مؤلف مختبر فلسطين.. أنتوني لونشتاين: إسرائيل تستخدم المحرقة لإسكات منتقديها
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
دفعت الحرب الإسرائيلية على غزة عددا كبيرا من النقاد والكتاب حول العالم للنأي بأنفسهم عن مواقف الحكومات، ومن هؤلاء الكاتب الألماني الأسترالي، أنتوني لونشتاين (1974م)، الذي كرس كتاباته منذ أكثر من 20 عاما، ليندد بالسياسات الإسرائيلية الجائرة ضد الفلسطينيين، ونشر في صحيفة "نيويورك تايمز" و"الغارديان" و"بي بي سي" و"واشنطن بوست" و"ذي نيشن" و"هآرتس" و"هافينغتون بوست" وغيرها.
وصدر للونشتاين كتاب "الحبوب والمسحوق والدخان: داخل الحرب الدموية على المخدرات" و"رأسمالية الكوارث: صنع القتل من الكارثة"، وهو محرر مشارك لكتابي "المنعطف إلى اليسار" و"بعد الصهيونية"، كما أنه مخرج مشارك لفيلم قناة الجزيرة الإنجليزية عن عقار الترامادول الأفيوني. وأقام لونشتاين في القدس الشرقية بين عامي 2016 و2020.
وفاز بجائزة ووكلي للكتاب عام 2023، المعادل الأسترالي لبوليتزر، عن عمله الأخير الاستقصائي "مختبر فلسطين: كيف تصدر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم" والذي صدر بطبعته الإنجليزية عن دار النشر البريطانية "فيرسو بوكس" (2023)، وصدر بنسخته العربية عن الدار العربية للعلوم ناشرون (2024)، ويقول لونشتاين في كتابه إنه عاش عدة سنوات في الضفة وغزة وتأكد أن نظرة المجتمعات اليهودية في مختلف بقاع العالم لقضية فلسطين تمثل باختصار "منتهى الانهيار الأخلاقي، حيث يتقنون الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه".
كتاب "مختبر فلسطين.. كيف تصدر إسرائيل تقنيات الاحتلال إلى العالم" لأنتوني لونشتاين (مواقع التواصل)ويؤكد الصحافي الاستقصائي أنتوني لونشتاين في حواره للجزيرة نت أن "إسرائيل هي دولة فصل عنصري". ويضيف: "هذا ليس رأيي فقط، بل هو أيضا رأي منظمة العفو الدولية"، ويوضح: "ما يحدث في غزة هو مذبحة جماعية مروعة. وبصفتي يهوديا، أشعر بالخجل والاشمئزاز مما تفعله إسرائيل. إسرائيل لا تحاول تدمير حماس فقط، بل تحاول تدمير غزة والفلسطينيين في غزة".
ويبين: "من المهم أن يدرك الناس في العالم العربي والإسلامي أن ليس كل اليهود يؤيدون إسرائيل"، كما ناقش لونشتاين "ميل شركات وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانت فيسبوك أو غوغل أو تيك توك، إلى محاولة الرقابة أو تقييد الوصول إلى المحتوى الفلسطيني بشكل أكبر"، فإلى الحوار.
جئت وعائلتك من خلفية ثقافية يهودية وصهيونية، إلا أنك تنبهت إلى السلوك الاستيطاني الإسرائيلي منذ نشأته حتى الآن. ما الذي دفعك إلى أن تتعاطف مع الفلسطينيين وقضيتهم؟عندما كنت أنشأ في المجتمع اليهودي في أستراليا في السبعينيات، كان من الشائع جدا تشويه صورة الفلسطينيين والعرب بشكل عام باعتبارهم تهديدا وإرهابيين. ولكن كلما كبرت، وجدت هذا الأمر مزعجا للغاية. كنت غاضبا من هذا العنصرية غير المشروطة ضد الفلسطينيين في المجتمع اليهودي. لم أكن قد زرت إسرائيل أو فلسطين آنذاك، ولكن مع تقدمي في العمر، بدأت في القراءة وتعلم المزيد. في الحقيقة، لم أكن قد التقيت بفلسطيني حتى عندما كنت في العشرينيات من عمري.
استخدم العديد من اليهود "المحرقة اليهودية"، حيث حولوا تلك المعاناة إلى سلاح في خدمة الاحتلال، للاستمرار في سياسة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، هل نجحت إسرائيل في استغلال (الهولوكوست). للتغطية على استعمار فلسطين وللتغطية على ممارستها ضد السكان المدنيين طيلة 75 عاما؟نعم، في بعض الأوجه. من المهم دائما تذكر أن المحرقة كانت حدثا مروعا للغاية أودى بحياة 6 ملايين يهودي، بما في ذلك الكثير من أفراد عائلتي. ولكن ما حدث في العقود الأخيرة هو أن الكثير من الإسرائيليين واليهود حول العالم حاولوا استخدام المحرقة لإسكات منتقدي إسرائيل، وكأنهم يقولون "كيف تجرؤ على انتقادنا بعد الذي مررنا به؟ واتهام النقاد بالمعاداة للسامية.
عشتَ في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، وشاهدت الشرطة الإسرائيلية تضايق وتهين الفلسطينيين دائما. هل يندرج ذلك بأن إسرائيل هي دولة فصل عنصري؟نعم، أنا أرى ذلك. إسرائيل هي دولة فصل عنصري. هذا ليس رأيي فقط، بل هو أيضا رأي منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش وجميع المنظمات الفلسطينية لحقوق الإنسان. في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يتم معاملة اليهود والعرب بطريقتين مختلفتين تماما من قبل الشرطة والقانون.
برأيكم نتيجة لما يجري في غزة منذ أكثر من 8 أشهر من القتل والدمار. هل تدهورت صورة إسرائيل بأنها دولة الناجين من المحرقة المحتاجين للحماية، وانحدرت تدريجيا إلى صورة قزم إمبريالي عميل للغرب؟ وما موقفك حول الأحداث الجارية في غزة؟ما يحدث في غزة هو مذبحة جماعية مروعة. وبصفتي يهوديا، أشعر بالخجل والاشمئزاز مما تفعله إسرائيل. إسرائيل لا تحاول تدمير حماس فقط، بل تحاول تدمير غزة والفلسطينيين في غزة. حوالي 70% من منازل غزة قد دمرت، وتم تدمير البنية التحتية والحياة الفلسطينية. غزة نفسها أصبحت غير صالحة للعيش بالنسبة لكثير من الغزيين، وهذا كان الهدف دائما.
وما زال الدعم العسكري والدبلوماسي مستمرا من الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما من القوى الغربية لإسرائيل، وهذا ما يمنحها الضوء الأخضر للاستمرار في هذه المذبحة.
هل توافق على أن "الاستشراق الرقمي" هو الشكل الجديد من السيطرة التي تستخدمها شركات وسائل التواصل الاجتماعي الغربية، وهو منهج يكرر في العصر الحديث استخدام عدسة تمييز غربية على شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبشكل خاص في فلسطين؟أقدر طرحك لهذه القضية المعقدة والشائكة المتعلقة بالأوروبية الرقمية. لقد قدمت نقاطا مقنعة حول كيفية ميل شركات وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانت فيسبوك أو غوغل أو تيك توك، إلى محاولة الرقابة أو تقييد الوصول إلى المحتوى الفلسطيني بشكل أكبر.
ويبدو أن هذا الأمر قد استمر قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد اتسع بشكل كبير منذ ذلك الحين. ولكن في الواقع، لا أعتقد أنه ينجح، وأنا أقول ذلك لأن هناك كميات هائلة من الناس في جميع أنحاء العالم الآن يرون الواقع في غزة، ويرون ما يقوم به الحراس والصحفيون والمواطنون على إنستغرام أو تيك توك، والواقع القاسي لحرب إسرائيل.
ومن المثير للاهتمام كيف قال بعض السياسيين الأميركيين في الأشهر القليلة الماضية بصراحة إن السبب الرئيسي الذي يريدون من خلاله حظر تيك توك هو لأن الكثير من الشباب الأميركيين الآن يؤيدون فلسطين، كما لو أن حظر تيك توك سوف يحل هذه المشكلة.
تظهر إسرائيل في كل حرب نوعا جديدا من السلاح الذي تريد تسويقه؛ هل توافق على أن للحرب على غزة -إسرائيليا- "هدفا تسويقيا؟لقد طرحت نقطة مهمة حول كيف استخدمت إسرائيل الأراضي الفلسطينية المحتلة كمختبر لعقود من الزمن، وطوّرت أشكالا جديدة من القمع على الفلسطينيين، ثم قامت بتسويقها لجمهور عالمي. وما لاحظته في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو أن إسرائيل تستخدم أعدادا هائلة من الأسلحة الجديدة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي وغيرها من أشكال الأسلحة التي من المرجح أن تصدرها إلى أسواق عالمية أخرى.
وأنا بالفعل أرى معارض للأسلحة في أوروبا وآسيا، حيث تحاول إسرائيل والشركات الإسرائيلية الترويج لهذه الأدوات والتكنولوجيات باعتبارها "مجربة في المعركة" في غزة. لذلك أعتقد أن إسرائيل تأمل في الربح الكثير من هذه الحرب.
ولا أعتقد أن السبب وراء وجودها في غزة هو الربح المادي فقط، ولكنه بالتأكيد عامل رئيسي في إطالة أمد الحرب. وهذا هو السبب في معارضتي لذلك منذ سنوات عديدة.
تقول: "أبو الصهيونية ثيودور هرتزل (1860-1904م)، كتب في رسالته الشهيرة "الدولة اليهودية": "في فلسطين، سنكون جزءا من الجدار الأوروبي ضد آسيا، وسنعمل كثغر أمامي للحضارة ضد البربرية". برأيكم هل يتوافق كلام هرتزل مع ما يجري في فلسطين اليوم؟وكما ذكرت، فقد كتب هرتزل في السنوات المبكرة عن فكرة الدولة اليهودية باعتبارها "نقطة انطلاق للحضارة ضد البربرية"، وهذا بالفعل أمر ملحوظ بعد مرور أكثر من 100 عام.
حتى اليوم، لا يزال قادة إسرائيليون مثل بنيامين نتنياهو والكثير من السياسيين والإعلاميين الإسرائيليين الآخرين يتحدثون عن كيف أن إسرائيل مقارنة بالعالم العربي متحضرة، وتظهر للعالم كيف يمكن أن تكون دولة غربية طبيعية. ولكن في الواقع، هذا غير صحيح تماما لأن إسرائيل كما ذكرت هي دولة يهودية تعطي الأولوية لليهود على أي شخص آخر. أخاف من الدول اليمينية والجماعات السياسية اليمينية والجماعات اليمينية المتطرفة، وإسرائيل هي نموذج في مفهوم القومية العرقية، وإعطاء الأولوية لشعب واحد على آخر.
وهذا قد ينطبق على الهند التي تعطي الأولوية للهندوس وتحاول عزل المسلمين والهجوم عليهم. ومشكلتي ليست مع إسرائيل باعتبارها دولة يهودية. المشكلة هي مع أي دولة تعطي الأولوية لشعب على آخر، سواء كانوا مسلمين أو هندوسا أو يهودا أو مسيحيين.
برأيكم هل تعتبر إسرائيل مكانا آمنا للشعب اليهودي فيما لو حدثت أزمة أخرى لهم في المستقبل؟بالتأكيد فإن فلسطين تمر بوضع صعب للغاية في الوقت الحالي، كما قلت منذ بضعة أشهر. منذ حوالي 80 عاما، حاول الفلسطينيون التعامل مع تأثيرات النكبة عام 1948م، عندما قتل ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف فلسطيني وتم طرد نحو 750 ألفا منهم. ومما يحزن أن ما حدث بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول أسوأ بكثير، حيث قتل ما بين 40 ألفا إلى 50 ألف فلسطيني وتم تشريد نحو مليوني فلسطيني. لذا من المؤكد أن الفلسطينيين سيعانون من تداعيات هذه الحرب لعقود قادمة.
وما يزعج أيضا هو أن إسرائيل والإسرائيليين يعيشون في زهو وغرور، معتقدين أن قتل الكثير من الناس وتدمير غزة سيجعلهم أكثر أمانا، في حين أن العكس هو الصحيح. هذه الحرب جعلت الإسرائيليين أقل أمانا مما كانوا عليه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأخشى أنها تجعل اليهود في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أنا، أقل أمانا أيضا.
لا شك أن كراهية اليهود حقيقية وأنا معارض لها. ولكن أعتقد أن التصرفات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية تعرض الكثير منا كيهود للخطر. نحن نرتبط بشكل غير عادل بإسرائيل، على الرغم من كوني معاديا للصهيونية. أنا فخور بهويتي اليهودية ولست متدينا على الإطلاق، بل علماني وأنا مواطن أسترالي وألماني. ولكن من المهم أن يدرك الناس في العالم العربي والإسلامي أن ليس كل اليهود يؤيدون إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السابع من أکتوبر تشرین الأول تحاول تدمیر أن إسرائیل إسرائیل هی الکثیر من أعتقد أن تیک توک هی دولة فی غزة
إقرأ أيضاً:
عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل.. لا شىء اسمه فلسطين
خريطة نتنياهو تضم الضفة وغزة والجولانسفر إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات أصبح نصا سياسياشطب القضية الفلسطينية سيفجِّر فوضى شاملة فى المنطقة لن تنجو منها إسرائيلوضعت الحرب الفلسطينيين فى حالة استثنائية.
منحتهم شهورا من «القشعريرة» الوطنية لا تحدث فى حياة الشعوب المحتلة إلا نادرا.
فجرت مياه «التحرر» الجوانية فى أعماقهم وأضاءت قناديل العدالة فى نفوس كارهى الظلم فى الدنيا كلها.
دفع الفلسطينيون ثمنا غاليا يصعب تقديره ليعثر العالم على وعيه الضائع وضميره الغائب وذاكرته المنسية ويعترف بقضيتهم المزمنة ثم يعيد إليهم ما اغتصب منهم.
انتظر الفلسطينيون نهاية الحرب لتتسلم الدبلوماسية ملف القضية لتكافئهم بحلها على قدر ما حاربوا وعلى قدر ما ضحوا وعلى قدر ما استشهدوا أليست الحرب سياسة بأسلوب أشد.
وجاء من أقصى الغرب «رئيس» يسعى إلى إيقاف الحرب كما وعد العرب والمسلمين أربع مرات حين التقى بهم فى حملته الانتخابية.
وقبل أن يعود إلى البيت الأبيض فى يناير القادم ليصبح سيده سلم القضية للدبلوماسية مبكرا.
لكن الدبلوماسية خطفت القضية من أيدى أصحابها وأنصارها وصادرت بياناتها وأحلامها ومستقبلها وثيابها وطعامها وأرضها وتاريخها بل اسمها قبل أن تجلس على مائدة المفاوضات إذا حدثت مفاوضات.
اختار «دونالد ترامب» الذى نلقى بكل الرهان عليه «مايك هكابى» سفيرا للولايات المتحدة فى إسرائيل لنجد أنفسنا فى صدمة وربما صاعقة.
كان مجرد إعلان الاسم وقبل أن يوافق الكونجرس عليه وقبل أن يتسلم عمله كفيلا بسقوط الستار على الفلسطينيين قبل أن يصلوا إلى خشبة المسرح بل ربما وضعوا فى الثلاجة حتى يصبحوا أسماكا متجمدة.
الرجل يعشق إسرائيل ويذوب فى هواها ويلثم التراب الذى تمشى عليه ولا يتخيل الحياة بدونها.
«ترامب» نفسه اختاره للمنصب لأنه حسب ما أعلن أنه «يحب إسرائيل وعلى نحو مماثل يحبه شعب إسرائيل «فلم يحرم العاشقين من رقصة «تانجو» طال انتظارها على الأرض المحتلة؟ لم لا يمنحهم فرصة المناجاة فى ليلة قمرية على شاطئ «تل أبيب»؟
والمثير للدهشة أن «هاكابي» ليس يهوديا ولكنه يموت فى هوى إسرائيل أكثر من كل السفراء اليهود الذين بعثت بهم الولايات المتحدة إليها منذ عين «جورج بوش» عام ٢٠٠٨ «جيمس كانينجهام».
فى ٥٢ سنة زار «هاكابى» إسرائيل ١٠٠ مرة فى رحلات جماعية مدفوعة حاملا «الإنجيل» فى يد «والتوراة» فى اليد الأخرى.
وهو لا يرى إسرائيل بعيون سياسية وإنما يراها بعيون دينية.
يراها «مشيئة الرب» التى جمعت شعبه «المختار».
يراها أمة «داوود» الذى حارب «جوليات» وأنقذ اليهود من غزوات الكنعانيين.
ولد «هاكابى» فى مدينة «هوب» (ولاية تكساس) يوم ٢٤ أغسطس عام ١٩٥٥(٦٩ سنة) وبسبب بيئته المتواضعة المحافظة اتجه إلى الكنيسة لتعلمه وتأويه وتطعمه وتدربه على التبشير بمعتقداتها.
وفى سن الخامسة عشرة ألقى أول موعظة على منبرها.
درس «الإلهيات» فى جامعة «أواشيتا بابتيست» المعمدانية التى شكلت أفكاره وتوجهاته التى نشرها بسهولة بعد أن أصبح قسا فى ولاية «أركنساس» التى توجد فيها الجامعة بالتحديد فى مدينة «أركدلفيا».
قدم برنامجا تليفزيونيا حمل اسمه «هاكابي» ساهم فى انتشاره حتى أصبحا نجما يمشى وراءه المتشددون.
على الشاشة رفض الإجهاض حتى ولو كان سبب الحمل الاغتصاب أو زنى المحارم.
رفض أيضا الجنسية المثلية وطالب بتعديل دستورى يحظر زواجهما من بعضهما البعض.
ودعا إلى عزل مرضى الإيدز بعد سنوات من تأكيد الطب أن المرض لا يمكن أن ينتشر من خلال المعايشة الاجتماعية.
وعارض الرعاية الصحية الشاملة التى يستفيد منها الفقراء.
واعتبر أبحاث الخلايا الجذعية الجينية التى عالجت أمراضا مستعصية نوعا من الكفر وتدخلا فى مشيئة الرب.
ووصف نظرية «داروين» فى النشوء والارتقاء بأنها رجس من عمل الشيطان.
وفيما بعد رأس قناتين تليفزيونيتين تروجان لما يسمى «المسيحية الصهيونية» التى تؤمن بأن قيام إسرائيل عام ١٩٤٨ كان ضرورة سماوية سامية لأنها تكمل نبوءة الكتاب المقدس بقدوم المجيء الثانى للمسيح إلى الأرض ملكا منتصرا بعد حرب سيخوضها ضد الشر فى العالم.
وتعتقد «الصهيونية المسيحية» أنه من واجب أتباعها الدفاع عن الشعب اليهودى بشكل عام والدولة العبرية بشكل خاص ويعارضون انتقادها ويعتبرون جزءا من اللوبى الذى يؤيد إسرائيل.
ويتبع المؤمنون بها «هاكابي» فى كتابة قصائد تعبر عن لوعة الحب الذى يحرق قلوبهم على إسرائيل.
لا نجرؤ بالطبع أن نلوم عاشقًا على ما يحب ولا على ما يكره فالعواطف قناعات داخلية يصعب تجنبها أو السيطرة عليها أو التحكم فيها.
هو حر فى حبه وهو حر فى كرهه وليس من طبيعتنا العربية أن نفرض على أحد حبا لا يريده ومشاعر لا يحس بها.
لكن عواطف الحب عنده ليست عواصف صوفية أو رومانسية وإنما هى عواطف سياسية وعملية وواقعية تقوم على السيطرة المطلقة سواء فى جلسات الحب الإسرائيلية أو جلسات المفاوضات العربية.
على أن العاشق الخرافى الذى بدا مستعدًا أن ينتحر حبا فى إسرائيل استفاد منها كثيرا.
بأصوات اليهود الذين انتخبوه أصبح حاكما لولاية «أركنساس» فى الفترة ما بين عامى ١٩٩٦ و٢٠٠٧ وجمع للمرة الأولى بين السياسة والموعظة وفيما بعد ستتولى ابنته «ساندرز» المنصب نفسه وتصبح ابنته الأخرى «سارة» متحدثا رسميا باسم البيت الأبيض خلال رئاسة «ترامب» الأولى.
المثير للدهشة أن «ترامب» لم يعجبه فى البداية ووصفه بأنه «ديكتاتور» لا يقل تسلطا عن «هتلر» بل رشح نفسه ضده فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى لاختيار مرشح الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٦ لكنه فشل كما سبق أن فشل فى عام ٢٠٠٨.
على أنه وقع فى هوى «ترامب» بعد أن قرر فى ٦ ديسمبر ٢٠١٧ نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وفى ١٤ مايو ٢٠١٨ بدأت السفارة الأمريكية عملها من القدس فى ذكرى إعلان «مناحم بيجن» المدينة المقدسة عاصمة موحدة وأبدية للدولة الصهيونية.
لم يكف «هاكابي» عن دعم «ترامب» وحشد أتباعه فى الكنائس ومتابعيه فى التليفزيون لانتخاب «ترامب» بل رافقه فى زيارته الدعائية للسبع ولايات المتأرجحة التى تحسم عادة الانتخابات.
ورد «ترامب» الجميل باختياره سفيرا للولايات المتحدة فى إسرائيل والمؤكد أن اختيار «ترامب» اختيارا تماما فهو يعرف مسبقا أن «هاكابى» سيخدم إسرائيل برموش عينيه أكثر من اليهود المتشددين الذين سبقوه فى تولى المنصب.
كل تصريحات «هاكابى» تثبت ذلك.
حسب شبكة «سى. إن. إن.» الإخبارية الأمريكية فإنه يرفض استخدام مصطلح «المستوطنات».
ويقول: «إن إسرائيل لديها سند ملكية ليهودا والسامرة» وهما الاسم التوراتى الرسمى الذى يطلق على الضفة الغربية.
فى عام ٢٠١٥ قال:
«إن مطالبة إسرائيل بضم الضفة الغربية أقوى من مطالبة الولايات المتحدة بمانهاتن» أشهر منطقة فى مدينة نيويورك.
وفى عام ٢٠١٧ زار مستوطنة «معاليه أدوميم» ليعلن:
«لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية. إنها يهودا والسامرة. ولا يوجد شىء اسمه مستوطنة. إنها مجتمعات وأحياء ومدن. ولا يوجد شىء اسمه احتلال (إسرائيلى) فاليهود هم أصحاب الأرض منذ ثلاثة آلاف سنة».
لم يكتف بذلك وإنما أعلن فى بداية شهر نوفمبر ٢٠٢٤ معارضته القوية لـ «إٌقامة دولة فلسطينية» مضيفا: «لا يوجد شىء اسمه فلسطين».
وعندما نفذت عملية «طوفان الأقصى» حتى سارع بالسفر إلى إسرائيل ليزور تجمع «كفار غزة» الذى هاجمه مقاتلو حماس قائلا:
«إن هذه الزيارة ضربة قوية عززت تصميمه على التعبير عن تضامنه مع الشعب الإسرائيلى».
بل أكثر من ذلك انتقد «جو بايدن» بسبب ضغطه على إسرائيل قائلا:
«إذا كنت شخصا مؤيدا لإسرائيل فكيف يمكن أن تكون مؤيدا لبايدن الذى أوضحت إدارته أنها ستقدم تنازلات لحماس».
هكذا تحدث سفير «ترامب» فى إسرائيل.
قطعا سيوافق الكونجرس عليه لوجود أغلبية للجمهوريين.
لكن المهم أن الرجل واضح وصريح ومباشر فى تصريحاته وتوجهاته وأهدافه ونحن نشكره على ذلك حتى لا نضيع وقتنا فى تمنيات طيبة بالتغييرات.
يجب أن تصل رسالة جديدة إلى «ترامب».
صدقنا أنك ستوقف الحرب وتأتى بالسلام ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب القضية الفلسطينية.
لو نفذت سياسة سفيرك «هاكابي» بشطب فلسطين من على الخريطة فإن الفوضى ستضرب المنطقة ولن تكون إسرائيل بعيدة عنها.
إن الاستقرار الذى تتحدث عنه لن يأتى بالسيطرة الإسرائيلية وإلا ستتكرر عملية طوفان الأقصى وسبعة أكتوبر سيواصل العد حتى ثلاثين أكتوبر.
لكن فى الوقت نفسه لم لا تخرج من المنطقة مبادرة جماعية (عربية وتركية وإيرانية) لمواجهة مخططات ومؤامرات باتت معلنة.
ألم يخرج «نتنياهو» على الجمعية العامة للأمم المتحدة بخريطة جديدة ليس فيها فلسطين؟
ألم يعد الحديث من جديد إلى امتداد دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات؟
إن الحكومة الإسرائيلية القائمة حكومة دينية يمينية متطرفة تؤمن بتحويل النصوص التوراتية إلى نصوص سياسية.
وفى التوراة (سفر التكوين) عباراة تشير إلى أرض إسرائيل الكبرى:
«فى ذلك اليوم قطع الرب مع إبراهيم ميثاقا قائلا: لنسلك أعطى هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير فى الفرات».
حسب هذا التصور فإن حدود إسرائيل تشمل كل أراضى فلسطين التاريخية بما فيها الضفة الغربية وغزة إلى جانب مرتفعات الجولان.
وهناك من يرى أن النص يسمح بالتمدد إلى أراضى دول أخرى.
ومن ثم فالوقوف فى وجه التهام فلسطين هو خطوة ضرورية لحماية دول أخرى حسب المثل الشائع:
«أكل الثور الأبيض يوم أكل الثور الأسود».