غالانت في واشنطن.. اختبار لعمق الخلافات بين نتنياهو وبايدن
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
واشنطن – بلقاء بقادة منظمة أيباك، كُبرى منظمات اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بدأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أنشطته في العاصمة الأميركية أمس الأحد. وعقب اللقاء غرّد على منصة "إكس" قائلا "نحن ملتزمون بضمان تحالف قوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. الولايات المتحدة هي أهم حليف لإسرائيل وأكثر أهمية من أي وقت مضى".
وتلبي الزيارة دعوة وجهها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في وقت سابق من هذا الشهر، وتمثل المرة الأولى التي يزور فيها غالانت واشنطن منذ أن أوصت المحكمة الجنائية الدولية بتوجيه اتهامات إليه بارتكاب جرائم حرب الشهر الماضي، والثانية منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
وذكر مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي أن زيارة غالانت تسعى إلى "رفع مجالات التعاون الفريدة بين مؤسسات الدفاع الأميركية والإسرائيلية، مع التركيز على جهود بناء القوة وإبرازها، والحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في المنطقة".
وأضاف غالانت "مستعدون لأي عمل قد يكون مطلوبا في غزة ولبنان وفي أي مناطق إضافية"، في إشارة إلى احتمال توسّع الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية، حيث تصاعدت الهجمات المتبادلة عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.
ويخطط الوزير يوآف غالانت للقاء كبار مسؤولي البنتاغون، وقال إن الاجتماع سيركز على مناقشة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة وكذلك سلوك الجيش الإسرائيلي في لبنان.
وتوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نهاية وشيكة لما وصفه بـ"تباطؤ" إمدادات الذخائر الأميركية إلى إسرائيل. فقد أشار خلال اجتماع لمجلس الوزراء إلى "انخفاض كبير في الذخائر القادمة إلى إسرائيل من الولايات المتحدة" خلال الأشهر الأربعة الأخيرة.
وقال "في ضوء ما سمعته خلال الـ24 ساعة الماضية، آمل وأعتقد أن هذه القضية سيتم حلها في المستقبل القريب". ورفضت إدارة بايدن بشكل عام الادعاءات بأنها فرضت ما يمكن أن يرقى إلى حظر أسلحة أميركي غير معلن على إسرائيل، وسط تزايد الخلافات العامة حول إستراتيجية إسرائيل في حرب غزة.
وبحسب الأوساط الإسرائيلية، بدأت أزمة صامتة في علاقات الدولتين في التراكم منذ نهاية فبراير/شباط الماضي تقريبا، بعد أن أنهت إسرائيل عملياتها الرئيسية في غزة. ويبدو أن إدارة بايدن انتهزت هذه الفرصة لوقف تسريع الصادرات الدفاعية إلى الإسرائيليين مع الضغط عليهم من أجل عرض رؤية متكاملة لمستقبل قطاع غزة.
ويعتقد بعد المعلّقين المؤيدين لإسرائيل في واشنطن أن مناورة إدارة بايدن أتت بنتائج عكسية من خلال تقويض الاستعداد العسكري الإسرائيلي في الوقت الذي صعّد فيه حزب الله هجماته على جبهة إسرائيل الشمالية في محاولة لإسناد المقاومة الفلسطينية أمام الهجمات الإسرائيلية.
ويرى ريتشارد غولدبرغ كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، المعروفة بتبنيها مواقف حزب الليكود الإسرائيلي، أن سياسات بايدن أدت إلى أن "يتصور حزب الله وإيران بالفعل أن إسرائيل غير قادرة على شن حرب شاملة بسبب نقص الدعم العسكري والسياسي الأميركي".
من ناحيتها، يعتري القلق إدارة بايدن من حديث نتنياهو المرتقب أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ، حيث تخشى الإدارة أن يتهمها بالتخلي عن إسرائيل.
هل يختلف غالانت عن نتنياهو؟
وفي حديث للجزيرة نت تعليقا على زيارة غالانت لواشنطن، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى، إلى أنه يمكن أن "يكون لاختلاف كبار المسؤولين الإسرائيليين عن نتنياهو وشركائه في الائتلاف اليميني تأثير أكبر على مسار العلاقات مع واشنطن".
وأضاف السفير ماك "يأمل غالانت، وهو عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، أن يجد دعما من وزير الخارجية أنتوني بلينكن والوزير أوستن ومن بايدن، لإجراء تغييرات كبيرة في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بالتركيز على احتياجات إسرائيل الأمنية التي هي أهم بكثير من حربها المفتوحة على (حركة المقاومة الإسلامية) حماس ومعاناة المدنيين الفلسطينيين التي تسببها".
ومن الأمثلة على ذلك، بحسب السفير ماك، بذل جهد كبير للتفاوض، وتنفيذ اتفاق إسرائيلي مع لبنان لانسحاب مقاتلي حزب الله شمالا، وترسيم الحدود، ونشر الجيش اللبناني المدعوم من الولايات المتحدة في المنطقة الحدودية ومراقبي الأمم المتحدة من كلا الجانبين الذين يراقبون وضعا "يحتمل أن يكون أكثر خطورة على إسرائيل من أي تهديد متخيل من غزة".
وتضغط إدارة بايدن على إسرائيل في الأسابيع الأخيرة لتهدئة التوترات المتصاعدة مع حزب الله في لبنان، خوفا من صراع على جبهتين يمكن أن يمتد إلى حرب إقليمية أكبر تشمل إيران مع استمرار إسرائيل في حربها المفتوحة على غزة.
ويعتبر غالانت أكثر تشددا من نتنياهو بشأن لبنان، وحذّر مرارا من صراع يلوح في الأفق مع حزب الله منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
بدء المرحلة "ج"
وقبل وصوله واشنطن، قال غالانت إن اجتماعاته مع مسؤولي إدارة بايدن ستشمل مناقشة الانتقال إلى المرحلة "ج" في قطاع غزة، التي وصفها بأنها "ذات أهمية كبيرة".
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد حوالي ثلاثة أسابيع من بدء الحرب، حدد غالانت خطة معركة من ثلاث مراحل فيما يتعلق بقطاع غزة، تبدأ بفترة من الغارات الجوية المكثفة على أهداف لحماس وبنيتها التحتية، حسب وصفه، تليها فترة وسيطة من العمليات البرية التي تهدف إلى "القضاء على جيوب المقاومة".
وقال غالانت في ذلك الوقت إن المرحلة الثالثة ستكون خلق "واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل من خلال تحقيق الأهداف المعلنة المتمثلة في تفكيك قدرات حماس العسكرية وقدراتها على الحكم في غزة".
وبينما يقول الجيش الإسرائيلي إنه على وشك تفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس أو الإضرار بها بشكل خطير، لم تقترح حكومة نتنياهو أية خطة واضحة للإدارة المدنية لغزة بعد الحرب.
وخلال لقاء تلفزيوني، أكد نتنياهو أنه سيتعين على الجيش الحفاظ على السيطرة الأمنية الشاملة على قطاع غزة. واستبعد اقتراحا دفعت به إدارة بايدن يقضي بتسليم غزة إلى السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة على قطاع غزة إدارة بایدن إسرائیل فی حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف تفضح طموحات نتنياهو نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي؟
نشر موقع "فلسطين كرونيكل" تقريرًا يسلط الضوء على الأساليب التي يعتمدها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للتغطية على نقاط ضعف "إسرائيل" وفشلها في تحقيق أهدافها، وذلك بالأساس من خلال استراتيجية "الهروب إلى الأمام" وإثارة المزيد من التوترات على أكثر من صعيد.
وقال الموقع في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن حملة نتنياهو ضد مصر مثال آخر على عجز إسرائيل عن حسم الحرب في غزة وتغيير الواقع السياسي في القطاع، بعد مرور 17 شهرًا على انطلاق الحرب المدمرة.
وحسب الموقع، فإن نتنياهو كان قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في حالة من النشوة السياسية؛ حيث بدا أن دبلوماسيته في الجنوب العالمي قد كسرت عقودًا من العزلة الإسرائيلية، كما أن نجاحه في الحصول على الاعتراف الدولي دون تنازلات كبيرة أكسبه شعبية هائلة في الداخل، وكان المتطرفون المحيطون به يتطلعون لإعادة تشكيل المنطقة وتعزيز مكانة إسرائيل عالميا بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة.
فشل إسرائيلي ذريع
لكن هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وما رافقه من فشل إسرائيلي ذريع على جميع الجبهات، كشف -وفقا للموقع- عن فشل نتنياهو في تحقيق تطلعاته، وسرعان ما تجلت الأزمة في غضب عالمي عارم ضد حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين، وأصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرمًا مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح الموقع أن نتنياهو اختار التصعيد في مواجهة هذه الإخفاقات، فقد أصر على مواصلة الحرب في غزة، والإبقاء على حضوره العسكري في لبنان، وتنفيذ حملات قصف متكررة وواسعة النطاق في سوريا، لكنه فشل حتى الآن في تحقيق أي من أهدافه المعلنة من الحرب المدمرة على غزة، والتي كلفت إسرائيل خسائر غير مسبوقة.
وفي الوقت نفسه، تتعمق الانقسامات بين النخب السياسية والعسكرية، وآخر مظاهر الانقسام إقالة العديد من كبار الضباط وإعادة ترتيب الأوراق في الجيش بما يتماشى مع طموحات نتنياهو السياسية.
وتزامنا مع تكثيف التهديدات تجاه غزة ولبنان وسوريا، صعدت إسرائيل لهجتها تجاه مصر رغم أنها ليست طرفا في النزاع الحالي وكانت أحد الوسطاء الثلاثة في محادثات وقف إطلاق النار.
وأكد الموقع أن السبب الأساسي لهذا التصعيد هو أن نجاح الاستراتيجية الإسرائيلية في ترحيل سكان غزة إلى صحراء سيناء يتطلب موافقة مصر، وقد بدأ كبار المسؤولين الإسرائيليين بتوجيه أصابع الاتهام إلى القاهرة في غياب أي بوادر على إمكانية تحقيق "نصر كامل" في حرب غزة.
التصعيد الإسرائيلي تجاه مصر
وأخذ التصعيد الإسرائيلي تجاه مصر منحى أكثر حدة -وفقا للموقع-، حيث اتهمت بعض الأطراف القاهرة بتسليح حماس، أو بعدم القيام بما يكفي لوقف تدفق الأسلحة إلى المقاومة الفلسطينية.
وعندما رفضت مصر الاتهامات الإسرائيلية وعارضت خطة التطهير العرقي وتهجير سكان غزة، بدأ القادة الإسرائيليون يتحدثون عن تهديد عسكري مصري، زاعمين أن القاهرة تحشد قواتها على الحدود مع إسرائيل.
واعتبر الموقع أن الهدف من توريط مصر في النزاع هو صرف الانتباه عن الفشل الإسرائيلي في ساحة المعركة، لكن هذا التكتيك تحول إلى عملية تضليل، أي إلقاء اللوم على مصر بسبب عدم قدرة إسرائيل على الانتصار في الحرب أو تحقيق هدفها بتهجير سكان غزة.
يضيف الموقع أن نتنياهو شعر أنه حصل على التزام أمريكي واضح بتصدير مشاكل إسرائيل إلى أماكن أخرى بعد أن طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لتهجير سكان غزة نحو الأردن ومصر. كما لعب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد ورقة مصر لصرف الانتباه عن فشله في منافسة نتنياهو سياسيا، حيث اقترح في مؤتمر له بواشنطن أن تشرف القاهرة على القطاع لعدة سنوات.
لكن ما لم ينتبه إليه كثيرون -وفقا للموقع- هو إسرائيل لم تأخذ تاريخيا الإذن من أحد لتهجير الفلسطينيين واحتلال أرضهم عندما كانت قادرة على القيام بذلك، ما يعني أن الضغوط التي تمارسها حاليا على الدول العربية للرضوخ لمخططات التطهير العرقي هو علامة على أنها تمر بأكثر اللحظات ضعفا في تاريخها.