الاقتصاد غيرالرسمي ( يطلق عليه الاقتصاد الأسود - الاقتصاد الموازي- اقتصاد الظل- الاقتصاد الخفي ) هو مجموعة من كيانات الأعمال المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر غير النظامية التي تزاول أنشطة ذات قيمة اقتصادية في جميع القطاعات الاقتصادية المنتجة للعديد من السلع والخدمات التي يتم تداولها بعيدًا عن نطاق سيطرة الجهات الرسمية بالدولة.

ويعتبر من أهم القضايا المثيرة للنقاش لتداعياتها السلبية على الاقتصاد الرسمي، ولايخضع للرقابة الحكومية ولاتدخل مدخلاته ومخرجاته فى الحسابات الوطنية. وهو أحد الأسباب الجوهرية التى تعوق مسيرة التنمية، لذلك فقد بادرت الدول المتقدمة، منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، بالاهتمام بدراسة مختلف جوانب تلك الظاهرة، واتخاذ كل السياسات والتشريعات اللازمة لدمجها في اقتصاداتها الرسمية. ولكن الوضع لم يكن كذلك في الدول النامية.

ويعمل الاقتصاد غير الرسمي، جنبًا إلى جنب، مع الاقتصاد الرسمي في كل دول العالم دون استثناء، بمعنى أنه ظاهرة عالمية، ولكنه يوجد بنسب متفاوتة، حيث تكون أعلاها في الدول النامية وأقلها في الدول المتقدمة. وتشير بيانات منظمة العمل الدولية إلى أن أكثر من2 مليار من البالغين، أي نحو60% من قوة العمل في العالم، يعملون في الاقتصاد غير الرسمي. كما أظهرت دراسات أجراها صندوق النقد الدولي على 158 دولة من الدول الأعضاء أن متوسط حجم الاقتصاد غير الرسمي في هذه الدول يبلغ نحو 32.5%من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد الرسمي لها، بينما يشير التعداد الاقتصادي المصرى إلى أن عدد المنشآت العاملة في القطاع غير الرسمي بلغ 2 مليون منشأة بنسبة 53%من إجمالي المنشآت العاملة في مصر، مع ملاحظة أن59% منها تعمل في تجارة الجملة والتجزئة، تليها الصناعات التحويلية بنسبة 14%، وهي في معظمها منشآت صغيرة ومتناهية الصغر، حيث تصل نسبة المنشآت التي يبلغ رأس مالها المستثمر أقل من 100 ألف جنيه نحو81% من الإجمالي، تليها المنشآت الأقل من 200 ألف جنيه، وأكثر من 100 ألف بنسبة 18%، لذلك فإن نسبة المنشآت التي يعمل بها أقل من 5 أشخاص تصل إلى96%من الإجمالي، تليها المنشآت التي تستخدم من 5 إلى أقل من 10 أشخاص بنسبة 4%ولذلك يتم أخذ نحو 95% منها شكلَ المنشأة الفردية من الناحية القانونية، كما يشير التعداد إلى أن نحو 72% من هذه المنشآت تم إنشاؤها بعد عام 2010، مما يؤدي الى ضياع جزء لايستهان به من الإيرادات العامة للدولة بسبب تهرب تلك المنشآت من سداد أى مستحقات مالية تجاه الدولة فضلاً عن مخالفة شروط السلامة الصحية العامة وإضعاف قدرة الاقتصاد الرسمى على المنافسة.

وجاء قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم 152 لسنة 2020 متسقا مع كافة الدراسات الميدانية والنقاشات بين الأكاديميين والباحثين وصناع القرارات من حيث تبسيط منظومة الضرائب وتبسيط الإجراءات، ونتوقع أنه سيساعد، إلى حد كبير، على ضم نسبة كبيرة من المشروعات غير الرسمية إلى منظومة العمل الرسمي للاستفادة من المزايا الممنوحة بالقانون، وخاصة في ضوء بساطة المنظومة الضريبية، ومناسبة القيم المفروضة لحالة أصحاب تلك المشروعات، وسيتيح بيئة تشريعية داعمة لتنمية وتطوير هذه المشروعات، ولكن تحقيق ذلك مرتبط بأن يتم تنفيذ القانون بما يتفق مع روحه ومستهدفاته، وأن تكون هناك مرونة كبيرة في التنفيذ والتطبيق. والنقطة الأهم هي رفع الوعي العام بالقانون لمعظم أصحاب المنشآت غير الرسمية بكل ما يتضمنه القانون من حوافز وتسهيلات.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الاقتصاد غیر غیر الرسمی

إقرأ أيضاً:

اقتصاد اللاجئين وإعادة بناء الحياة (٢)

تناولنا فى المقال السابق أن يوم اللاجئ العالمى يهدف إلى تجديد تعبئة الإرادة السياسية والموارد حتى يتمكن اللاجئون من النجاح وليس فقط النجاة، بعد أن أصبحت ظاهرة اللجوء ظاهرة عالمية تؤثر على حالات أكثر من 100 مليون نسمة، وأن المشكلة تتعاظم أكثر فى أن نصف هذا العدد من الأطفال، ومصر تعتبر من أكثر الدول احتضانا للاجئين، حيث تحتضن أكثر من 10 ملايين من اللاجئين، إدراكاً منها على التأكيد على مسئولية المجتمع الدولى فى مساعدتهم مع تقليل الإدعاءات التى تزعم أن اللاجئين عادة ما يمثلون عبئاً على الدول المضيفة، والسؤال الذى تم طرحه، هل باستطاعة اللاجئين تقديم مبادرات اقتصادية إيجابية للمجتمعات المضيفة، فى ظل وجود خمسة اعتقادات شائعة قد تكون خاطئة ولكنها قد تكون لها الدور فى تثبيط استطاعة اللاجئين تقديم مبادرات اقتصادية إيجابية للمجتمعات المضيفة، والمعتقدات الخمس الشائعة، هى أن الحياة الاقتصادية للاجئين منعزلة عن الدولة المضيفة، وأنهم يعيشون فى مناطق محددة أو نائية، أو معزولة، وبالتالى هم يعيشون فى مجموعات اجتماعية واقتصادية مغلقة، ولكن الواقع عكس ذلك ففى مصر مثلاً يقوم اللاجئون بالتبادل التجارى بشكل يومى مع مختلف الأعراق والديانات، أيضاً من ضمن الاعتقادات الشائعة أن اللاجئين يمثلون عبئاً على الدولة المضيفة اقتصادياً واجتماعياً، ولكن الواقع أنهم قد يساهمون بشكل إيجابى فى اقتصاديات الدول المضيفة انطلاقاً من المبدأ الاقتصادى العبء مقابل المنفعة، كذلك من ضمن الاعتقادات الشائعة أن اللاجئين متجانسون من الناحية الاقتصادية، وهذا الأمر الواقع يؤكد أنه قد يكون غير صحيح أيضاً، كذلك من المعتقدات الشائعة أن اللاجئين أميون من الناحية التكنولوجية وهو أمر نسبى يختلف من دولة إلى أخرى حسب درجة تقدمها التكنوجى، أخيراً يعتمد اللاجئون على المساعدات الانسانية من مجتمع المانحين الدوليين، لكن الواقع يشير إلى أن لدى كثير من اللاجئين الطرق الإبداعية والمشاريع الريادية التى تمكنهم من الوصول إلى سبل العيش المستدامة. وبالتالى فإن رؤية ومنهجية الدولة المصرية تمثل نموذجاً عالمياً فى كيفية تقديم التسهيلات اللازمة لمنح اللاجئين مساحة أكبر من الحرية فى الحركة، والحق فى العمل، والدعم فى السعى وراء فرصهم الاقتصادية الخاصة. كما أن مصر تمثل نموذجاً عالمياً فى تحقيق قدرة اللاجئين على الاندماج وهو المبدأ الذى لم تستطع كثير من دول العالم تحقيقه، حيث أظهر استطلاع واسع للرأى أجرته شركة إبسوس مع المفوضية السامية للأمم المتحدة شملت أكثر من 52 دولة أن أقل من 50% من هذه الدول اختلفت فى القدرة على اندماج اللاجئين وحصولهم على حقهم الكامل فى التعليم على سبيل المثال. وبالإضافة إلى ذلك، يعد التعاون والدعم الدوليان ضروريين للمساعدة فى مواجهة التحديات المشتركة لقضية اللاجئين، وأهمها إجهاد الموارد وهجرة العقول إلى دولهم الأصلية. وما نؤكد عليه أن إيجاد التوازن الصحيح بين المصالح الاقتصادية والمسئولية الإنسانية أمر بالغ الأهمية لمعالجة محنة اللاجئين لأسباب اقتصادية بشكل فعال وإنشاء مجتمع عالمى أكثر إنصافاً. وبذلك تؤكد الدولة المصرية أنها تنتقل بالفعل من عصر الرشد إلى عصر الحكمة، لتسهم فى بناء عالم إنسانى جديد، تسوده الحقيقة والعدل، وتصان فيه الحريات وحقوق الإنسان.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام
[email protected]

مقالات مشابهة

  • اقتصاد اللاجئين وإعادة بناء الحياة (٢)
  • البنك المركزي بعدن يصدر تحذيرا عاجلا ويكشف عن وسيلة التواصل الرسمية مع البنوك الخارجية
  • خالد بن محمد بن زايد: الأسرة ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
  • بغداد.. اعتقال عدد من أصحاب المولدات الأهلية المخالفين للتسعيرة الرسمية
  • وزير الإسكان: تزايد أنشطة القطاع العقاري في الاقتصاد القومي بفضل المشروعات القومية
  • أسباب وآثار ظاهرة الفساد على الاقتصاد الوطني
  • قانون المحال العامة من أهم الملفات على طاولة وزيرة التنمية المحلية الجديدة
  • كيف سيتعامل بزشكيان مع الاقتصاد المتهاوي والعجز البنكي في ايران؟
  • كريم السقا يكتب.. «حياة كريمة» نبراس التنمية
  • النيجر ومالي وبوركينا فاسو تعلن توحدها كونفدراليا وتبعد عن إيكواس