من نتنياهو إلى نصر الله، يتأرجح ساسة المنطقة، ولن يوقف أحد الجنون؟ سايمون تيسدال – The Guardian
عندما يسافر بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الشهر المقبل، سيتم نصحه بتجنب المجال الجوي البريطاني. والسبب يعود لكون بريطانيا أحد الأطراف المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، وقد تجد نفسها ملزمة قانونيا وأخلاقيا باحتجاز رئيس الوزراء الإسرائيلي إذا ضل طريقه إلى أراضيها.
ويسعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للحصول على مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، حيث قُتل أكثر من 37 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، منذ هجمات حماس الإرهابية في 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1200 شخص.
ومن المؤسف أن احتمال إبعاد نتنياهو مكبلاً بالأصفاد لا يزال بعيداً. ربما يكون من المبالغة أن نأمل أن يحاول كير ستارمر، بصفته رئيس وزراء بريطانيا الجديد، اعتراض هذا الهارب من العدالة. وفي بيانه الانتخابي، يدعم حزب العمال بقوة المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتمد على الدول الأعضاء في تنفيذ الاعتقالات.
ولكن عندما يتعلق الأمر بغزة، هناك حدود عملية واضحة لإخلاص حزب العمال لتحقيق العدالة للفلسطينيين، على الرغم من الأدلة الدامغة على الإجرام والكشف عن محاولات وكالات التجسس الإسرائيلية تخريب المحكمة الجنائية الدولية وانتهاك نتنياهو لأمر محكمة العدل الدولية بوقف عمليات الجيش في رفح.
إن المعايير البريطانية المزدوجة، ناهيك عن النفاق، فيما يتصل بالسلوك الفظيع الذي ترتكبه القيادة الإسرائيلية لا يقارن بسلوك الكونغرس الأميركي. والسبب وراء سفر نتنياهو قريبا هو دعوته لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة لمجلسي الشيوخ والنواب في 24 يوليو.
ويأتي هذا البرنامج بفضل الجمهوريين اليمينيين المتشددين الذين يعتبرون نتنياهو عضوًا فخريًا في طائفتهم. وكم هو أمر مزعج بالنسبة للرئيس جو بايدن، الذي هرع إلى القدس بعد 7 أكتوبر، ووضع ذراعه حول كتف نتنياهو، ووعد بتقديم الدعم بسخاء.
يدفع بايدن ثمناً باهظاً في عام الانتخابات بسبب عرضه غير الحكيم للتضامن الذي لا جدال فيه. ويشعر الناخبون الشباب بالفزع إزاء المذبحة التي تحدث في غزة، والتي نجم معظمها عن القنابل التي زودتها بها الولايات المتحدة. وبعيداً عن إظهار الامتنان، يقوم الزعيم الإسرائيلي بعرقلة جهود السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة ويدخل في صراعات مع من يتبرع له.
وهاجم نتنياهو بايدن الأسبوع الماضي بسبب حجبه المزعوم لشحنات الأسلحة بينما كان يصور نفسه بوقاحة على أنه ونستون تشرشل في العصر الحديث، ويطالب "بالأدوات اللازمة لإنهاء المهمة". وكان البيت الأبيض غاضبا. وفي الواقع، لم يتم صد سوى القنابل "الثقيلة واسعة النطاق" المصنوعة في الولايات المتحدة، والتي تقتل بشكل عشوائي.
وتشعر واشنطن بقلق متزايد من أن نتنياهو، الذي أصبح أكثر اعتمادا من أي وقت مضى على المتطرفين العنصريين والصهاينة المتدينين بعد انهيار حكومة الوحدة الوطنية، يستعد لخوض معركة غير محظورة مع حزب الله في لبنان بعد أشهر من المناوشات.
ويشارك عدد كبير من الإسرائيليين الولايات المتحدة مخاوفها، ويتهمون رئيس الوزراء بإدامة حرب غزة من أجل البقاء في السلطة وخارج السجن (فهو يواجه اتهامات جنائية محلية بالإضافة إلى المحكمة الجنائية الدولية). إن غزو لبنان سيكون خطوة منطقية تالية في هذا الهروب المجنون إلى الأمام.
وحتى عندما كان مبعوث بايدن الخاص في بيروت والقدس يحاول منع التصعيد، كان وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، يحذر من أن خطط جيش الدفاع الإسرائيلي لشن حرب واسعة النطاق ضد حزب الله قد اكتملت وأن القرار "قريب جدا". . وتعهد كاتس بأن قوات حزب الله، رغم أنها أكثر عددا وأفضل تسليحا من حماس، "سوف يتم تدميرها وسيتعرض لبنان لضربة قاسية". وهذا هو نفس النوع من الوعود الخطيرة وغير الواقعية التي تم تقديمها قبل حملة غزة.
وبالنظر إلى ما يعتبره بعض المعلقين الإسرائيليين أسوأ أداء للجيش الإسرائيلي في زمن الحرب، فإن مثل هذه التهديدات مرعبة مع ذلك. وإذا حدث تكرار لغزو لبنان في عامي 2006 و1982، فمن المؤكد أن هناك خسائر فادحة في صفوف المدنيين ومعاناتهم.
كثيراً ما يقال إن حزب الله، على الرغم من هجماته الصاروخية المكثفة على شمال إسرائيل الأسبوع الماضي، لا يسعى إلى صراع شامل. وإذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، فسوف تهدأ التوترات. لكن مثل هذا التحليل يقدم قدرا محدودا من الطمأنينة. فقد أصدر السيد حسن نصر الله تهديدات خطيرة الأسبوع الماضي. كما أنه لم يوضح رؤيته لما بعد الحرب.
أما إيران فهي مشغولة الآن مع تنافس ستة مرشحين معتمدين رسميا ليحلوا محل رئيسي في 28 يونيو. والمرشح المفضل هو المحافظ المخضرم محمد باقر قاليباف، الذي يمثل الاختيار المفترض للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وإذا فاز فإن إيران سوف تستمر في المواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة بشأن كل شيء، من فلسطين إلى الأسلحة النووية.
ومن الممكن أن تجذب الولايات المتحدة نقطة اشتعال أخرى. ويشير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى 170 هجوما ضد قواعد أمريكية في سوريا والعراق منذ 7 أكتوبر، وقصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، وقصف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق وانتقام طهران. مما ينذر "بإشعال المسرح السوري في صراع مباشر أكثر خطورة بين إسرائيل وإيران".
وقد تؤدي ضربة جوية واحدة أو عملية اغتيال إلى الانزلاق إلى الحرب الشاملة والفوضى، حتى لو كانت الضربة عشوائية وليست عن سابق إصرار وتصميم.
فكيف يمكن إيقاف هذا الجنون؟ وهل بتنا نعيش في عالم ينقصه القادة ذوي الحكمة والبصيرة؟
المصدر: The Guardian
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أسلحة الدمار الشامل أسلحة ومعدات عسكرية الشرق الأوسط العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا انتخابات بنيامين نتنياهو جو بايدن حزب الله حسن نصرالله طوفان الأقصى علي خامنئي هجمات إسرائيلية الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة حزب الله
إقرأ أيضاً:
ترامب خلال لفائه نتنياهو: على مصر والأردن استقبال الفلسطينيين.. ليس أمامهم سوى مغادرة غزة
جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأكيده خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أن حل الصراع في الشرق الأوسط يكمن في خروج الفلسطينيين من قطاع غزة.
وأضاف، أن هناك بلدان أخرى غير الأردن ومصر ستقبل إيواء سكان من غزة.
كما كرر ترامب كلامه أن "مصر والأردن قالا إنهما لن يستقبلا سكانا من غزة وقلت إنهما سيفعلان"، مضيفا أن "العديد من قادة البلدان تواصلوا معنا ويرغبون في إيواء سكان من غزة"، وفق قوله.
وتابع، إن "الجميع في الشرق الأوسط يريدون السلام"، وفي تصريح يؤكد على دعمه الشديد لنتنياهو رغم تورطه في جرائم حرب وإبادة جماعية في قطاع غزة قال ترامب إن "نتنياهو يريد السلام كذلك".
وأضاف "لدينا الزعيم المناسب لإسرائيل وقد قام بعمل جيد ونحن أصدقاء منذ فترة طويلة".
واعتبر ترامب أنه يستحق جائزة نوبل للسلام "لكن الأكاديمية لن تمنحها لي أبدا"، بحسب قوله.
من جانبه، قال نتنياهو إنه يدعم إطلاق سراح كل المحتجزين وتحقيق أهداف الحرب بما في ذلك تدمير قدرات حركة حماس العسكرية وقدرتها على الحكم.
وأوضح، أنه يقدر "جهود ترامب لوقف إطلاق النار وجهود مبعوثه:، وسيحاول "التوصل إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار".
وفي وقت سابق من اليوم الثلاثاء، قال ترامب اليوم إنه ليس أمام الفلسطينيين أي بديل سوى مغادرة قطاع غزة.
وأضاف أنه يرغب في أن تستقبل مصر والأردن نازحين فلسطينيين من غزة.
وزعم ترامب أن الفلسطينيين “سيودون بشدة” مغادرة قطاع غزة المحاصر للعيش في أي مكان آخر إذا أتيحت لهم الفرصة، ، مضيفا “أظن أنهم سيكونون سعداء للغاية” بذلك.
وقال “لا أدري كيف يريدون البقاء. إنه موقع هدم”، وذلك بعد أكثر من 15 شهرا من شن إسرائيل حليفة الولايات المتحدة حربا مدمرة في القطاع.
وأردف ترامب، "نرغب في التوصل إلى اتفاق لإعادة توطين فلسطينيي غزة بشكل دائم"، مصيفا أن "الفلسطينيين في غزة يمكنهم الذهاب إلى دول أخرى غير الأردن ومصر".
وتابع، "إذا تمكنا من العثور على أرض مناسبة لنقل سكان من غزة إليها سيكون ذلك أفضل لهم كثيراً من العودة إلى القطاع".
وعبر ترامب عن رغبته في رؤية مصر والأردن يستقبلان سكانا من قطاع غزة لأن سكان القطاع يستحقون أن تصبح غزة مكانا جميلا، مبينا أن هناك عددا كبير من الدول من بينها إيران ترغب بالسلام في الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن الأردن ومصر رفضا بالفعل استقبال سكان من غزة ولكن هناك من يرفض أمورا ثم يعود للموافقة عليها.
وقال الرئيس الأمريكي، إن هناك مخاطر متعددة في قطاع غزة ولا يمكن لسكانه العيش في هذه الظروف، لافتا إلى أن الوضع في غزة في غاية الخطورة وأعتقد أن سكان القطاع سيغادرونه إذا أتيحت لهم الفرصة.
ومضى قائلا، "لا أهداف كثيرة متبقية في قطاع غزة والمكان غير آمن وغير صحي، ولدينا الأموال الكافية في منطقة الشرق الأوسط لإعادة إعمار قطاع غزة".
واستدرك ترامب، أن لدى الشرق الأوسط المال لبناء أماكن ينتقل إليها سكان غزة، مبينا أن هناك بنايات في غزة تنهار وإطلاق النيران في كل مكان والقطاع ليس مكانا يمكن العيش فيه.
واللافت أن تصريح ترامب الجديد يأتي رغم تأكيد وزراء خارجية دول عربية بينها مصر والأردن، على رفضها القاطع لفكرة ترامب.