كم من مرات أخبرتني ماماتي أني جميلة، ومهذبة، وقوية، وغالية، ومثقفة، وبارعة في كل ما أقوم به، إذا أخفقت في تجربة أكدت لي أن الفشل شدة يختبرني بها الله، أتضايق من تصرف شخص ما، فتأمرني بالتفكير المنطقي قبل اتخاذ قرار بشأنه مع الوضع في الاعتبار راحتي النفسية، فإذا تكرر الأمر تنصحني بمقولة اعتزل ما يؤذيك، إذا تركت مكان عمل قالت إن مئات الفرص تنتظرني، عندما ارتكب خطأ تردد الحديث الشريف (كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون).
أهمل صديقتي أياما، فتنصحني بالمبادرة بالسؤال عنها والتماس العذر لغيابها عني مؤكدة أن صداقة العمر لا تنفصم بسبب تفاهات الحياة.
لقد سمحت لي ماما دائما أن أتدلل، فشعرت أن الدلال قد خلق من أجلي، لكنها في الوقت ذاته أعدتني لمواجهة الحياة خارج البيت، فالدلال والدلع لم يفسدا سلوكياتي، علمتني تحمل المسئولية فنشأت قادرة على التعامل مع المواقف المختلفة، واتخاذ القرارات الملائمة وتنفيذها، غرست بداخلي قيم وأخلاق وتعاليم الدين ولقنتني أن التمسك بها هو أساس كل نجاح.
أدركت مبكرا - بفضلها - أن مشيئة الله تسبق كل شيء، وعلينا السعي بجدية مع التسليم والرضا بما قدره الله لنا، واليقين أن وراء كل ما يحدث لنا حكمة إلهية، تحمل لنا خيرا، قد لا ندركها بتفكيرنا الإنساني القاصر.
ربما لم أكن في الواقع كما تراني أمي، وربما بالغت كثيرا في مدحي، لكني رأيت نفسي دائما بعينيها فحاولت أن أكون كما تراني، ونجحت ماما في تكوين شخصيتي المستقلة الواثقة فوصفني أحدهم في يوم ما قائلا إن ثقتك بذاتك مثل الذهب تقدر بالجرام.
لا عجب في ذلك، فالأم هي المسئولة عن تشكيل أبنائها، وبناء شخصياتهم، وتعزيز سلوكياتهم، هي أساس التربية، وركيزة التنشئة الاجتماعية قبل أن تتدخل عوامل مجتمعية مؤثرة.
الله يرحمك يا ماما ويعفو عنك ويجازيكِ خير الجزاء.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
خيري بشارة: "استلفت فلوس.. ولا أملك ثروة من الفن"
استعرض المُخرج المصري خيري بشارة، خلال ندوته في ثاني أيام الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بدايات مشواره الفني وأسلوبه الخاص في الإخراج، والعوامل التي تؤثر في أعماله.
وقال بشارة، خلال الندوة التي حملت عنوان "مرآة مصر: الهوية في عيون خيري بشارة"، إنه لم يُخطط في البداية أن يكون مخرجاً بل فضل دخول عالم التمثيل، لكن السينما استهوته، فضلاً عن تأثير خاله عليه بحديثه المستمر.
وعن الكلمات التي رددها خاله دائما، يقول بشارة: "دائماً ما كان يقول إن الممثل إما أن يكون صف أول أو كومبارس"، لافتاً إلى أن هذه الكلمات تسببت في بكائه، حتى قرر أن يصبح مخرجاً كونه أهم عناصر العمل، وفق قوله.
عائد ماديوعن المكاسب المادية التي حققها من خلال عمله في السينما، قال خيري بشارة، إنه على مدار تاريخه الفني لم يحقق مكاسب مادية كبيرة، بل دائماً ما كان يقترض الأموال، مضيفاً: "كنت أستلف من عاطف الطيب ووحيد حامد، وأرجع اشتغل أسدد الفلوس بتاعتهم، وبعدين وأرجع استلف تاني".
ولفت بشارة، إلى أنه أصبح يملك أموالاً يستطيع العيش من خلالها، حينما عمل في مجال الدراما، قائلاً بشكل فكاهي: "اللي أنقذني أني اشتغلت مسلسلات، نصيحة مني الكل يشتغل في المسلسلات".
أسلوبوعن تركيزه على تناول الطبقة العاملة والمجتمعات المهمشة في مصر، يقول بشارة إن لديه تيمة مكررة في أعماله، وهي الصراع بين الأغنياء والفقراء، والتركيز على الطبقية والتمرد، مضيفاً: "بشوف صور وعوالم غامضة قبل التصوير بتخيلها".
ووصف بشارة رحلته بأنها "صعبة ومليئة بالتعب"، كما أبدى إعجابه بترميم فيلمه "قشر البندق"، متمنياً الاستمرار في هذا الاتجاه للحفاظ على التراث الفني.
وبخصوص أسلوبه، عبر بشارة عن حبه في مزج الروائي بالتسجيل، واصفاً نقاء الأسلوب بأنه "كذبة"، مشيراً إلى أن ما يهيمن على أعماله روح تسجيلية، حيث يتم تصوير الصراع بين الطبقات والرغبة في التغيير والتمرد على الواقع.
ولفت بشارة إلى أنه دائماً ما يتصور أعماله قبل تنفيذها، حيث يراها صوراً غامضة"، وهو ما حدث في فيلم "كابوريا"، حينما تصور عالم مختلف عن الأثرياء وسعى لتجسيده، وهو نفس الأسلوب الذي قدم به "يوم حلو ويوم مُر".