قال أول رئيس للمجلس المحلي مصراتة إبان ثورة 17 فبراير المستشار خليفة الزواوي، إن الليبيين أصبحوا يفتقدون الإرادة الوطنية القادرة على إحداث الفعل، سواء كانوا مؤسسات رسمية من برلمان وأعلى للدولة ومجلس رئاسي وحكومات أو نخب سياسية متمثلة في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وما اصطلح عليه باسم حركات.

وأشار الزواوي في منشور عبر حسابه على فيسبوك إلى أن الجميع أصبحوا ينتظرون ما تقوم به بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وما تتجه إليه إرادة الدول المتدخلة في الشأن الليبي.

وأضاف: “وقد اتضح ذلك جلياً من خلال ردود الفعل من أغلب الأجسام السالف ذكرها على إحاطة نائبة رئيس البعثة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن، حيث عبروا في بياناتهم عن خيبة الأمل في هذه الإحاطة وكأنهم كانوا ينتظرون أن تأتي لهم هذه المرأة بالحل السحري الذي طال انتظارهم له، وهذا لعمري لشيء عجاب ومؤسف أن تتدنى الإرادة الوطنية عند الليبين حتى يصبح الجميع ينتظرو الحلول من الآخرين، رغم تعاقب المندوبين الممثلين للأمم المتحدة في ليبيا وتعاقبهم واحداً تلو الآخر لسنوات عديدة، والكل يدور في حلقة مفرغة والجميع يتجاهلون الأسباب الحقيقية وراء الانسداد السياسي في ليبيا”.

وأوضح الزواوي أن أهم أسباب الانسداد السياسي هي طمع قوة متنفذة ومتحكمة في ليبيا تمتلك أسباب القوة أو أنها خادمة لمن يمتلك القوة، وهي قوات حفتر في الشرق وخضوع البرلمان لها والسير وفقاً لرغباتها، أو مجموعات مسلحة في الغرب وخضوع الحكومة لإرادتها، والاكتفاء برفع الشعارات البراقة من هذا الطرف أو ذاك دون إحداث التغيير المنشود أو رغبة في الاستمرار والبقاء على الوضع الراهن، متجاهلين أن التغيير والانفراج السياسي يقع على كاهل الليبين أولا وآخراً في أن تنتفض الجماهير العريضة وتطالب بالاستفتاء على الدستور الموجود الذي يحدد شكل الدولة ويفاعل مؤسساتها.

وأردف قائلا: “أصبحنا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما بالعصيان المدني الذي يجعل الزمر الحاكمة في الشرق والغرب تستجيب لإرادة الشعب أو أن ينتفض أحرار فبراير الذين ثاروا على المقبور سنة 2011 ويعيدوا إيقاد شعلة الثورة على الأوضاع الراهنة ويأخذوا بزمام المبادرة لإنقاذ وطنهم وتفعيل المؤسسات والذود عن حماية الوطن ومقدراته وما لم يحدث ذلك تبقى الأماني واللهث وراء الأجنبي كمن يجري وراء سراب، والله المستعان ولك الله يا ليبيا والأمل دائماً في أحرار الوطن”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الأمم المتحدة البعثة الأممية ثورة 17 فبراير خليفة الزواوي ستيفاني خوري عصيان مدني فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

هروب بشار الأسد.. سقوط الطغاة بين زيف القوة وحتمية الانهيار

مدخل.. الطغاة وأوهام الخلود

لطالما اعتقد الطغاة أن سلطتهم لا تُهزم، وأن شعوبهم، مهما انتفضت، ستظل أسيرة الخوف والولاء الزائف. لكن التاريخ أثبت مرارًا أن هذه الأنظمة، مهما بدت قوية، تحمل في داخلها بذور ضعفها. هروب بشار الأسد، كما في هذا السيناريو المتخيل، لم يكن مجرد قرار أناني أو لحظة فرار من مواجهة محتومة؛ بل كان تجسيدًا لانهيار مشروع سلطوي قائم على الخداع والتهديد. هروبه كشف زيف القوة التي حكم بها، وألقى الضوء على العلاقة المعقدة بين السلطة والطائفة، وبين الطاغية والشعب، وبين الوهم والواقع.

الطغاة والهويات المسلوبة.. تحطيم أسطورة "حامي الطائفة"

لطالما قدّم بشار الأسد نفسه كحامٍ للطائفة العلوية، ضامنٍ لوجودها، وحاميها من المخاطر المزعومة. هذا الدور لم يكن مبنيًا على حماية حقيقية، بل على استغلالٍ متقن لسيكولوجية الخوف. نجح الأسد في ربط مصير الطائفة بمصيره، زارعًا في نفوس أبناء الطائفة شعورًا بأن سقوطه يعني نهايتهم.

هروب الأسد لم يكن مجرد فصل في كتاب الأزمة السورية، بل كان لحظة فاصلة قلبت موازين اللعبة. هذا الهروب أعاد تعريف السلطة في سوريا، ليس فقط من حيث سقوط الأسد، ولكن من حيث تفكيك بنية الخوف التي كان يعتمد عليها. الشعب السوري، الذي عاش لعقود تحت ظل الطغيان، وجد نفسه فجأة أمام فرصة لإعادة تعريف هويته ومستقبله. لكن الهروب الذي اختاره الأسد أفرغ هذه الرواية من مضمونها. لم يكن الأسد في لحظة اتخاذ القرار يملك الوقت للتفكير في الطائفة التي طالما ادّعى حمايتها. كان قراره فرديًا بحتًا، هدفه الوحيد هو إنقاذ نفسه. هذه اللحظة كشفت أن الطائفة العلوية لم تكن يومًا أكثر من أداة استخدمها لتعزيز قبضته على السلطة، وحين حانت لحظة الحقيقة، تركها تواجه مصيرها دون أدنى تردد.

الهروب بهذا الشكل كان بمثابة الصفعة التي أعادت للطائفة إدراكًا غاب عنها لعقود: أنها ليست أكثر من وقود استُخدم لإبقاء النظام حيًا. ولعلّ هذا الإدراك، رغم قسوته، كان بداية لتحرر الطائفة من عبء الولاء القسري وإعادة صياغة موقعها في المشهد السوري.

الهروب كفعل يفضح زيف القوة

من منظور أعمق، يمكن النظر إلى هروب الأسد كفعل يتجاوز السياسة ليصل إلى جوهر السلطة نفسها. السلطة ليست فقط سيطرة مادية على الناس، بل هي شبكة معقدة من الرموز والمفاهيم التي تمنح الحاكم شرعية ظاهرية. الأسد، الذي قضى سنوات يعتمد على هذه الشبكة لإبقاء قبضته على سوريا، وجد نفسه في لحظة حاسمة عاجزًا عن الاستمرار في لعب دوره كقائد.

الهروب كان بمثابة اعتراف ضمني بفشله في الحفاظ على وهم القوة. فالقوة التي لا تحمي أصحابها عند الأزمات ليست قوة حقيقية، بل قناع هش يسقط عند أول اختبار. الأسد، في لحظة هروبه، لم يهرب فقط من غضب الشعب أو ضغط المعارضة، بل هرب من عبء الدور الذي حاول أن يلعبه طوال حياته. لم يعد قائدًا، بل أصبح إنسانًا عاديًا محاصرًا بخوفه، ومن هنا، يمكن القول إن لحظة الهروب كانت لحظة سقوطه الإنساني قبل السياسي.

الأبعاد السياسية للهروب.. سيناريوهات الفشل والنجاة

إن أهمية هذا السيناريو لا تكمن فقط في فعل الهروب ذاته، بل في الخيارات الأخرى التي كان يمكن أن يتخذها الأسد، والتي كانت جميعها كارثية على سوريا:

1 ـ البقاء والموت.. أسطورة القائد الشهيد

لو قرر الأسد البقاء حتى اللحظة الأخيرة وقُتل، لكان موته قد خدم الطائفة كرمز للتضحية، ولكان ذلك سيعزز من انغلاقها على نفسها، متحولة إلى قوة رافضة لأي مشروع وطني جامع. هذا السيناريو كان سيؤدي إلى مزيد من الانقسام والتشدد داخل سوريا، مما يجعل تحقيق المصالحة الوطنية أكثر صعوبة.

2 ـ التنازل السلمي عن السلطة.. انقسام داخلي قاتل

التنازل عن السلطة، رغم أنه قد يبدو خيارًا عقلانيًا، كان ليؤدي إلى انشقاقات حادة داخل الطائفة نفسها. الانقسام بين مؤيدي الأسد ومعارضيه داخل الطائفة كان سيُضعف موقفها السياسي، مما يؤدي إلى تصاعد الصراعات الداخلية، ليس فقط داخل الطائفة، ولكن على المستوى الوطني أيضًا.

3 ـ الهروب.. النهاية التي تكسر السلاسل

الهروب، رغم أنه قرار أناني في ظاهره، كان الأكثر تأثيرًا إيجابيًا على مستقبل سوريا. فهو لم يكسر فقط صورة الأسد كقائد قوي، بل حرّر الطائفة العلوية من أسر الولاء له. كما أن غيابه المفاجئ أتاح للشعب السوري فرصة للتفكير في مستقبلهم دون قيوده، ودون الأساطير التي حاول ترسيخها حول نفسه.

الأثر العميق.. بداية لكتابة تاريخ جديد

هروب الأسد لم يكن مجرد فصل في كتاب الأزمة السورية، بل كان لحظة فاصلة قلبت موازين اللعبة. هذا الهروب أعاد تعريف السلطة في سوريا، ليس فقط من حيث سقوط الأسد، ولكن من حيث تفكيك بنية الخوف التي كان يعتمد عليها. الشعب السوري، الذي عاش لعقود تحت ظل الطغيان، وجد نفسه فجأة أمام فرصة لإعادة تعريف هويته ومستقبله.

بالنسبة لسوريا، كان هذا الهروب بمثابة لحظة ميلاد جديدة. لم تعد البلاد رهينة لطاغية، بل أصبحت أمام فرصة نادرة لإعادة بناء نفسها على أسس جديدة. أما بالنسبة للعالم، فإن هذا الحدث يبقى شاهدًا على حقيقة أزلية: الطغاة يسقطون دائمًا، ليس على يد أعدائهم فقط، بل تحت ثقل أوهامهم. غياب الأسد لم يُنهِ كل مشاكل سوريا، لكنه أزاح العائق الأكبر أمام بناء وطن جديد. فمع سقوط الرمز، بدأ الشعب يُدرك أن الوطن لا يُختزل في شخص أو طائفة، بل هو مشروع جماعي يقوم على العدالة والمساواة.

خاتمة.. هروب الطاغية وعودة الشعب

إن هروب بشار الأسد، رغم أنه جاء نتيجة لجبن فردي، كان يحمل في طياته دلالات أعمق بكثير. لقد كشف عن هشاشة الطغاة مهما بدوا أقوياء، وأظهر أن الشعوب، مهما طالت معاناتها، قادرة على الصمود والانتصار في النهاية.

بالنسبة لسوريا، كان هذا الهروب بمثابة لحظة ميلاد جديدة. لم تعد البلاد رهينة لطاغية، بل أصبحت أمام فرصة نادرة لإعادة بناء نفسها على أسس جديدة. أما بالنسبة للعالم، فإن هذا الحدث يبقى شاهدًا على حقيقة أزلية: الطغاة يسقطون دائمًا، ليس على يد أعدائهم فقط، بل تحت ثقل أوهامهم.

* عضو الهيئة العليا للمفاوضات السورية
@shamsieyad

مقالات مشابهة

  • الخروج من فقه “إدخار القوة”؟!
  • نائب:الفشل السياسي والمحاصصة وراء تمرير القوانين في سلة واحدة
  • هروب بشار الأسد.. سقوط الطغاة بين زيف القوة وحتمية الانهيار
  • احميد: النضج السياسي غائب والحلول مرهونة بإنهاء الانقسامات في ليبيا
  • أشرف إمام: جروس بدأ يتعرف على نقاط القوة والضعف للفريق
  • نجوم العراق.. القوة الجوية يتعرض للخسارة الاولى على يد الزوراء
  • الزوراء يتغلب على القوة الجوية في كلاسيكو العراق
  • الشريف: التغيير السياسي في ليبيا له وجهان “إما صفقة أو صدمة”
  • امطيريد يحذر: التصعيد العسكري في ليبيا واقع محتمل مع استمرار الجمود السياسي
  • ‏زيف القوة أمام صمود الشعوب وإرادة الحق