بمناسبة مرور عامين على تسلقي أعلى سبع قمم في القارات السبع، تُوجت برحلة استمرت سبع سنوات مع جبل دينالي، أتأمل اليوم كيف حققت ذلك من خلال رحلة ركّزت فيها على أهداف طموحة وسعي دؤوب. إنه إنجاز يتجاوز مجرد الوصول إلى القمم؛ بل يتعلق بالقوة التحولية للعزيمة وأهمية تحدي الذات للتغلب على الشدائد.

وقبل عامين، وأنا أقف على قمة جبل دينالي، أكملت مهمة يحلم بها العديد من المغامرين تتمثل في تسلُّق القمم السبع.

وكان هذا الإنجاز أكثر من مجرد تحديد قائمة، بل كان بمثابة نهاية ملحمة شخصية بدأت بإصابة خطيرة كادت أن تتسبّب في شلل كامل لي، وكان التعافي من تلك الإصابة أمرًا هائلاً، ولكنه أطلق أيضًا فصلًا جديدًا في حياتي مدفوعًا بأهداف استثنائية.

وكان طريق التعافي طويلًا وشاقًا بل عشت أياماً كان الألم فيها لا يُطاق ، والتقدم نحو الشفاء بطيء بشكل مؤلم. ومع ذلك، خلال هذه الأوقات العصيبة، اكتشفت مرونة داخلية لم أكن أعرف أنها موجودة في داخلي، وأصبحت هذه المرونة أساس طموحاتي الجديدة إذ أدركت أن التغلُّب على الشدائد لا يتعلق فقط بالشفاء البدني والتعافي، بل بإعادة تعريف إمكاناتي.

ويختلف تحديد الأهداف من شخص لآخر، فلكلٍ طموحه وتطلعاته الخاصة، فقد يطمح البعض إلى فقدان الوزن واعتماد نمط حياة صحي، بينما يحلم آخرون باستكشاف أجمل جزر العالم، ولكن بالنسبة لي، كان التحدي يتمثل في تسلق أعلى قمة في كل قارة، هو إنجاز يتطلب قوة جسدية وعقلية على حدّ سواء.

لم يكن قراري خوض تحدي القمم السبع قرارًا هيناً، فلقد تطلب تخطيطًا دقيقًا، وتدريبًا مكثفًا ،والتزامًا لا يتزعزع بتجاوز حدود إمكاناتي. وانطوى كل جبل على عقباته الخاصة، من درجات الحرارة المتجمدة لجبل فينسون في أنتاركتيكا إلى المنحدرات الغادرة لجبل كليمنجارو في إفريقيا، بل إن مجرد ذكر جبل إيفرست، المعروف باسم أكبر مقبرة مفتوحة في العالم، يثير الخوف في أشجع القلوب.

وكانت المتطلبات الجسدية هائلة، لكن التحدّيات الذهنية شاقة بنفس القدر، وعشت لحظات من الشك والخوف والإرهاق، لكن كل قمة تسلّقتها عزّزت إيماني بقوة العزيمة. لقد واجهت العديد من النكسات التي ربما بدت وكأنها علامات للاستسلام، لكن طريق أحلامي لم يكن به رجعة عن تحقيق الهدف، بل كان طريقاً واضحاً نحو الإنجاز.

وخلال هذه الرحلة، تعلمت أن تحديد الأهداف وتحقيقها لا يتعلق فقط بالنتيجة النهائية؛ بل يتعلق بالشخص الذي تصبح عليه أثناء خوض غمار التسلق. يمكن للانضباط والمرونة والمثابرة التي تطورت من خلال السعي وراء أهداف طموحة أن تغير حياتك بطرق عميقة. فكل عقبة تواجهها وكل انتكاسة تتكبدها تبني الشخصية والقوة، ممّا يثبت أننا قادرون على فعل أكثر بكثير مما ندركه في كثير من الأحيان.

وعلاوة على ذلك، لا يمكن المبالغة في أهمية توفر الدعم، ولقد أدى الأصدقاء والعائلة والمرشدون أدوارًا حاسمة في رحلتي، حيث قدموا التشجيع وذكّروني بقدراتي عندما كان إيماني يتزعزع. وكان دعمهم حيويًا لنجاحي، ممّا يدل على أنه في حين أن الرحلة شخصية، إلا أنها مشتركة أيضًا.

وبينما أنظر إلى الوراء في العامين الماضيين، أشعر بالامتنان والشعور بالإنجاز. كان تسلُّق القمم السبع بمثابة شهادة على قوة تحديد الأهداف والسعي وراءها بتصميم لا يتزعزع. لقد أظهر لي أن روح الإنسان مرنة وقادرة على التغلب على الصعاب المذهلة.
ولكل من يقرأ هذه السطور، أشجعك على تحديد أهدافك الخاصة، مهما كانت كبيرة أو صغيرة. سواء كان ذلك تحديًا للياقة البدنية الشخصية، أو إنجازاً مهنيًا، أو مسعىً مغامرًا، فإن مجرد تحديد هدف، يمنحك التوجيه والهدف. ستكون الرحلة مليئة بالتحدّيات بلا شك، ولكن من خلال هذه التحدّيات ستنمو وتكتشف إمكاناتك الحقيقية.

وأنا أحتفل بهذه الذكرى السنوية، أتذكر أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة. ليست القمم هي التي تحدِّدنا، بل الشجاعة للشروع في التسلُّق والتصميم على إكماله. وأنصحكم بتحديد أهداف جديدة، وتقبُّل التحدّيات، والارتقاء فوقها بعزم لا يتزعزع.

jebadr@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

سمو السيد بلعرب يزور شركة ثواني للتقنيات

العُمانية/ زار صاحبُ السمو السيد بلعرب بن هيثم آل سعيد الرئيس الفخري لبرنامج الشركات الناشئة العُمانية الواعدة اليوم شركة "ثواني للتقنيات" أول شركة مرخصة في التقنيات المالية بسلطنة عُمان؛ للاطلاع على ما تقدّمه الشركة من خدمات وحلول رقمية مالية متخصصة وذكية ضمن سلسلةٍ من الزيارات الهادفة إلى تحفيز الشركات الناشئة الواعدة، والاستماع إلى تطلعاتها، وتعزيز دورها في الاقتصاد الوطني.

وتجوّل صاحب السمو في أروقة شركة ثواني التي تأسست عام 2016م، واستطاعت خلال الأعوام الماضية أن تقدّم حلول دفع مبتكرة تلبي احتياجات السوق المحلي، وتدعم التوجهات الوطنية نحو التحول الرقمي ضمن رؤية عُمان 2040.

واستعرضت الشركة خلال الزيارة أبرز إنجازاتها في توظيف التقنيات المتقدمة مثل: حلول الهواتف الذكية، وتقنيات الدفع باستخدام بصمة الوجه، وبصمة الكف (البايوماتيركية)، واستخدام الذكاء الاصطناعي، والتعلم العميق، وبطاقات الدفع الآمنة، كما استعرضت أبرز إنجازاتها المحلية والعالمية، كجائزة وحدة الابتكار لريادة الأعمال في عام 2020م، وجائزة أفضل شركة تقنية مالية في الشرق الأوسط لعام 2024م.

كما قدم المختصون بالشركة خلال لقائهم بسموه خططهم التوسعية الإقليمية التي تشمل دخول الأسواق الإقليمية والدولية بما يعزز من حضور الشركات العمانية الناشئة إقليميًّا.وأشاد صاحب السمو بما حققته الشركة من نجاحات في توظيف التقنيات الحديثة لتعزيز منظومة الدفع والتحصيل الرقمي، مؤكدًا على أهمية استمرار الشركات الناشئة في تطوير قدراتها ومواكبة أحدث الابتكارات العالمية. رافق سموّه خلال الزيارة معالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وسعادة الدكتور سيف بن عبدالله الهدابي وكيل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار للبحث العلمي والابتكار، والمهندس سعيد بن عبدالله المنذري الرئيس التنفيذي للمجموعة العمانية للاتصالات وتقنية المعلومات (إذكاء)، وأعضاء اللجنة الإشرافية لبرنامج الشركات الناشئة العمانية الواعدة.

مقالات مشابهة

  • سمو السيد بلعرب يزور شركة ثواني للتقنيات
  • 19.2 ألف زائر لقرية "وكان" في جنوب الباطنة
  • «وكان» وجهة سياحية متميزة تستقطب 19 ألف زائر خلال الربع الأول من العام الجاري
  • سلامة: وحدة الصحفيين كلمة السر في قوة النقابة لمواجهة التحديات
  • محمد الفيومي: منح العقار رقما قوميا يسهم في تجاوز التحديات التي تواجهها المنظومة
  • وزير الداخلية: دعم القيادة انعكس على منجزات الرؤية
  • برلمانية: مصر نموذج رائد في تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي رغم التحديات
  • محمد بن راشد: انطلاقنا نحو المستقبل مرتكز على إرث حضاري غني
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • السيسي: سيناء ستظل محفوظة بإرادة شعبها وجسارة جيشها وعزيمة أبنائها