سودانايل:
2025-03-18@10:36:58 GMT

البرهان وجماعته: ومتلازمة “مورو” عند الرُضع

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

بقلم / عمر الحويج

هم ذات الوجوه وذات الزمم الرمم ، الذين ذكرتهم في هذا المقال بذات تاريخ اليوم وشهره في العام 2021م ، أسمحوا لي إعادة نشره للتذكير .
فهم بربطة معلمهم نتاج إنقلاب 25 / 4 / 2021 . هم بشحمهم ولحمهم وإن زادوا شحماً ولحماً ، ونقصوا خلقاً وأخلاقاً وضميراً ، كما زادوا قبحاً في جرأئمهم وتآمراتهم ، وما أن جاءت الحرب العبثية السباقية لمن يصل أولاً إلى كراسي السلطة والهيمنة المستبدة ، فعرتهم حتى النخاع .


أنظروا إليهم فاحصين ، من هم ليسوا من عناهم الشاعر ، الحفاة الجائعين ، إنما هم اللابسين الشبعانين من مال السحت ، ومال الشعب .
وأنظروا إليهم فاحصبن ومافعلوه بعد الإنقلاب من خراب ودمار ، الملاحقين يوماً أتي لامحالة ، بالمحاكم المحلية والدولية وغداً لناظره قريب .
وبعض من الكتاب والمحليين بالمعنيين ،
يريد أن يحملوا يد الجماهير النظيفة ، "التي لا يؤمنون بها وبقدراتها الإبداعية والحركية" . تلك الجماهير التي بدمائها وحناجرها ، صنعت ثورة ديسمبر المجيدة ، والثالثة في الثورات كانت ثابتة ، لتجمعهم في مبادرات مخابراتية ، مع هذه الشرذمة الفاسدة ، وتسلم لهم مقودها لإغراقها في بحر النسيان .

البرهان ومجموعته:
ومتلازمة "مورو" عند الرُضع
ماذا جرى لهؤلاء الأنقلابيين ومشايعيهم من حركات الهمبتة المسلحة التي فقدت صفة الكفاح المسلح ، عند فقدنا لمصداقيتها، إضافة للمدنيين من الإنتهازيين والنغعيين والمرتزقة ، أظن هذه المجموعات ، قد أصابتهم لوثة عقلية ، وبعضهم مصاب بعقدة الإرتعاب النفسي ، مما سيلحق بهم من عار وشنار وشمار ، ومحاكم مفتوحة ومغلقة ، ومنها ما في لاهاي ، لمن ارتكب جرماً مثبتاً ومؤثقاً في حقه ، وهذا الإرتعاب الذي يلازمهم ، في آخر أيامهم بل لحظاتهم الآنية ، ليس له مثيل ، إلا عند الطفل الرضيع ، تجد ردات فعله ، لا يستوعبها العقل ، من الأم والأب ، ومن والاهم من الأقربين ، فلا يعرف لها سبباً ألا الطبيب النفساني . لذلك يقف عاجزاً الشخص العاقل غير المتخصص ، عن المساعدة ، وهو يرى الطفل حين يسمع صوتاً عالياً يأتيه فجأة ، من حيث لا يدري ، فيتشنج جسمه ويتوتر ، ويرتعش ، أو يسقط من علِِ ، دون شاهق ،كما س(يسقط بس) البرهان ، فتنكمش أعضاء جسده ، وترتجف ، هذه الحالة يسميها علماء النفس "بمتلازمة مورو" عند الرضيع هؤلاء ، الناس ، أعني المجموعات أعلاها المذكورة بالاسم والعنوان ، لديهم متلازمة الرضيع هذه .
لنبدأ أولاً برئيسهم ، أوشيخهم (غير المُنَصَب من إسلامييه لعدم الكفاءة) ، لنراه ، راي العين ، وبصورة جلية ، في إطلالته مع قناة الحرة ، ومذيعتنا النبيهة ، التي وضعته في خانة "اليك" كما نقول ، في مثل هذه الحالة العصيبة ، ودققوا في لغة الجسد لديه ، في العيون الزائغة ، في الأيدي المتشبثة بأطرافه ، بالقامة المنتصبة ، دون عسكرية اللحظة ، التي هو فيها ، بالإحساس الذي يرسله لك ، بأنه يرغب في الهروب من هذا المأزق الذي هو فيه ، ومن هذه المذيعة "اللَّصَقَة" التي لم تجعله يأخذ نفسه ، وهي تلاحقه بالأسئلة المحرجة والمحرمة في ساحته ، أما عقله الباطن والآخر الواعي أيضاً ، فلم يكونا معه البتة ، فقد تركهما بعيداً في مكان ما ، لو سالته المذيعة ، أين هو هذا المكان المفترض ، لرد دون تردد ، أنه قابع تحت رحمتها ، في جحر ضب ، استمعوا جيداً ، لإجابته ، عن المظاهرات والقتل ، أجاب المذيعة ، كانت فقط "أكيد" ،بكلمة واحدة وحيدة لا ثاني لها ، وهو ساهم مبحلق ، رددها مذهولاً في الإجابتين ، ولا يعرف أنها إجابة ، ستؤدي به إلى حبل المشنقة لمرة ألف ، وألاف أخريات تسبقها ، فجرائم القتل عنده متعددة ، ومتشعبة ، بل لا حصر لها ، لا تحصى ولا تعد .
يكفينا منه ذلك ، لنرى أيضاً ماذا عند حوارييه ومنافقيه ومرتزقته . أما هؤلاء فمتلازمة "مورو" ظهرت عليهم أعراضها من قبل نمو العقل والجهاز العصبي كما الرضيع ، فأصبحت تصريحاتهم ، مما لا يقبله عقلنا ولا جهازنا العصبي ، ولا المنطق السوي ، ولا العرف السياسي ، ولا الدبلوماسية الذكية وغير الذكية ، كما عند بلعيش المغربي ممثل الاتحاد الأفريقي ، راعي شركة مناجم ذهبنا المنهوب . فها هو مناوي ، يأتينا بما لم يأتي به الأولون ولا الآخرون ، ولأنه لايدري ماذا في العالم من إجراءات وقوانين وضوابط ، ويبدوا له أنها أُتّخِذت من خلف ظهره ، دون إخطار سيادته مسبقاً ، ودون علمه ، فهو يتساءل باندهاش ، ما دخل نادي باريس بما يحدث عندنا . ماله ولنا ، وكيف له أن يقرر وقف القرارات الخاصة بالغاء الديون عن كاهل السودان المثقل بغيرها من المصاعب ، التي أفرزها انقلابهم المشؤوم فتأمل ، ويكفينا ذلك من الحاكم بدون أمره مناوي .
ولنذهب إلى جبريل إبراهيم ، المتشبث و(المكنكش) في عنق رحم وزارة المالية ، والتي يقول أنه لن يتركها ، إلا على جثتي "وهذه مني" ، ولن يخرج منها ، حتى لو زال الإنقلاب وزال معه البرهان ، ومجلس سيادته ، والظن أنها آلت إليه بالوراثة من أجداده الأقدمين .
ولنتركه لغيره ، لنبحث عن الآخر الأردول ، ذلك الذي نالته ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر ، ومعها منظومة العبقرية الشعبية المقرؤة والموسومة بألف ليلة وليلة ، بشهر زادها النضرة الحكاية ، لتقص له ، قصة قصره الذي شاده أو في طريقه للتشييد ، من سبائك الذهب الخالص "عيار كم" ليس في علمي ، ما في علمي أنه ، سال من شعره وجيبه وما خفي كان أعظم من الذهب وما انسكب .
أما عسكوري الذي لا يقبل بإهانة كرامته المحفوظة حقوقها ، فحين سأله مراسل الجزيرة مباشر ، للتفضل بإعطائه تصريح عن اجتماع الأحد بفندق الروتانا ، والذي راح شمار في مرقة ، في يوم مولده غير المرغوب فيه ، والغير مأسوفاً عليه ، رد عليه بجلافة الغضبة المشهودة ، في تلك الليلة الليلاء تذكرونها، (أنا لا أتعامل مع قناة الجزيرة مباشر ) ، وفي ظني أنها صولة الأسد الهصور ، المجروحة كرامته ، أو هي ربما تكون "سَدة بسَدة" ، كما تقول عاميتنا ،حين حدث ما حدث له مثل غيره .
وقس ايها القارئ على ما أتى إلي سمعك ، من نوادر تصريحاتهم أو ترهاتهم ، لان ماذكرته منها هنا ، كان عرض العينة والمعاينة بغرض الشراء لمن رغب فقط .
فلنتركهم ، هؤلاء الرضُع أصحاب "متلازمة مورو"المتعلقة بارتعاب الرضيع ، وما ينتابهم "وأعنيهم" من الخوف والزُعر والمصير المنتظر ، لمعالجتهم من أمراضهم النفسية ، المتمكنة في دواخلهم الخربة ، حتى يأتيهم دواءهم الشافي من أدوائهم المستعصية ، حيث الملتقي بهم في الصيدلية الثورية الكائنة عند ملتقى الشوارع التي لا تخون ، وذلك في تمام الساعة الواحدة والنصف ، بتوقيت الثورة في 30 يونيو القادم ، أو ما بعدها ، فليل الثورة فينا ما زال جيلاً ليس طفلاً ينهض ، ولا يحبو ، يوم الثورة المستمرة والردة المستحيلة .

omeralhiwaig441@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بعد هزائم الدعم السريع.. هل ينجح البرهان في فرض سيطرته؟

منذ الإطاحة بنظام عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019، برز الفريق أول عبدالفتاح البرهان كشخصية محورية في المشهد السياسي السوداني، كأنما القدر قد اختاره ليقود سفينة البلاد في بحر مضطرب من التحولات والصراعات.

تولى قيادة المجلس العسكري الانتقالي بعد استقالة الفريق أول عوض بن عوف، مدعومًا بتأييد واسع من القوى السياسية التي تصدرت المشهد آنذاك، فضلًا عن دعم قوات الدعم السريع، والتأييد التلقائي من الجيش.

كانت تلك المرحلة بداية لتوازن هشّ ومعقد بين القوى العسكرية والمدنية، بعد دخوله في مفاوضات مع قوى الحرية والتغيير (قحت) لتحديد المرحلة الانتقالية، تصاعد التوتر سريعًا بين الطرفين لتحديد شكل المرحلة الانتقالية.

لكن سرعان ما تصاعد التوتر بين الطرفين، خاصة بعد فض اعتصام القيادة العامة للجيش في يونيو/ تموز 2019، وهو الحدث الذي أثار عاصفة من الغضب الشعبي، لكنه في الوقت نفسه عزز موقع البرهان في المعادلة السياسية، وكأنه صعد على أمواج متلاطمة من الأزمات.

في أغسطس/ آب 2019، أصبح البرهان رئيسًا للمجلس السيادي الانتقالي، محاولًا أن يقود مركبًا ممزق الأشرعة في بحر مضطرب من الصراعات بين التيارات الإسلامية المحافظة والعلمانية اليسارية المرتبطة بالغرب.

إعلان

لكن الرياح لم تكن دائمًا في صالحه، ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قاد ما أسماه "حركة تصحيح المسار"، بينما وصف خصومه ذلك بالانقلاب العسكري، حيث أطاح بحكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، معززًا قبضته على السلطة.

ومع ذلك، وجد نفسه في مواجهة ضغوط إقليمية ودولية مؤيدة لحمدوك، مما جعله يتأرجح بين القبول، والرفض على الساحة الدولية. رغم اعتماده على الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، فإن التوترات الداخلية والتحديات الاقتصادية والسياسية جعلت موقفه يشبه بناءً من الرمال المتحركة، حيث يجد نفسه في توازن هش بين القوى المحلية والإقليمية والدولية، في ظل مشهد سياسي معقد، ومفتوح على احتمالات عدة.

المفارقة الكبرى تكمن في أن قوات الدعم السريع، والتي كانت شريكًا رئيسيًا للبرهان في السيطرة على السلطة بعد إطاحة البشير، أصبحت تمثل التهديد الأكبر له. فبعد أن ساهمت في تعزيز نفوذه العسكري، والسياسي من خلال دعمها في أحداث حاسمة مثل فض الاعتصام وإجراءات تصحيح المسار أو الانقلاب العسكري حسب خصومه، فقد انقلبت هذه القوات إلى عدو لدود، حيث يخوض الآن حرب وجودٍ ضروسًا ضدها.

والأكثر إثارة للدهشة أن الحماقة التي أقدمت عليها قوات الدعم السريع في محاولتها الانقلابية في 15 أبريل/ نيسان 2023، وما ارتكبته من جرائم إبادة جماعية واغتصاب وسرقة وتدمير للبنى التحتية بعد أن تحولت إلى مليشيا إجرامية، أتاحت للبرهان فرصة غير مسبوقة للالتفاف الشعبي حوله.

هذا التأييد الشعبي، الذي جاء كرد فعل على فظائع (الدعم السريع)، زاد من طموح البرهان لقيادة البلاد ليس فقط في فترة ما بعد الحرب، بل أيضًا في مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية.

لكن السؤال الذي يظل معلقًا في الهواء هو: ما هي فرص الرجل في إطالة أمد هذا السياق المعقد؟ هل سيتمكن من تحويل الالتفاف الشعبي المؤقت إلى شرعية دائمة، أم إن التحديات الداخلية، والخارجية ستجعل موقفه كقارب يكافح للبقاء وسط عاصفة لا ترحم؟

إعلان

في النهاية، يبقى مستقبل البرهان مرهونًا بقدرته على تحقيق توازن شبه مستحيل بين القوى المتصارعة، في وقت يبدو فيه المشهد السياسي السوداني كقطعة شطرنج معقدة، كل حركة فيها تحمل في طياتها احتمالات النصر أو الهزيمة.

خلفيات وملابسات صعود البرهان

وصل البرهان إلى موقعه الحالي باعتباره شخصية رئيسية في السودان، حيث يجمع بين السلطات العسكرية، والسياسية في ظل ظروف مضطربة، وانتقالية.

بدأت الأحداث باحتجاجات شعبية واسعة ضد حكم البشير الذي استمر أكثر من 30 عامًا، حيث طالبت الجماهير بإسقاط نظامه؛ بسبب الأزمات الاقتصادية والفساد.

في 11 أبريل/ نيسان 2019، أطاحت اللجنة الأمنية (مشكلة من وزير الدفاع وقادة في الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى) بالبشير وتشكل مجلس عسكري انتقالي بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عوض بن عوف، الذي استقال بعد يوم واحد فقط تحت ضغط قائد قوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير التي كانت تتحكم في الشارع الغاضب حينها.

بعد استقالة بن عوف، تولى البرهان، الذي كان يشغل منصب المفتش العام للجيش، قيادة المجلس العسكري الانتقالي في 12 أبريل/ نيسان 2019. كان البرهان يتمتع بدعم مقدر داخل الجيش، واعتبر شخصية مقبولة نسبيًا من قبل (الدعم السريع) و(قحت).

خلال هذه الفترة، بدأت مفاوضات بين المجلس العسكري و(قحت) لتحديد شكل الفترة الانتقالية. ومع ذلك، تصاعدت التوترات بعد فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم في 3 يونيو/ تموز 2019، مما أدى إلى مقتل عشرات المتظاهرين وزيادة الضغط على المجلس العسكري.

في أغسطس/ آب 2019، تم التوصل إلى اتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لتشكيل مجلس سيادي انتقالي يتكون من 11 عضوًا (5 عسكريين و6 مدنيين) لقيادة الفترة الانتقالية.

في 21 أغسطس/ آب 2019، تم تعيين البرهان رئيسًا للمجلس السيادي الانتقالي، بينما تم تعيين عبدالله حمدوك -وهو اقتصادي مدني- رئيسًا للوزراء.

خلال الفترة الانتقالية، كان البرهان يمثل السلطة العسكرية في السودان، بينما تولى حمدوك وحكومته المهام التنفيذية. ومع ذلك، استمرت التوترات بين العسكريين، والمدنيين حول السلطة ومسار الانتقال الديمقراطي.

إعلان

في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قاد البرهان مسارًا تصحيحيًا أطاح بالحكومة الانتقالية بعد تصاعد الخلافات داخل (قحت) نفسها، وتدهور الأوضاع الاقتصادية لمستوى غير مسبوق. فأعلن البرهان حل المجلس السيادي والحكومة وفرض حالة الطوارئ.

بعد هذا الحدث، عاد البرهان ليكون الشخصية الأبرز في المشهد السياسي السوداني، حيث تولى السلطة بشكل فعلي وأدار البلاد بمساعدة العسكريين، وقوى مدنية مناوئة لـ (قحت).

بهذه الطريقة، وصل البرهان إلى موقعه الحالي كشخصية رئيسية في السودان، حيث يجمع بين السلطات العسكرية والسياسية في ظل ظروف مضطربة وانتقالية.

موازنة صعبة بين القوى السياسية

يواجه البرهان تحديًا كبيرًا في إدارة العلاقة بين التيارات السياسية المتنافسة في السودان، حيث يحاول الموازنة بين التيار الإسلامي والتيار العلماني اليساري دون الالتزام الكامل مع أي منهما.

التيار الإسلامي، المتمثل في جماعات مثل حزب المؤتمر الوطني الذي كان يحكم في عهد عمر البشير، يتمتع بقوة تنظيمية كبيرة وخبرة واسعة في الحكم. هذا التيار، رغم تراجع نفوذه بعد الإطاحة بالبشير، لا يزال يحاول العودة إلى المشهد السياسي من خلال التحالفات الخفية أو العلنية مع بعض القوى العسكرية والسياسية.

خبرته في إدارة الدولة، وقدرته على تعبئة القواعد الشعبية تجعلانه لاعبًا لا يمكن تجاهله لا سيما في حفز المقاومة الشعبية التي أحدثت فرقًا كبيرًا في مواجهة (الدعم السريع) في الحرب الحالية، مما يضطر البرهان إلى التعامل معه بحذر لتجنب استفزاز قواعده أو خلق توترات إضافية.

من جهة أخرى، فإن التيار العلماني اليساري – المتمثل في تحالفات مثل قوى الحرية والتغيير (قحت) التي تحوّلت لاحقًا إلى (تقدم) ثم (صمود) بقيادة حمدوك- يشكل قوة ضاغطة على البرهان للمضي قدمًا في عملية تحوّل ديمقراطي يعزل فيه التيار الإسلامي تمامًا.

إعلان

ويحاول البرهان موازنة العلاقة بين هذين التيارين من خلال اتباع سياسة مرنة تهدف إلى إرضاء الطرفين دون الالتزام الكامل مع أي منهما.

من ناحية، يتعامل مع التيار الإسلامي بتحفظ، حيث يسمح له بحضور محدود في المشهد السياسي دون منحه نفوذًا كبيرًا. ومن ناحية أخرى، يحاول استيعاب بعض مطالب التيار العلماني اليساري من خلال تقديم وعود سياسية مع الحفاظ على السيطرة العسكرية على مقاليد الأمور.

هذه السياسة المرنة تهدف إلى تجنب الاصطدام المباشر مع أي من التيارين، ولكنها أيضًا تعرض البرهان لانتقادات من كلا الجانبين، حيث يراه الإسلاميون مترددًا في دعمهم، بينما يراه العلمانيون جزءًا من نظام عسكري يعيق التحول الديمقراطي.

في النهاية، توازن البرهان بين هذه القوى السياسية يبقى تحديًا كبيرًا، حيث يتطلب إدارة دقيقة للمصالح المتناقضة وتجنب الانحياز الكامل لأي طرف.

نجاحه في هذا التوازن يعتمد على قدرته على الحفاظ على دعم الجيش مع تقديم تنازلات محدودة لإرضاء القوى السياسية، لكن أي خطأ في هذه المعادلة قد يؤدي إلى تهديد استقرار حكمه ومستقبله السياسي.

ومنذ إجراءات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، واجه البرهان معضلة البحث عن حاضنة سياسية لضمان استمراره في السلطة.

تاريخيًا، لجأت الأنظمة العسكرية في السودان إلى تأسيس كيانات سياسية موالية، مثل "الاتحاد الاشتراكي" في عهد الرئيس السابق جعفر نميري (1985 – 1969)، لكن تكرار هذه التجربة يواجه تحديات بسبب تغير طبيعة القوى السياسية وكيمياء الكتلة الجماهيرية.

ولذا قد يلجأ البرهان إلى الإدارات الأهلية والطرق الصوفية ورجال الأعمال، لكنها قوى غير قادرة على توفير شرعية دائمة.

في ظل هذه المعطيات، يظل البرهان في وضع سياسي هش، يفتقر إلى حاضنة متماسكة تضمن له الاستمرار. أما اعتماد البرهان على الجيش كدعامة رئيسية لحكمه، حيث وفر له الحماية منذ الإطاحة البشير، فأمر لا يمثل ضمانة مستمرة إذ إن نظام الجيش لا يعطي قائده (شيكًا على بياض)، خاصة مع استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية.

إعلان

بالإضافة إلى ما سبق، فإن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، مع تراجع الجنيه السوداني بفعل ارتفاع معدلات التضخم، تجعل بقاء البرهان في السلطة أكثر صعوبة. فضعف الخدمات الأساسية يفاقم الاحتقان الشعبي، ويجعل الاحتجاجات العفوية احتمالًا قائمًا.

كما أن القوات الأمنية نفسها قد تتأثر بالأوضاع المعيشية المتدهورة، مما قد يؤدي إلى تصدعات داخل الجيش. في ظل هذا الوضع، يواجه البرهان خيارين: تقديم تنازلات سياسية لكسب الدعم الاقتصادي، أو الاستمرار في الاعتماد على الموارد الذاتية، وهو ما يعني استمرار التدهور وزيادة الغضب الشعبي.

بيد أن البرهان يحظى بدعم إقليمي من بعض الدول أبرزها مصر التي ترى في استقرار السودان مصلحة إستراتيجية لها. في المقابل، تواجه حكومته ضغوطًا دولية، إذ علقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهما، بزعم المطالبة بانتقال ديمقراطي.

فهل يستطيع البرهان المناورة بين كل هذه الضغوط عبر تعزيز علاقاته مع حلفائه الإقليميين، أو تقديم تنازلات سياسية محدودة لاستعادة الدعم الدولي؟

سيناريوهات مستقبل البرهان السياسي

تتراوح خيارات البرهان بين: تكوين حاضنة سياسية جديدة عبر استقطاب قوى تقليدية، لكنه يواجه تحديات اقتصادية وسياسية تعيق نجاح هذا الخيار، أو الاستجابة للضغوط الداخلية والخارجية وإجباره على التنحي، خاصة مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والتظاهرات الشعبية المحتملة. أو حدوث انشقاقات داخل الجيش تطيح به، إذا تصاعدت الخلافات داخل المؤسَّسة العسكرية أو تصاعدت الآثار السلبية في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.

في المحصلة، يظل بقاء البرهان في السلطة مرهونًا بقدرته على المناورة بين هذه التحديات، لكنه يواجه وضعًا غير مستقر قد يهدد مستقبله السياسي واحتمالات استقرار حكمه.

لا يبدو حتى الآن أن لدى البرهان أي رؤية سياسية واضحة وإنما يتعامل مع الأزمات بردود فعل آنية.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • بعد هزائم الدعم السريع.. هل ينجح البرهان في فرض سيطرته؟
  • على طريقة “أشغال شقة”.. مصرية تطلب الخلع لتفتيش حماتها في قمامتها
  • نائب أمير منطقة حائل يتسلّم التقرير الختامي لـ “مؤتمر أجا التقني” الذي أقيم بالمنطقة
  • بيتكوفيتش: “بن ناصر الذي كان يرغب بشدة في التواجد معنا لكن..”
  • 30 سيدة يقدمن منتجات حرفية بمعرض “بأيدينا غير 3” بالسويداء
  • عبد الرحمن المطيري يشيد بالإنجازات التي حققها لاعبو ولاعبات الكويت في الأولمبياد الخاص “تورينو 2025”
  • شاهد بالفيديو.. بعد الخلاف الذي نشب بينهما.. شيبة ضرار يوجه رسائل هامة للقائد “كيكل” والناشط البارز “الإنصرافي”
  • رئيس الجمهورية يخالف الحقيقة التي تؤكد “إن إيران من قصفت حلبجة بالكيمياوي وليس العراق”
  • قسم الغاز في معمل “سادكوب” بانياس يستأنف عمله بعد التوقف الذي نتج عن هجمات فلول النظام البائد.
  • “رويترز”: عودة بعض السوريين إلى بيوتهم بعد أن لجأوا إلى قاعدة حميميم الروسية هربا من العنف في الساحل