في سلسلة جديدة من المواجهات المستمرة بين "حزب الله" و إسرائيل تبرز إلى الواجهة "حرب الحرائق"، التي أشعلت الشمال الإسرائيلي والجنوب اللبناني، من خلال القضاء على المساحات الحرجية الواسعة. حرب من نوع آخر كانت قد بدأت بها إسرائيل منذ الايام الأولى التي افتُتحت خلالها جبهة المساندة، إذ كان الهدف الأول الإسرائيلي إحراق المساحات الخضراء، والقضاء على الأشجار الكبيرة التي تشكّل غطاءً لعناصر الحزب الذين كانوا يستغلونها في عملية إطلاق الصواريخ من دون أن يظهروا على الرادارات الإسرائيلية.



هذه الحرب التي تشكّل في مكان ما عنصر ضغط أساسيا، يوضح خبير عسكري لـ"لبنان24" أن حزب الله استطاع أن يستغلها في المكان والزمان المناسبين، إذ وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت قد بدأت بها مُبكرًا، إلا أن "الحزب" أجّلها إلى بداية موسم الصيف، ظنًا منه أنّه بإمكانه إحداث خسائر أكبر، إن كان على صعيد حرق المستوطنات، أو لناحية زيادة معدّل الضغط على العناصر العسكرية الإسرائيلية التي تقوم هي غالبًا بعملية إطفاء النيران.
من هنا، تمكن الحزب، ومن خلال صواريخه بإشعال الشمال الإسرائيلي حرفيًا، إذ يصف مستوطنو الشمال المشاهد بالمرعبة، والتي لم يتوقعوا أن يروها في يوم من الأيام، إلى حدّ باتت الاماكن التي تندلع فيها النيران شبه خالية من السكان. ويتوقع المسؤولون هناك أن تستمر مشاهد الحرق طويلاً، إذ إنّ القيادات أثبتت فشلها بالتوصل إلى أي اتفاق للجم هذا الهجوم، لا بل إن "حزب الله" يستعدُّ لما هو أوسع وأشمل وأكبر، ولا ضيم بالقول أن الرسائل التي أوصلها بصواريخ الكاتيوشا التي أشعلت الشمال، واستمرت خلال مراحل متقطعة لأكثر من 29 ساعة متواصلة خير دليل على ذلك. وبحسب المسؤولين فإن الحزب وحتى 5 حزيران فقط تمكن من إحراق أكثر من 14 كيلومترا مربعا، ويقع ضمن بنك أهدافه قرابة 10 قرى، وهي مهددة بالاحراق بين يوم وآخر طالما هذه الحرب تستعر.
من ناحية أخرى يوضح الخبير العسكري أن حرب الحرائق بين "الحزب" و إسرائيل بدأت تأخذ بعدًا استراتيجيا أكبر، وتتلخص بالقضاء على المساحات الحرجية أولا، وتباعًا مواسم الزراعة، بالاضافة إلى الهدف الأهم ألا وهو إبعاد أكبر عدد من السكان عن أماكن سكنهم.
جنوبًا، الوضع خطير أيضا، فالعدو الذي سبق له أصلا أن أبعد السكان عن منازلهم بالصواريخ التي استهدفت القرى والمنازل، بات يعتمد اليوم على أسلوب الحرائق للقضاء على الغابات الجنوبية، وجعل هذه المنطقة المليئة بالاحراج مكشوفة وبشكل كامل. وإلى حدّ اليوم، يؤكّد وزير البيئة ناصر ياسين أن الطبيعة اللبنانية في الجنوب تعاني الأمرّين، إذ إنّ القنابل الفوسفورية أحرقت كل شيء، وقضت على عشرات آلاف الكيلومترات، بالاضافة إلى إحراق مئات آلاف الأشجار التي تعتبر أساسية ضمن النظام البيئي.
ففي الأسبوعين الماضيين شهد الجنوب ارتفاعا غير مسبوق بمعدل الحرائق، إذ كثّفت إسرائيل من هذا الأسلوب مع ارتفاع حدّة المعارك، حيث شهدت رميش وشبعا وخلة وردة ومركبا والعديسة وسهل مرجعيون والخيام وخراج دير ميماس والوزاني حرب حرائق واسعة.
وبحسب مصدر ميداني، فإن الدفاع المدني واجه العديد من الصعوبات لإطفاء الحرائق، إذ إن العدو لم يكتف فقط بالاحراق، إنّما أراد أن يزيد جريمة على جريمته من خلال استهداف عناصر الدفاع المدني الذين يكونون إلى جانب قوات اليونيفيل، خلال عملية الإخماد.
بالتوازي، يؤكّد مصدر ميداني لـ"لبنان24" أن "حرب الحرائق" هذه بدأت تشهدُ تطورًا على صعيد الاستراتيجية الإسرائيلية، إذ إنّ العدو بات يرسل مع القنابل الفوسفورية التي تُعتبر السبب الرئيسي للحرائق في لبنان مواد حارقة، يتم ضخّها عبر أنابيب موجّهة نحو الأراضي الحرجية، حتى أنّه لجأ إلى طرق تقليدية لإشعال المواد الحارقة مثل إدخال المقلاع والقوس والنشاب.
وعلى قاعدة الأرض المحروقة، ستستمر إسرائيل بحرق الأحراج بهدف جعل الأرض جرداء تماما ، ومن المتوقع أن تأخذ هذه الحرب منحى تصاعديًا أكبر، قد يتم خلاله تدمير البيئة والأحراج بشكل كامل في الجنوب طالما أن مؤشرات الحرب المفتوحة ترتفع يومًا بعد الآخر. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حرب الحرائق

إقرأ أيضاً:

ما تأثير الحرائق في الشمال على الكيان الإسرائيلي؟

رام الله - خـاص صفا

لا يكاد يمر يوم دون اشتعال الحرائق على الحدود الشمالية الفلسطينية، بفعل ضربات المقاومة اللبنانية المتواصلة، إذ أتت الحرائق على مساحات واسعة من الأراضي والغابات والمتنزهات لدولة الاحتلال.

وشكلت الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقها حزب الله من جنوبي لبنان، إرباكا مستمرا لسكان الكيان، فإلى جانب استهدافها لمواقع عسكرية، فإنها تتسبب بنشوب حرائق كبيرة وضخمة، بعضها استمر في الاشتعال والتمدد عدة أيام.

وحول ذلك، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، في حديث خاص لوكالة "صفا"، إن "مسألة الحرائق قديمة جديدة في دولة الاحتلال، ولطالما كانت الدولة على عهد مع الحرائق في الشمال، لكن لأول مرة تندلع الحرائق فترة طويلة جدا بسبب الحرب".

ويضيف أبو العدس أن الحرائق أتت على أكثر من 40 ألف دونم من الأراضي، الأمر الذي تسبب بخسائر اقتصادية مباشرة.

ويشير أبو العدس إلى أن المناطق التي احترقت أغلبها مناطق سياحية، ومناطق محميات طبيعية ومزارع كرز وفواكه، ما تسبب بحالة كبيرة جدا من السخط والغضب لدى المستوطنين.

ويتطرق المختص إلى أن "صور الشمال الذي يحترق ملأت مواقع التواصل الاجتماعي، لدى جمهور الاحتلال، حيث انقسم المستوطنون بين متهكمين على جالانت وخطه الأحمر وتداولوا تصريحات ساخرة وتهديداته إلى لبنان وأن إسرائيل هي من عادت إلى العصر الحجري، وأن الخط الأحمر أصبح خطًا ناريًا داخل إسرائيل".

ويلفت إلى أن قسما كبيرا من المستوطنين يشعر بالغضب الشديد جدا بسبب الحرائق، معتبرين ذلك تآكلا في قدرة "الدولة" على ردع أعدائها.

ويقول أبو العدس إن "شريحة من المستوطنين ترى أن الحرائق بهذا الشكل وبهذه الطريقة سلاح استنزاف يستخدمه حزب الله ضدهم، لا سيما أنها سببت خسائر اقتصادية كبيرة جدا، وسببت حالة من الإحباط الشديد لدى عموم السكان، حيث أن الشمال كان يرمز إليه بالطبيعة الخلابة والمناظر الجميلة والمناطق التي كانت تجذب السياحة الداخلية، لكنها الآن أصبحت خرائب محترقة".

أما الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد دراغمة، فيرى أن موضوع الحرائق على الحدود الشمالية بسبب أعمال المقاومة اللبنانية، مسألة مهمة ومقلقة للمستويات السياسية والعسكرية لجيش الاحتلال.

لكن دراغمة يعتبر، في حديث خاص لـ"صفا"، أن قضية الحرائق باتت أقل تأثيرا، إذا ما قيست بحجم الخسائر الإسرائيلية، بعد أن طالت صواريخ حزب الله وطائراته المسيرة قواعد عسكرية مهمة ومعسكرات مراقبة وأجهزة تجسس ورصد.

ويقول إن "تأثير الحرائق العملياتي والنفسي على دولة الاحتلال، أصبح أقل تأثيرا، حتى أنه بإمكان الجيش تلاشيها مقارنة مع ما يستهدفه حزب الله من مواقع عسكرية في الشمال".

 ويرى دراغمة أن عجز الاحتلال عن مواجهة الطائرات المسيرة، وتصوير خليج حيفا والتقاط الصور للأماكن الحساسة في الكيان والعودة إلى لبنان، باتت القضية الأهم والأبرز في الشمال، رغم تأثير الحرائق الواسع والخسائر التي تتسبب بها.

مقالات مشابهة

  • ميقاتي: رغم تصاعد الحرب النفسية فإن لبنان سيتجاوز هذه المرحلة
  • ميقاتي: رغم تصاعد الحرب النفسية لبنان سيتجاوز هذه المرحلة
  • بن غفير: علينا شن حرب شاملة على لبنان.. والاتفاقيات لا جدوى منها
  • احتمالات الحرب بين إسرائيل وحزب الله.. ماذا تتوقع دوائر الاستخبارات الأميركية؟
  • صواريخ حزب الله تقطع الكهرباء عن شمال إسرائيل وتُشعل الحرائق.. شاهدوا ما حصل
  • مخاوف من توسع الصراع بالشرق الأوسط واندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله
  • ما تأثير الحرائق في الشمال على الكيان الإسرائيلي؟
  • مسؤولون أمريكيون: التوترات بين إسرائيل وحزب الله قد تخرج عن السيطرة
  • ألمانيا تدعو مواطنيها إلى مغادرة لبنان "بشكل عاجل"
  • ألمانيا تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان فورا