ارتطم جسدى الزائد كيلوجرامات بفعل الاكتئاب ــ كما أخبرتنى الطبيبة النفسية التى لجأت إليها بعد رحيلك ــ على مقعدى الأثير فى المقهى المجاور لبوابة السلامة الخشبية الضخمة ذات الأذرع الحديدية الطويلة من أعلى.. المثبتة على شكل شراع يتسلل من خلال فتحاته الضوء موحيًا للغادين والراحلين أسفله بالاطمئنان..
المقهى العتيق قابع فى محطة الحياة الصاخبة بالقطارات التى تذهب بعيدًا بلا عودة.
أخبرنى النادل العجوز وهو يرقينى واضعًا يديه المعروقتين على مقدمة رأسى أنه زبون جديد ودع للتو حبيبًا، وجلس فى المقهى بعد أن نصحه المجربون بجدوى الجلوس فى هذا المقهى العجيب القادر على شفاء الحزن ومرارة الفقد.
الأفكار تتزاحم فى عقلى المتعب.. لم أستوعب بعد رحيلك على الرغم من مرور عامين، لم نكن ملائكة فى علاقتنا.. شكوتك وشكوتنى.. عاتبتك وعاتبتنى.. خاصمتنى كثيرًا وصالحتنى وكذلك فعلت، ولكنها هى الحياة التى عشناها سويًا.. سنوات عمرنا بحلوها ومرها بكفاحها ولحظات البهجة فيها.. بذكريات مصيف العائلة المكون من غرفتين ويستضيف خمس عائلات من الأشقاء الحبايب.. دعوتى لك أن نتمشى على البحر بعد أن تصلى صلاة المغرب كعصفورين يطيران بأجنحة صغيرة فى سعادة ورضا فتبتسم فى صمت من رومانسيتى.. كم كنت قليل الكلام يا يسرى.
زرتك أمس الأول مع أحمد ودينا وشقيقتك حنان.. طوال الطريق تحدثنا عن ارتفاع الأسعار مع حرارة الجو.. عن أغنية عمرو دياب الجديدة، وصفعته التعسة لشاب لم يقدر صعيديته وكرامته فذهب ليلتقط صورة بائسة مع مطرب مغرور، تكلمنا فى قيمة الجنيه مقابل الدولار، تكلمنا وثرثرنا كثيرًا فى كل شيء إلا أنت.. حضورك الطاغى فى الصدور كان كفيلا بأن يخرس عشرات الكلمات من التأبين والطبطبة، وملحوظة عن عشقك لأغانى نجاة الصغيرة.
فى ثانى أيام العيد اجتمع إخوتك أحمد وشريف وأبلة ميمى وإيناس وفيفى وحنان وسيد ابن عمك الذى تعتبره فى منزلة أخيك وابنته الجميلة سهيلة وأولادها فى بيتك يا يسرى.. فى بيتنا.. شعرنا جميعًا أن روحك تلف المكان فتعطيه هدوءا غريبا.. دون الحديث عنك بالمرة.
لم أشعر كم مر من الوقت وأنا ما زلت جالسة على مقعدى الأثير فى المقهى المجاور لبوابة السلام الخشبية الضخمة.. ولأعدد القطارات التى رحلت بعضها مصحوبة بصخب مشيعيها، والبعض الآخر فى صمت لفراغ المكان بعد غلق أبوابها.
التساؤلات تعصف فى ذهنى فتربكه، أتساءل هل حقًا رحلت؟ هل رحل البحر بموجاته وصباحاته وشمسه الدافئة؟ هل رحل البحر بأمواجه العاتية وأعاصيره؟.. كنت أنت البحر يا يسرى.. عشت فى خضم أيامك.. أحب وأغامر وأنحنى للتيارات المعاكسة.. حتى لا ينكسر شراعى الصغير.
أخيرًا قررت النهوض والمغادرة.. لملمت أشيائى البسيطة.. وردة حمراء بغصن أخضر داكن، منديل حرير مطرز مكتوب على أطرافه بخيط أزرق جميل كلمات الصوفى الكبير الحلاج:
فما لى بُعْدٌ بَعْدَ بُعْدِكَ بَعْدَما
تَيَقـَّنْتُ أنّ القرب والبُعد واحد
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رحيل البحر الطبيبة النفسية
إقرأ أيضاً:
موقف ليفربول من رحيل أرنولد لريال مدريد
أفادت تقارير صحفية، في الساعات الماضية، أن نادي ريال مدريد قدّم عرضًا للتعاقد مع ترينت ألكسندر-أرنولد، ظهير أيمن فريق ليفربول، خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة.
ويتبقى لأرنولد، البالغ من العمر 26 عامًا، عام ونصف على انتهاء عقده الحالي مع ليفربول، الذي يمتد حتى نهاية موسم 2024-2025، مما يتيح له إمكانية التفاوض والتوقيع لأي نادٍ اعتبارًا من يناير المقبل.
ووفقًا لما نشرته شبكة "سكاي سبورتس"، فقد رفض ليفربول عرض ريال مدريد للتعاقد مع اللاعب في الميركاتو الشتوي، حيث يتمسك النادي بخدماته خلال هذا الموسم الحاسم.
وأشارت التقارير إلى أن ريال مدريد لا يزال يسعى لتعزيز مركز الظهير الأيمن، إلا أن ليفربول يرفض التخلي عن أرنولد في منتصف الموسم، خاصة مع تصدر الفريق ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز ومواصلته المنافسة في دوري أبطال أوروبا.
في الوقت ذاته، أفادت تقارير إسبانية بأن ريال مدريد قد توصل لاتفاق مبدئي مع أرنولد للانتقال إلى صفوفه عقب انتهاء عقده مع ليفربول.
يذكر أن أرنولد سجل هدفًا في فوز ليفربول الكبير على وست هام يونايتد بنتيجة 5-0 ضمن الجولة التاسعة عشرة من الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث يواصل الفريق مشواره المميز على المستويين المحلي والقاري.