الغارديان: أمريكا أساءت تقدير فعالية الرصيف العائم.. والبنتاغون تعرّض للإهانة وسيتخلى عنه
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
#سواليف
قال جوليان بورغر، مراسل صحيفة “الغارديان” في واشنطن، في تقرير له، إن مستقبل #الرصيف_العائم، الذي بنته الولايات المتحدة قرابة #شاطئ_غزة، كان صورة عن “ #إساءة_حسابات” للمسؤولين الأمريكيين، فالمشروع، الذي كلّف 230 مليون دولار، لم يكن قادراً على الصمود أمام الظروف البحرية الصعبة، ولا توفير المواد الإنسانية للمحتاجين في القطاع، بسبب غياب الظروف الأمنية.
ومن هنا بات مستقبله محلّ تساؤل، فلم يتم استخدامه إلا مدة 12 يوماً، منذ بدء تشغيله في 17 أيار/مايو. وفي فترة التشغيل هذه كانت المساعدات تُرمى على الشاطئ نظراً لعدم وجود شاحنات لتوزيعها على المخازن في القطاع بسبب غياب الأمن.
ولم يحقق المشروع التطلعات المتوقعة منه، وعندما أعلن عنه الرئيس بايدن، في خطابه عن حالة الاتحاد، الذي ألقاه في 7 آذار/مارس، قال إن الرصيف العائم “سيؤدي إلى زيادة عظيمة في حجم المساعدات الإنسانية الداخلة إلى غزة كل يوم”.
مقالات ذات صلة يديعوت أحرونوت عن مصادر: الجيش أنهى معظم العمليات البرية برفح 2024/06/23واستغرق بناء الرصيف شهرين، حيث تم تركيبه على بعد أميال من شاطئ غزة. وعمل في إنشائه حوالي 1,000 جندي أمريكي، وسفينة كارديكان بي، التابعة للبحرية الأمريكية، التي استُخدمت كمسكن للجنود.
ولم ينقل إلى غزة، خلال فترة عمل الرصيف القصيرة، سوى حمولة 250 شاحنة من #المساعدات الإنسانية (4,100 طن)، ووصلت عبر الممر البحري، أي نصف ما يصل براً إلى غزة في يوم واحد. وبقيت المساعدات التي وصلت عالقة عند نهاية الممر في منطقة التنظيم المقامة على الشاطئ. ومنذ مقتل 274 فلسطينياً في عملية إسرائيلية لتحرير أربعة أسرى لدى “حماس” في مخيم النصيرات، قرر برنامج الغذاء العالمي تعليق عملياته في القطاع، حيث كان من المفترض أن تقوم شاحناته بنقل بالات الطعام من منطقة التنظيم ونقلها بالشاحنات إلى مناطق غزة. ويقول البرنامج إن المراجعة الأمنية مستمرة.
وساهمت الظروف البحرية في عرقلة عمل الرصيف، فالظروف في منطقة شرق المتوسط لم تكن هادئة كما هو متوقع. وأطلق البنتاغون على الرصيف العائم “اللوجستيك المشترك عبر الشاطئ” (جلوتس)، حيث تم تصميم الرصيف لتحمّل “حالة البحر بالدرجة الثالثة”، والتي تحدد مستوى الأمواج من 0.5- 1.25 متراً.
وكان المصممون يأملون باستمرار الهدوء في البحر بين الربيع والصيف حتى بداية أيلول/سبتمبر، لكن الرصيف تعرّضَ لأضرار فادحة في 25 أيار/مايو، ذلك أن أمواج البحر كانت متلاطمة بشكل غير عادي.
وبعد إصلاحه في ميناء أشدود أُعيد لمكانه، وبدأ العمل في 8 حزيران/يونيو، ولكنه عمل ليوم واحد، قبل تعليق العمليات ليومين آخرين.
وفي 14 حزيران/يونيو فكك الرصيف، وشحن إلى ميناء أشدود كخطوة احترازية من الأمواج العاصفة. وأعيد مرة أخرى يوم الجمعة، واستخدم منذ ذلك الوقت لتحميل 4,160 طناً، إلا أن تقارير أشارت إلى إمكانية تفكيك الرصيف العائم في الشهر المقبل، نظراً لعدم قدرته على تحمل الظروف العاصفة في البحر.
وعلق ستيفن موريسون، النائب البارز لمدير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: “لقد أساءوا التقدير”، و”لم يفهموا بشكل كامل ما سيحدث من ناحية الطقس، وتخلّت وزارة الدفاع عنه، وأذلت بطريقة واضحة”.
واعترف البنتاغون بالتحديات التي واجهت الرصيف العائم، ولكنه ينكر اتخاذه قراراً لتفكيكه قبل الموعد المحدد له.
وقال المتحدث باسم الوزارة الجنرال باتريك رايدر: “لم نقرر الموعد النهائي للمهمة، وخلافاً لتقارير إعلامية حول الموضوع”.
وكان يقصد من بناء الرصيف إنشاء ممرّ مستقل عن إسرائيل تدخل من خلاله المساعدات الإنسانية للقطاع المدمر والمحاصر، وبعدما شعرت إدارة بايدن بالإحباط من عدم توفر المعابر الكافية لدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة. وقالت منظمات الإغاثة التي تشترك في توفير المساعدات الطارئة إن شيئاً أفضل من لا شيء، لكنها عبّرت عن قلق من بناء رصيف مكلف، وسط بهرجة إعلامية حرفت الانتباه عن ممارسة الضغوط السياسية على إسرائيل كي تفتح المعابر البرية أمام الشاحنات، وهي الوسيلة الأكثر فعالية لتوفير الطعام.
وقال زياد عيسى، مدير البحث في الجمعية الإغاثية البريطانية “أكشن إيد”، إن حجم الشاحنات التي تدخل غزة يومياً انخفض إلى 100 شاحنة، في النصف الأول من شهر حزيران/يونيو. ولم توزع المساعدات في القطاع بسبب الظروف الأمنية. وتوقف معبر رفح عن العمل، منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه في 7 أيار/مايو، وتم تحويل مسار الشاحنات نحو كرم أبو سالم في جنوب غزة، إلا أن الطرق منه ظلّت غير آمنة. وقال عيسى: “ليست آمنة لعمال الإغاثة والطرق نظراً لاستمرار القصف على غزة”، وأضاف: “لم نشاهد أي تغير منذ الإعلان عن التوقف التكتيكي”، في إشارة إلى إعلان الجيش الإسرائيلي عن التوقف التكتيكي في العمليات، يوم الأحد الماضي.
والجيش الإسرائيلي ليس تهديداً فقط على عملية توزيع المساعدات الإنسانية، بل وتتعرض الشاحنات لهجمات جماعات السطو المسلح التي أصبحت قوية وسط شوارع غزة المدمرة. واعتمدت أونروا على الشرطة الفلسطينية لتوزيع المساعدات، إلا أن إسرائيل استهدفت عناصر الشرطة باعتبارها تابعة لحكومة “حماس”. وفي غيابها ظهر فراغ أمني.
ورفضت إسرائيل، من جهة أخرى، التعامل مع أونروا، بعدما اتهمت موظفين فيها بالمشاركة في هجمات “حماس”، رغم أن إسرائيل لم تقدّم أدلة حول تورّط 12 موظفاً في الهجمات.
وأقنعت الولايات المتحدة برنامج الغذاء العالمي لتوزيع المواد المنقولة عبر الرصيف. وقال موريسون: “لقد دُفع من الولايات المتحدة لكي يكون واجهة وشريكاً على الأرض”، و”كانوا غير مرتاحين ومتردّدين، لم يكونوا راغبين في أن يعلقوا وسط الجنون المرعب وغياب الأمن على الأرض”.
ونظراً لاستمرار المشاكل على المعابر البرية، فإن إدارة بايدن متردّدة في التخلي عن الرصيف العائم، الذي يعتبر “ممراً حيوياً لتوصيل المساعدات، وسط الحاجة المتزايدة لغزة، وكذا انعدام الأمن الذي جعل من توزيع المساعدات عبر كرم أبو سالم صعباً جداً، حسب قول مسؤول أمريكي.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الرصيف العائم شاطئ غزة المساعدات المساعدات الإنسانیة الرصیف العائم فی القطاع إلى غزة
إقرأ أيضاً:
الغارديان: نشهد المرحلة النهائية من الإبادة الجماعية في غزة
بدأ مقال للصحفية أروى مهداوي بالسؤال "هل تريد أن تعرف حقيقة ممتعة عن الفلسطينيين؟"، وأجابت عليه بالقول إنه "من الصعب قتلهم. فيمكنك قصفهم، ودفنهم تحت الأنقاض، وحرقهم أحياء، ومع ذلك لا يبدو أنهم يموتون بمعدلات الناس العاديين".
وجاء في المقال الذي نشرته صحيفة "الغارديان" التساؤل أيضا "كيف يمكنك تفسير حقيقة أن عدد القتلى في غزة يبدو بالكاد يتزحزح، على الرغم من أنه لا يبدو أن يوما يمر دون مذبحة جديدة أخرى ومع تفاقم المجاعة وانتشار الأمراض؟".
وأكدت مهداوي أن "43 ألف قتيل فلسطيني هو عدد مذهل.. وهذا هو الرقم الرسمي الذي ذكرته أحدث التغطيات الإعلامية، وهذا في حالة تم الاستشهاد برقم على الإطلاق: فالعديد من المقالات حول غزة لم تعد تذكر حتى عدد القتلى بعد الآن".
وذكرت أنه "من الواضح أن التغطيات الإعلامية ليس لديها أدنى فكرة عن عدد الأشخاص الذين قتلوا في والسبب وراء ذلك جزئيا هو أن الصحافة الأجنبية لا يُسمح لها بالدخول بحرية ـ ولا تدري لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا".
وقال مهداوي "في الوقت نفسه يتم إبادة الصحفيين الفلسطينيين ـ ولا أفهم لماذا لا يغضب كل صحفي في الغرب من هذا"، هناك تعتيم إعلامي في الأساس. لذا فمن الصعب تقييم عدد القتلى، والاستشهاد بالرقم الرسمي الذي يبلغ 43 ألف قتيل دون تقديم قائمة طويلة من التحذيرات يبدو وكأنه إهمال صحفي في هذه المرحلة".
وأكدت أنه أولا، ينبغي لأي شخص "يستشهد بعدد القتلى أن يذكر حقيقة مفادها أن تقديرات الأمم المتحدة في شهر أيار/ مايو (أي قبل أشهر!) وجدت أن هناك على الأرجح عشرة آلاف شخص مدفونين تحت الأنقاض في غزة ولا يمكن إحصاؤهم، ناهيك عن حقيقة أن هناك أشخاصا يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها كل يوم لأن الأدوية الكافية لا يُسمَح بدخول القطاع ولأن نظام الرعاية الصحية بالكاد يعمل".
وذكرت أنه "يجب عليهم أن يؤكدوا على حقيقة مفادها أن إحصاء عدد القتلى يكاد يكون مستحيلا. فلم يعد في غزة، بنية تحتية يمكن من خلالها قياس عدد القتلى أو الحداد عليهم بشكل صحيح.. يتم تفجير الفلسطينيين إلى أشلاء صغيرة بمعدلات مثيرة للقلق لدرجة أنه لا يوجد في كثير من الأحيان بقايا يمكن إحصاؤها".
وأوضحت مهداوي أنها تحدثت مؤخرا إلى الدكتور نظام محمود، وهو جراح بريطاني عمل في غزة مع منظمة العون الطبي للفلسطينيين خلال شهري آب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، والذي أخبرها أن الأشخاص في مشرحة المستشفى يجب أن يزنوا أجزاء الجسم لمحاولة تقييم عدد القتلى: "لذا فإن 70 كيلوغراما هي جثة واحدة لأنهم سيحضرون أجزاء من الجثث".
وأشارت إلى أن "الكثير من المراقبين يعتقدون الآن أن عدد القتلى الفعلي ربما يكون بمئات الآلاف، وفي تموز/ يوليو نشرت مجلة لانسيت الطبية مقالا قدر أن إجمالي عدد القتلى في غزة قد يصل إلى 186 ألف حالة وفاة ــ أي ما يقرب من 7.9 بالمئة من سكانها".
وفي مقال نشرته صحيفة الغارديان الشهر الماضي، أشارت ديفي سريدهار، رئيسة قسم الصحة العامة العالمية بجامعة إدنبرة، إلى أنه إذا استمرت "الوفيات" بهذا المعدل، فإن تقديرات الوفيات بحلول نهاية العام ستصل إلى 335 ألف حالة، وهذا يمثل 15 بالمئة من السكان.
وأشارت سريدهار أيضا إلى أن مجلة لانسيت استخدمت تقديرا متحفظا وأن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير.
وقالت مهداوي، إن "المدافعين عما يحدث سوف يهزون أكتافهم قائلين: هذا ما يحدث في الحرب. إنه أمر مأساوي، ولكنها حرب، فالأبرياء يموتون طوال الوقت. ولكن الحقيقة هي أن للحروب قواعد وحدود. إن حجم الدمار في غزة يشير بقوة إلى أن ما يحدث لم يعد حربا وفقا لأي معايير طبيعية".
وأكدت "الواقع أن العديد من الخبراء يدقون ناقوس الخطر بأن ما يحدث الآن أصبح إبادة جماعية. ومع ذلك فإن الكثير من وسائل الإعلام الرئيسية تتجاهل هذه الأجراس التحذيرية، وتستمر في التظاهر بأن ما يحدث هو حرب عادية وليس إبادة منهجية".
ونبهت إلى أن عومر بارتوف، المؤرخ الإسرائيلي الأمريكي الذي يعمل أستاذا لدراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة براون، هو واحد من الخبراء الذين يعتقدون أن ما يحدث في غزة يشكل إبادة جماعية، ولكنه لم يكن يعتقد دوما أن هذا هو الحال.
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كتب بارتوف مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" جاء فيه: "أعتقد أنه لا يوجد دليل على أن الإبادة الجماعية تجري حاليا"، ولكن هذا جاء مع إخلاء المسؤولية حيث أوضح أن "هناك نية إبادة جماعية، والتي يمكن أن تتحول بسهولة إلى عمل إبادة جماعية.. لا يزال هناك وقت لمنع إسرائيل من السماح لأفعالها بالتحول إلى إبادة جماعية".
ونوهت إلى أن النية هي عنصر أساسي في الإبادة الجماعية، والتي يتم تعريفها قانونيا على أنها ارتكاب أفعال محددة معينة (بما في ذلك القتل وفرض تدابير تهدف إلى منع المواليد) بقصد تدمير، كليا أو جزئيا، مجموعة وطنية أو عرقية أو عنصرية أو دينية، على هذا النحو.
وأشارت إلى أن نية الإبادة الجماعية التي يذكرها بارتوف هي اللغة اللاإنسانية والتهديدات بالإبادة الكاملة من قبل السياسيين الإسرائيليين والشخصيات المؤثرة، وهناك المئات من هذه التصريحات.
ويستشهد بارتوف بمثال من 9 تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كتب اللواء غيورا إيلاند في الصحيفة اليومية يديعوت أحرونوت: "ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان من المستحيل مؤقتا أو دائما العيش فيه"، وفي مقال آخر، كتب إيلاند أن "غزة ستصبح مكانا لا يمكن لأي إنسان أن يعيش فيه".
وبينت أنه في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما كتب بارتوف مقالته في صحيفة نيويورك تايمز، لم تكن نوايا الإبادة الجماعية هذه قد تطابقت بشكل كامل مع العمل الإبادي الجماعي. لكن هذا تغير، من وجهة نظر بارتوف، في أيار/ مايو 2024، عندما بدأ جيش الاحتلال هجومه على مدينة رفح، على الرغم من تحذير الولايات المتحدة له بعدم القيام بذلك.
وقال بارتوف في مكالمة هاتفية مع كاتبة المقال مؤخرا أن هذه كانت نقطة تحول رئيسية. كان ذلك عندما أصبح الأمر إبادة جماعية.
وأضاف بارتوف "عندما تنظر إلى الوراء، يمكنك أن ترى أنه كان هناك جهد متضافر، ليس فقط لنقل السكان مرارا وتكرارا، ولكن أيضا لتدمير كل ما يجعل حياة مجموعة ممكنة. كان هناك جهد متضافر ومتعمد لتدمير الجامعات والمدارس والمستشفيات والمساجد والمتاحف والمباني العامة والإسكان والبنية الأساسية. إذا نظرت إلى الوراء، يمكنك القول إن هذا كان يحدث منذ البداية. لكن الدليل على ذلك كان هذا الجهد الأخير في رفح".
وأوضح الكاتبة أن رفح كانت معلما قاتما، ولكن المرحلة الأخيرة من هذه الإبادة الجماعية، كما يقول بارتوف، تجري الآن في جباليا، شمال غزة، حيث قُتِل أكثر من ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى ما يحدث في شمال غزة ـ كما يبدو في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام ـ باعتباره مجرد المزيد من القصف. بل إن بارتوف يشير إلى أن ما يحدث في شمال غزة يشكل حملة إبادة جماعية تستند بوضوح إلى خطة الجنرالات.
وأضاف بارتوف أن "هذه الخطة التي رسمها الجنرال المتقاعد غيورا إيلاند، والتي نوقشت منذ أشهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، تهدف إلى إفراغ تلك المنطقة من المدنيين من خلال الضغط العسكري والتجويع.. وهذه خطوة أولى نحو ضم القطاع إلى الشمال من ممر نتساريم، الأمر الذي سيؤدي إلى استيطان اليهود فيه ولن يكون في حد ذاته سوى المرحلة الأولى في الاستيلاء التدريجي على أجزاء متزايدة من القطاع، وحشر المدنيين في مناطق متقلصة باستمرار وفي نهاية المطاف إما إجبارهم على الخروج من القطاع أو التسبب في وفاة أعداد متزايدة منهم. باختصار، هذه خطة إبادة جماعية".
وأشارت إلى أنه من المرجح أن محكمة العدل الدولية لن تحكم لسنوات حول ما إذا كان الوضع في غزة يفي بالتعريف القانوني الضيق للإبادة الجماعية. ولكن بارتوف يعتقد أن العملية في جباليا إبادة جماعية صارخة لدرجة أن "من الممكن أن تعتبر محكمة العدل الدولية هذه العملية إبادة جماعية حتى لو كانت متحفظة بشأن الحرب في غزة ككل".
وهذا ما حدث في حالة البوسنة، حيث ثبت أن مذبحة سربرينيتشا كانت إبادة جماعية.
وأكدت أن مصطلح الإبادة الجماعية ـ التي صاغها رجل القانون البولندي اليهودي رافائيل ليمكين أثناء الحرب العالمية الثانية لوصف حملات الإبادة النازية ـ هي بلا شك واحدا من أكثر المصطلحات خطورة.
وهو ليس مصطلحا يمكن لأي شخص أن يستخدمه باستخفاف. ويعتقد بارتوف أن العديد من منتقدي إسرائيل كانوا يستخدمون المصطلح بشكل غير مسؤول في الأيام التي أعقبت السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ووصفوا تصرفات "إسرائيل" بأنها إبادة جماعية في حين لم تكن قد وصلت بعد إلى هذه النقطة.
ولفت بارتوف إلى أن المصطلح قد خفف إلى حد ما: "لقد استُخدم كثيرا كنوع من العبارة المعادية لإسرائيل حتى أنه فقد الكثير من قيمته".
وفي الوقت نفسه، يقول بارتوف، لأن اتفاقية الإبادة الجماعية جاءت في أعقاب الهولوكوست، فهناك ميل إلى القول إن ما لم يكن الهولوكوست فهو ليس إبادة جماعية. "إذا لم يكن لدينا معسكرات إبادة، وإذا لم يتم ذلك في جميع أنحاء القارة، وإذا لم يكن النظام النازي هو الذي ينفذه، فهذا ليس إبادة جماعية".
وذكرت الكاتبة أنه على نطاق أوسع، يمكن أن تكون الإبادة الجماعية مصطلحا إشكاليا. جادل الباحث في الإبادة الجماعية ديرك موزس، الذي كتب كتابا عام 2021 بعنوان "مشاكل الإبادة الجماعية"، بأنها لم تعد مناسبة للغرض حقا لأنها "تنتج تسلسلا هرميا للموت الجماعي الذي ينظم ويشوه التفكير في تدمير المدنيين". كما أن تعريفها القانوني ضيق للغاية لدرجة أنه حتى لو تم القضاء على سكان غزة بالكامل، فقد لا يزال لا يُعتبر إبادة جماعية.
لكن حتى مع كل هذه المؤهلات، يعتقد بارتوف أنه من الأفضل أن يكون لدينا تعريف قانوني للإبادة الجماعية من عدم وجوده. "لأنك إذا كنت على علم بها وكنت على دراية بالمؤشرات التي قد تشير إلى حدوث ذلك، فيمكنك محاولة إيقافها بطرق مختلفة".
مرة أخرى: الإبادة الجماعية مصطلح محمل. إن هذا المصطلح لا يستخدمه بارتوف، وهو من أبرز الباحثين في مجال الإبادة الجماعية، باستخفاف. ومع ذلك، فهو يعتقد أن الوقت قد حان لكي تواجه وسائل الإعلام، التي تتجنب استخدام هذه الكلمة، "الوقائع". إن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية.