ألمانيا.. توزيع قبعات "البطيخ" دعما لفلسطين في بطولة أمم أوروبا
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
صفا
شهدت بطولة أمم أوروبا لكرة القدم "يورو 2024" المقامة في ألمانيا توزيع قبعات على مشجعين مطرز عليها شكل شريحة بطيخ أحمر بألوان العلم الفلسطيني.
وجرى توزيع القبعات التي تحمل شكل شريحة بطيخ بألوان العلم الفلسطيني الأحمر والأبيض والأخضر والأسود على مشجعين قبل مباريات إسبانيا وإيطاليا في غيلسنكيرشن، الخميس، وتركيا والبرتغال في دورتموند، السبت، واسكتلندا والمجر في شتوتغارت، الأحد.
وقال أحد رعاة الفعالية التركي محمد شيمشك، في حديث للأناضول، إنهم أرادوا إسماع صوتهم هنا بخصوص الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وأكد أنه يتعين على المسلمين التحلي بروح المسؤولية والقيام بشيء ما من أجل الفلسطينيين.
وشدد شيمشك، على أنه لا يمكن التغاضي عن الإبادة الجماعية بغزة.
وأضاف: "الأشخاص الذين يرتكبون هذه الإبادة الجماعية تعرضوا أنفسهم لإبادة جماعية في الماضي، والآن هم من يرتكبون الإبادة".
وذكر شيمشك، أنه بعد توزيع قسم من القبعات منعت الشرطة توزيع الباقي.
وأوضح أنه تم إنتاج نحو 50 ألف قبعة من أجل توزيعها على المشجعين، لكن لم يسمح لهم بذلك.
وأردف: "قالوا لنا إن هذه (القبعات) ليس لها مكان هنا، ولا يمكننا توزيعها هنا".
وقال وحيد الدين بيرام، أحد رواد الفعالية، لمراسل الأناضول، إنهم قاموا بتوزيع القبعات التي ترمز للعلم الفلسطيني، للفت انتباه الأوروبيين للظلم الحاصل في غزة.
وأضاف بيرام "حاولنا قدر ما نستطيع العمل مع رجال الأعمال هنا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأنتجنا في البداية 10 آلاف قبعة، ووصلنا بالإنتاج إلى 50 ألف في المجمل".
وذكر بيرام، أنهم اختاروا صورة البطيخ الأحمر لأنها ترمز إلى ألوان العلم الفلسطيني.
وأكد أنهم سيواصلون توزيع القبعات حتى نهاية بطولة أمم أوروبا، معربا عن شكره لكل من دعم الحملة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: فلسطين تضامن بطولة أمم أوروبا
إقرأ أيضاً:
سحر التكنولوجيا وفتنتها
ليست التكنولوجيا بمفهوم حديث أو معاصر، وإنما هي مفهوم صاحب وجود العلم على مر التاريخ. والحقيقة أن مصطلح «التكنولوجيا» technology مستمد في الأصل من الكلمة اليونانية «تخني» techne التي كانت تُستخدَم للدلالة على الصنعة (أو الحرفة) والفن معًا؛ ولذلك كان الفنان يُسمى أيضًا «تخنِتس» technites، أي صاحب الصنعة أو الحرفة. ومع ذلك، فإن اليونان لم يستخدموا كلمة «الصنعة» (أو الحرفة) بالمعنى السطحي الذي نستخدم به الكلمة الآن؛ لأن كلمة «تخني» لم تكن تعني مجرد «التكنيك» الذي يتخذ شكل الإجراء العملي، وإنما كانت تعني أسلوبًا في الرؤية والمعرفة يسعى إلى إظهار معنى وحقيقة شيء ما (كما علَّمنا الفيلسوف الكبير هيدجر). غير أن معنى التكنولوجيا قد تطور واختلف بعد ذلك بدءًا من العصر الحديث، بحيث لم يتبق منه سوى مفهوم الصنعة والتطبيق المقترن بالعلم وتطوره.
ولا شك في أن تطور التكنولوجيا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطور العلم ذاته؛ ولهذا السبب ذاته فإنه يعد مقياسًا لتقدم الدول. ومن هنا يمكن أن نفهم سعي الدول النامية -كما في عالمنا العربي على سبيل المثال- إلى التركيز في مجال المعرفة والتعليم على تطوير التكنولوجيا وتنمية ما يُعرَف الآن بالذكاء الاصطناعي الذي هو غاية ما بلغته التكنولوجيا في عصرنا، وأصبح بمثابة فتنة لا يمكن مقاومة سحرها: ولهذا نجد أن موضوع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أصبح هو الموضوع الرائج الآن في سائر المنتديات والمؤتمرات التي تتناول تطوير التعليم واستراتيجيات التنمية وتحقيق جودة الحياة. ولا شك أيضًا في أن هذه الحالة من الفتنة بالتكنولوجيا لها ما يبررها؛ إذ يكفي أن نتأمل كيف غيرت التكنولوجيا أسلوب حياة البشر وجعلته أكثر راحة وسهولة وقدرة على تصنيع أدوات لم يكن بمقدورنا حتى أن نتخيلها: ويكفي أن نتأمل في هذا الصدد أبسط الآلات التي أنتجتها التكنولوجيا منذ عقود بعيدة، أتخيل الآن آلة تصوير المستندات التي كان شيوعها فيما مضى كشفًا عظيمًا استفاد منه الباحثون، إذ كنا في باكورة شبابنا- قبل شيوع هذه الآلة- نعكف على اقتباس النصوص من المراجع بالنقل من خلال الكتابة، بينما الآن يمكن لأي باحث أن ينقل هذا النصوص بنقرة على جهاز الحاسوب. وأنا أتأمل الآن أيضًا أجهزة الحاسوب والهاتف المحمول التي تتطور برامجها يوميًّا بشكل مذهل حتى إنها تضع المعرفة وأحداث العالم بين يديك بنقرات على أزرارها وشاشاتها. فما بالنا بالذكاء الاصطناعي وبرامجه التي أصبحت تُستخدَم في مجالات التأليف والترجمة والإبداع أيضًا (وهذا موضوع جدالي يمكن تناوله نقديًّا في مقال آخر).
كل هذا صحيح -دون شك- ولكن سحر التكنولوجيا لا ينبغي أن يفتننا بحيث نغفل عن رؤية أكثر عمقًا وشمولًا لدور التكنولوجيا في التطور وعملية التنمية بمفهومها الواسع. فمن الأخطاء الكبرى التي تقع فيها كثير من الدول الساعية للتنمية -في عالمنا العربي بوجه خاص- تصور أن التنمية ينبغي أن تنصب على التكنولوجيا، لا العلوم النظرية؛ فهي بذلك تغفل عن أن التكنولوجيا باعتبارها تطبيقات للعلم تكون غير ممكنة من دون تطور في العلم ذاته؛ وبالتالي في نظريات العلم، فأول العلم نظري بالضرورة، وبعد ذلك تأتي تطبيقات هذه النظريات بعد أن تصبح «مُبرهَنات» theorem (بلغة المنطق وفلسفة العلوم). والواقع أن هذه هي أعلى صور أو آخر مراحل تطبيقات العلم بعد أن تتحول نظريات العلم ونتائجه العملية أو التطبيقية إلى أسلوب إنتاج أو تقنية من خلال التكنولوجيا. ولهذا فإن الدول الساعية إلى التنمية ينبغي أن تهتم في المقام الأول بتطوير العلم ونظرياته ذاتها، ومواكبة المعرفة بنتائجها العملية، قبل العكوف على التكنولوجيا؛ لأنها لن تفعل عندئذ شيئًا سوى استيراد التكنولوجيا وتطبيقاتها.
كما أن سحر التكنولوجيا لا ينبغي أن يفتننا بحيث نغفل عن أن تطويرها وتنمية الذكاء الاصطناعي نفسه، لا ينبغي أن تكون بديلًا عن تنمية العقل والذكاء البشري التي يجب أن تكون لها الأولوية في استراتيجيات التنمية وتطوير التعليم. حقًّا إن التكنولوجيا -كما سبق أن قلنا- قد أسهمت بقوة في تطوير أساليب الرفاهة في حياتنا وطرائق عيشنا بكل يسر وسهولة، مثلما ساهمت بقوة في تيسير طرائق التعلم وتحصيل المعرفة، ولكن التجارب الواقعية تشهد أن التكنولوجيا لم تكن ناجعة في كل مجال؛ خاصة في مجالات الإبداع البشري لا في مجال الفن فحسب، وإنما أيضًا في مجال التأليف والترجمة، فضلًا عن مجال تنمية ملكة التنظير في العلوم جميعًا. بل إن التكنولوجيا وبرامج الذكاء الاصطناعي أصبحت تستدعي مفاهيم تتعلق بعمليات الإبداع في عمومه، مثل: «الفردية» و«الشخصية» و«الهُوية». وذلك موضوع جدالي شائك من جوانب عديدة؛ ولذلك فإنه يستحق أكثر من مقال مستقل بذاته.