داغستان.. بلاد الجبال والتاريخ والعرقيات
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
جمهورية تابعة للاتحاد الفدرالي الروسي، تتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1991، وتقع على الشاطئ الأوروبي لبحر قزوين، وأغلب تضاريسها جبال ووديان.
يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة أغلبهم مسلمون، وتتميز بتنوعها العرقي، إذ تسكنها عشرات الإثنيات والأعراق، وتنحدر منها عدة شخصيات شهيرة مثل الأديبين الروسيين ألكسندر بوشكين وليو تولستوي.
منذ عام 2003 يرشّح البرلمان الداغستاني شخصية سياسية يعيّنها الرئيس الروسي رئيسا للجمهورية. وأكبر مدنها العاصمة محج قلعة.
الموقع والمساحةتقع داغستان على الشاطئ الأوروبي لبحر قزوين، أي في الجزء الجنوبي الأوروبي من روسيا الاتحادية، وتبلغ مساحتها نحو 50 ألف كيلومتر مربع، وتغلب على تضاريسها سلسلة جبال القوقاز.
وتشتهر المنطقة أيضا بوجود مئات الأنهار ومنابع المياه، بسبب طبيعتها الجبلية، والتي تقول بعض الروايات إنها سبب تسميتها بـ"داغستان"، فهذا الاسم -حسب هذه الروايات- يعني باللغة التركية "بلاد الجبال".
تحدها جنوبا ومن الجنوب الغربي جمهوريتا أذربيجان وجورجيا، وغربا وشمالا جمهورية الشيشان وإقليم ستافروبول وجمهورية قلميقيا.
ويتميز موقع جمهورية داغستان أيضا بكونها تشكل صلة وصل بين روسيا وآسيا الوسطى وتركيا وإيران.
الجغرافياتشكل الجبال ثلاثة أرباع مساحة داغستان، وتنبع منها مئات الأنهار، ويشتهر منها نهر تيريك وسولاك وسامور.
وإضافة إلى دورها في إمداد المنطقة بالمياه، تساهم هذه الأنهار في توفير الطاقة الكهربائية اللازمة للبلاد، إذ تنتشر على طولها العديد من محطات إنتاج الكهرباء عبر استثمار الطاقة التي يوفرها تدفق المياه.
كما تساهم هذه الجبال والوديان ومناظرها الخلابة في حركة سياحية تستفيد منها داغستان.
مناخ داغستان بارد في الشتاء والربيع ومعتدل في باقي فصول السنة، وتشهد قمم جباله تساقطات ثلجية مهمة كل عام.
كما تتميز بعض فصول السنة بتساقطات مطرية مهمة جدا. ويعد مناخ البلاد ملائما لزراعة الخضار والفواكه والعنب.
السكانيبلغ عدد سكان جمهورية داغستان نحو 3.18 مليون نسمة، أغلبهم يدينون بالإسلام (أكثر من 90%) والباقي مسيحيون ويهود (أغلب اليهود من قومية "التَّاتْ"، ويعرفون أيضا بـ"الفرس القوقازيين").
وتعتبر الأرثوذكسية أكبر الطوائف المسيحية في داغستان، وتدير شؤونها أبرشية محج قلعة التابعة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
تتعايش في البلاد عشرات العرقيات، من بينها الآفار والدارغين والكوموك والروس والشيشانيون والأذريون.
ويتحدثون لغات متنوعة، منها ما ينحدر من الإيرانية والسلافية والتركية ولغات أخرى محلية، إضافة إلى مكانة اللغة العربية في المنطقة لكونها لغة القرآن.
تقول بعض الروايات التاريخية إن أول دولة نشأت في المنطقة كانت في القرن الخامس قبل الميلاد، وتعاقبت عليها دول عديدة حتى القرن الـ17 الميلادي حيث سيطر عليها الروس.
كما كانت المنطقة معبرا لحملات التتار والمغول، وشهدت الفتوحات الإسلامية، وكانت مركزا للصراع بين العثمانيين والروس على مدى قرون طويلة.
ويقول الباحثون إن أول اتصال لمنطقة داغستان بالإسلام كان على عهد الخليفة عمر بن الخطاب حين أرسل إليها سُراقة عمرو في سنة 20هـ، ووصلت حملته إلى منطقة "باب الأبواب"، ولم يدخل الإسلام آنذاك إلا قلة من أهل المنطقة.
فوقع معهم سراقة اتفاقا يقضي بأن يقاتلوا مع جيش المسلمين عوضا عن الجزية، فاتخذ المسلمون من المدينة مركز انطلاق للفتوحات نحو مناطق أخرى.
وترجّح مصادر تاريخية أن نحو 40 صحابيا تم دفنهم في أراضي المنطقة.
ثم توالت الفتوحات بالمنطقة وخضعت للمسلمين في عصر الدولتين الأموية والعباسية، وكذا في عهد السلاجقة والعثمانيين.
ثم خضعت للإمبراطورية الروسية منذ أواخر القرن الثامن عشر، وأصبحت فيما بعد جزءا من الاتحاد السوفياتي ثم روسيا الاتحادية.
الاقتصادتشتهر داغستان بصناعة السجاد، وبإنتاج الكافيار الأبيض، وصناعة السيوف والخناجر التقليدية.
وتوفر لها الجبال والوديان وبحر قزوين مؤهلات سياحية كبيرة، كما تستفيد من ثروات سمكية كبيرة.
وبعض مناطق الجمهورية تختزن ثروات من الغاز والنفط.
وتشتهر المنطقة كذلك بالسياحة العلاجية باستخدام المياه المعدنية والطين.
وتعتبر الزراعة وتربية الموشي من أهم النشاطات الاقتصادية في داغستان، وخاصة زراعة الحبوب والكروم والفواكه المختلفة.
النشاط الصناعي أيضا يساهم في اقتصاد البلاد، وأهم الصناعات فيها هي الصناعات الاستخراجية للنفط والغاز الطبيعي، وكذا الصناعات الكيميائية والغذائية.
تشتهر مناطق عدة في داغستان بكونها غنية بالآثار التاريخية والمباني القديمة. ومن أبرز هذه المعالم:
مدينة دربند: وهي أقدم مدن المنطقة، ويعود تاريخها إلى نحو 5000 عام. وتوجد فيها قلعة نارين، التي بنيت في القرون الوسطى، وفيها كذلك أقدم مسجد في روسيا، بني عام 733 م. مسجد محج قلعة: وهو أحد رموز السياحة في داغستان، ومن أكبر المساجد في أوروبا، بني في تسعينيات القرن العشرين. قلعة نارين: وهي قلعة عمرت أكثر من ألفي عام، وكانت حصنا عسكريا على مر العصور وتعاقب الإمبراطوريات في المنطقة، وتم تدميرها في عدة حروب، وتمت إعادة ترميمها عدة مرات، ويوجد بداخلها متحف، وأدرجتها اليونيسكو ضمن مواقع التراث العالمي.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی داغستان محج قلعة
إقرأ أيضاً:
جزيرة أرواد حصن المسلمين في المتوسط
ويؤكد سمير بهلوان -وهو مؤرخ أروادي- أن الجزيرة بناها الفينيقيون، ومرت عليها أحداث كثيرة، من حروب وفتوحات طويلة، وقال إنها كانت مملكة من "نظام المدينة الدولة"، ويقول إن اسم "أرواد" مشتق من كلمة فينيقية وتعني الملجأ. وتجدون الحلقة كاملة في هذا الرابط.
ورغم صغرها فإن الجزيرة شهدت صراعات ضخمة بين العديد من الإمبراطوريات عبر التاريخ، إضافة إلى تحولات كبيرة إلى أن دخلها المسلمون.
وتوجد في أرواد العديد من المساجد، منها جامع القلعة الذي بني في عصر المماليك بعد انتزاع الجزيرة من أيدي فرسان الهيكل.
وتتميز الجزيرة بطيبة أهلها وبشوارعها وأحيائها الضيقة، مما يجعل السير فيها متاحا على الأقدام فقط.
كما توجد في الجزيرة آثار قديمة عدة، وأيضا يوجد فيها سجن أرواد الذي سجن فيه الكثير من الأحرار السوريين مثل هاشم الأتاسي، ويقول المؤرخ سمير بهلوان إن هذا السجن كان عبارة عن مستودع لكن الفرنسيين حولوه إلى سجن.
ويشتغل معظم أهالي الجزيرة في صناعة السفن، وهي مورد أساسي لأهلها، ويتم صناعة نماذج عدة من السفن، منها الخاص بالركاب وبالصيد وبالسياحة والتجارة.
ويعشق سكان جزيرة أرواد البحر واستخراج كنوزه، ويعلّمون أطفالهم منذ صغرهم السباحة.
إعلان 2/3/2025