الجامعة العربية: منتدى التعاون العربي الصيني شهادة حية على قوة وروح التعاون
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
أكد مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجامعة العربية الوزير مفوض دكتور علاء التميمي، أن منتدى التعاون العربي الصيني يمثل شهادة حية على قوة وروح التعاون المثمر بين الجانبين طيلة العقدين الماضيين، والذي شهد نموا وتطورا ملحوظين، ما جعله نموذجا يحتذى به في العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون البناء، مما أضاف بعداً إنسانياً لهذه العلاقات حيث احتفلت الدول العربية والصين بمرور عشرين عاما على انطلاق أعمال (منتدى التعاون العربي- الصيني) بتاريخ الثلاثين من شهر مايو عام 2024.
جاء ذلك خلال ورشة عمل متخصصة نظمتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (قطاع الإعلام والاتصال- إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية) بالتعاون مع مركز التحرير للدراسات والبحوث، اليوم /الاثنين/، بعنوان (منتدى التعاون العربي- الصيني 20 عاما من العطاء)، بمقر الأمانة العامة، ناقشت ثلاثة محاور؛ هي محور الأنشطة السياسية والاقتصادية، ومحور الأنشطة التكنولوجية والتعليمية والفكرية، وأخيراً محور الأنشطة الثقافية والإعلامية والسياحية.
وقال التميمي، إن منتدى التعاون العربي- الصيني يعد من أهم أحداث العلاقات العربية- الصينية خلال الأعوام الخمسين الأخيرة.
واستذكر مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجامعة العربية، زيارة الرئيس الصيني لجامعة الدول العربية بتاريخ الثلاثين من يناير عام 2004، حيث جرى التوقيع على وثيقة إعلان المنتدى بتاريخ الرابع عشر من شهر سبتمبر عام 2004 بمقر جامعة الدول العربية. وقد شكل هذا المنتدى نقلة نوعية في مسيرة العلاقات العربية- الصينية، ويعد منصة شاملة وفعالة للحوار والتعاون بين الجانبين، وإطاراً مؤسسياً للتعاون الجماعي.
وأوضح أن تطور هذا المنتدى كان ملتزما بالتقاليد والريادة والابتكار، وأهداف الحوار والسلام والتنمية، ليصبح منصة مهمة لتطوير الحوار واحترام التنوع الحضاري الجماعي والتعاون المشترك، والمشاركة الإيجابية في التبادلات الثقافية المثمرة والمتنوعة بين الجانبين. كما شهد التعاون بين الجانبين تطوراً مهما بانعقاد القمة العربية- الصينية الأولى في التاسع من ديسمبر عام 2022 في مدينة الرياض، وهذه الإنجازات تحققت بفعل الإرادة الصادقة والعزم الراسخ لقادة الدول العربية والصين لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وتعزيز التدابير الفاعلة للعمل معا في حل مشكلات التنمية في منطقة الشرق الأوسط.
من جانبه.. أكد مدير إدارة الشؤون العربية بوزارة الخارجية القطرية السفير نايف بن عبدالله العمادي- في كلمته- أن العلاقات السياسية بين الدول العربية مجتمعة وجمهورية الصين قد توطدت في وقت ازداد فيه الاهتمام الدولي بالقارة الأسيوية ولم تكن الجامعة العربية بمعزل عن هذا المنحى الدولي، إذ أدركت مبكراً أهمية تنويع شراكاتها بالتوجه نحو الشرق وتعزيز التعاون مع الدول النافذة في القارة الأسيوية ومن أبرزها الصين، وفي هذا الإطار جاء هذا المنتدى ليوفر إطارا مؤسسيا مهما للتعاون الجماعي وتشعبت ألياته على مستويات كبار المسؤولين والمستوى الوزاري.
وقال "توج ذلك كله بانعقاد القمة العربية الصينية الأولى بالرياض عام 2022م، لتشمل هذه الآليات مختلف مجالات التعاون السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتنموية، وانعكس ذلك بشكل إيجابي على نمو واتساع العلاقات التجارية بين الدول العربية والصين التي أصبحت من أكبر الشركاء التجاريين للدول العربية".
وأضاف العمادي، أن العلاقات القطرية الصينية ظلت في نمو مطرد منذ الزيارة التي قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى بكين عام 2019 وما تلتها من زيارات للمسؤولين القطريين وما صاحبها من توقيع للاتفاقيات، والتي فتحت آفاقاً جديدة لتطوير العلاقات الثنائية بين قطر والصين، حتى صارت دولة قطر المصدر الأول للغاز الطبيعي إلى جمهورية الصين، كما وقع البلدان عام 2020م عقداً لبناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي، إلى جانب تصدير 2014 حافلة كهربائية وحافلة ديزل، وتؤكد دولة قطر أنها ماضية في سبيل تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع جمهورية الصين الصديقة مستقبلاً، كما أنها لن تدخر وسعاً في سبيل دعم كافة برامج العمل العربي المشترك مع جمهورية الصين الصديقة.
وأوضح أن أولى التحديات التي ينبغي أن تعكف الورشة على مجابهتها خلال مسيرة التعاون العربي الصيني تتمثل في مواجهة التقلبات العالمية والتغيرات التي حدثت في التكتلات الدولية، فقد أحدثت الحرب الروسية الأوكرانية خلخلة في بنية المجتمع الدولي، تبعتها آثار اقتصادية كارثية ممثلة في الانفجار التضخمي ونقص سلاسل الإمداد والتموين، بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والصحية التي تسببت فيها قبل سنوات قليلة جائحة كورونا، وقد شكلت هذه العوامل تحديات تم التفاهم المشترك حولها وفقاً الآليات التعاون العربي الصيني بالصورة التي تجعلنا نعول كثيراً على هذا المنتدى في تعزيز التواصل العربي الصيني في شتى المجالات.
وتابع: "على صعيد الجهود المشتركة لإحلال السلم والأمن الدوليين هناك تحدي تكثيف الجهود المشتركة لإيجاد حل سياسي للقضايا الساخنة في المنطقة واستعادة السلام والأمن إلى الشرق الأوسط في أقرب وقت، خاصة فيما يتعلق بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه في إقامة دولته المستقلة. وفي مجال التخطيط والسياسات تواجه مسيرة التعاون بين الجانبين تحدي مواصلة الاستراتيجيات التنموية من خلال ربطها ببعضها البعض في إطار وثائق التعاون في بناء الحزام والطريق كواحدة من أهم إنجازات التعاون العربي الصيني.
ويأتي انعقاد هذه الورشة العلمية انطلاقا من الإنجازات المتحققة لمنتدى التعاون العربي- الصيني، خلال 20 عاما على تأسيسه، وأن تكون هناك عملية رصد علمي لأبرز التحديات والاستفادة منها، وبناء رؤية مستقبلية استشرافية لتعزيز التعاون المشترك بما يعظم استفادة الجانبين.
وتمثل هذه الورشة منصة للحوار المتبادل بين الخبراء والمتخصصين وصناع القرار، بهدف تسليط الضوء على الإنجازات التي حققها منتدى التعاون العربي- الصيني منذ تأسيسه وعلى مدى 20 عاما. والوقوف على أهم التحديات التي واجهت المنتدى وأثرت فيه واستخلاص الدروس المستفادة منه. ووضع رؤية مستقبلية استشرافية للمنتدى وتحديد أهم المجالات المطلوب تكثيف التعاون فيها خلال المرحلة المقبلة. وبحث سبل تعزيز التعاون وتعظيم الاستفادة من التعاون المشترك بين الجانبين العربي والصيني في مختلف المجالات والبناء على ما تم. والتنبؤ بالتحديات المستقبلية المتوقعة وسيناريوهات التعامل معها. وتحقيق التقارب الفكري والمفاهيم بين الخبراء والباحثين والمسئولين العرب والصينيين والعمل على رسم رؤية مستقبلية استشرافية مشتركة تحقق طموحات الجانبين وتحقق أفضل استغلال ممكن لإمكاناتهم الغنية في كافة مجالات التعاون.
شارك في أعمال هذه الورشة الجهات المعنية بالبحوث والدراسات في الدول العربية، والمندوبيات الدائمة للدول الأعضاء لدى جامعة الدول العربية، والشخصيات الفكرية والأكاديمية المتخصصة والخبراء المتخصصون بالقانون الدولي والعلوم السياسية والاقتصاد والاجتماع المهتمون بمتابعة أنشطة منتدى التعاون العربي الصيني، ومراكز الفكر والدراسات الاستراتيجية في الدول العربية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجامعة العربية التعاون العربي الصيني والدراسات الاستراتیجیة التعاون العربی الصینی منتدى التعاون العربی الجامعة العربیة الدول العربیة بین الجانبین هذا المنتدى
إقرأ أيضاً:
لماذا تمد إيران جسور التعاون مع دول الخليج الآن؟
طهران- أكدت إيران، وعبر سلسلة اتصالات هاتفية أجراها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع قادة دول الخليج، استعدادها لتعزيز التعاون مع جيرانها وتخفيف حدة التوترات الإقليمية، وشددت على أهمية الحوار لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
جاءت هذه التحركات في وقت حساس، تواجه فيه إيران ضغوطا أميركية متزايدة، إضافة للتوترات المستمرة بالمنطقة، تشمل العدوان على غزة واليمن ولبنان وسوريا، ما يجعل هذه المبادرات فرصة لإعادة صياغة العلاقات بين طهران ودول الخليج.
وفي الاتصال مع ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، أكد بزشكيان أن إيران "لم تسعَ قط للحرب أو الصراعات"، وأنه "لا مكان للاستخدام غير السلمي للطاقة النووية في عقيدتنا الأمنية والدفاعية". كما أن إيران "مستعدة للانخراط والتفاوض لحل بعض التوترات مع دول الجوار على أساس المصالح المتبادلة والاحترام".
وفي محادثته مع أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد، أكد بزشكيان استعداده للتعاون "لتوسيع العلاقات بمختلف المجالات مع الكويت وغيرها من الدول المجاورة لتعميق وتعزيز روابط الأخوة والجوار".
من جانبه، أشاد أمير الكويت بتوجهات إيران "البناءة والإيجابية"، وبارك مساعيها لتعميق العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، وأكد أن "الكويت تدعم وترحب بحل النزاعات عبر الحوار ودون القوة".
والمضمون ذاته جاء باتصال بزشكيان مع رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأكد "سعي إيران لتعزيز علاقاتها مع الدول الإسلامية وجاراتها بشكل أكبر"، وكشف عن تطلعه لزيارة الإمارات وفتح قنوات الحوار لمناقشة سبل التعاون بين البلدين.
إعلانبدوره، أكد الشيخ آل نهيان "أهمية تعزيز الجسور بين البلدين وفق المصالح المشتركة ومستقبل مشرق للمنطقة".
وخلال اتصاله بالعاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أظهر بزشكيان حرص إيران على "تطوير العلاقات مع البحرين بشكل أكبر"، وإيلائها "أهمية كبيرة لتعزيز وتوسيع العلاقات مع جيرانها". وأشار الملك بدوره "للعلاقات الطيبة" والدائمة بين البحرين وإيران، وأكد رغبة البحرين "بتوسيع هذه العلاقات بشكل أكبر".
وتشير هذه الاتصالات لرغبة إيران بالانفتاح على جيرانها الخليجيين وتخفيف التوترات الإقليمية، بوقت تشهد فيه المنطقة تحديات معقدة تتطلب مزيدا من التعاون والحوار.
ويرى محللون أن ثمة فرصة حقيقية لفتح صفحة وعلاقات جديدة بين إيران ودول الخليج، إذا ما تم الالتزام بجملة من المبادئ الأساسية وتفعيل مسارات التعاون المشترك.
ويقول محلل الشؤون الإقليمية محمد بيات، إن من أهم العوامل لفتح حوار بنّاء بين إيران ودول الخليج "العودة للمبادئ الواردة بميثاق الأمم المتحدة، والتفاهمات التي أُبرمت مؤخرا، مثل اتفاق بكين بين إيران والسعودية".
ويضيف للجزيرة نت أن "الركائز الأساسية لأي تقارب وانفتاح حقيقي بين الجانبين تكمن باحترام السيادة، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، وتنظيم العلاقات على أساس المساواة".
ويشير بيات إلى أن المشهد الإقليمي لا يخلو من تعقيدات قد تعيق هذا الحوار، وأن هناك "مؤشرات تدفع العلاقات نحو التوتر، كسعي الإدارة الأميركية الحالية لإحياء سياسة "الضغط الأقصى"، وهو ما قد يُعيد إيران إلى الفصل السابع ويؤثر سلبا على فرص التقارب"، إلا أنه استدرك قائلا "مع ذلك، فإن الإرادة الإقليمية لتقليص التوتر تبقى عاملا مهما يمكن البناء عليه".
إعلانوحول مجالات التعاون القائم والممكنة مستقبلا، أكد بيات أن "إيران تملك قدرات طبيعية وبشرية هائلة مقابل رؤوس أموال ضخمة تملكها دول الخليج"، وأنه إذا تم تجاوز "المخاوف الأمنية"، يمكن "للطرفين الدخول بشراكات إستراتيجية بمجالات الطاقة، والتعدين، والصناعة، والزراعة، بل وتأسيس مصانع خليجية بإيران واستخدام العمالة المحلية والطاقة الرخيصة، ما يوفر مكاسب متبادلة للطرفين".
كما أن الجغرافيا -حسب بيات- تمنح الطرفين فرصا كبيرة للتكامل، خاصة بمنطقتي أوراسيا وشمال المحيط الهندي، داعيا لمزيد من التنسيق بين غرف التجارة، وتوقيع اتفاقيات إستراتيجية بين وزارات الاقتصاد والمالية، ورسم خطة تعاون مشترك لـ5 أو 10 سنوات، بعيدا عن "منطق العداء والصراعات".
الأمن أولا
من جهته، يرى أستاذ العلاقات الدولية جواد حيران نيا، أن العوامل التي فتحت حوار بنَّاء بين إيران ودول الخليج تعود "لتغييرات جيوسياسية كبيرة" بالمنطقة، بما فيها تراجع الاهتمام الأميركي بمنطقة الخليج نتيجة التركيز على مواجهة تحديات أخرى مثل صعود الصين.
ويقول حيران نيا للجزيرة نت، إن دول الخليج، كالسعودية والإمارات، بدأت تدرك أن الاستقرار الإقليمي ليس فقط مهما للأمن الإقليمي، بل لتحقيق أهدافها الاقتصادية والتنموية أيضا، خاصة بظل الرؤى الطموحة كرؤية 2030 التي "تتطلب بيئة مستقرة وآمنة".
وأوضح حيران نيا أن الاهتمام المتزايد بتعزيز الاستقرار الإقليمي دفع دول الخليج لتبني سياسات تقلل التوترات مع إيران، خاصة بسياق ملفات مثل حرب اليمن، حيث تسعى الرياض لإنهاء الصراع وتحقيق استقرار دائم.
وهذا التوجه -وفق حيران نيا- لا يعني تجاهل الخلافات، بل يركز على تخفيف التصعيد وإيجاد حلول تدعم الاستقرار الإقليمي بعيدا عن التدخلات الخارجية.
ولفت إلى أن "التغييرات الاقتصادية في الخليج، مثل تقليص الاعتماد على النفط وتحسين القدرة على تأمين احتياجات الطاقة بشكل مستقل، جعلت دول المنطقة أكثر حرصا على أن تكون قادرة على تشكيل سياساتها الأمنية والإقليمية".
"المصالح المشتركة"وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية لهذا التعاون، أكد حيران نيا أن إيران تتطلع لتعزيز التعاون مع دول الخليج عبر آليات مشتركة تحسن الأمن الإقليمي وتحل النزاعات العالقة، مبينا أن هناك فرصا لتطوير تعاون بمجالات متعددة، بينها الأمن البحري، والطاقات المتجددة، والتبادل التجاري، "شريطة أن تكون هذه السياسات محكومة بمبادئ الاستقرار والتفاهم المتبادل".
إعلانوبرأي حيران نيا، تدرك دول الخليج أهمية الحفاظ على "علاقات متوازنة" مع إيران، خاصة بظل التوترات المستمرة مع القوى الكبرى كأميركا وإسرائيل. ويشير إلى أن الهدف من أي تقارب مع إيران لا يتمثل فقط بحل القضايا الثنائية، بل بضمان أن يكون ذلك جزءا من منظومة أوسع من الاستقرار الإقليمي الذي يخدم مصالح الجميع.
ورجَّح أن المرحلة المقبلة ستشهد جهودا مستمرة للحد من التوترات، مع وجود فرص لتوسيع مجالات التعاون، شريطة أن تظل "المصالح المشتركة" هي أساس التفاهم بين الأطراف.