إنزال للجيش السوداني على مقر القيادة العامة واشتباكات في 3 مدن
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
السودان – نفّذ الجيش السوداني عملية إنزال على مقر قيادته العامة بالخرطوم، في الوقت الذي قُتل وجُرح فيه مدنيون، وتعرض مستشفى لقصف خلال اشتباكات شرسة بين الجيش وقوات الدعم السريع في 3 مدن.
وذكرت مصادر قريبة من الجيش السوداني للجزيرة أن الجيش نفذ “عملية إنزال ناجحة”، وقدّم خلالها ما وصفه بالمعونات اللوجستية المختلفة لمقر القيادة العامة للجيش، وسط الخرطوم.
في غضون ذلك، تدور اشتباكات عنيفة خلّفت قتلى وجرحى بالعاصمة الخرطوم (وسط)، ومدينتي الفاشر مركز ولاية شمال دارفور (غرب)، والفولة مركز ولاية غرب كردفان (جنوب).
وقصف الجيش مواقع تابعة لقوات الدعم السريع بالطائرات والمدفعية، وسط مدينة الخرطوم والخرطوم بحري.
كما أفاد مراسل الجزيرة بأن الجيش قصف بالمدفعية الثقيلة مواقع لقوات الدعم السريع حول حييْ الكدرو والحلفايا، شمالي مدينة الخرطوم بحري، إضافة إلى مواقع أخرى جنوبي مدينة أم درمان.
ووثقت كاميرا الجزيرة تصاعد أعمدة الدخان في سماء الخرطوم بحري، وجنوبي أم درمان، نتيجة القصف المتواصل.
من جهتها، قالت قوات الدعم السريع إن الجيش قصف واحدة من كبرى محطات التوليد الحراري للكهرباء في البلاد، ما تسبب في إحراقها.
ووصفت قوات الدعم السريع -في منشور على منصة إكس- الحادثة بـ”العمل الإجرامي والإرهابي”، وقالت إن “قصف المحطات الكهربائية يأتي استمرارا لسلسلة التدمير والتخريب المتعمد”، وفق تعبيرها.
وفي الفاشر، أفاد شهود عيان امس الأحد بتجدد اشتباكات الجيش وقوات الدعم السريع، وسقوط قذائف على مناطق سكنية.
من جانبها، قالت وزارة الصحة بإقليم دارفور إن أكثر من ألفي شخص قتلوا أو أصيبوا منذ بدء الهجوم على الفاشر في مايو/أيار الماضي، إلى جانب النزوح القسري لآلاف المواطنين، وإحراق عدد هائل من المنازل.
وكانت الوزارة أعلنت مقتل صيدلانية إثر استهداف ما وصفتها بمليشيا الدعم السريع المستشفى السعودي في الفاشر بالقصف المدفعي.
واعتبرت الوزارة قصف المؤسسات المدنية “جريمة حرب دولية مكتملة الأركان”، وناشدت الوزارة المنظمات الدولية إدانة ومعاقبة قوات الدعم السريع.
من جهتها، قالت منظمة أطباء بلا حدود إن القتال مستمر في مدينة الفاشر، رغم قرار مجلس الأمن الدولي. وأضافت أنه لا يمكن إيصال المساعدات إلى المدنيين العالقين في الفاشر والمستشفيات تحت القصف.
ووصف مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس -الأحد- الهجوم على المستشفى في الفاشر بأنه “صادم ومروع”.
في الأثناء، وصف والي ولاية شمال دارفور حافظ محمد الوضع في مدينة الفاشر، عاصمة الولاية، بالكارثي.
وقال في تصريح صحفي، إن أغلب سكان الفاشر الآن في العراء، بلا مأوى ولا غذاء ولا ماء، بسبب ما سماه القصف المدفعي الممنهج من قبل قوات الدعم السريع للمدينة.
وفي هذا السياق، قالت قوات الدعم السريع -في منشور على منصة إكس- إنها أمّنت وفتحت ممرات إنسانية لخروج المدنيين من مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.
وأضافت أن عملية التأمين تمت بالتنسيق مع ما وصفتها بالحركات المسلحة المحايدة.
وفي ولاية غرب كردفان، أعلنت لجنة طوارئ مدينة بابنوسة -الأحد- مقتل 12 مدنيا في مدينة الفولة (مركز الولاية) جراء قصف الطيران والرصاص الطائش خلال القتال بين الجيش والدعم السريع.
وتابعت اللجنة، في بيان، أنه يتم حصر عدد آخر من الضحايا في المدينة.
ومنذ أيام تشهد الفولة اشتباكات بين الجيش والدعم السريع. وبينما أعلن الدعم السريع -الخميس- سيطرته على الفولة بعد معارك مع الجيش، لم يصدر تعقيب عن الأخير.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) معارك خلّفت نحو 15 ألف قتيل وحوالي 8.5 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.
المصدر : الجزيرة + وكالاتالمصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی الفاشر
إقرأ أيضاً:
معارك الخرطوم… انهار «الدعم السريع» أم انسحب باتفاق؟
دخلت الحرب السودانية مرحلة جديدة، حقق خلالها الجيش السوداني انتصارات كبيرة و«سريعة» في وسط البلاد، بينما يتراجع «الدعم السريع» بوتيرة متسارعة، بدأت بانسحابه من مدينة ود مدني، ثم عمليات العاصمة الخرطوم التي استعاد خلالها الجيش مقر قيادته العامة، ومناطق «حاكمة»، خصوصاً في أم درمان والخرطوم بحري.
التغيير ــ وكالات
وأثارت «انسحابات الدعم السريع» المتسارعة أسئلة عدة؛ من بينها: هل «قواته» دخلت «مرحلة الانهيار»، أم إن ما حدث كان نتيجة «اتفاق غير معلن» يهيئ طاولة التفاوض عبر «السماح» بتحسن «موقف الجيش التفاوضي»، أم هل اختارت قيادة «الدعم» التراجع عن الانتشار الواسع «تكتيكياً» لتقليل خسائرها أمام الجيش الذي عزز قواته وجدد تسليحه؟
بدأت عمليات الجيش لاسترداد مناطق استراتيجية وسط البلاد، باستعادة منطقة جبل موية الحاكمة لـ3 ولايات: النيل الأبيض، وسنار، والجزيرة، في أكتوبر الماضي، وبعد ذلك، استجمع مع حلفائه قوتهم، ووجهوها نحو مدينة ود مدني، واستعادوها في 11 يناير الحالي «دون قتال يُذكر»، وقالت «قوات الدعم السريع» إنها «انسحبت»، بينما قال الجيش إنه دخل المدينة «عنوة»، وذلك بعد أكثر من عام من سيطرة «الدعم» على المدينة الاستراتيجية «دون قتال» أيضاً.
ومهدت عملية استعادة ود مدني لعمليات الخرطوم بحري، ووصول جيوش أم درمان وشمال الخرطوم بحري، إلى قيادة قوات سلاح الإشارة والقيادة العامة الواقعة تحت حصار «الدعم السريع» منذ بداية الحرب.
بدأت العملية في 26 سبتمبر الماضي بعبور القوات الآتية من أم درمان جسر الحلفايا، واستمرت في التقدم شمالاً وجنوباً ببطء، لكنها كثفت وسرّعت عملياتها بعد استرداد مدينة ود مدني.
وفوجئ الناس السبت الماضي بالجيش يعلن عبور جسر النيل الأزرق ويصل إلى مقر «القيادة العامة»، وبالقائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، يخاطب جنوده «المحاصرين» داخل «القيادة العامة»، معلناً فك الحصار عنها وعن مقر «قيادة قوات سلاح الإشارة»، وقرب «تحرير» الخرطوم من قبضة «الدعم السريع».
بث الجيش مقاطع فيديو من داخل «القيادة العامة» و«قيادة قوات سلاح الإشارة»، ومع ذلك نفت «قوات الدعم» بشدة «فك الحصار» عن «القيادة العامة»، وعدّت فيديوهات الجيش دعايةً حربيةً، معلنة أن قوات محدودة «تسللت»، وأنه ليس هناك «التحام» للجيوش، ونشرت، الاثنين، مقاطع فيديو من على جسر «المك نمر» باتجاه الخرطوم، ومن جسر «كوبر» باتجاه الخرطوم بحري، ومن جسر «توتي» قرب النيل الأزرق، وقالت إنها لا تزال تسيطر على مواقعها، وإن «إمداداً» كبيراً وصل إليها لتشديد الحصار على المناطق المذكورة.
كما تتداول وسائل التواصل الاجتماعي الموالية للجيش تقارير عن انسحابات واسعة لـ«قوات الدعم» من مناطق جديدة في الخرطوم، وتقدم ملحوظ للجيش، وهو ما تنفيه «قوات الدعم» بإصرار، بينما تتضارب المعلومات الصادرة عن الطرفين بشأن الأوضاع الميدانية والعسكرية في الخرطوم.
وفي تحليله أوضاع ما بعد دخول الجيش مقر القيادة العامة، نفى اللواء المتقاعد كمال إسماعيل فكرة «انهيار الدعم السريع»، وعدّ، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الأمر «مجرد عمليات كرّ وفرّ»، وأضاف: «سيطرة أي من الطرفين ستكون وقتية، والحرب لن تتوقف ما دامت هناك بندقية واحدة مرفوعة».
وأكد اللواء إسماعيل أن الحرب لن تنتهي إلا بـ«التفاوض» الذي يوقف إطلاق النار، ويؤدي إلى الفصل بين القوات، وأضاف: «السلاح منتشر في كل جهات البلاد بيد الأفراد والميليشيات. ومع وجود مجموعات تسعى إلى الانتقام من قوى (ثورة ديسمبر/ كانون الأول)، فلن تنتهي الحرب»، وتابع: «وجود السلاح بيد الناس خارج القانون ووجود نيات انتقامية، يصعبان عودة الناس إلى مناطقهم. لذلك؛ فلن تقف الحرب إلا بإرادة قوية، وليس بأمنيات».
ودعا اللواء المتقاعد طرفَي الحرب إلى العودة للتفاوض «والذهاب إلى جدة (بالسعودية) لمناقشة الإشكالات المترتبة على الحرب». كما دعا القوى السياسية المدنية إلى الاجتماع من أجل وقف «الشقاق» الوطني «الذي تعيشه البلاد، ويهدد وجودها»، وأضاف: «ما لم تتوحد القوى السياسية، فلن يكون هناك سلام».
وأرجع تراجع «الدعم السريع» إلى ما سماه «إنهاك طرفَي الحرب»، وقال إن نتيجته هي «عمليات الكرّ والفرّ» التي أشار إليها سابقاً، وأضاف: «الجيش والميليشيات الموالية له، حتى لو استردوا الخرطوم، فهذا لا يعني السلام. والحرب قد تمتد لأكثر من 20 عاماً، ولا يمكن حسمها عسكرياً».
واستبعد المحلل السياسي، محمد لطيف، افتراض «انهيار (قوات الدعم السريع)»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الوصف الدقيق أن هناك تراجعاً عسكرياً لـ(الدعم السريع)، لكن الحديث عن انهياره غير دقيق، فهو لا يزال منتشراً في مناطق واسعة من السودان. لذلك؛ من الصعب الحديث عن بداية انهيار».
وفي سياق الاحتمالات التي حددها لطيف لتفسير الأوضاع، أشار إلى «أحاديث متداولة عن انسحابات متفق عليها بين الطرفين… والتحول السريع في طبيعة السيطرة من دون مواجهات عسكرية، يعزز من فرضية الاتفاق».
لطيف قال إن «انسحابات (الدعم السريع)» جاءت «منظمة» دون أن يتعرض لمطاردات أو ملاحقات؛ مما يعزز فرضية «الاتفاق غير المعلن»، وتابع: «أيضاً غابت الحملات الإعلامية المعتادة حال سيطرة طرف على مناطق جديدة بعرض فيديوهات الضحايا والأسرى والغنائم؛ مما يقلل من فرضية الضعف العسكري لـ(الدعم السريع) أو التفوق العسكري للجيش».
ورجح لطيف أن تكون «انسحابات (الدعم) تكتيكية يريد عبرها إعادة تموضعه في مناطق محددة تكفيه شر الانتشار الواسع والمسؤولية المترتبة على قدراته وحركته».
نقلاً عن الشرق الأوسط ــ أحمد يونس
الوسوماتفاق الجيش الخرطوم الدعم السريع