مقترحات للفاعلين الدوليين حول أزمة السودان
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
د. الشفيع خضر سعيد
1
لن يختلف اثنان في أن الوضع الكارثي في السودان يزداد تفاقما ومأساوية كل يوم، ويقترب رويدا رويدا ليضحى مهددا حقيقيا يضع وجود البلاد وشعبها على المحك، خاصة في ظل حقيقة أن الطرفين المتحاربين لا يمتلكان الإرادة الذاتية للانصياع لنداءات وقف إطلاق النار ووقف تدمير البلاد، وفي ظل عجز القوى المدنية، حتى الآن، في التوافق حول رؤية موحدة لكيفية وقف الحرب ومنع تجددها وكيفية إدارة عملية سياسية تنتقل بالبلاد من دائرة الحرب إلى مربع السلام.
ولكن، يظل السؤال الرئيسي هو كيفية تحويل هذا الملف إلى فعل ملموس على أرض الواقع في ظل تعثر منبر جدة وتعنت الطرفين وخروقاتهما الدائمة لأي هدنة إنسانية وافقا ووقعا عليها؟ وكان هذا السؤال موضوع نقاش في حلقة نقاش مصغرة شارك فيها عدد من المهمومين بحال السودان، وطُرحت حياله بعض الأفكار والمقترحات، رأيت من المفيد تعميمها ومشاركتها القراء في مقال اليوم، وأوجزها في النقاط التالية:
النقطة الأولى: بالنظر إلى فشل ترتيبات المساعدة الإنسانية وحماية المحتاجين في السودان منذ اندلاع الحرب، نقترح أن تجتمع الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة للاتفاق على أساليب جديدة، خارج الصندوق، أكثر فعالية في تلبية احتياجات الناس. ويمكن الاستفادة من تجارب طرائق المساعدة الإنسانية السابقة مثل عملية شريان الحياة، ومقترحات 2016-2017 لمساعدة ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مع أهمية إعادة النظر في المناهج المعمول بها حتى الآن، وإبتداع طرق جديدة للتسليم عبر الحدود، والتفتيش المشترك للمساعدات من قبل أطراف النزاع والداعمين الدوليين، ودعم أنشطة غرف الطوارئ، واستخدام التحويلات النقدية الإلكترونية، وغير ذلك من الطرائق.
إن النجاح في التعامل مع ملف المساعدات الإنسانية، إضافة إلى أنه سيقلل من حدة الكارثة المأساوية، فإنه يمكن أن يشكل مدخلا عمليا لوحدة القوى المدنية والسياسية المناهضة للحرب
النقطة الثانية: تعقد قيادات رفيعة المستوى وذات خبرة من المجتمع الدولي والإقليمي جلسات تفاوض مع قيادات عليا متنفذة في القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، كل على حدة والاتفاق بشكل ثنائي مع كل طرف بشأن خلق الممرات الآمنة وتوصيل المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين، وذلك على أساس الاعتراف بحق كل طرف في السيطرة واشتراط موافقته على ممرات توصيل المساعدات. النقاط الجوهرية في هذا الاقتراح هي المشاركة على أعلى مستوى؛ لا يوجد شرط لاتفاق مشترك بين الطرفين المتحاربين؛ كفالة حق السيطرة؛ والدروس المستفادة من التجارب السابقة في توصيل المعونات الإنسانية.
النقطة الثالثة: إشراك وفود رفيعة المستوى من كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، كل على حدة وبشكل منفصل في جلسات لتبادل الأفكار حول الدروس المستفادة من ترتيبات وقف إطلاق النار السابقة في السودان، مثل اتفاق وقف إطلاق النار في جبال النوبة، واتفاق نجامينا لوقف إطلاق النار الإنساني؛ وإتفاق أبيي وما إلى ذلك. وقد أبدى الخبراء الدوليون، من سويسرا والنرويج والمملكة المتحدة، الذين شاركوا في اتفاقيات تنفيذ تلك الترتيبات السابقة لوقف إطلاق النار استعدادهم للمشاركة في هذه الجلسات. وهذا من شأنه أن يمهد الطريق لمزيد من مفاوضات وقف إطلاق النار المثمرة عندما تكون الأطراف مستعدة للدخول في مفاوضات.
النقطة الرابعة: استخدام الإطار القانوني الدولي (مسؤولية الحماية) لتفعيل آليات حماية السكان المدنيين وحماية الممرات لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمجموعات المدنية، وكذلك اتخاذ كل الإجراءات الوقائية لمنع حدوث إبادة جماعية وأي إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء.
النقطة الخامسة: الدراسة الجدية لاحتمال فرض وقف إطلاق النار الفني والحفاظ عليه، وذلك وفق الآليات المعمول بها إقليميا ودوليا وفي إطار القانون الدولي.
النقطة السادسة: تقديم كل الدعم الممكن للقوى المدنية السودانية لمضاعفة جهودها لتقليل الاستقطاب العرقي
والاجتماعي والسياسي.
النقطة السابعة: المساعدة في خلق أجواء ملائمة لانخراط القوى المدنية السودانية في عملية سياسية شاملة ذات طبيعة تأسيسية للدولة السودانية، على أن تكون من تصميم وإدارة وقيادة القوى المدنية السودانية، بعيدا عن أي تدخلات خارجية.
النقطة الثامنة والأخيرة: إن النجاح في التعامل مع ملف المساعدات الإنسانية، إضافة إلى أنه سيقلل من حدة الكارثة المأساوية، فإنه يمكن أن يشكل مدخلا عمليا لوحدة القوى المدنية والسياسية المناهضة للحرب، ومدخلا ملائما لانطلاق العملية السياسية.
نقلا عن القدس العربي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة وقف إطلاق النار القوى المدنیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: مصر قدمت 85% من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة
قالت إيمان زهران، أستاذ العلوم السياسية، إن الدولة المصرية لها دائمًا ثوابت خاصة فيما يتعلق بأنسنة الصراع بشكل واضح وهذا أنعكس ليس فقط على الرسائل المباشرة من القيادة السياسية الحالية، ولكن منذ بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عام 1948 فكان دائمًا يتم التأكيد على الجانب الإنساني في إدارة الصراع القائم.
وأضافت «زهران»، خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة قناة «إكسترا نيوز»، أن مصر قدمت أكثر من 85 % من المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تم إدخالها إلى قطاع غزة ، مشيرة إلى أن القيادة السياسية المصرية في الجانب التفاوضي دائمًا تعلي أن يكون المحدد الإنساني أحد أهم جوانب التفاوض والاتفاق وهذا ظهر في هيكل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وتابعت أستاذ العلوم السياسية: «التحرك المصري كان لديه العديد من المسارات والعديد من المدارات بجانب استشراف للتطلعات المستقبلية المنتظرة، وهناك رهانات وتحديات كثيرة أمام تطبيق المراحل الثلاث لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة».