يمانيون/ كتابات/ وديع العبسي
تباعا يتوالى ظهور ما خفي في زمن كشف الحقائق، عن المؤامرة الأمريكية الغربية تجاه اليمن والعرب والمسلمين.
بالأمس واصلت الأجهزة الأمنية عرض اعترافات موسعة لشبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية، وهذه المرة حول مراحل استهداف القطاع الاقتصادي، مع أن هذا الحدث لا يزال هو محور اهتمام الكثير من الوسائل الإعلامية ودهاليز السياسة الأمريكية، إلا أنه لا يعني ذاته بشكل مجرد بقدر ما يقدم من نموذج للسياسة الأمريكية العدوانية تجاه الدول.
في التفاصيل، أمريكا تهتم بكل شاردة وواردة، تجمع المعلومات، وتضع البرامج لاستهداف المجتمع اليمني بهدف دفعه إلى خلق الفوضى، وهي البيئة التي تحيا في واشنطن.
سعت أمريكا للسيطرة الناعمة على كل شيء في البلد من أجل أن تبقى سوقا تجني من خلاله الأموال لتغذية شعبها ورفاهيته، أهداف في منتهى الإجرام والوضاعة، تريد بيعنا الماء والكهرباء والنفط والفاصوليا والبطيخ، كل شيء، لذلك كانت سفارتها – دون غيرها – الأكثر تحركا في جمع كل التفاصيل التي ترسم أمامها الصورة الواضحة لاستجلاء نقاط القوة فتدمرها ونقاط الضعف فتلعب عليها.
هذا الفعل الأمريكي، الأكيد أنه ليس الوحيد من نوعه، فلو التفتت دولنا العربية، أو كانت جريئة في التحقيق بأنشطة الأمريكيين، سواء في سفاراتهم أو ما تسمى بوكالة التنمية الأمريكية أو مشتقاتهما، على أرضها لاكتشفت أنها واحدة من ضحايا الشيطنة الأمريكية التي تصر على حكم العالم ولو بهذه الأساليب الخسيسة، وليس جديدا القول إن قاعدة “الغاية تبرر الوسيلة” هي أمريكية الأصل والممارسة، وهي القاعدة التي تحولت إلى عقيدة لديها، وصارت المصلحة الأمريكية هدفاً لا ينبغي أن تقف أمامه أي موانع إنسانية أو أخلاقية.
بأكثر من شكل ومسمى تواجدت أمريكا في صحن الدول العربية والإسلامية، حتى سفاراتها جعلتها مرجعية لأنشطتها التي تخترق بها المؤسسات وكل تفاصيل يوميات البلد، وتعمل على توجيه سياستها، بقصد استهداف القدرات الاستراتيجية العسكرية والتصنيعية، بما يخدم توجهها ومشاريعها، كما وتتعقب أي تحرك يمنح البلد أي شكل من التحرر والتبعية فتشّله وتئده قبل أن يولد، وهي الآلية التي مكنت واشنطن من الهيمنة على العالم طوال السنوات الماضية.
بكل نعومة نشطت الكيانات المرتبطة بالكيان الأمريكي تحت تأثير الإغراءات، فاستطاعت أن تأخذ إلى جانبها الكثير من الأصوات الشابة التي انحصرت أمامها طرق النجاح، فتمثلت أمريكا حسب المخطط كملاذ وحيد لكل طامح للنجاح، وبهذا الأسلوب الانتهازي، كانت الاستخبارات الأمريكية تجند من تتوسم فيهم إمكانية العمل معها.
ولم يكن لجوء أمريكا إلى خيار خلايا التجسس عملاً طارئاً، إذ لجأت إلى هذا الأسلوب منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، وتأذت منه الكثير من الدول بما فيها الدول الحليفة.
واليوم.. تنشط أمريكا في نهجها غير الأخلاقي بكل عنفوان، في محاولة لاستعادة ألَق تأثيرها العالمي الذي يتراجع، واليمن تبدو الهدف الأكبر، فهي التي جرحت كبرياء البيت الأبيض بتحديها والخروج من عباءتها، ليس ذلك وحسب بل ولأن اليمن صارت تمثل نموذجا يمكن أن يؤثر في باقي الدول، فضلا عن الاهتمام الدولي بهذه القوة الناشئة التي نجحت في ما فشل فيه آخرون، وكان كشف خلية التأسيس للمشروع الأمريكي في صيغته الجديدة للحقبة القادمة، رصاصة موت، خصوصا وأنه يأتي في مرحلة حساسة وفي ذروة الانهيار لفزاعة القوة الأمريكية التي عجزت بشكل صارخ في منع القوات المسلحة اليمنية عن مواصلة معركتها المقدسة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”.
في الدول التي كشفت ووضعت حداً لهذا العبث الأمريكي، يعتمل في واقعها كثير من التوتر وعدم الاستقرار كتداعيات طبيعية لاستئصال السم الأمريكي من جسد البلد، فأمريكا سعت لتهييج الآفات التي زرعتها بما فيها سلب البلد قدرته في الاعتماد على إمكاناته فور شعورها بأنها تفقد السيطرة على منطقة واعدة بالثروات، بدليل دفنها لكثير من الآبار النفطية المكتشفة قبل الإعلان عنها بهدف ضمان حق نهبها، بل وأخفت حتى خرائط هذه الآبار، وأمريكا تعمدت إغراق البلد في هموم الاحتياجات وأخفت نتائج الدراسات الاستكشافية للثروات المعدنية وأماكنها، ولمّا صار الهَمّ الوطني هو كيف يوفر قوت يومه، كان من الصعب عليه التوجه لاستكشاف أو استخراج ثروته.
ُ#أمريكا#السيطرة الناعمة#وديع العبسيالمصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
تحليل: أحدث فروع الجيش الأمريكي ماذا تفعل قوات الفضاء الأمريكية فعليا؟
واشنطن"د ب أ": تعد قوات الفضاء الأمريكية أحدث فروع الجيش الأمريكي، وقد أنشئت بهدف حماية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الفضاء. ورغم حداثة عهدها، تعد مهامها كثيرة. وبينما تبقى تفاصيل كثيرة من عملياتها طي السرية، فإن دورها المتنامي يعكس الأهمية المتزايدة للفضاء كمجال جديد للصراعات الجيوسياسية. ويقول هاريسون كاس، المحلل البارز في شؤون الدفاع والأمن القومي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست، إنه على الورق، تكرس قوات الفضاء الأمريكية للدفاع عن المصالح الأمريكية في الفضاء. وتحديدا، تتولى قوات الفضاء حماية الأصول الفضائية، وغالبا ما تكون أقمارا اصطناعية، وضمان حرية العمليات في الفضاء، ومراقبة الحطام الفضائي وتطوير تقنيات الحروب الفضائية.
وترك تأسيس قوات الفضاء الأمريكية في عام 2019، رغم أنه اعتبر تطورا إيجابيا للأمن القومي الأمريكي، بعض المواطنين في حالة من الحيرة. إذ لم يفهم الكثيرون، ولا يزال البعض لا يفهم، الفرق بين قوات الفضاء ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، التي تستكشف الفضاء منذ خمسينيات القرن الماضي.
ويقول هاريسون كاس إن الفرق الجوهري بين الكيانين هو أن "ناسا" وكالة مدنية تركز بشكل واضح على استكشاف الفضاء والبحث العلمي وتطوير التكنولوجيا. أما قوات الفضاء الأمريكية، فهي فرع عسكري يركز بشكل صريح على حماية المصالح الأمريكية في الفضاء. ويقدم هاريسون كاس نظرة أقرب على هذه الفروقات بين الجهتين الحكوميتين المعنيتين بالفضاء.
ويقول إنه على الرغم من أن وكالة "ناسا" تدار من قبل الحكومة الأمريكية، فإنها وكالة مدنية وليست فرعا من فروع الجيش. والسبب الذي يجعل بعض الأشخاص يخلطون بين مهمة "ناسا" الاستكشافية ومهمة قوات الفضاء الأمريكية ذات الطابع الدفاعي، هو أن "ناسا" تأسست في ذروة الحرب الباردة، كرد فعل على النشاطات السوفييتية خارج الغلاف الجوي للأرض. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن "ناسا" وكالة مدنية، فإن برامجها غالبا ما تكون قريبة من الطابع العسكري. ففي السنوات الأولى من سباق الفضاء، كانت "ناسا" تستخدم طيارين عسكريين حصريا في مهماتها التجريبية، مثل ألان شيبارد وجون جلين ونيل أرمسترونج وباز ألدرين، وجميعهم كانوا في الخدمة العسكرية الفعلية في وقت إنجازاتهم في الفضاء.
لكن، من حيث المبدأ، كانت مهمة وكالة "ناسا" تتعلق بمساع سلمية، وتحديدا اكتساب المعرفة العلمية. لذلك، ركزت برامج "ناسا" دائما على تطوير مركبات فضائية جديدة، وإجراءات جديدة للرحلات الفضائية، وإجراء الأبحاث على كواكب أخرى، وتصوير المجرات، وما إلى ذلك. وتعد برامج "ناسا" الأكثر شهرة مثل "أبولو" و"سبيس شاتل" و"مارس روفر" وتلسكوب "جيمس ويب"، برامج علمية موجهة لجميع أفراد الأسرة، وتدرس للأطفال في المدارس، وغالبا ما تعرض وبحق باعتبارها من أعظم الإنجازات العلمية للبشرية.
أما قوات الفضاء الأمريكية، فهي بالتأكيد ليست وكالة مدنية، بل فرع من فروع الجيش، إلى جانب الجيش البري والبحرية، وسلاح الجو ومشاة البحرية وخفر السواحل.
وبحسب موقع "سبيس إنسايدر"، هناك عدة طرق تنفذ بها قوات الفضاء مهمتها، إحداها ببساطة المراقبة والانتظار، باستخدام أنظمة قائمة على الأرض وأخرى في الفضاء لتعقب الأجسام في المدار." وتشمل هذه الأجسام حطاما فضائيا وأقمارا اصطناعية وصواريخ، وربما مركبات فضائية معادية.
ويضيف الموقع: "من المهام الأخرى لهذا الفرع توفير الاتصالات العسكرية من خلال عدة أساطيل من الأقمار الاصطناعية المصممة خصيصا لهذا الغرض، بالإضافة إلى الحفاظ على نظام الملاحة العالمي /جي بي إس / كما أن عدة أقسام من (قوات الفضاء) مكرسة للعمليات الفضائية الدفاعية والهجومية." وطبيعة هذه العمليات، بطبيعة الحال، سرية للغاية. لكنها لا تشمل قتالا مداريا يتضمن انفجارات، لأن ذلك من شأنه أن يخلف سحبا من الحطام المداري الشبيه بالشظايا، ما يهدد الأقمار الاصطناعية الأمريكية نفسها. "بل إن الهدف هو إعماء وإسكات الأقمار الاصطناعية المعادية باستخدام أسلحة إلكترونية." كما أن قوات الفضاء منخرطة في عمليات حرب إلكترونية (سيبرانية).
لكن هذه القوات لم تتجاوز عامها الخامس بعد، ويرجح أن تكون مهمتها لا تزال في مراحلها الأولية. ويمكن اعتبار التوسع المتواصل في ميزانيتها، الذي تجاوز بالفعل ميزانية "ناسا"، مؤشرا على اتساع نطاق وتعقيد مهامها في السنوات المقبلة.