جاء بها من بلادها مراهقة صغيرة، تحمل أحلامًا كبيرة، فقد صوّر لها الحياة ذهبية، جميلة وسهلة، وتخيلت بأنها ستعيش القصور بعد ضنك العيش في قريتها النائية التي جاءت منها من إحدى الدول الآسيوية، كان من الممكن أن يمنحها هذه الحياة فهو كان خريج قانون، ولمع نجمه كمحامٍ سريعًا، فجأة قرر ترك كل هذا والانزواء في البيت لتربية الحيوانات الأليفة التي كانت تستنزف جزءًا كبيرًا من مدخرات العائلة، بعد أن وصل لقناعة -كما كان يقول- بأن المحاماة حرام، الأمر الذي أجبر الزوجة الشابة على الخروج للعمل من أجل الإنفاق على أسرتها، كانت تتعاون مع محلات الخياطة، بتنفيذ أعمال التطريز اليدوي الذي كانت تتقنه، لم يكن ما تجنيه كثيرًا فقد كان الخياطون يدفعون لها النزر القليل رغم أنهم يكسبون الكثير من عملها.
مرت السنوات على الشابة وهي تعمل ليلًا ونهارًا من أجل الإنفاق على أسرتها وتربية أبنائها الذين تمكنت من تعليمهم، حتى تخرجوا من الجامعة وشغلوا مناصب مرموقة بين طبيب وأستاذ جامعي ومهندس.
في كل مرة يذهبان في الإجازة السنوية لزيارة أسرتيهما، كان يصر على أن يأخذ كامل مدخراتها لشراء هدايا لأسرته، وتوزيع المال على فقراء قريته، ليظهر بمظهر المهاجر الثري، ولم يكن يبقي لها سوى مجوهراتها الذهبية التي هي الأخرى جزء من الوجاهة المصطنعة.
رأيتها قبل وفاتها بأشهر، امرأة ثمانينية، ضعيفة ومكسورة، وهي تحكي حكايتها، علمت بعدها بأشهر بأنها أصيبت بالمرض الخبيث وفاضت روحها إلى بارئها، بعد رحلة طويلة من الغربة، والذل، والكفاح المرير من أجل تربية أبنائها، ترى كم عانت هذه المرأة وكم تألمت؟
قبل أيام التقيت بزوجين في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، جاءا ليتكاتبا في بعض الممتلكات، علمت أن الرجل أيضا من المهاجرين الذين حصلوا على الجنسية العمانية، غادر بلاده شابًا يافعًا، تاركًا زوجة وأطفالًا لم يرهم منذ رحيله، بعد أن وجد زوجة من ذات البلاد تعيش هنا، والتي طالبته بكتابة ممتلكاته لها وأولادها حتى لا يشاركها أبناؤه الآخرون إياها، والذين ترك لهم كل ما يملك هناك.
سبحان الله للغربة ثمن باهظ أحيانًا لا نراه.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المستشار محمود فوزي: مراجعة ملف حقوق الإنسان في مصر كانت ناجحة ومثمرة
حضر المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، الثلاثاء ٢٢ إبريل، اجتماع لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ برئاسة النائب محمد هيبة، وذلك للمناقشة وتبادل الآراء والتعاون والتنسيق مع اللجنة فيما بتعلق بالقضايا الخاصة بحقوق الإنسان في مصر.
وأشار المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، إلى أن هذه هي المرة الرابعة التي تعرض فيها مصر ملفها أمام المجتمع الدولي، مؤكدًا أن هذه المراجعة كانت ناجحة نجاحا ملحوظا، وذلك لعدة أسباب من بينها الاستفادة من تراكم الخبرات الوطنية، والتقسيم المنهجي والمهني للأدوار مع التعاون والتنسيق، إلى جانب القيادة الدبلوماسية للملف التي تقودها وزارة الخارجية من خلال علاقات مصر الدبلوماسية على مستوى العالم.
وأوضح الوزير فوزي، أن نجاح مصر في هذا المحفل لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة جهد منسق وعمل دؤوب من وزارة الخارجية وسائر الوزارات و الجهات المعنية، ومن جميع السفارات المصرية حول العالم، وعلى رأسها سفارة مصر في جنيف، والتي أدارت تنسيقًا دبلوماسيًا مكثفًا وعميقًا خلال مراحل الإعداد والمراجعة وصياغة التوصيات.
وأكد وزير الشئون النيابية، أن معظم التوصيات التي تلقتها مصر أثناء عرض ملفها في آلية المراجعة الدورية الشاملة (UPR) تتفق مع الدستور المصري و مع أجندة العمل الوطنية، وتعكس التزام الدولة بتنفيذها في إطار واضح ومحدد.
كما ثمّن المستشار محمود فوزي، التنسيق الكامل بين الوزارات، والحضور الرفيع المستوى المتمثل في مشاركة ثلاثة وزراء بالحكومة المصرية، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية عرض الإطار العام لمنهج ملف حقوق الانسان والتحديات التي تتعرض لها الدولة ، وانه كوزير للشئون النيابية كان مسؤولاً عن عرض ما يخص التطورات الإيجابية في الحقوق المدنية والسياسية، في حين تولت وزيرة التضامن الاجتماعي استعراض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة الى مداخلات جميع الجهات والمؤسسات المعنية، وهو ما يعكس بوضوح مرحلة من النضج الدبلوماسي الذي وصلت إليه الدولة المصرية في هذا الملف، والذي حظي بإشادة واسعة من الدول المختلفة تجاه العرض المصري وترحيبهم به.
وأشاد الوزير عبد العاطى بالجهود التى يبذلها البرلمان المصرى لتعزيز البنية التشريعية ذات الصلة بحقوق الإنسان وتعزيز أسس احترام حقوق الإنسان بما يضمن للمواطن المصري الحفاظ على كرامته وحقوقه كاملة استنادًا لما يوليه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي من اهتمام لتوفير حياة كريمة للمواطن المصرى، منوهاً إلى المقاربة الشاملة التى تنتهجها مصر في الارتقاء بالمنظومة الحقوقية فى المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ورفع مستوى الوعى بالحقوق والواجبات.
تناول وزير الخارجية المشاركة المصرية فى جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان فى مصر، التي عقدت في شهر يناير الماضى في مجلس حقوق الإنسان الدولى في جنيف، والمناقشات التى دارت خلالها والتى عكست ادراك واقرار المجتمع الدولي للجهود الوطنية والانجازات فى هذا المجال، واستعرض الجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع كافة الجهات الوطنية المعنية، وتحت إشراف رئيس مجلس الوزراء، مشيراً فى هذا السياق إلى قيامه بصفته رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بتسليم رئيس الجمهورية التقارير التنفيذية للاستراتيجية الوطنية، والتى كان اخرها تسليمه التقرير الثالث في ديسمبر ٢٠٢٤ بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان. ونوه في هذا الصدد ان التقرير استعرض مظاهر التقدم التى تحققت في تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية في المحاور الأربعة؛ السياسي والمدني؛ والاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ والمرأة والطفل والشباب وذوي الإعاقة وكبار السن؛ والتثقيف والتدريب.
وأشاد وزير الخارجية خلال اللقاء بالتشريعات التي تم اقرارها خلال الفترة الأخيرة والتي تعكس الأولوية التي توليها مصر للنهوض بالمناخ العام لحقوق والحريات، مبرزاً قانون الإجراءات الجنائية الذى مثل ثورة تشريعية وخطوة هامة نحو تعزيز منظومة العدالة الجنائية فى مصر.