د.حماد عبدالله يكتب: الوطن فى حالة "مخاض" !!!
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
الحياة رحلة طويلة زمنًا وأحداثًا تتراكم هذه الأحداث لتكوين الشخصية ويصبح الماضى تاريخًا.. مرة يحكى على أنه حدث جميل ومرات يحكى أنها أحداث مريرة فى الحياة.
ولا شك بأن الجميل من أحداث الماضى نتندر عليه ونسميه مرة بالزمن الجميل ومرة كانت أيام !!!
ونستنشق عبير الماضى الجميل فى تاريخنا كبشر عبر ذكرى مع زميل أو أغنية أو حتى حدث بعينه له صفتين صفة شخصية أو صفة وطنية.
فلا يمكن أبدًا أن ننسى ذكرياتنا ونحن طلاب بالجامعة وأول قصة حب أو التعبير عن هذه الحالة فى هذا التوقيت القديم بفيلم أو بمسرحية أو أغنية عاطفية حين نسمعها اليوم تستعيد لنا هذه الذكرى بكل ما عشناه فيها من حزن وفرح ومن ألم وشفاء منه.
ونتفق جميعًا بأحاسيسنا فى تاريخنا بأحداث عشناها كمصريين ما بين فرح بنصر وحزن بهزيمة.
والفرح يعم وأيضًا الحزن يعم (فى المسائل الوطنية ) أما الأحاسيس الشخصية الفرح والحزن يخص صاحبه!!!
هذه المقدمة تقودنى إلى الإحساس بأن ما نعيشه اليوم من توجهات سياسية وإجتماعية وإقتصادية فى الوطن وبعد هذا العمر (الطويل ) لا يشعرنى أبدًا بالقلق كما أسمع على القهوة من بعض زملائى المثقفين وأقول دائمًا بأن الوطن مر بفترات كنت وأخرين نتخيل بأن هذه نهاية الدنيا وأننا مقبلين على مجهول….
ولكن دائمًا المحروسة مصر بعناية إلهية وبجهد أبنائها تجد بر الأمان ومن يقرأ التاريخ القديم أو المعاصر يعلم ويتأكد من هذا الرأى.
فنحن اليوم ومنذ بالتحديد 30 يونيو 2013 تغيرت دفة الحياة السياسية فى مصر لتقودنا إلى مناخ مختلف هناك حالة (مخاض) لولادة جديدة فى (الحياة المصرية) وعادة ما يصاحب المخاض ألم، ومعاناة، وعدم تركيز وفى الأعم الأغلب حالة من العصبية والحيرة والكل يعبر عن هذه الحالة بطريقته وبدرجة ثقافته وقوة إنتمائه لهذا الوطن.
نحن اليوم فى أشد الإحتياج لقراءة التاريخ والأخذ بالرأى فى أن "أى ضربة لا تميت تقوى" ونحن كل يوم نجد بأن هناك مطالب معلنة ويستصرخها أناس سواء فى اليمين أو اليسار وحتى الوسط السياسى المصرى تنوعت فيه المطالب وظهرت بمظاهر تدعو البعض أن يدعوها بالتمرد أو بالإنسحاب أو بالتظاهر أو بالتعبير فى وسائلنا الإعلامية بصيغ متباينة.
كل هذا جديد وحديث على المجتمع السياسى المصرى ولكن ما يطمأننى بأننا بعد فتح الباب لكل الأراء ولكل الإتجاهات فى حدود القانون وفى حدود حماية المصالح العليا للوطن وبالعقل نستطيع أن نقوى من عظام ذلك الجنين الذى بدأ يظهر فى مخاض الوطن لمرحلة جديدة فى حياتنا.
ولكن المطلوب إخلاص لوجه الله وترابط إجتماعى وإنتهاز الفرص المتاحة للكسب وللإصلاح وللتتمية مطلوب إستبعاد الأنانية وتغليب المصالح العامة على المصالح الشخصية والعائلية.
مطلوب الإندفاع بقوة فى محاسبة الفاسدين وإصلاح ما أهدره الزمن والبعد عن التباطؤ فى أخذ القرارات الصعبة.
فنحن فى حالة المخاض يمكن أن يتدخل الجراحين لإنقاذ الجنين ولكن مع الحرص الشديد بعدم التضحية بالأم…. "مصــــر " !!!
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
عندما يُغيِّب الموت أمهات الزمن الجميل
د. إبراهيم بن سالم السيابي
غيَّب الموت إحدى أمهات الزمن الجميل بعدما خسرت معركتها الأخيرة في هذه الدنيا، بعد رحلة أثمرت تأسيس بيت وأسرة وأبناء يُكملون رسالتها في هذه الحياة، هي امرأة كانت تنتمي لهذا هذا الجيل من الأمهات الذي لا يعوض، أُمَّهات يُمثلن رمزًا للطيبة ودفء المشاعر الذي يجمع بينها وبين جيرانها وأبناء الحارة القديمة بكل معانيها وقيمها الثرية.
ورغم الظروف وقسوة الحياة، كانت تلك الأمهات حاضرات دائمًا يُقدمن العون والمساندة بلا تردد فهن ربات بيوت يقمن بإعداد كافة مستلزمات البيت والأسرة بلا كلل ولا ملل وهنَّ كذلك معلمات بلا مؤهلات علمية وهن طبيبات قبل أن تعلق شهادات الطب في أروقة المستشفيات والعيادات وهن ممرضات يضعن بلسمهن الخاص لكي يداوي كل أنواع الجروح والآلام، وتراهن الابتسامة لا تفارق مُحيَّاهُن في كل وقت وكل حين، وكانت هؤلاء الأمهات وكلماتهن تنطق بالحكمة ويجبرن الخواطر ويخففن عن الجميع قسوة الزمن والأحزان، كنَّ مثالا يحتذى به، والواحدة منهن كانت تحمل في قلبها صبر السنين وروحًا مليئة بالتفاؤل والأمل، كنَّ يجمعن بين القوة والحنان، وبين الصلابة في مواجهة المحن والدفء الذي يجعل كل من حولهن يشعر بالأمان، .لم يكنَّ فقط أمهات لأبنائهن؛ بل أمهات للحارة بأكملها، كن يشارك الجميع أفراحهم وأتراحهم، ويفتحن أبواب بيوتهن وقلبوهن لجبر الخواطر لكل محتاج. كانت كلماتهن تلامس القلوب، ونصائحهن تُنير الدروب ولم تكن أيديهن تعرف الراحة، فقد كانت أيديهن مشغولة دائمًا بالعمل من أجل الآخرين، وعيونهن مليئة بالحب والاهتمام.
ونحن نؤمن بقضاء الله وقدره وسنته في هذه الأرض منذ بدء الخليقة بأن كل من عيلها فان والإنسان مهما طالت رحلته في هذه الدنيا فلاشك أنه راحل، ولكن كم يؤلمنا كثيرا هذا الرحيل وهذا الفقد، بالإضافة إلى ما يتركه هذا الفقد في قلوب الأهل والأصحاب والأقارب من حسرة وحزن، كما إنَّ مثل هؤلاء الأمهات لا يمكن تكرارهن أو تعويضهن؛ فكُل واحدة منهن قد رحلت تركت بصمة لا تمحى في نفوس كل من عرفها، وعزاؤنا بأن تبقى كل واحدة منهن دائمًا مصدر إلهام لنا لنحيا بروحها وقيمها، فهن نموذج للمرأة التي لا تنحني أمام الصعاب، والتي تسعى دائمًا لأن تجعل من حولها أفضل وأقوى وذكراها يجب أن تبقى في كل زاوية من الحارة، وفي كل قلب عرف قيمتها وحبها، وكل واحدة منهن نموذج لامرأة من ذلك الزمن الجميل يفتقده ويحن إليه كل من عاش ذلك الزمن.
فقدان الأم موقف من أصعب المواقف لما فيه من الحزن والانكسار الذي يمر به الأبناء وتمر الأسرة به في حياتها.
لا شك أن رحيل الأم عن الدنيا لا يعني فقط فقدان شخص عزيز، بل هو غياب الحنان والحب الذي لا يعوضه شيء؛ إذ إنَّ الأُم هي الملاذ الأول والأخير، هي من تمنحنا القوة لمواجهة الحياة، وهي النبض الذي يدق في أرواحنا مهما ابتعدنا أو تغيرنا.
عندما ترحل الأم، يشعر الإنسان وكأنه فقد ركنًا أساسيًا من أركان وجوده، فهي التي كانت تبني لنا عالما من الأمان والدفء بحضورها، وحين تغيب، يصبح العالم مكانًا أكثر برودة وأكثر وحدة. غيابها يشبه انطفاء شمسٍ كانت تشرق كل يوم لتمنح الحياة لونها وبهجتها، إنه ألم لا يمكن وصفه بالكلمات، بل هو شعور دائم بالحسرة والحنين.
يقول أحدهم إنه لم يحس بأنَّه تعدى مرحلة الطفولة إلّا عندما رحلت أمه عن هذه الدنيا فقد كان يعيش كطفل صغير في أحضانها بالرغم أنه أصبح أبًا؛ بل جِدًّا منذ سنين.
الحياة بدون آلام تأخذ طابعًا مختلفًا، فذكرياتها وفي المواقف التي كانت تملاها بحضورها وحنانها شيء آخر وحلم آخر فهي مصدر للدفء أحيانًا، وسبب في الحزن عند فقدانها.
الأم ليست مجرد شخص، بل هي رمز للحب الصادق والتضحية غير المشروطة فهي التي تعبت وسهرت وضحت من أجل أن ترى أبناءها في أفضل حال، وعندما نفتقدها نفقد ليس فقط الحاضر، بل نفقد الماضي بكل تفاصيله والمستقبل الذي كنا نتخيله معها وتصبح الأعياد والمناسبات بلا طعم، ويصبح كل فرح ناقصًا، وكأننا نفتقد جزءًا من أرواحنا.
كم هو صعب عندما يعيدنا الحنين إلى الذكريات، إلى ضحكاتها التي كانت تملأ المكان، وكلماتها التي كانت تهدئ القلوب، وحتى نظراتها التي كانت تحمل كل معاني الحب والاهتمام ودعائها الذي يعطي القلب الراحة والسكينة هذه الذكريات بالرغم صعوبتها قد تصبح وقودًا نستمد منه الطاقة لمواجهة الأيام.
الحقيقة لا يمكن تجاوز فقدان الأم بسهولة، ولكن يمكننا أن نحول هذا الفقد الى قوة تلهمنا لنكون أشخاصًا أفضل، يمكننا أن نكرم ذكراها من خلال العيش وفق القيم التي غرسَتها فينا، ومن خلال مشاركة حبها وعطائها مع الاخرين وكل فعل طيب نقوم به وكل دعاء نصليه هو امتداد لإرثها الذي لن يمحوه الزمن.
نعم إن رحيل الأم هو واقع مؤلم يترك أثرًا لا يمحى في القلب وانكسارًا ما بعده انكسار لا يُجبر أبدًا مهما طالت الأيام ويبقى مكانها فارغاً لا يمكن أن يملأه أحد، ولكنه أيضًا يفتح أعيننا على جمال الحياة الذي كانت تصنعه لنا بحضورها وكانت تكافح من أجلها لكي نكون سعداء، بالتالي يجب أن نستمر في تذكرها بكل الحب والامتنان، وأن نجعل من ذكراها دافعًا لنكون أشخاصًا يحملون في قلوبهم شيئًا من حنانها وعطائها.
إن فقدان الأم رغم الألم والفقد يُعلمنا الكثير عن الحياة، عن الحب، وعن قيمة الأشخاص الذين يحيطون بنا ويجعلنا نقدر أكثر قيمة العائلة والأسرة وقيمة الوقت الذي نقضيه مع أحبائنا.
وفي الختام.. الله نسأل الصبر لكل من فَقَدَ أمّه، والدعاء لكل الأمهات اللاتي رحلن عن هذه الدنيا بأن يتغمدهن الله بواسع رحمته ويدخلهن فسيج جناته إنِّه قريب سميع الدعاء.