التصوف أدب، دع عنك أدعياء التصوف واقرأ ما كتبه ابن الرومى وابن عربى والسهروردى ويونس إمره والحلاج وابن الفارض، اقرأه بقلب محب ولا تتصيد أخطاء تركيب الكلمات أحياناً، فلكل حال تعبير، والأحوال مواهب والمقامات مكاسب، حاول أن تتجاوز عما قاله بعضهم فى حال جَذب وتمعن فيما قاله فى حال وَهْب، اقرأ أدبهم ولا سيما أشعارهم وفَكّر لماذا يبحث الناس بشتى اللغات عن أقوال ابن الرومى وابن عربى والحلاج، ماذا وجدوا فيهم حتى فُتنوا بهم، اقرأ نصوصهم الشعرية دون حُكم مسبق وتمتع بما قالوه، لا تكن صوفياً ولكن كن موضوعياً فى حكمك واقرأ بقلبك ستجد شعراً صافى المعنى فصيح الكلمات بليغ الجُمل، ستجد فيه خلاصة الحكمة وإدهاش الحال وذَوْب المريد فكيف إذا كان شيخا وكيف إذا كان قطباً وغوثاً· لا تحرموا أنفسكم من أدب التصوف؛ انهلوا من شعرهم ومن رؤاهم ومعراجهم الروحى شريطة أن تتجردوا من قلوب كارهة وأحكام مسبقة بل تجردوا تجرد الناقد الموضوعى والمتلقى المحايد وستجدون هذا الفيض الأدبى البديع، لا تحاكموا هؤلاء على ما صرحوا به فى حال وَجْد، خذوا ما قالوه فى ميزان الأدب، كيف ترى إحياء علوم الدين للغزالى وكيف تقرأ كتابات الطوسى وكيف ترى لغة الفتوحات لابن عربى، كيف تتقبل منامات الوهرانى وطواسين الحلاج وأسئلة عمر الخيام وجماليات ابن الفارض وعبدالرحيم البرعى وتوسل الدردير بأسماء الله الحسنى فى منظومته الشهيرة ومديح البوصيرى فى بردته الأشهر، وغير ذلك مما لوضاع لفقدنا مَكْنزاً جمالياً لا يُعوض.
مختتم الكلام
سقونى وقالوا مُت غراماً بحبنا/ إذا شئتَ أن تحيا وتحظى بقُربنا
فموتُ الفتى بالحب راحة قلبهِ/ إذا ماتَ من حر الصبابةِ والعَنا
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
إمارة الشعر.. إلى أين ؟ وكيف ؟
ماذا لو نظرنا اليوم بين أحمد شوقي، حمزة شحاتة، بدوي الجبل، ووليد الصرَّاف لأمارة الشعر؟
إن إمارة الشعر ليست مجرد لقب، بل هي تكريم يُمنح للشاعر الذي يترك أثرًا عميقًا في الأدب العربي، ويجمع بين الموهبة والقدرة على التجديد والإبداع. عبر العصور، لمع العديد من الشعراء الذين استحقوا هذا اللقب بجدارة، ومن بينهم أحمد شوقي، وحمزة شحاتة، وبدوي الجبل، ووليد الصرَّاف، حيث اجتمعوا على امتلاك أدوات الشعر من فصاحة وجزالة وأصالة، لكن لكل منهم أسلوبه ورؤيته الخاصة.
أحمد شوقي.. أمير الشعراء الكلاسيكي
يعدّ أحمد شوقي (1868-1932) من أعظم شعراء العصر الحديث، وقد حصل على لقب “أمير الشعراء” في زمنه بسبب قدرته الفائقة على إحياء الشعر العربي الكلاسيكي، مع إضافة لمسات التجديد. كتب في مختلف الأغراض الشعرية، مثل المدح، والرثاء، والغزل، والسياسة، ولم يقتصر على القصيدة التقليدية، بل أدخل الشعر المسرحي إلى الأدب العربي، ممّا جعله رائدًا في هذا المجال. ومن أشهر أعماله مسرحياته الشعرية: مجنون ليلى وعنترة.
حمزة شحاتة.. الفيلسوف الشاعر
يعدّ حمزة شحاتة (1908-1972) أحد أعمدة الشعر السعودي، وتميز بأسلوبه العميق الذي جمع بين الفلسفة والحداثة، وكان من أكثر الشعراء تأملًا في قضايا الإنسان والمجتمع. لم يكن مجرد شاعر فحسب، بل كان ناقدًا ومفكرًا، ممّا جعل شعره مليئًا بالرؤى العميقة التي تخاطب العقل والوجدان.
بدوي الجبل.. صوت القومية والوطنية
بدوي الجبل (1903-1981) هو أحد أبرز شعراء سوريا في القرن العشرين، وقد عُرف بتمسكه بالأسلوب الكلاسيكي، حيث كانت قصائده غنية بالصور البيانية والموسيقى الشعرية. كان صوته الشعري يعبر عن القومية العربية والوطنية، وقد تأثر بالتراث العربي الأصيل، ممّا جعل شعره قريبًا من روح المتنبي وأبي تمام.
وليد الصرّاف.. شاعر العصر الحديث
أما وليد الصرّاف، فهو أحد الشعراء المعاصرين الذين أثبتوا وجودهم في الساحة الشعرية من خلال امتلاك أدوات الشعر التقليدي مع قدرة على التجديد. استطاع أن يقدم نصوصًا تجمع بين العمق الفني والبساطة، مما جعله شاعرًا قادرًا على التأثير في المتلقي بأسلوبه المميز.
خاتمة
إمارة الشعر ليست مجرد لقب يُمنح، بل هي مسؤولية أدبية تتطلب قدرة على الإبداع والتجديد والتأثير في المجتمع. هؤلاء الشعراء الأربعة استطاعوا أن يتركوا بصمة في تاريخ الشعر العربي، كلٌ بطريقته، ممّا جعلهم رموزًا للأدب والشعر في أزمنتهم المختلفة.
sal1h@