة اللبنانية: 44 شهيدا وأكثر من 100 جريح في الساعات الـ 24 الأخيرة
  • 1247 شهيدا وأكثر من 5 آلاف جريح بالغارات الإسرائيلية على لبنان