تظل البطاريات عنصر اساسي في عملية انتاج الطاقة البديلة، كونها غير مستمرة خلال ٢٤ ساعة، وتحتاج لتعويض فترات توقفها، ما يتطلب تخزين الطاقة لاعادة استخدامها خلال ساعات توقف مصدر الطاقة الاساسي.

وعقب تجارب عديدة تمكن علماء معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من صناعة خلطة قادرة على تحويل المباني إلى بطاريات عملاقة

ويمكن لهذه التكنولوجيا أن تسهل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المد والجزر، عن طريق السماح لشبكات الطاقة بالبقاء مستقرة رغم التقلبات في إمدادات الطاقة المتجددة.

وتوصلت دراسة جديدة قام بها علماء من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا إلى أن اثنين من أكثر المواد انتشارا لدى البشرية، وهما الأسمنت وأسود الكربون (الذي يشبه الفحم النباتي ذي الحبيبات الدقيقة)، قد يشكلان الأساس لنظام تخزين طاقة جديد ومنخفض التكلفة.

ووجد الباحثون أنه يمكن دمج المادتين مع الماء لصنع مكثف فائق -بديل للبطاريات- يمكن أن يوفر تخزينا للطاقة الكهربائية.ويقول باحثو معهد ماساشوستس للتكنولوجيا الذين طوروا النظام أنه يمكن في النهاية دمج المكثف الفائق في الأساسات الخرسانية للمنزل، حيث يمكنه تخزين ما يكفي من الطاقة ليوم كامل مع إضافة القليل إلى تكلفة الأساسات، بما يحافظ على القوة الهيكلية المطلوبة.

ويتصور الباحثون أيضا إمكانية إنشاء طرق خرسانية يمكن أن توفر بدون تلامس إمكانية إعادة الشحن للسيارات الكهربائية في أثناء سيرها عبر تلك الطرق.تم وصف هذه التكنولوجيا البسيطة والمبتكرة في ورقة بحثية نشرت في دورية “بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز” (PNAS)، يوم 31 يوليو/تموز الماضي.

كيف نفهم هذا الابتكار؟
لفهم هذا الابتكار، دعونا نفهم فكرة المكثفات وعملها في مجال الطاقة الكهربية. فالمكثفات، من حيث المبدأ، أجهزة بسيطة للغاية تتكون من لوحين موصلين كهربائيا مغمورين في إلكتروليت ويفصل بينهما غشاء. وعندما يتم تطبيق جهد عبر المكثف، تتراكم الأيونات الموجبة الشحنة من الإلكتروليت على الصفيحة السالبة الشحنة، بينما تتراكم على اللوح موجب الشحنة الأيونات السالبة الشحنة.
ونظرًا لأن الغشاء الموجود بين الصفائح يمنع الأيونات المشحونة من الانتقال عبرها، فإن فصل الشحنات هذا يخلق مجالا كهربائيا بين الألواح، ويصبح المكثف مشحونا.

ويمكن للصفيحتين الحفاظ على هذا الزوج من الشحنات لفترة طويلة، ومن ثم توصيلهما بسرعة كبيرة عند الحاجة.ويمكن للمكثفات الفائقة تخزين شحنات كبيرة بشكل استثنائي. وتعتمد كمية الطاقة التي يمكن أن يخزنها المكثف على المساحة الإجمالية لألواحه الموصلة.

ويأتي مفتاح المكثفات الفائقة الجديدة التي طورها الفريق الأميركي من طريقة إنتاج مادة قائمة على الأسمنت مع مساحة سطح داخلية عالية للغاية بسبب شبكة كثيفة ومترابطة من المواد الموصلة ضمن حجمها الأكبر.

خلطة أسود الكربون والماء
أدخل الباحثون أسود الكربون -عالي التوصيل- في خليط خرساني إلى جانب مسحوق الأسمنت والماء، وتُرك يجف، وتشكل المياه بشكل طبيعي شبكة متفرعة من الفتحات داخل الهيكل حيث تتفاعل مع الأسمنت، وينتقل الكربون إلى هذه المساحات لصنع هياكل تشبه الأسلاك داخل الأسمنت المتصلب.

تحتوي هذه الهياكل على هيكل شبيه بالكسيرات، مع فروع أكبر تنبت فروعًا أصغر، والتي ينبت منها فروعا أصغر، وهكذا، وتنتهي بمساحة كبيرة للغاية داخل حدود حجم صغير نسبيا.يتم بعد ذلك نقع المادة في مادة إلكتروليت قياسية، مثل كلوريد البوتاسيوم، وهو نوع من الملح، يوفر الجسيمات المشحونة التي تتراكم على هياكل الكربون.

وقد وجد الباحثون أن قطبين مصنوعين من هذه المادة، تفصلهما مساحة رقيقة أو طبقة عازلة، يشكلان مكثفًا فائقًا قويًا للغاية.
تعمل لوحتا المكثف تمامًا مثل قطبي بطارية قابلة لإعادة الشحن ذات جهد مكافئ عند التوصيل بمصدر للكهرباء، حيث يتم تخزين الطاقة في الألواح، ثم عند التوصيل بحمل، يتدفق التيار الكهربائي مجددا لتوفير الطاقة.

فرصة كبيرة للانتقال للطاقات المتجددة
يقول الباحثون إن المكثفات الفائقة المصنوعة من هذه المادة لديها إمكانات كبيرة للمساعدة في انتقال العالم إلى الطاقة المتجددة، إذ تنتج المصادر الرئيسية المتجددة -مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المد والجزر- الطاقة في أوقات متغيرة لا تتوافق غالبا مع ذروة استخدام الكهرباء، لذا فإن طرق تخزين هذه الطاقة ضرورية.
ومع وجود حاجة كبيرة لتخزين الطاقة الضخمة، وارتفاع تكلفة البطاريات الحالية التي تعتمد في الغالب على مواد موجودة بشكل محدود مثل الليثيوم، تبرز الحاجة الماسة إلى بدائل أرخص، وهنا تأتي أهمية الاكتشاف الجديد، لأن الأسمنت موجود في كل مكان.

وحسب الفريق الأميركي، فإن كتلة من الخرسانة النانوية المطلية بالكربون الأسود والتي يبلغ حجمها 45 مترا مكعبا -أي ما يعادل مكعبا بعرض 3.5 أمتار تقريبا- ستكون لها سعة كافية لتخزين نحو 10 كيلووات/ ساعة من الطاقة، وهو متوسط الاستخدام اليومي للكهرباء للأسرة. ويمكن للمنزل الذي يحتوي على أساس مصنوع من هذه المادة تخزين طاقة يومية تنتجها الألواح الشمسية أو طواحين الهواء والسماح باستخدامها عند الحاجة. ويمكن شحن المكثفات الفائقة وتفريغها بسرعة أكبر بكثير من البطاريات.

بعد سلسلة من الاختبارات المستخدمة لتحديد النسب الأكثر فاعلية للأسمنت وأسود الكربون والماء، صنع الفريق مكثفات فائقة صغيرة، بعرض نحو سنتيمتر واحد وسُمك مليمتر واحد، يمكن شحن كل منها إلى 1 فولت.

ويخطط الفريق حاليا لبناء سلسلة من الإصدارات الأكبر من البطاريات، بدءا ببطارية في حجم بطارية السيارة النموذجية بجهد 12 فولتا، ثم العمل حتى إصدار 45 مترا مكعبا لإثبات قدرتها على تخزين الطاقة الكهربائية اللازمة للمنزل.

المصدر : مواقع إلكترونية

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: اختراع جديد المباني بطاريات بطاريات عملاقة بطارية

إقرأ أيضاً:

وداعا دكتور الباقر العفيف (الزول الدُغري)

abdullahaliabdullah1424@gmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم
الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يصعب تعقلها. اي بوصفه تجربة يُعد عيشها نهاية العيش. لان اللحظة التي يحتد فيها البصر لمعرفة حقيقة الحياة وكل شئ، هي ذات اللحظة التي تفقد فيها المعرفة قيمتها. ولذا وكما هو معلوم ان اكبر اسباب الخوف من الموت هو الجهل به وبما يفضي اليه حتي بالنسبة للمؤمنين، إلا من بلغ فيهم درجة اليقين والاطمئنان وهم اندر من لبن العصفور.
وهذا لا ينفي ان هنالك من يواجه الموت بشجاعة، بل بعضهم يمتهن مهنة تماس للموت كالجنود، او يخاطرون بحياتهم كالمناضلون والثواروالمتدينون سواء من اجل قضايا ومبادئ يؤمنون بها او اديان يعتنقونها، إلا ان الدوافع مرتبطة بوعي الحياة (وبما في ذلك رفضها) وليس وعي الموت ان كان له وعي (تقبل اسدال الستار بقناعة وهدوء).
وكما احزننا رحيل كثير من رموزنا الوطنية في كافة المجالات طوال الفترة الماضية، إلا ان ما ضاعف الحزن ومض القلب، ان هذه الحرب القذرة لم تتح الفرصة لوداعهم بما يستحقونه من احترام وتقديرعلي قدر اسهاماتهم في ترقية الحياة العامة،وتضحياتهم من اجل النهوض بهذه البلاد المتعثرة.
وفي خضم الواقع المأزوم وانبهام سبل الخروج من دوامة الحرب المهلكة، نعي الناعي الدكتور الباقر العفيف، ليضيف للحزن المقيم حزنا ذو نكهة خاصة تشبه خصوصية الباقر الشفيف. اي الباقر الذي تميزت سيرته ومسيرته ومواقفه ومنجزاته بالوضوح والصراحة والجرأة، التي تعاكس تيار المجاملة الكاسح المميز لثقافتناالمجتمعية. ويبدو ان مصدر ذلك حالة من الصدقية العالية مع النفس، الشئ الذي يكسبها الثقة، القادرة بدورها علي التصدي لعيوب المجتمع والسياسة والدولة دون تهيب او لجلجة او مداورة. وهنالك مصدر آخر يُستشف من آثار الباقر الباقية، وهو متحه من ينبوع الاستاذ محمود طه، بكل ما يملكه الأخير من ثراء قيمي ونبل انساني ومعرفة محيطة ومحبة خالصة للوطن وانسانه. فهذا الانسان الشامخ الذي فاض نعيمه علي اهل زمانه وامتد اثره عبر الاجيال، لم يترك اثره البالغ علي الباقر، إلا لتوافر نوع من الكيمياء المشتركة بين المؤثر والمتأثر. وبالطبع كلما تكثفت هذه الكيمياء زاد تاثير المؤثر سواء علي مستوي اتباع نهجه او التاسي بسلوكه، وطوبي لمن كان محمود المحمود استاذه ومعلمه.
وكغيري من الكثيرين الذين لا تربطهم صلة شخصية بالباقر، إلا ان صلة المحبة المرتبطة بمشتركات الحياة العامة، لهي اقرب لصلة الرحم، اوليس الوطن الرؤوم بشكل او آخر ام للجميع! بدلالة ان كل من صدمه خبَر الرحيل، وخبِر بنفسه احساس الوحشة والفراغ والفقد الجلل، لابد وانه عاش ذات الاحساس.والسبب ان الباقر اختلطت حياته الخاصة بالقضايا العامة، لدرجة تشعر وكأنه لم يُخلق إلا لنشر الوعي وترسيخ الاستنارة والتصدي بجلد ومثابرة لفجور الكيزان، كاعداء للحق والخير والجمال.
ولا اعلم متي تعرفت علي الباقر والاصح كتاباته واحاديثه، التي لفتت انتباهي بجرأتها و(دُغريتها)، والاهم في هذا السياق ليس الزمان بقدر ما هو الانجذاب لطروحاته واساليبه وما احدثته في النفس من راحة وانشراح وفي الوعي من مكاسب لا تقدر بثمن، خاصة وسوء حظنا جعلنا ضحايا لعهد الانقاذ المحبط والمظلم، ليتلقفنا الباقر كطوق نجاة، بعد منحنا كثيرا من الامل وانار لنا طريق الخلاص.
وصحيح ان الباقر واحد من السابقين الذين صدقوا الله ما عاهدوا عليه، في بناء الوعي والتبشير بالتغيير والتحول الديمقراطي وجعل الوطن حاضن بحنية لأبنائه بعد افتكاكه من قبضة العسكر وهوس المتاسلمين.إلا ان ما يميز الباقر تحويل تجربته مع المرض وخبرة التعامل معه، الي مدرسة للتعلم حول كيفية قدرة الجسد بمساعدة الوعي وصلابة الارادة، علي التغلب علي مصائب الدهر التي لا تعتق احدا، وهذا في حال لم تعمق تجربة الحياة.
والحال انه لوجاز الوصف، يمكن اعتبار حياة وتجربة الباقر وصراحته المعهودة، نوع من التحرر من الحياء المرضي، الذي يفسد بهجة الحياة ويراكم المفاسد والاخطاء. بعد ان يحول المجتمع الي سجن عريض، يتربص فيه الكل بالكل ويخاف الكل من الكل. ومعلوم ان واحد من افرازات الحياء المرضي، تحفيز عديمي الحياء (الكيزان)، ليجاهروا بالفساد واقتراف الموبقات بجرأة يُحسدون عليها. بل بكل بجاحة يتنصلون من تاريخهم المحتشد بالمظالم والجرائم والاخطاء والخراب،وما ترتب عليه من تاسيس الارضية لهذه الحرب العدمية، وليتصدروا المشهد مجددا كابطال واوصياء علي البلاد، مستفيدين من انتهاكات وبربرية وتفاهة وقذارة مليشيا همجية، فاقت الكيزان انفسهم فسادا في الارض.
وعموما اذا كانت الحياة متاحة للجميع، فاختيار اسلوب الحياة وخصوصا عيشها بما ينفع الناس، فهو امر لا يستطعه إلا اول العزم من البشر، ومن ضمنهم بالطبع الباقر العفيف الذي اختار ان تكون حياته رسالة لتوعية شعبه والاخذ بيده لمرافئ الحرية والكرامة والتقدم، بكل ما يكتنف ذلك من مشاق ومخاطر ضد انظمة عسكرية مؤدلجة كرست جهدها للنهب والقمع والحرب والتخريب.
ونحن اذ نودع العفيف في هذه الايام العصيبة، التي يعتصرنا فيها الالم علي حال البلاد واحوال العباد. تزداد الفواجع بترجل فارس مغوار من صهوة جياد الحكمة والبصيرة والتعاطي الجاد مع القضايا المصيرية. وبفقدان ودالعفيف فقدنا شخصية متمرسة في الحياة السياسية، تكافح بعناد مستصحبة مكتسبات الحداثة واصالة التدين واستقامة النبلاء، لاجلاء كارثة الحرب وازاحة ركام الاستبداد والفساد ما وسعته الحيلة، لفتح آفاق رحبة لجيل الثورة الشاب، الذي رد له شبابه واصدقه الوعد وهو يواجه الرصاص بصدور عارية وهمة عالية (ويتش عين الضلام بالضو علي قول حميد) للخلاص من كابوس البشير ونظامه. وبما ان (الحلو ما يكملش) والسياسة وكل ما يمت للمدنية بصلة امر مستنكر في دولة اعتادت علي صلف العسكر وادمانهم الانقلابات والغدر بالثورات، فقد كان قدر العفيف وامثاله اعادة الكرة من جديد في جهد سيزيفي. ناهيك ان الانقلاب هذه المرة كان من التهور والرعونة بمكان، ليجر خلفه حرب قذرة احرقت الاخضر واليابس. وما زال كاهن الانقلاب الذي فشل في كل شئ، يسعي بهمة للبقاء في منصبه باي ثمن. وهو غير مكترث بدوره ومسؤوليته في ما آلت اليه البلاد من حطام وما اصاب اهلهامن كوارث. وكيف بمن تقاصرت همته وقدرته ومروءته عن (تكريب قاشه) كقائد للجيش او ملء مكانته كراس للبلاد او البر بقسمه اكثر من مرة، ان نرتجي منه خيرا، دعك عن نهوضه ببلاد حطمها بغباء وتبلد يليق بالرجرجة والدهماء. لكل ذلك نحسب ان العفيف رحل وفي نفسه غصة من الحاضر القاتم، ولكن مع فأل حسن بحجم ايمانه اللامحدود بمستقبل البلاد.
الا اسفي وحزني عليك يا ود العفيف وعلي وطنٍ انفقت عمرك لنهضته، وهو يتمنع وينحط من نفق الي جحر الي مجهول، بعد ان تسيده جهلاء القوم وسفهائه ومجرميه.
اللهم اغفر لعبدك العفيف الذي نشهد له بالصدق والمسؤولية والجدية وحب الوطن وشعبه. وتقبله مع الصدقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. والهم ذويه واصدقائه ومحبيه الصبر وحسن العزاء. والرحمة والمغفرة لشهداء هذه الحرب اللعينة من الابرياء وصغار الضباط والجنود، وعاجل الشفاء للجرحي وعودة للمفقودين. ونساله بكريم فضله دوام الاستقرار والامن والامان، ورد الدولة القاهرة لمواطنيها المستضعفين ردا حسنا. ودمتم في رعايته.

   

مقالات مشابهة

  • في ورشة عمل.. القومي للمعايرة يناقش تحديات تخزين الهيدروجين الأخضر
  • المعهد القومي للمعايرة يناقش تحديات تخزين الهيدروجين الأخضر في ورشة عمل علمية
  • خلطة سرية مجربة للتخلص من كل شئ يضايقك
  • تنفيذ مشروع "طاقة الريف المستدامة" لاستغلال المخلفات الزراعية في توليد الطاقة النظيفة بالأقصر
  • تركيب أنظمة طاقة شمسية بمقياس النيل وقصر المانسترلي بالروضة ومتحف الفن الإسلامي بباب الخلق
  • بدء تركيب أنظمة طاقة شمسية بمقياس النيل وقصر المانسترلي ومتحف الفن الإسلامي
  • باحث مصري يشارك في اكتشاف ثوري لحل مشاكل تخزين الطاقة
  • وداعا دكتور الباقر العفيف (الزول الدُغري)
  • تعرف على شهادات الكربون وكيفية الحصول عليها في خطوات
  • أفضل هواتف ذكية مزودة ببطاريات السيليكون والكربون