رؤى فى الظلام: مقاربات بين جون ميلتون والمعرى
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
جون ميلتون (1608-1674) شخصية مركزية فى الأدب الإنجليزى، مسيرته تمتد عبر فترة الحرب الأهلية الإنجليزية والعودة إلى النظام الملكى.
أبو العلاء المعرى (973-1058)، المولود فى العصر العباسى، هو أحد أكثر الشخصيات تأثيراً فى الأدب العربى. أُصيب بالعمى فى سن مبكرة وشكل كونه «رهين المحبسين» نظرته للعالم بشكل كبير، ما أدى إلى نهج تأملى وغالباً نقدى متشكك تجاه البشر ومعتقداتهم.
ومهما كانَ، فى دُنياكَ، أمرٌ، فما تُخليكَ مِنْ قَمَرٍ وشَمس
وآخِرُها بأولها شَبيهٌ، وتُصبحُ فى عَجائبِها، وتُمسي
قُدومُ أصاغرٍ، ورحيلُ شِيبٍ، وهِجرةُ منزلٍ، وحُلولُ رَمس
«الفردوس المفقود» قصيدة ملحمية تروى قصة سقوط الإنسان ونفيه من الفردوس. فى هذه القصيدة يتميز أسلوب ميلتون باستخدامه اللغة الرفيعة والتركيب المعقد، ما يعزز القضايا الأساسية فى القصيدة مثل الإرادة الحرة والطاعة وطبيعة الخير والشر. ويتساءل ميلتون:
«آه، لماذا ينبغى على جميع البشر أن يُدانوا بخطأ رجل واحد؟»
وعن العقل يقول:
«العقلُ مكانُه ذاتهُ، وفى ذاتِهِ يستطيعُ أن يجعلَ من الجنةِ جحيماً، ومن الجحيمِ جنةً».
«رسالة الغفران» هى عمل نثرى يتخلله الشعر، يستكشف مواضيع الحياة الآخرة والعدالة الإلهية وحماقة الإنسان. يتميز أسلوب المعرى بروح السخرية والعمق الفلسفى. تعكس شكوكه تجاه الدوجماطيقية الدينية ودعوته للعقلانية ذكاءً حاداً ونزاهة ناقدة للمعايير الاجتماعية السائدة فى زمنه.
والتشابهات بين المعرى وميلتون عدة فقد أثر العمى بشكل عميق على أعمال كلا الشاعرين. بالنسبة لميلتون، كان العمى عقبة جسدية تغلب عليها من خلال الرؤية العقلية والروحية. أما بالنسبة للمعرى، الذى كان أعمى منذ صغره، فنجده يستخدم حالته كمجاز لحدود الإدراك البشرى وضرورة الاستنارة الداخلية، ويبدو أن عماه البصرى لم يكن ليحرمه من البصيرة الفريدة التى امتلكها فى فهم الطبيعة البشرية والكون من حوله.
أما الاختلافات بينهما فنجدها فى السياقات الثقافية والدينية. يتشبّع عمل ميلتون باللاهوت المسيحى والاضطرابات السياسية فى إنجلترا القرن السابع عشر، بينما تعكس كتابات المعرّى الوسط الفكرى للخلافة العباسية وحالة الفلسفة الإسلامية آنذاك. يؤدى هذا الاختلاف فى السياق إلى تباينات فى الصور البيانية والهياكل السردية. فنجد أن «الفردوس المفقود» هى قصيدة ملحمية متماسكة ذات خط سرد ى واضح، أما «رسالة الغفران» فهى مزيج أكثر تنوعاً من النثر والشعر، يشبه سلسلة من المقالات الفلسفية والحوارية.
النغمة والنظرة: على الرغم من العناصر المأساوية، يؤكد عمل ميلتون فى النهاية على إحساس بالنظام الإلهى والفداء وغفران خطايا البشر. فى المقابل، يتبنى المعرى غالباً نبرة أكثر تشاؤماً تقترب من العدمية.
نَخلُص إلى أن ميلتون والمعرى يشتركان فى قدرة مذهلة على تجاوز عمى الجسد وتقديم تأملات عميقة فى الطبيعة البشرية. من خلال رؤاهما الفريدة، يضيء كلا الشاعرين تعقيدات الإيمان والعقل والروح البشرية، تاركين إرثاً يتجاوز حدود الزمان وتخوم المكان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأدب الإنجليزى الأدب العربي
إقرأ أيضاً:
أبل تخترق عالم الروبوتات البشرية
تتجه شركة أبل نحو تطوير روبوتات ثورية، سواء كانت بشرية الشكل أو غير بشرية.
رغم أن التقارير السابقة كانت تشير إلى تركيز الشركة على الروبوتات غير البشرية، فإن معلومات جديدة من سلاسل التوريد تشير إلى أن أبل لا تستبعد تصميم روبوتات شبيهة بالبشر، ولكن مع ميزات فنية وإبداعية قد تغير شكل التكنولوجيا المستقبلية. وتوقع المحللون أن نرى أحد هذه الروبوتات بحلول عام 2028، وفق موقع "اكستريم تيك".
اقرأ أيضاً.. اختبار جديد يكشف حدود التفكير المنطقي للذكاء الاصطناعي.. وهذه هي المفاجآت!
من مشروع السيارة إلى الروبوتات المنزلية
في العام الماضي، أفادت مصادر لبلومبيرغ بأن أبل بدأت في استكشاف تطوير الروبوتات المنزلية بعد التخلي رسميًا عن مشروع "Apple Car".
وظل مشروع الروبوتات سريًا إلى حد كبير، حتى الشهر الماضي، عندما نشر مهندسو أبل ورقة بحثية تضمنت تصميمًا تجريبيًا لروبوت يشبه المصباح.
وأظهرت الرسوم التوضيحية المرفقة الروبوت وهو يراقب الأشياء، يومئ برأسه، ويتفاعل مع المستخدم بطريقة تشبه الاتصال البصري، بل وحتى يُظهر سلوكًا شبيهًا بتحريك الذيل تعبيرًا عن الحماس. ومع ذلك، لم يكن الهدف من البحث تقديم منتج فعلي، بل دراسة كيفية جعل الروبوتات غير البشرية جذابة للمستخدمين.
أبل تبني نماذج أولية بالفعل
وفقًا لتقرير من للمحلل الشهير مينغ-تشي كو، فإن أبل "تستكشف تطوير روبوتات بشرية وغير بشرية لدمجها في منظومة المنزل الذكي المستقبلية".
وأضاف كو أن "بينما يناقش القطاع مزايا التصاميم البشرية مقابل غير البشرية، تشير بيانات التوريد إلى أن أبل تركز أكثر على كيفية تفاعل المستخدمين مع الروبوتات بدلًا من شكلها الفعلي"، مما يشير إلى أن تقنيات الاستشعار والبرمجيات الذكية ستكون جوهر هذا التطوير.
أخبار ذات صلة
متى نرى روبوتات أبل في الأسواق؟
وفقًا لكو، يتوقع أن الإنتاج الضخم لروبوتات أبل لن يبدأ قبل عام 2028 أو ما بعده.
ورغم الغموض الذي يحيط بخطط أبل النهائية، فهي ليست الشركة التقنية الوحيدة التي تستكشف مجال الروبوتات المنزلية.
فقد قدمت جوجل الشهر الماضي براءة اختراع لروبوت يتحرك بعجلات شبيهة بالدبابات، قادر على تتبع المستخدمين في المنزل ومساعدتهم في العثور على الأشياء المفقودة أو مراقبة الأطفال.
اقرأ أيضاً.. "بوتنونو": أذكى روبوت في العالم.. يجمع بين الفكاهة والابتكار
ومن جهتها، تستعد سامسونج لإطلاق روبوت Ballie الصغير والمتدحرج في الأسواق هذا العام.
فهل ستغير أبل قواعد اللعبة في عالم الروبوتات كما فعلت مع الهواتف الذكية؟
إسلام العبادي(أبوظبي)