قل وداعا للبطاريات المستخدمة حاليا.. علماء يصنعون خلطة من الاسمنت والكربون لتحويل المباني إلى بطاريات عملاقة جدا ستوفر طاقة هائلة للعالم
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
تظل البطاريات عنصر اساسي في عملية انتاج الطاقة البديلة، كونها غير مستمرة خلال ٢٤ ساعة، وتحتاج لتعويض فترات توقفها، ما يتطلب تخزين الطاقة لاعادة استخدامها خلال ساعات توقف مصدر الطاقة الاساسي.
وعقب تجارب عديدة تمكن علماء معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من صناعة خلطة قادرة على تحويل المباني إلى بطاريات عملاقة
ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تسهل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المد والجزر، عن طريق السماح لشبكات الطاقة بالبقاء مستقرة رغم التقلبات في إمدادات الطاقة المتجددة.
وتوصلت دراسة جديدة قام بها علماء من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا إلى أن اثنين من أكثر المواد انتشارا لدى البشرية، وهما الأسمنت وأسود الكربون (الذي يشبه الفحم النباتي ذي الحبيبات الدقيقة)، قد يشكلان الأساس لنظام تخزين طاقة جديد ومنخفض التكلفة.
ووجد الباحثون أنه يمكن دمج المادتين مع الماء لصنع مكثف فائق -بديل للبطاريات- يمكن أن يوفر تخزينا للطاقة الكهربائية.ويقول باحثو معهد ماساشوستس للتكنولوجيا الذين طوروا النظام أنه يمكن في النهاية دمج المكثف الفائق في الأساسات الخرسانية للمنزل، حيث يمكنه تخزين ما يكفي من الطاقة ليوم كامل مع إضافة القليل إلى تكلفة الأساسات، بما يحافظ على القوة الهيكلية المطلوبة.
ويتصور الباحثون أيضا إمكانية إنشاء طرق خرسانية يمكن أن توفر بدون تلامس إمكانية إعادة الشحن للسيارات الكهربائية في أثناء سيرها عبر تلك الطرق.تم وصف هذه التكنولوجيا البسيطة والمبتكرة في ورقة بحثية نشرت في دورية “بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز” (PNAS)، يوم 31 يوليو/تموز الماضي.
كيف نفهم هذا الابتكار؟
لفهم هذا الابتكار، دعونا نفهم فكرة المكثفات وعملها في مجال الطاقة الكهربية. فالمكثفات، من حيث المبدأ، أجهزة بسيطة للغاية تتكون من لوحين موصلين كهربائيا مغمورين في إلكتروليت ويفصل بينهما غشاء. وعندما يتم تطبيق جهد عبر المكثف، تتراكم الأيونات الموجبة الشحنة من الإلكتروليت على الصفيحة السالبة الشحنة، بينما تتراكم على اللوح موجب الشحنة الأيونات السالبة الشحنة.
ونظرًا لأن الغشاء الموجود بين الصفائح يمنع الأيونات المشحونة من الانتقال عبرها، فإن فصل الشحنات هذا يخلق مجالا كهربائيا بين الألواح، ويصبح المكثف مشحونا.
ويمكن للصفيحتين الحفاظ على هذا الزوج من الشحنات لفترة طويلة، ومن ثم توصيلهما بسرعة كبيرة عند الحاجة.ويمكن للمكثفات الفائقة تخزين شحنات كبيرة بشكل استثنائي. وتعتمد كمية الطاقة التي يمكن أن يخزنها المكثف على المساحة الإجمالية لألواحه الموصلة.
ويأتي مفتاح المكثفات الفائقة الجديدة التي طورها الفريق الأميركي من طريقة إنتاج مادة قائمة على الأسمنت مع مساحة سطح داخلية عالية للغاية بسبب شبكة كثيفة ومترابطة من المواد الموصلة ضمن حجمها الأكبر.
خلطة أسود الكربون والماء
أدخل الباحثون أسود الكربون -عالي التوصيل- في خليط خرساني إلى جانب مسحوق الأسمنت والماء، وتُرك يجف، وتشكل المياه بشكل طبيعي شبكة متفرعة من الفتحات داخل الهيكل حيث تتفاعل مع الأسمنت، وينتقل الكربون إلى هذه المساحات لصنع هياكل تشبه الأسلاك داخل الأسمنت المتصلب.
تحتوي هذه الهياكل على هيكل شبيه بالكسيرات، مع فروع أكبر تنبت فروعًا أصغر، والتي ينبت منها فروعا أصغر، وهكذا، وتنتهي بمساحة كبيرة للغاية داخل حدود حجم صغير نسبيا.يتم بعد ذلك نقع المادة في مادة إلكتروليت قياسية، مثل كلوريد البوتاسيوم، وهو نوع من الملح، يوفر الجسيمات المشحونة التي تتراكم على هياكل الكربون.
وقد وجد الباحثون أن قطبين مصنوعين من هذه المادة، تفصلهما مساحة رقيقة أو طبقة عازلة، يشكلان مكثفًا فائقًا قويًا للغاية.
تعمل لوحتا المكثف تمامًا مثل قطبي بطارية قابلة لإعادة الشحن ذات جهد مكافئ عند التوصيل بمصدر للكهرباء، حيث يتم تخزين الطاقة في الألواح، ثم عند التوصيل بحمل، يتدفق التيار الكهربائي مجددا لتوفير الطاقة.
فرصة كبيرة للانتقال للطاقات المتجددة
يقول الباحثون إن المكثفات الفائقة المصنوعة من هذه المادة لديها إمكانات كبيرة للمساعدة في انتقال العالم إلى الطاقة المتجددة، إذ تنتج المصادر الرئيسية المتجددة -مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المد والجزر- الطاقة في أوقات متغيرة لا تتوافق غالبا مع ذروة استخدام الكهرباء، لذا فإن طرق تخزين هذه الطاقة ضرورية.
ومع وجود حاجة كبيرة لتخزين الطاقة الضخمة، وارتفاع تكلفة البطاريات الحالية التي تعتمد في الغالب على مواد موجودة بشكل محدود مثل الليثيوم، تبرز الحاجة الماسة إلى بدائل أرخص، وهنا تأتي أهمية الاكتشاف الجديد، لأن الأسمنت موجود في كل مكان.
وحسب الفريق الأميركي، فإن كتلة من الخرسانة النانوية المطلية بالكربون الأسود والتي يبلغ حجمها 45 مترا مكعبا -أي ما يعادل مكعبا بعرض 3.5 أمتار تقريبا- ستكون لها سعة كافية لتخزين نحو 10 كيلووات/ ساعة من الطاقة، وهو متوسط الاستخدام اليومي للكهرباء للأسرة. ويمكن للمنزل الذي يحتوي على أساس مصنوع من هذه المادة تخزين طاقة يومية تنتجها الألواح الشمسية أو طواحين الهواء والسماح باستخدامها عند الحاجة. ويمكن شحن المكثفات الفائقة وتفريغها بسرعة أكبر بكثير من البطاريات.
بعد سلسلة من الاختبارات المستخدمة لتحديد النسب الأكثر فاعلية للأسمنت وأسود الكربون والماء، صنع الفريق مكثفات فائقة صغيرة، بعرض نحو سنتيمتر واحد وسُمك مليمتر واحد، يمكن شحن كل منها إلى 1 فولت.
ويخطط الفريق حاليا لبناء سلسلة من الإصدارات الأكبر من البطاريات، بدءا ببطارية في حجم بطارية السيارة النموذجية بجهد 12 فولتا، ثم العمل حتى إصدار 45 مترا مكعبا لإثبات قدرتها على تخزين الطاقة الكهربائية اللازمة للمنزل.
المصدر : مواقع إلكترونية
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: اختراع جديد المباني بطاريات بطاريات عملاقة بطارية
إقرأ أيضاً:
“السعودية للكهرباء” و”كاوست” تطلقان أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم لاحتجاز الكربون بمحطة توليد رابغ
بإشراف من وزارة الطاقة، دشنت الشركة السعودية للكهرباء اليوم، بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST)، أول مشروع بحثي من نوعه على مستوى العالم يتم اختباره داخل محطة توليد كهربائية باستخدام تقنية التجميد لاحتجاز الكربون ومعالجة الملوثات الأخرى في محطة توليد رابغ.
ويهدف هذا المشروع البحثي إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، إضافة إلى الجزيئات الدقيقة، في خطوة تساهم بتحقيق مستهدفات الشركة السعودية للكهرباء في الاستدامة والوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050.
وتتضمن هذه التقنية المبتكرة تطوير منصة متنقلة ذات سعة يومية لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون، تصل إلى ربع طن، ما يجعلها نموذجًا عمليًا لتطبيق احتجاز الكربون مستقبلاً على نطاق واسع ضمن قطاع توليد الطاقة.
وأكد المهندس خالد بن سالم الغامدي، الرئيس التنفيذي المكلف للشركة السعودية للكهرباء، أن هذا المشروع البحثي يدعم جهود احتجاز الكربون في المملكة، ويعكس التزام الشركة الدائم بالشراكات التقنية المبتكرة، بما يحقق أهداف المبادرات البيئية للمملكة، ويسهم في تحقيق الاستدامة في قطاع الطاقة، مشيرًا إلى أهمية التعاون البحثي مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في تطوير وتطبيق حلول تقنية تخدم بيئة المملكة والتوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة.
ويعد هذا المشروع البحثي خطوة هامة لإثبات كفاءة التقنية الجديدة لاحتجاز انبعاثات الكربون في أحد القطاعات ذات الانبعاثات الصعب تخفيضها؛ إذ تصل نسبة نقاء الكربون المحتجز إلى ٩٩٪. وتتماشى هذه المبادرة مع طموح مبادرة السعودية الخضراء للوصول إلى الحياد الصفري لغازات الاحتباس الحراري، وذلك من خلال تطبيق تقنيات نهج الاقتصاد الدائري للكربون بحلول عام 2060 أو قبل ذلك عند نضج وتوفر التقنيات اللازمة.