جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-07@02:32:50 GMT

الولاءات العابرة!

تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT

الولاءات العابرة!

 

أحمد بن محمد العامري

ahmedalameri@live.com

 

في عصر العولمة والتغيرات الاجتماعية السريعة، تبرز تحديات جديدة أمام الدول والمُجتمعات، من بينها مسألة الولاءات المُتعددة للأفراد. يُعتبر الولاء للوطن ركيزة أساسية لاستقرار الدولة وتماسك المجتمع، إلا أنَّ هناك أنواعًا من الولاءات قد تؤدي إلى تفكيك هذا التماسك إذا لم يتم التَّعامل معها بحذر.

من بين هذه الولاءات، نجد الولاءات العابرة للحدود والولاءات العابرة للمُجتمع، والتي يُمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على الأوطان. في هذا المقال، سنتناول خطورة هذه الولاءات وتفسير أسباب تكونها، مع تسليط الضوء على كيفية مُواجهتها.

الولاءات العابرة للحدود تعني أنَّ الأفراد أو المجموعات في دولة مُعينة يشعرون بالانتماء أو الولاء لجهات أو دول أخرى خارج حدود وطنهم. هذا النوع من الولاءات يُشكل خطورة كبيرة على الأوطان للأسباب التالية:

1.تقويض الاستقرار الوطني:

يمكن للولاءات الخارجية أن تزعزع الاستقرار الداخلي للدولة، حيث يُمكن أن تؤدي إلى انقسامات داخلية بين المُواطنين على أساس الانتماء الخارجي. عندما يتعرض الأفراد لإغراءات أو ضغوط من دول أخرى، يمكن أن ينقسم المجتمع إلى فئات متناحرة.

2.التدخل الأجنبي:

قد تستغل الدول أو الجهات الخارجية هذه الولاءات لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الدولة المعنية، مما يؤدي إلى تدخلات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية في شؤون الدولة الداخلية. هذا التدخل يمكن أن يُضعف سيادة الدولة ويُعرضها لمخاطر جمة.

3.ضعف الولاء الوطني:

عندما يكون ولاء الأفراد لدول أو جهات خارجية، يتراجع الولاء الوطني، مما يقلل من التضامن الاجتماعي ويضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الوطنية. الولاء الوطني هو ما يجمع الشعب حول مصلحة واحدة، وتراجعه قد يؤدي إلى تفكك المجتمع.

والولاءات العابرة للمجتمع تشير إلى ولاءات الأفراد لمجموعات داخل المجتمع تختلف عن الولاء للدولة ككل، مثل الولاءات القبلية، الطائفية، أو العرقية. هذه الولاءات تشكل خطورة على الأوطان من خلال:

1.التجزئة الاجتماعية:

تُعزز الولاءات المجتمعية الانقسامات داخل المجتمع، مما يؤدي إلى تراجع الشعور بالوحدة الوطنية وزيادة الفجوات الاجتماعية. هذا التشتت قد يمنع تكوين هوية وطنية مشتركة.

2.الصراعات الداخلية:

 يُمكن أن تؤدي الولاءات العرقية أو الطائفية إلى نشوب صراعات داخلية بين المجموعات المختلفة، مما يهدد السلم الأهلي ويضعف الدولة. هذه الصراعات قد تؤدي إلى نزاعات طويلة الأمد تتسبب في دمار البنية التحتية وتدهور الاقتصاد.

3.إعاقة التنمية:

عندما تتركز الولاءات على مستوى المجتمع المحلي أو الطائفي، يتراجع الاهتمام بالمصلحة الوطنية العامة، مما يُعيق جهود التنمية المُستدامة ويعرقل تنفيذ السياسات الوطنية الشاملة. تحتاج الدول إلى تضافر جهود جميع المُواطنين لتحقيق التنمية، والانقسامات تضعف هذه الجهود.

تتكون الولاءات العابرة للحدود نتيجة العوامل التالية:

1. التاريخ المُشترك:

قد يكون للأفراد ارتباط تاريخي أو ثقافي بدول أو شعوب أخرى. هذا الارتباط قد ينبع من تجارب تاريخية مشتركة مثل الهجرات أو الحروب.

2. الدين:

يمكن أن تلعب الروابط الدينية دورًا كبيرًا في تشكيل الولاءات العابرة للحدود. الأفراد قد يشعرون بانتماء قوي لجماعات دينية خارج دولتهم.

3. الآيديولوجيات:

الآيديولوجيات السياسية أو الفكرية يمكن أن تربط الأفراد بجماعات أو دول خارجية تتشارك نفس الأفكار. هذه الروابط يمكن أن تؤدي إلى تشكيل شبكات دعم تتجاوز الحدود الوطنية.

أما الولاءات العابرة للمجتمع فتتكون نتيجة العوامل التالية:

1. العلاقات الاجتماعية:

العلاقات الاجتماعية القوية داخل العائلات، القبائل، أو الطوائف يمكن أن تعزز الولاءات المجتمعية. هذه الروابط الطبيعية يمكن أن تصبح قوية لدرجة تؤثر على الولاء الوطني.

2. الهوية الثقافية:

الشعور بالهوية الثقافية المتميزة يمكن أن يعزز الولاء لمجموعة معينة داخل المجتمع. الأفراد قد يشعرون بأن هويتهم الثقافية مهددة ويبحثون عن حماية في إطار مجموعاتهم.

3. التجارب المشتركة:

التجارب التاريخية أو الظروف الاقتصادية والاجتماعية المشتركة يمكن أن تعزز الولاءات المجتمعية. هذه التجارب المشتركة يمكن أن تكون إيجابية مثل النجاحات أو سلبية مثل المعاناة.

ختامًا.. من الضروري أن تعمل الدول على تعزيز الولاء الوطني الشامل من خلال سياسات تعليمية وثقافية واجتماعية تهدف إلى تقوية الشعور بالانتماء للوطن ككل، مع احترام التعددية الثقافية والدينية داخل المجتمع. تحقيق التوازن بين الولاءات المجتمعية والولاء الوطني يمكن أن يعزز الاستقرار والتنمية المستدامة. ولا شك أن معالجة الولاءات العابرة للحدود والمجتمع تتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة والمجتمع المدني لضمان مستقبل آمن ومستقر للأوطان.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ندوة إعلامية لتعزيز قيم الولاء والانتماء بمركز النيل للإعلام بطنطا

في إطار الحملة الإعلامية التي أطلقتها الهيئة العامة للاستعلامات برئاسة الدكتور ضياء رشوان، وتحت إشراف الدكتور أحمد يحيى رئيس قطاع الإعلام الداخلي، تحت شعار "تعزيز القيم الوطنية وروح الانتماء لدى الشباب"، نظم مركز النيل للإعلام بطنطا اليوم الخميس ندوة إعلامية حول تعزيز قيم الولاء والانتماء للشباب، وذلك بمقر قاعة المركز، بمشاركة عدد من طلاب كلية الخدمة الاجتماعية بجامعة كفر الشيخ.

حاضر في الندوة الأستاذ الدكتور إبراهيم درويش، وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية سابقًا وعضو الاتحاد الإقليمي للجمعيات، حيث بدأ حديثه بتوضيح الفرق بين الولاء والانتماء، مشيرًا إلى أن كلاهما يمثلان ركيزة أساسية في بناء الوطنية. وأوضح أن:

الانتماء يعبر عن الانتساب الحقيقي للفرد إلى وطنه فكريًا وعمليًا، بحيث يوجه جهوده لصالح الوطن، ويتم توثيقه بمنح الجنسيات التي تعكس العلاقة المتبادلة بين الأفراد والأوطان من حيث الحقوق والواجبات.

الولاء هو المشاعر الإيجابية للمواطن تجاه وطنه، بما يشمله من حب ونصرة وتأييد، حيث يشمل الولاء الوطني عدة مستويات فرعية تعزز الاستقرار المجتمعي.

كما تناول درويش مفهوم "الحروب اللامتماثلة (غير النمطية) أو الحروب الحديثة"، مشددًا على أهمية توعية الشباب بالتحديات التي تواجه الوطن، وأبرزها الشائعات وحروب الجيل الرابع، التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار وبث الفتن وزيادة فقدان الثقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة. وأكد أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تكامل الجهود الوطنية للحفاظ على وحدة الوطن واستقراره، والمضي قدمًا نحو بناء الجمهورية الجديدة القائمة على الوعي الوطني.

وأشار إلى ضرورة تحري الدقة في استقاء المعلومات من مصادرها الصحيحة، وعدم الانسياق وراء الشائعات التي تسعى إلى هدم الأوطان.

قام بإعداد اللقاء مي أبو زيد، وأدارته مروة عبد الرسول، مديرة مركز النيل للإعلام بطنطا.

مقالات مشابهة

  • مالي تحظر على الأفراد الأجانب أنشطة التنقيب عن الذهب
  • ندوة إعلامية لتعزيز قيم الولاء والانتماء بمركز النيل للإعلام بطنطا
  • الفزاني: الاهتمام مطلوب بالسياحة العابرة للحدود
  • اكتتاب الأفراد في “أم القرى للتنمية”
  • «استشاري»: تطوير أنظمة المطارات يُعزز الأمن القومي
  • "الوطني الفلسطيني" يحمّل المجتمع الدولي مسؤولية تقاعسه أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • "الانتماء الوطني" ندوة لمجمع إعلام بنها
  • المجلس الوطني يحمّل المجتمع الدولي مسؤولية تقاعسه أمام جرائم الاحتلال
  • ندوة بمجمع إعلام بنها.. «الانتماء الوطني.. حصن الأوطان وبناء الإنسان»
  • حين ينقلب الولاء لله ورسوله وأوليائه إلى عبودية للشيطان