حددت شروط سندات اليوروبوندز لحملة السندات فترة 5 سنوات للمطالبة بالفوائد و10 سنوات للمطالبة بأصل الدين منذ تاريخ التوقّف عن الدفع الذي اعتمد في 9 آذار 2020 بعد إعلان حكومة الرئيس السابق حسان دياب أن لبنان سيتخلف عن سداد ديونه للمرة الأولى في تاريخه، من دون مباشرة أي مفاوضات لإعادة هيكلة الديون بالعملات الأجنبية.

ومن حينه اعتبرت السندات مستحقةً بكاملها حيث بلغت قيمة هذه السندات حوالي 31.8 مليار دولار ويضاف إليها الفوائد التي تستحق سنوياً بمعزل عن تاريخ استحقاق السند.

ويدقّ معنيون بالشأن الاقتصادي ناقوس الخطر، من جراء ما يمكن أن يقدم عليه الدائنون قبل آذار 2025، فبعد خمسة أعوام من عدم المطالبة الرسميّة بالدفع يمكن أن يسقط حقهم في الفائدة والتي تقدر حتى الآن بنحو 10 مليارات دولار.

إن سندات اليوروبوند هي سندات دين بالعملات الأجنبية وهي تمثّل إحدى أدوات الدين التي تصدرها الحكومات للإقتراض، بحيث تمثّل القيمة الإسميّة للسند المبلغ الذي اقترضته الحكومة عند الإصدار، والذي يُفترض أن تسدده لحامل السند عند الاستحقاق وطبعاً تختلف تواريخ الإستحقاق للسندات بحسب تاريخ الإصدار، على أن يتم تسديد الفوائد المحددة سلفًا بشكل دوري. خلال هذه المدّة، التي يمكن أن تمتد لسنوات طويلة، أي بين إصدار السند واستحقاقه، يمكن تداول السندات وفق قيمتهم السوقيّة، التي تختلف عن القيمة الإسميّة.

والجدير ذكره أن تقلّب أسعار السند في السوق، بمعزل عن القيمة الإسميّة التي ستسدد عند الاستحقاق، يعتمد، بحسب استاذ الاقتصاد بلال علامة على عوامل عدّة أبرزها:

1-تبدّل مستوى المخاطر في الدولة

2-تقلّب عوامل العرض والطلب على السند نفسه.

3- تبدّل أسعار الفوائد العامّة في السوق وطبعاً ليس نشاط الحركة الإقتصادية الظرفية أو الآنية لأي دورة إقتصادية.

غالبًا ما يؤدّي ارتفاع مخاطر ديون دولة معيّنة، وفق علامة، إلى انخفاض أسعار سنداتها السياديّة في السوق، لتراجع الطلب عليها، ولترقّب المستثمرين فارقًا (أي ربحًا) أعلى بين قيمة شراء السند السوقيّة، وقيمة تسديده الإسميّة عند الاستحقاق، من أجل التعويض عن ارتفاع المخاطر. أمّا ارتفاع أسعار الفوائد بشكل عام في السوق، فيخفّض من قيمة السندات السوقيّة أيضًا، ليتلاءم الفرق (أي مجددًا، الربح) بين سعر الشراء وقيمة تسديد السند عند الاستحقاق، مع نسبة الفوائد الجديدة المرتفعة في السوق، خصوصًا أن المبلغ الذي تدفعه الحكومة لحامل السند كفوائد سيبقى ثابتًا بمعزل عن تبدل الفوائد الرائجة في السوق.

منذ تاريخ التوقف عن الدفع في آذار 2020 كان يتوجب على الدولة اللبنانية، كما يقول علامة، إعادة هيكلة السندات السيادية من خلال مفاوضة حاملي السندات حسب الشروط الواردة في عقود سندات اليوروبوندز والتي تتيح للدولة إجبار أقلية حاملي السندات على قبول إعادة الهيكلة في حال تمكّنت الدولة من نيل موافقة حاملي نسبة 75% من سندات اليوروبوندز في كل سلسلة (على أساس التصويت لكل سلسلة على حدة)، لكن ذلك لم يحصل ولم تستطع الدولة حتى الآن جدولة سلاسل السندات وحصر حامليها ربما لأسباب تتعلق بعجز ما أو لعدم وجود إرادة جدية لمفاوضة حاملي السندات أو لعدم رغبة في إعادة الهيكلة.

الجدير ذكره مثلاً، وفق علامة، أن المصارف اللبنانية كانت تحمل من سندات يوروبوندز في شهر شباط 2020، أي قبل شهر من التوقّف عن الدفع، نحو 11.6 مليار دولار. ومنذ ذلك الوقت انخفضت القيمة الدفترية لما تحمله المصارف من سندات اليوروبوندز إلى نحو 2.2 مليار دولار، وهو نتيجة اتخاذها مؤونات على هذه السندات حيث ساهمت هذه المؤونات في إطالة عمر المصارف مع جعلها قادرة على التجاوب مع تعاميم المصرف المركزي المتعلقة بإعادة الرسملة وضرورة دفع فتات من الودائع المحتجزة لديها بالعملة الأجنبية.

يبقى الترقب سيد الموقف لشكاوى الدائنين عبر المحاكم الدولية والتي يمكن أن تصدر أحكاماً صارمة ضد الدولة اللبنانية وممتلكاتها في الخارج، فمن المرجّح رفع دعاوى ضدّ الدولة قبل 9 آذار 2025، لأنه بعد هذا التاريخ سيبدأ حاملو السندات بفقدان حقّهم بالفائدة، إلا في حال تمّت إعادة هيكلة اليوروبوندز قبل هذا التاريخ علماً بأن لا مدة محددة لمقاضاة الدولة اللبنانية عن القيم الإسمية للسندات.

منذ شهرين تقريباً تجري عمليات بيع لبعض سندات اليوروبوندز وقد شملت سندات بقيمة إسمية تبلغ 2 مليار دولار. علماً أنه قياساً على أسعار سوق السندات، فإن المبالغ الفعلية المدفوعة لشراء هذه السندات وصلت إلى 140 مليون دولار. وتبرير حصول هذه العمليات،بحسب علامة، هو قرب موعد الاستحقاق القانوني لهذه السندات في شباط المقبل. وفسرت حركة البيع والشراء هذه بوجود جهات حاملة للسندات لا ترغب في رفع دعاوى على الحكومة اللبنانية، في المقابل هناك جهات تسعى إلى هذا الأمر، مثل الصناديق الكاسرة. وقد ازدادت هذه الحركة مع حلول شهر حزيران، إذ ارتفع سعر السند إلى نحو 7.3 سنتات للدولار الواحد، وهو ما يمثّل ارتفاعاً بنسبة 7.12% خلال شهر واحد. يكمل هذا الارتفاع، وفق علامة، المسار الصعودي لسعر اليوروبوندز منذ بدايات السنة الحالية، إذ كان السعر قد بلغ في شهر شباط نحو 5.7 سنتات للدولار الواحد، ثم بدأ يرتفع منذ ذلك الوقت.

وليس بعيداً، يعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أن: "كل حاملي سندات اليوروبوند من المفترض ان يتم التعامل معهم بالطريقة نفسها، بمعنى إن افترضنا اننا قرّرنا حذف نسبة من قيمة السندات فذلك سينطبق على حاملي السندات في الخارج والداخل أيضا"
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عند الاستحقاق حاملی السندات هذه السندات ملیار دولار إعادة هیکلة ة فی السوق الإسمی ة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

انتهت وظيفة السلاح اللاشرعي

«حزب الله» في مكان آخر... ما زال يعيش زمن ما قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023! هذه الخلاصة هي ما يستوقف المراقب لدى متابعة الحوار المتلفز للشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لـ«الحزب»، الذي قال: «لن نوقف المقاومة مهما فعلتم»، وإن من يتكلم بمنطق «حروب الآخرين، فلا منطق له»، وإن «حصرية السلاح تتعلق بالداخل اللبناني، لكن المقاومة شأن آخر»... حتى يصل الشيخ نعيم إلى تعمد مخاطبة الدولة بفوقية: «فَرْجُونَا شُو بِيِطْلَعْ منكم»، وتجاهله سقوط «الحزب» في امتحان حرب «المشاغلة» عندما تسبب في استدراج الاحتلال... فقد حمل الحوار إشارات تمرد على القرارات الدولية واتفاق وقف النار الذي فاوض عليه «الحزب» وأعلن التزامه به، تمثلت في إهمال الإشارة إلى أن تفكيك البنية العسكرية لـ«الحزب» جنوب الليطاني يأتي انسجاماً مع اتفاق وقف النار ، كما أن مراقبين وجدوا في الطروحات إشارات متممة لأخطر حملة ابتزاز تسوقها أبواق محوره، مفادها بأن «البيئة اللصيقة» ستحول حياة اللبنانيين إلى جحيم إن لم ينطلق فوراً إعمار ما تهدم، وبأنه لا أمن للمواطنين ولا مدارس ولا مستشفيات قبل إعادة بناء مثيلاتها في المناطق المدمرة... فماذا وراء هذا الغرور والتشاوف؟!
واضح أن «حزب الله» يعيش غربة حيال ما آل إليه الوضع، ويعيش حالة إفلاس سياسي ومكابرة. لقد فاته انكسار مشروع إيران الكبرى وأبعاد التراجع إلى داخل الجغرافيا الإيرانية. وغابت عنه النهاية الدراماتيكية لمشروع «وحدة الساحات» وعجزه عن الدفاع عن النظام الإيراني. وربما يمر بحالة إنكار أمام مشهد ذوبان «فيلق القدس». وقد يكون الأخطر عدم التسليم بأن لبنان عاد يتنفس بشكل طبيعي ويواصل استرداد الدولة المخطوفة ويبسط تباعاً سيادة الشرعية من دون شريك. وقد يمر بعض الوقت ليأخذ علماً بأن الدولة باتت صاحبة قرار الحرب والسلم، رغم التهديدات الصوتية التي يظن مُطلقها أن قدرته على الابتزاز وتهديده الاستقرار لم تتراجع. صحيح أن هناك دوماً إمكانات لتخريب معين، لكن ما هو مسلّم به أن زمن المراهقة السياسية طُويَ إلى غير رجعة؛ لأن في الأمر مخاطر جدية على من يلجأ إليها.
أخطر ما يمكن أن يواجهه البلد الآن هو عدم التصدي لسياسة الكيل بمكيالين. وواضح أن التغاضي شجع على التمادي في سرديات مقلقة يوزعها «ثنائي (حزب الله) و(أمل)» شمالاً ويميناً للتنصل من اتفاق وقف النار. لقد آن أوان فضح مرامي وأبعاد التشاطر بشأن التنفيذ الكامل للقرار الدولي «1701»، بعدما أكد لبنان، عبر خطاب القَسَم والبيان الوزاري، أن التزام تطبيق القرارات الدولية قرار وطني يصب في مصلحة شعبه، وليس خياراً بين خيارات أخرى! والقرار الوطني يفترض خطوات على الأرض؛ لأن الدولة الساعية إلى إعادة الإعمار والتعافي لا تملك ترف الوقت لجهة البطء في تطبيق القرار «1701» على كامل التراب اللبناني؛ بدءاً من الجنوب إلى العاصمة والمطار الدولي وأقصى الشمال والشرق وكامل الحدود مع سوريا؛ إذ «لم يعد مسموحاً لغير الدولة بحماية الأرض» وفق ما أكد عليه الرئيس جوزيف عون.
لا مجال لتكرار الخطأ... لقد استدرجت حربُ «الإسناد» احتلالَ الأرض التي كلف تحريرها الكثير. وجليّ اليوم أن محاولات إسرائيل فرض حزام أمني على طول الحدود لا يمكن أن تواجَه عسكرياً مع الخلل الكبير في موازين القوى بين إسرائيل وكل بلدان الطوق، فكيف بلبنان؟ وتالياً لا سبيل آخر غير تصليب الموقف السياسي الداخلي، ومواصلة خوض مواجهة دبلوماسية عنوانها استعادة الأرض والعودة إلى اتفاق الهدنة الموقع بين البلدين، الذي يستند إلى حدود مرسّمة معترف بها دولياً، ويمنع أي عمل عسكري من لبنان ضد إسرائيل، وكل منحى آخر لن يؤدي إلا إلى تدفيع البلد ثمناً لا قدرة له على تحمله.
ما ينبغي التسليم به هو أن إعادة الإعمار التزام؛ كما يؤكد دوماً رئيس الحكومة نواف سلام، لكن عناصر إطلاق هذه المهمة، وأولها الموجبات المالية، تتطلب الكثير. إن أرقام البنك الدولي لتكلفة إعادة الإعمار ارتفعت إلى 14 مليار دولار، أي نحو 60 في المائة من إجمالي الناتج القومي، مما يعني أن لبنان أمام عملية طويلة لن تتأمن موجبات بدئها قبل التخلي الكامل عن السلاح اللاشرعي وتسليمه للدولة.
طبعاً ليس ذلك بسيطاً؛ لأن استجابة «حزب الله» التلقائية لن تكون فورية، بل تحتم على السلطة، التي تمتلك الشرعية الكاملة وسلاح الموقف، اتخاذ خطوات تؤكد أن استخدام السلاح الفئوي لم يعد ممكناً. وما من دليل أكبر على ذلك مما يعيشه البلد، خصوصاً الجنوب، فالعدو منذ اتفاق وقف النار لم يوقف تعدياته، ويتحرك بحرية مطلقة على امتداد الحدود، وتتركز ذرائعه الكاذبة على بقاء السلاح اللاشرعي؛ ليغطي أهدافه السياسية، ويدرك «حزب الله» استحالة المواجهة، ويعرف تمام المعرفة أن إطلاقه، ولو قذيفة واحدة، سيورط البلد وكل أهله في أخطر مغامرة... لذا؛ يطرح السؤال نفسه: ما الوظيفة الداخلية لهذه اللغة وللسلاح الذي يتمسك به «الحزب»؟ لقد آن أوان سحب الذرائع عبر مواقف حاسمة تستند إلى «انتهاء زمن المقاومة المسلحة وزمن المحاور وزمن لبنان الساحة».

مقالات مشابهة

  • الهيئة العامة للطيران المدني السوري لـ سانا: إعادة تشغيل مطار حلب الدولي أمام حركة الطيران اعتباراً من يوم الثلاثاء 18 آذار الجاري
  • الكويت تمنح الضوء الأخضر لبيع أول سندات دولية منذ 8 سنوات
  • شيفروليه تتصدر السيارات الأعلى ترخيصا خلال فبراير 2025
  • 33.8 ألف علامة تجارية مسجلة بالإمارات خلال 2024
  • سامي الجميل بذكرى 14 آذار: لبنان باقٍ وعصي على كل احتلال
  • بريطانيا تعلن عن خطط لإعادة هيكلة الدولة وزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي
  • "الإعلامي الحكومي" يشيد بنجاح حملة إعادة إعمار مستشفى النصر للأطفال
  • جنبلاط: لا أُريد أنّ يأتي هؤلاء في 16 آذار
  • انتهت وظيفة السلاح اللاشرعي
  • أبرزها إعادة هيكلة الكرة والإعلام.. اجتماع عاجل لمجلس الزمالك لمناقشة ملفات هامة