مع اقتراب الذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو 2013 التى خلعت حكم الإخوان بعد 368 يومًا من بقائهم فى السلطة؛ صارت هذه الثورة نموذجًا للرفض الشعبى لحكم دينى فاشل متسلط يسعى لاستنساخ نظام الملالى وولاية الفقيه الشيعية، واستردت الإسلام من قبضة مختطفيه ومحتكريه والمتاجرين فيه، وأثبتت أن تماسك الدولة وعدم انقسامها ومنع وقوعها فى مستنقع الاحتراب الأهلى وتفكيك المؤسسات مرهون بإقصاء وانهاء حضور أى كيان مواز للدولة بصبغة دينية.
لقد أثبتت ثورة المصريين فى 30 يونيو للعالم كله، أنه لا أحد يستطيع قهر إرادتهم ما داموا متحدين خلف قواتهم المسلحة التى لا تدخر أى جهد للحفاظ على وحدة وتماسك الشعب والدولة، فقد عبرت هذه الثورة المجيدة عن إرادة شعب، ووصلت بمصر إلى بر الأمان، واثبت خلالها المصريون مدى وعيهم وقدرتهم على حماية الوطن وإقصاء جماعة كشف الله أمرها ونواياهم السيئة، وأظهرت حب الشعب المصرى لوطنه.
جاءت ثورة 30 يونيو لتبنى وطنًا جديدًا للمصريين تنتصر فيه حقوق الانسان والعدالة واحترام الدستور والقانون وتصحح مسارًا وتفتح آفاق الحلم والأمل أمام ملايين المصريين الذين هتفوا ضد سماسرة الأوطان.
لقد أرادت الجماعة الإرهابية أن تمحو الهوية والسمات الأساسية للمصريين، وفرض مصالحها وأهداف تنظيمها على مقدرات الوطن، والسيطرة على مؤسسات الدولة، وتقسيم المجتمع بين مؤيد للمشروع الاسلامى الذى يمثله رئيس الجماعة دون أن يقدموا دليلاً واحدًا على هذا المشروع، وبين مناهض له، واصدار العديد من القرارات والاعلانات الدستورية التى تسببت فى زيادة الضغط الشعبى على الجهاز الأمنى بالخروج فى مظاهرات عارمة، بخلاف المشاكل الدبلوماسية التى تسبب فيها حكم الجماعة الإرهابية، وافتقادها لأسس التعاطى مع الأزمات، وافتعال الأزمات مع القضاء.
بعد الثورة التى أزاحت الحكم الإرهابى استعادت مصر قوتها وأصبحت تمتلك قوة ردع بفضل التنمية الشاملة التى حققتها فى زمن قياسى ما جعل مصر دولة اقليمية لها تأثير فى كل قضايا العالم، لقد أنقذت الثورة مصر من أن تصبح مثل عدد من دول المنطقة التى تشهد صراعات وأزمات واضطرابات سياسية وأمنية، وأعادت مصر اكتشاف ذاتها وامكاناتها، وسخرت مواردها بما يعود بالنفع على شعبها ومحيطها.
بعد 30 يونيو أصبح لمصر خطة مستقبلية واضحة المعالم حتى عام 2030، وقامت بأخطر عملية إصلاح اقتصادى فى التاريخ، وانتقلت من الفوضى إلى الأمن والاستقرار، واستعادت الدولة هيبتها بعد أن كانت العلاقات مقطوعة مع دول كثيرة بالعالم، وحققت الكثير من الانجازات الكبرى فى مسيرة التنمية على جميع الأصعدة لرفع مستوى المواطنين بتحسين خدمات الاسكان والصحة والنقل والزراعة ودعم شبكات الحماية الاجتماعية.
ومنذ اللحظة الأولى لتولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية البلاد عام 2014، اصطفت الدولة بكل مؤسساتها وشعبها ليشقوا طريقًا جديدًا نحو الحرية والتنمية، وشهدت البلاد انجازات ضخمة غيرت وجه الوطن وصولا إلى «الجمهورية الثانية» بعد «عام الفتن» الذى سبق ثورة 30 يونيو على يد الجماعة الإرهابية، وتمت استعادة الأمن وبناء الاقتصاد، وانجاز الكثير من الملفات المهمة على كافة الأصعدة. ونجحت مصر بقيادة السيسى فى تثبيت أركان الدولة، وإعادة بناء مؤسساتها الوطنية، من دستور وسلطة تنفيذية وتشريعية، لتشكل مع السلطة القضائية، بنيانا مرصوصًا واستقرارًا سياسيًا يترسخ يومًا ما بعد يوم، وبدأ الرئيس السيسى منذ توليه مقاليد الحكم فى وضع خريطة واضحة لإحداث تنمية عملاقة لمصر فى جميع المجالات، وفق أسس علمية وخطط مدروسة جيدًا لتحقيق الرخاء والازدهار للشعب المصرى.
ونجحت الدولة المصرية، فى عبور الكثير من التحديات والعقبات التى كانت تحاك ضدها. ستظل أحداث ثورة 30 يونيو، وذكرياتها محفورة فى قلب كل مصرى ضد من أرادوا استلاب هوية الوطن والنيل من متانة نسيجه.
فى 30 يونيو ملك الشعب المصرى إرادته عندما خرجت الملايين من أبناء الشعب المصرى تتصدى لجماعة أرادت الهيمنة والتمكين لأنصارها من مفاصل الدولة باعلان غير دستورى، خرجت الملايين لتبنى وطنًا وتصحح مسارا، وخلق مجال جديد للعمل الوطنى واطلاق ثورة جديدة فى البناء والتنمية بدعمها شعب واع يدرك قيمة الاختطاف الوطنى وتحقيق الانجازات فى دولة تسودها الوحدة الوطنية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن الذكرى الحادية عشرة ثورة 30 يونيو السلطة حكم الإخوان ثورة 30 یونیو
إقرأ أيضاً:
ذكرى 19 ديسمبر: عهد يتجدد مع الحرية والسلام والعدالة.
فتحي محمد عبده
في مثل هذا اليوم من عام 2018، شهدت مدينة عطبرة شرارة ثورة ديسمبر المجيدة، وأشعلت جذوة النضال في قلوب الملايين من السودانيات والسودانيين. عطبرة، مدينة العمال والنضال، كانت كعادتها في طليعة الحراك الثوري، حيث أضرمت نار الغضب في وكر الكيزان ودار حزبهم (المحلول)، معلنة بداية نهاية عهد الظلم والاستبداد. هذه اللحظة التاريخية، التي انطلقت من شوارع عطبرة، كانت بمثابة سقوط سجن الباستيل في الثورة الفرنسية، حيث أضاءت طريق الحرية لشعب عانى طويلًا من القمع والقهر.
ثورة ديسمبر لم تكن مجرد احتجاجات عابرة وفعل أدى إلى سقوط دكتاتورية وإقامة نظام حكم بديل فقط؛ بل كانت انتفاضة أمة بأكملها، اجتمعت على هدف واحد: استرداد الوطن من قبضة الإسلاميين الطغاة. خرج الرجال والنساء، الكبار والصغار، في المدن والقرى والفرقان، حاملين آمالهم وأحلامهم في وطن تسوده الحرية والسلام والعدالة. كانت هتافاتهم تملأ الشوارع، وأصواتهم تتحدى الرصاص والهراوات، مؤكدين أن إرادة الشعوب لا تُقهر.
ونحن نستذكر تلك اللحظات البطولية، نؤكد أن ثورة ديسمبر لم تنتهِ، بل هي مستمرة في كل فعل مقاوم، وفي كل صوت يطالب بالحرية والسلام والكرامة. إنها رواية كتبها جيل رفض الخنوع لعسكر الدكتاتوريات، وأصرّ على بناء مستقبل يليق بتضحيات شهدائه.
لكننا نعيش الآن فصلًا صعبًا من هذه الرواية، حيث تواجه بلادنا حربًا إجرامية تسعى لطمس أحلام شعبنا. الآلاف فقدوا أرواحهم، والملايين شُرّدوا من ديارهم، والجرائم البشعة تُرتكب بحق الأبرياء. ورغم ذلك، فإن روح الثورة لا تزال حية، تلهمنا بالمضي قدمًا، وتُشعل فينا الأمل بأن الغد سيكون أفضل.
إن هذه الذكرى ليست فقط فرصة للاحتفال، بل هي لحظة لتجديد العهد مع الوطن. فلنعمل جميعًا على إكمال مسيرة الثورة، بالوحدة والإصرار على تحقيق أهدافها. لا تراجع عن الحرية، ولا مساومة على العدالة، ولا بديل عن السلام الحقيقي الذي يُعيد الكرامة والحقوق لشعبنا..
في ذكرى 19 ديسمبر، لنتذكر تضحيات رفاقنا الشهداء والجرحى لنستعيد ذاكرة تلك الملاحم البطولية، ولنردد هتافاتنا التي لن تسكت حتى يتحقق حلم النصر الكامل للثورة ومقاصدها. فلنستلهم من عطبرة، ومن كل مدينة وفريق وقرية ناضلت، قوة الصمود والعزيمة، ولنواصل السير على درب الشهداء، حتى نرى السودان الذي نحلم به.
عاش السودان، ونضال شعبه الأبي.
المجد والخلود والانحناء لشهداء الثورة، والخزي والعار للطغاة، والنصر حليف شعبنا لا محالة.
الوسومفتحي محمد عبده