"هيثم أبو خليل" واعترافات السطو على التبرعات الإخوانية
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
في الثاني عشر من نوفمبر 2017، اعترف الإرهابي الهارب هيثم أبو خليل بأن عددًا من القائمين على إدارة حملات التبرعات في التنظيم الإخواني المصري بالخارج يلتهمون أكثر من 40 ٪ لحساباتهم الخاصة وذلك بادعاء أنهم "من العاملين عليها ويحق لهم الحصول على نصيب من أموال الزكاة والصدقات وما في حكمها من أموال"، وكان صاحب الاعتراف الفاضح، المنشور للعامة عبر "الفيسبوك"، يتحدث بعد سنوات من الالتصاق بالقائمين على إدارة حملات التبرعات، وكان يعلم علم اليقين خطورة اتهاماته الموجهة مباشرة إلى القابضين على مفاتيح خزائن وثروات الجماعة وأصحاب القرار في قمة الهرم القيادي الإخواني.
قال الإرهابي هيثم أبو خليل في منشوره التهديدي الساخن: "لما يكون فيه عائلات في كرب وضنك وطالع عينهم وحضرتك بتلم تبرعات علي حسهم وبتاخد لنفسك أكثر من 40 ٪ لأن شيطانك زين لك أنك من العاملين عليها، وتروح تشتري شقق وعربيات وتبعت كمان فلوس منها إلى مصر وتشتري عمارات.. يبقى ده حضرتك انحطاط وفساد". وأضاف: "مش هأقولك لك خليك عفيف علشان دي مصطلحات أمثالكم ميعرفوهاش.. وإياك تحس إنك فكيك وشاطر ومحدش واخد باله.. إياك تظن إن حكاويك وكذبك العبيط بينطلي علي أصغر طفل". وتابع: "لكن صدقني يومًا سأكتب كل ما شاهدته وعاينته هنا لأن ده تاريخ، حتى ولو كان وسخ فمن حق الأجيال القادمة تعرف المهاجرين الحقيقيين والمهاجرين الشمال من أجل السبوبة".
استقبل كاتب المنشور مئات التعليقات والرسائل الغاضبة التي اتهمته بالتستر على جرائم القائمين على جمع التبرعات واختصر أحدهم عشرات التعليقات في تعليق جامع، وقال: "أنا هاكلم حضرتك بمنطلق شرعي وديني بحت، حضرتك لو تملك أدلة دامغة ومثبتة وقاطعة ولا تُبلغ عن السارق أو على الأقل لم تحذر الناس، فحضرتك آثم ومشارك معه في الإثم لأنك بعدم كشفك لسرقته بتخليه يتمادى في غيه وضلاله وبتبقى في حكم المتعاون معاه". وقال آخر: "طيب على ما تفضحهم هيكونوا أخدوا كام من قوت الغلابة؟!.. انتظارك يعني أنك شريك فى سرقاتهم القادمة.. انشر ما لديك الآن لتبرئ ذمتك"، وتساءل إخواني ثالث عن الهدف من المنشور التهديدي الذي يتضمن تعميمًا يصيب جميع القائمين على جمع التبرعات بلا استثناء".
واستغل أحد الهاربين منشور صديقه "أبو خليل" وحشر بين تعليقاته اتهامًا آخر لأحد أعضاء ما يُسمى "جبهة الضمير" الداعمة لجماعة "الإخوان"، وقصف ناصيته بعدة اتهامات ساخنة، وقال: منذ متى وأنت إسلامي؟.. أين الأموال التي جمعتها من التبرعات وماذا فعلت بها؟.. أنت تَدَّعي أن جواز سفرك مفقود ومعك جواز سفر نيجيري وهذا كذب؟.. فلماذا تكذب؟!".
ومن جانبها شاركت حليفة "الإخوان" غادة نجيب في ترويج منشور أبو خليل الفاضح، وقالت: "هو بس كده.. أومال لو اتكلمنا عن سرقة حقوق العاملين واستعبادهم وبَخس حقوقهم والتعامل معاهم بالسخرة وفى الوقت اللى تلاقيه عايش عيشة ٧ نجوم يقولك مامعييش والظروف والجوابات.. حجة كدابة لسرقة الحقوق".
وفي رده على أصحاب التعليقات، حاول هيثم أبو خليل تهدئة الغاضبين وزعم أنه "لم يصمت يومًا على أي مخالفات" داخل جماعة "الإخوان" وتعهد بأن يكتب الحقائق كاملة، وقال: "لا تشغلوا أنفسكم بالتوقيت فهذا سيحدث لأن دي حقوق والحقوق لا تسقط بالتقادم.. ولكن اشغلوها بالنظر جيدًا حولكم وعدم الضحك عليكم بمعسول الكلمات"، وأضاف: "لو أنا عارف إن فيه جهة ما أو ناس كبيرة حتاخد ما سأذكره بالتفصيل وتُحقق وتستبعد وتقوم بدور محترم كنت اتكلمت فورًا لأن الصمت خيانة.. .الأجواء الآن مسمومة.. بتطلع تقول فلان نصاب.. فلانة نصابة مبتاخدش إلا الشتيمة ويا خاين ويا منفسن ويا شاقق الصف.. .وكله ماشي في سكة الطرمخة.. حد يشاور لي على حد نروح نشتكي له على ما يحدث وأبقى مجرم ومتواطئ لو مرحتش.. .حضرتك قاعد وعايز تتفرج وخلاص ومعندكش فكرة عن الواقع الذي نتحدث عنه".
كان منشور الثاني عشر من نوفمبر 2014، قذيفة مرعبة للمتربحين من أموال التبرعات، وتوقع بعضهم أن يكون الاتهام الغامض بداية لزلزال مُدمر يحطم أبراج الثراء والثروة، لكنهم عادوا إلى خزائنهم آمنين مطمئنين بعد أن علموا أن هيثم أبو خليل أغلق الملف سريعًا في ذات الأسبوع واكتفى بالمنشور اليتيم، ولم يكشف أسماء المتهمين ولم يتخذ أي إجراء لإعادة المسروقات وقرر أن يغض البصر عن الجريمة المستمرة والمتكررة في حاضر ومستقبل الجماعة الإرهابية، ولم ولن ينطق بكلمة واحدة تجرح مشاعر لصوص التبرعات أو "شلة المهاجرين الشمال".. وما خفي كان أعظم.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
خليل الخالدي قاضي فلسطين والرحالة الباحث عن كنوز المكتبات
خليل الخالدي أديب ورحالة فلسطيني، ولد في القدس عام 1863، شارك في تأسيس جمعية الاتحاد والترقي المعارضة لحكم الدولة العثمانية، ولد في القدس عام 1863 وتوفي في العاصمة المصرية القاهرة عام 1941.
المولد والنشأةولد خليل جواد بن بدر مصطفى بن خليل بن محمد صنع الله الخالدي عام 1863 في القدس، وكنيته "أبو الوفاء" الخالدي المخزومي الديري.
الدراسة والتكوين العلميدرس في القدس وأجازه الشيخ محمد أسعد الإمام المقدسي الشافعي، ثم انتقل إلى الأزهر الشريف ودرس فيه على يد كبار مشايخ العصر، مثل الشيخ عبد الرحمن الشربيني الشافعي، وحكيم الإسلام وفيلسوفه السيد جمال الدين الأفغاني، والشيخ عاطف الرومي الإسلامبولي، والشيخ أبي الفضل جعفر الكناني.
بعدها انتقل الخالدي إلى الأستانة (إسطنبول) عاصمة الإمبراطورية العثمانية، وتخرج في مدرسة القضاة وتقلد وظائف فيها.
يعتبر الشيخ خليل الخالدي من الشخصيات التقليدية المحافظة التي درست في المعاهد الدينية الإسلامية، وقد سعى إلى الحفاظ على الطابع الإسلامي في المجتمع الفلسطيني، وكان له حضور قوي في هذا السياق.
الوظائف والمسؤولياتلم يكن مجال الوظيفة متاحا للشيخ الخالدي بعد تخرجه في مدرسة القضاء الشرعي، فقد قضى نحو 5 سنوات دون عمل تنقّل خلالها بين بلدان عدة.
بدأ رحلته في تونس، حيث أقام مدة من الزمن التقى خلالها بعض علمائها واطلع على مكتباتها، وأصبح هذا التقليد جزءا من عاداته في أي بلد يزوره، إذ كان يبحث عن المكتبة أولا ويزورها لاستكشاف مجموعاتها.
بعد تونس انتقل إلى المغرب، ثم عاد إلى مصر حيث حضر دروس الشيخ عبد الرحمن الشربيني، ووجد في مجموعة أوراقه العديد من بطاقات استعارة الكتب من الكتبخانة الخديوية (التي عرفت لاحقا بدار الكتب المصرية)، إضافة إلى بطاقة تخوله الدراسة في المكتبة.
كما قام برحلة إلى المغرب، وقد عُثر في أوراقه على نحو 50 ورقة صغيرة كتبها عن رحلته إلى العاصمة العلمية المغربية مدينة فاس، وهي عبارة عن رسائل وخواطر تصف مكتباتها وما تحتويه من كتب تتعلق باهتماماته.
جمعية "الاتحاد والترقي" التركية تأسست عام 1889 (مواقع التواصل الاجتماعي) عمله في القضاءولي قضاء حلب ما بين سنتي 1901 و1903، كما وليه في ديار بكر بالأناضول، وقام بجولة في دول الغرب الإسلامي والأندلس، وعاد إلى الأستانة مرة أخرى بين عامي 1905 و1906، وعيّن لقضاء بلدة قالقاندلن بولاية كوسوفا في الروملي (البونسة التي كانت ضمن ما كان تعرف بـ"بلاد الروم التركية") لمدة عام واستقر بعد ذلك في القدس.
وحين توفي المفتي كامل الحسيني ورئيس محكمة الاستئناف الشرعية (سنة 1921) اختير خليل الخالدي لرئاسة المحكمة، في حين عيّن الحاج محمد أمين الحسيني مفتيا، وظل الخالدي رئيسا لمحكمة الاستئناف 14 عاما، واستمر إضافة إلى وظيفته تلك في التدريس ونشر العلم في القدس وخارجها.
وبعد إقامة المجلس الإسلامي الأعلى اختلف الخالدي مع الحاج أمين الحسيني، فانضم إلى صفوف المعارضة وأصبح من رؤسائها، وفي عام 1935 نجح المفتي في إبعاده عن وظيفته فأحيل إلى التقاعد.
المناصب والمسؤولياتكان الخالدي من أعضاء مجلس تدقيق المصاحف والمؤلفات في دار المشيخة الإسلامية بإسطنبول، وقد طاف دور الكتب القائمة في العواصم الإسلامية والغربية، ووقف على ما فيها وما احتوته من الكتب والمخطوطات النادرة والمدونات والآثار العلمية والفكرية التي خلفها الآباء والأجداد، فصار ثقة العالم الإسلامي في هذا المجال.
وكان خليل الخالدي عضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية بالعاصمة السورية دمشق، كما كان له إسهام بارز في تأسيس المكتبة الخالدية والإشراف عليها، إلى جانب مؤسسها راغب الخالدي حتى أوائل أربعينيات القرن الـ20.
والمكتبة الخالدية هي أكبر المجموعات الفلسطينية ومن أكبر المجموعات الإسلامية الخاصة في العالم، وقد أحصى محرر فهرسها الدكتور نظمي الجعبة نحو 1200 مخطوط تضم قرابة ألفي عنوان.
نبه الخالدي مبكرا إلى خطر الحركة الصهيونية بعد بدء الهجرة اليهودية التي أشرفت عليها في أوائل الثمانينيات من القرن الـ19، خاصة بعد المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد بمدينة بال السويسرية في أغسطس/آب 1897.
كان خليل الخالدي من أوائل المؤسسين لحزب الاتحاد والترقي، وعندما نفذ هذا الحزب انقلابه المعروف عام 1908 على السلطان عبد الحميد كان الشيخ الخالدي يخطب في الجماهير ويدعوها إلى قبول هذا الانقلاب، حتى أنه أفتى بعزل السلطان.
جمعية الاتحاد والترقيورد في كتاب القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين (1917-1948) لبيان نويهض الحوت أن الجمعية هدفت إلى "القضاء على استبداد السلطان عبد الحميد وتطبيق مبادئ الثورة الفرنسية مترجمة إلى شعارات تركية هي "حرية وعدالة ومساواة"، وقد أكرهت السلطان على منح الدستور دون أن تخلعه، لكن بعد حين خلعته وتولت الحكم النيابي، ولكنها لم تلبث أن أخذت تطغى وتستبد استبدادا عنيفا حتى نفرت العرب وضايقتهم في حقوقهم الدستورية، ثم وضعت برنامج التتريك فذعر العرب".
وقبل أن يكتشف العرب أخطار هذه السياسة ويجابهوها بتأسيس الأحزاب العربية كانت جمعية الاتحاد والترقي قد استطاعت أن تنشئ لها فروعا في البلاد العربية، وفي فلسطين كانت مدينة القدس من أهم مراكز الجمعية.
لم يطل نشاط الجمعية بين العرب، فقد تحولوا عنها حال اكتشافهم حقيقة المآرب التي تسعى إليها، وهي نقيض شعاراتها، ومعظم هؤلاء قد أصبحوا مؤسسين وأعضاء بارزين في الجمعيات العربية.
بقية من السلف الصالحكتب عنه المؤرخ عجاج نويهض في كتاب "رجال من فلسطين كما عرفتهم" أنه "من ألفه إلى يائه يمثل حتى بزيه وعمامته بقية السلف الصالح الذين عرفتهم الأمة العربية على اختلاف العصور".
ووصفه بأنه "هادئ المجلس، حلو الحديث عميقه في المعاني، كشاف عن أشياء علمية وحقائق تاريخية ينفرد بها، لأنه غواص فريد عن كل هذا في نوادر المخطوطات التي لم تطبع بعد أو طبعت في أوروبا وصعب وصولها إلى القارئ العام".
ومن إيجابيات الخالدي التي عددها نويهض في كتابه أنه "مال إلى الإحاطة بعلم المخطوطات العربية والإسلامية، وانبعثت له همة في هذا الباب جعلته ممن يشار إليهم بالبنان في العالم الإسلامي كله، وعدّ فهرست المخطوطات الحي الماشي في أهم مكتبات الشرق والغرب".
وقال إن "هذا الأمر جعله يرحل من قطر إلى قطر، فغدا رحالة جواب آفاق، زار الأندلس مرتين، وآخر مرة قبل الحرب العالمية الثانية ببضع سنين، وجمع من أخبار العرب في الأندلس شيئا كثيرا، ولم ينشر هذا في كتاب وإنما اكتفى بنشره في كبرى المجلات العربية".
كما كان الخالدي واسع الاطلاع على فلسفة الدين وأحكام الشريعة الإسلامية وعميق النظرة في سنن التطور، وكان ينشر معظم أبحاثه في مجلتي الزهراء الشهرية والفتح الأسبوعية في مصر لصديقه العلامة محب الدين الخطيب.
الاتحاديون استطاعوا الوصول إلى السلطة وحكموا باسم السلطان عبد الحميد وعزلوه (غيتي) مؤلفاتهخلّف الشيخ الخالدي من آثاره مجموعة من المؤلفات، أهمها:
الاختيارات الخالدية في الأدب (نحو 30 كراسا). حدود أصول الفقه. رحلتي إلى بلاد المغرب والأندلس. مذكرة في نحو 50 جزءا أتى فيها على ذكر الكتب والمكتبات التي زارها واطلع عليها. وفاتهتوفي الشيخ خليل الخالدي في القاهرة ودفن فيها عام 1941.