اختلف تعامل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع المنافقين بحسب الموقف، وبحسب ما يراه رسول الله مناسباً مع مراعاة المصالح والأضرار، وفيما يأتي مجموعة من المواقف التي تبين تعامله -عليه السّلام.

 مواجهتهم بأفعالهم عندما يتطلب الأمر وبيان معرفته بها ذكر السُدّيّ ومقاتل أنّ عبد الله بن نبتل كان أحد المنافقين في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم، وكان هذا الرجل يأتي إلى رسول الله يجلس معه، ثمّ يذهب إلى اليهود ويخبرهم بما قاله صلى الله عليه وسلم-.

 

وفي ذات يوم كان رسول الله جالساً بين أصحابه فقال لهم: سيدخل الآن عليكم رجلٌ قلبه قلب جبّار، وعينيه عينيّ شيطان، وإذا بعبد الله بن أبيّ يدخل إلى المجلس، فأخبره رسول الله أنّه على علم بما يقوم به هو وأصحابه؛ من شتمٍ لرسول الله، فأنكر ذلك وحلف بالله أنّه ما فعل، لكنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذّبه وظلّ يقول له فعلت، فذهب إلى أصحابه وأتى بهم فحلفوا لرسول الله بأنّهم ما فعلوا، فأنزل الله في كتابه يقول: (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ).

وعقابهم عندما يتطلب الأمر لمّا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالتجهّز للخروج في غزوة تبوك، تراجع المنافقون وامتنعوا من الخروج، فخرج رسول الله بأصحابه إلى الغزو، فلما رجع إلى المدينة المنورة كان أوّل أمر قام به الذهاب إلى المسجد النبويّ ليصلّي فيه ركعتين.

دعاء ذبح الأضحية في عيد الأضحى المبارك

 ثم قَدم إليه المنافقون بعد ذلك يعتذرون، ويقدّم كلٌّ منهم عذره الذي منعه من الاستجابة لأمر الله ورسوله والخروج للجهاد في سبيل الله، فقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعذارهم الظاهرة واستغفر لهم دون أن ينظر إلى باطن كلّ واحد منهم ويعلم ما بداخله، لكنّ النبي الكريم اتّخذ موقفاً مباشراً من المنافقين جزاءً لهم على ما فعلوا، فرفض الصلاة في مسجد ضرار الذي بنوه في المدينة المنورة قبل الخروج للمعركة، بل وأمر بحرقه، ترك عقابهم في بعض الأحيان تحقيقًا لمصلحة أكبر كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعلم بنفاق عبد الله بن أبيّ وغيره من المنافقين، لكنّه لم يقاتلهم ولم يفصح عن أسمائهم، فالناس من اليهود والنصارى ومَن كان يعيش في المدينة لم يكونوا على علمٍ بنفاق هؤلاء، وكان يرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّ قتال المنافقين مدعاة لقول الناس: إنّ محمداً يقتل أصحابه؛ لكونهم على غير علم بباطن المنافقين وما يخفون في صدورهم.

 ويكون ذلك سبباً لامتناع الناس من الدخول في دين الله والنفور منه، فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُحقّق المنفعة الأكبر؛ وهي إقبال الناس على الإسلام وهذا أولى من قتال المنافقين. ومن الجدير بالذكر أن رسول الله لم يخبر عن أسماء هذه الفئة إلّا لحذيفة بن اليمان -رضيَ الله عنه.

 كما أنّ حذيفة لم يكن على علمٍ بجميع الأسماء، يقول -سبحانه-: (وَمِمَّن حَولَكُم مِنَ الأَعرابِ مُنافِقونَ وَمِن أَهلِ المَدينَةِ مَرَدوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعلَمُهُم نَحنُ نَعلَمُهُم سَنُعَذِّبُهُم مَرَّتَينِ ثُمَّ يُرَدّونَ إِلى عَذابٍ عَظيم)، ورسول الله كذلك لم يطلعه الله -سبحانه- عليهم جميعاً، قبول أعذارهم مع تفويض أمرهم إلى الله بعدما قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعذار المنافقين الذين تخلّفوا عن الخروج معه إلى غزوة تبوك، واستغفر لهم ووكّل أمرهم إلى الله، لم يقبل لهم عذراً بعد ذلك فيما امتنعوا عنه، فقال -تعالى-: (يَعتَذِرونَ إِلَيكُم إِذا رَجَعتُم إِلَيهِم قُل لا تَعتَذِروا لَن نُؤمِنَ لَكُم قَد نَبَّأَنَا اللَّـهُ مِن أَخبارِكُم وَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ ثُمَّ تُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ)،.

تعرف على دعاء الإحرام لحج بيت الله الحرام

الدعاء بالرحمة

 وأمر الله سبحانه بتكذيبهم، وأنزل الآيات التي تنصّ على وصفهم بأنّهم رجس، فقال -تعالى-: (سَيَحلِفونَ بِاللَّـهِ لَكُم إِذَا انقَلَبتُم إِلَيهِم لِتُعرِضوا عَنهُم فَأَعرِضوا عَنهُم إِنَّهُم رِجسٌ وَمَأواهُم جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانوا يَكسِبونَ*يَحلِفونَ لَكُم لِتَرضَوا عَنهُم فَإِن تَرضَوا عَنهُم فَإِنَّ اللَّـهَ لا يَرضى عَنِ القَومِ الفاسِقينَ)، ترك الصلاة على موتاهم أمر الله -تعالى- رسوله -عليه السلام- بالامتناع عن الصلاة على المنافقين بعد موتهم، وعدم الوقوف عند قبورهم والدعاء لهم بالرّحمة والمغفرة؛ وذلك لأنّهم كانوا من الذين لم يصدّقوا الله ورسوله، وماتوا وهم على هذا الحال، بالإضافة إلى عصيانهم وتمردهم على أمر الله ورسوله، ومن كان ديدنه ذلك فلا يستحق الصلاة عليه والدعاء له، ذلك عملاً بقوله -تعالى-: (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنهُم ماتَ أَبَدًا وَلا تَقُم عَلى قَبرِهِ إِنَّهُم كَفَروا بِاللَّـهِ وَرَسولِهِ وَماتوا وَهُم فاسِقونَ).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدعاء بالرحمة دين الله اليهود صلى الله علیه وسلم رسول الله أمر الله

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج

تحدث الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن رحلة الإسراء والمعراج.

كادت تشعل نزاعا.. أحمد عمر هاشم يروي كيف عالج الرسول أشد الأزمات بحكمتهأحمد عمر هاشم: شهادة التوحيد لا يُقبل عمل من الأعمال الصالحة بدونها

وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، خلال تقديمه برنامج “كأنك تراه”، على قناة "صدى البلد"،: "فريضة الصلاة شرعها رب العزة سبحانه وتعالى من فوق 7 سبوات، وشرعت على لسان ملك الوحي، وكانت مباشرة من الحبيب لحبيبه".

وأضاف: "في الإسراء والمعراج أطلع الله حبيبه على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، متابعا: "عندما طلب سيدنا موسى من ربه الرؤيا قال له لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني".

وتابع: "أما سيدنا محمد فقال ما كذب الفؤاد ما رأى.. أي أنه ثابت الفؤاد فيما رأى وأنه رأى رب العزة على حقيقته وأنه سعد بهذه الرؤيا سعادة أبدية وأنه حظى في هذه الرؤيا برؤيته وبرؤية الكرسي والعرش فكانت نعمة عظمى حظي بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم".

مقالات مشابهة

  • غربال الثورة الناعم
  • للصائم دعوة لا ترد
  • أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج
  • عمرو الورداني: استحضروا رسول الله في قلوبكم وراجعوا أمامه نياتكم في أفعال الخير
  • المفتي: الصلاة على النبي ليست مجرد ذكر مستحب بل ضرورة حياتية.. فيديو
  • المفتي: الصلاة على النبي ليست مجرد ذكر مستحب بل ضرورة حياتية
  • الذكرى تنفع المؤمنين.. هذا هو شهر رمضان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الحياء.. شعبة من الإيمان
  • شخصيات إسلامية.. أبو هريرة أكثر الصحابة رواية للحديث