أحمد بن محمد العامري
ahmedalameri@live.com
في عصر العولمة والتغيرات الاجتماعية السريعة، تبرز تحديات جديدة أمام الدول والمُجتمعات، من بينها مسألة الولاءات المُتعددة للأفراد. يُعتبر الولاء للوطن ركيزة أساسية لاستقرار الدولة وتماسك المجتمع، إلا أنَّ هناك أنواعًا من الولاءات قد تؤدي إلى تفكيك هذا التماسك إذا لم يتم التَّعامل معها بحذر.
الولاءات العابرة للحدود تعني أنَّ الأفراد أو المجموعات في دولة مُعينة يشعرون بالانتماء أو الولاء لجهات أو دول أخرى خارج حدود وطنهم. هذا النوع من الولاءات يُشكل خطورة كبيرة على الأوطان للأسباب التالية:
1.تقويض الاستقرار الوطني:
يمكن للولاءات الخارجية أن تزعزع الاستقرار الداخلي للدولة، حيث يُمكن أن تؤدي إلى انقسامات داخلية بين المُواطنين على أساس الانتماء الخارجي. عندما يتعرض الأفراد لإغراءات أو ضغوط من دول أخرى، يمكن أن ينقسم المجتمع إلى فئات متناحرة.
2.التدخل الأجنبي:
قد تستغل الدول أو الجهات الخارجية هذه الولاءات لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة الدولة المعنية، مما يؤدي إلى تدخلات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية في شؤون الدولة الداخلية. هذا التدخل يمكن أن يُضعف سيادة الدولة ويُعرضها لمخاطر جمة.
3.ضعف الولاء الوطني:
عندما يكون ولاء الأفراد لدول أو جهات خارجية، يتراجع الولاء الوطني، مما يقلل من التضامن الاجتماعي ويضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الوطنية. الولاء الوطني هو ما يجمع الشعب حول مصلحة واحدة، وتراجعه قد يؤدي إلى تفكك المجتمع.
والولاءات العابرة للمجتمع تشير إلى ولاءات الأفراد لمجموعات داخل المجتمع تختلف عن الولاء للدولة ككل، مثل الولاءات القبلية، الطائفية، أو العرقية. هذه الولاءات تشكل خطورة على الأوطان من خلال:
1.التجزئة الاجتماعية:
تُعزز الولاءات المجتمعية الانقسامات داخل المجتمع، مما يؤدي إلى تراجع الشعور بالوحدة الوطنية وزيادة الفجوات الاجتماعية. هذا التشتت قد يمنع تكوين هوية وطنية مشتركة.
2.الصراعات الداخلية:
يُمكن أن تؤدي الولاءات العرقية أو الطائفية إلى نشوب صراعات داخلية بين المجموعات المختلفة، مما يهدد السلم الأهلي ويضعف الدولة. هذه الصراعات قد تؤدي إلى نزاعات طويلة الأمد تتسبب في دمار البنية التحتية وتدهور الاقتصاد.
3.إعاقة التنمية:
عندما تتركز الولاءات على مستوى المجتمع المحلي أو الطائفي، يتراجع الاهتمام بالمصلحة الوطنية العامة، مما يُعيق جهود التنمية المُستدامة ويعرقل تنفيذ السياسات الوطنية الشاملة. تحتاج الدول إلى تضافر جهود جميع المُواطنين لتحقيق التنمية، والانقسامات تضعف هذه الجهود.
تتكون الولاءات العابرة للحدود نتيجة العوامل التالية:
1. التاريخ المُشترك:
قد يكون للأفراد ارتباط تاريخي أو ثقافي بدول أو شعوب أخرى. هذا الارتباط قد ينبع من تجارب تاريخية مشتركة مثل الهجرات أو الحروب.
2. الدين:
يمكن أن تلعب الروابط الدينية دورًا كبيرًا في تشكيل الولاءات العابرة للحدود. الأفراد قد يشعرون بانتماء قوي لجماعات دينية خارج دولتهم.
3. الآيديولوجيات:
الآيديولوجيات السياسية أو الفكرية يمكن أن تربط الأفراد بجماعات أو دول خارجية تتشارك نفس الأفكار. هذه الروابط يمكن أن تؤدي إلى تشكيل شبكات دعم تتجاوز الحدود الوطنية.
أما الولاءات العابرة للمجتمع فتتكون نتيجة العوامل التالية:
1. العلاقات الاجتماعية:
العلاقات الاجتماعية القوية داخل العائلات، القبائل، أو الطوائف يمكن أن تعزز الولاءات المجتمعية. هذه الروابط الطبيعية يمكن أن تصبح قوية لدرجة تؤثر على الولاء الوطني.
2. الهوية الثقافية:
الشعور بالهوية الثقافية المتميزة يمكن أن يعزز الولاء لمجموعة معينة داخل المجتمع. الأفراد قد يشعرون بأن هويتهم الثقافية مهددة ويبحثون عن حماية في إطار مجموعاتهم.
3. التجارب المشتركة:
التجارب التاريخية أو الظروف الاقتصادية والاجتماعية المشتركة يمكن أن تعزز الولاءات المجتمعية. هذه التجارب المشتركة يمكن أن تكون إيجابية مثل النجاحات أو سلبية مثل المعاناة.
ختامًا.. من الضروري أن تعمل الدول على تعزيز الولاء الوطني الشامل من خلال سياسات تعليمية وثقافية واجتماعية تهدف إلى تقوية الشعور بالانتماء للوطن ككل، مع احترام التعددية الثقافية والدينية داخل المجتمع. تحقيق التوازن بين الولاءات المجتمعية والولاء الوطني يمكن أن يعزز الاستقرار والتنمية المستدامة. ولا شك أن معالجة الولاءات العابرة للحدود والمجتمع تتطلب جهودًا متكاملة من الحكومة والمجتمع المدني لضمان مستقبل آمن ومستقر للأوطان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما هو ألم العانة ولماذا يضرب اللاعبين الشباب وكيف يمكن علاجه؟
#سواليف
برز في #الآونة_الأخيرة نوع من #الإصابات #تضرب_اللاعبين_الشباب في كرة القدم، يمكن اعتبارها بأنها حديثة نسبيا.
الحديث هنا عن ألم العانة أو ما يعرف بالفتق الرياضي، التي يعاني منها 3 من أبرز اللاعبين الشباب في #الدوري_الإسباني حاليا وهم #لامين #جمال #جوهرة #نجم #برشلونة، ونيكو وليامز لاعب أتلتيك بيلباو، وفرانكو ماستانتونو الوافد إلى ريال مدريد في الصيف الماضي قادما من ريفر بليت.
وازدادت التساؤلات حول سبب هذه الإصابة ومدى خطورتها، خاصة أنها ضربت اللاعبين الثلاثة في أوقات متقاربة، وبالتحديد خلال أول 3 أشهر من انطلاق الموسم الجديد، بدأت مع نيكو وليامز مرورا بلامين جمال، أما ماستانتونو فكان آخر ضحاياها حتى الآن.
ما ألم العانة “الفتق الرياضي”؟ وما سبب انتشاره بين اللاعبين الشباب؟
يُعد الفتق الرياضي إصابة حديثة نسبيا في عالم كرة القدم، إذ لم تكن معروفة أو منتشرة قبل نصف قرن، ومن أبرز أسباب حدوثها طرق الإعداد البدني المختلفة والمتفاوتة وفق صحيفة “ماركا” الإسبانية.
وانتشرت هذه الإصابة بين بعض اللاعبين الشباب أبرزهم لامين جمال وماستانتونو ونيكو وليامز، ويعود ذلك إلى أن أجسامهم تتعرض لمجهود بدني تفوق قدرتها على التحمّل قبل اكتمال نمو العضلات.
وتزامن ذلك مع الجدول المزدحم للمباريات في كرة القدم الحديثة، حيث يُطلب من اللاعبين المشاركة في الكثير من المباريات في بطولات مختلفة مثل الدوري المحلي، والبطولات القارية، بالإضافة إلى التزاماتهم الرياضية مع المنتخبات الوطنية، ما يجعل فترات الراحة والتمارين التأهيلية محدودة للغاية.
تأثير الإصابة على مستوى اللاعبين
وتسبّب هذه الإصابة آلاما مستمرة وانزعاجا في منطقة العانة والفخذ، وهو ما يحد من قدرة اللاعب على تقديم أفضل أداء له بنسبة 50% وفق ما أكد الطبيب الإسباني بيدرو لويس ريبول.
وشرح ريبول طبيعة الإصابة بقوله “هو ألم يتمركز في مفصل العانة، حيث تدور معركة بيوميكانيكية بين عضلات الفخذ الداخلية القوية جدا وعضلات جدار البطن، ألمها يقلل من قدرة اللاعب على الحركة والتسديد بنحو 50%”
وأوضح: “الإصابة لا تمنع اللاعب من اللعب لكنها تجعله شخصا آخر مختلف تماما: أبطأ، أقلّ تفاعلا، وأقل قدرة وثقة على التسديد، لأن العضلات المصابة هي ذاتها التي تُستخدم في هذه الحركة”.
وأوضح: “الأسوأ بالنسبة للاعبين سيأتي في الأشهر القادمة خلال فصل الشتاء مع ازدياد الرطوبة في الملاعب، وهو ما يجبرهم على بذل جهد أكبر للمحافظة على التوازن بسبب انزلاق الأحذية على أرضية الملعب”.
وفي الوقت نفسه حذر مختصو الطب الرياضي من أن هذه الإصابة والآلام قد تتحول إلى مزمنة.
وقال جراح العظام دييغو غارسيا جيرمان: “الأسوأ في التهاب العانة أنه قد يتحول إلى حالة مزمنة. هذه الإصابات مرتبطة بلا شك بكثرة المباريات”، وأضاف: “المراوغات والتسديدات مع إجهاد الورك، تعزز ظهور التهاب العانة”.
العلاج من ألم العانة
في السابق كان يتم التعامل مع هذه الإصابة عبر إجراء عملية جراحية، لكن في الوقت الحالي تراجع هذا الأسلوب بسبب حاجته إلى وقت أطول للتعافي.
وأوضحت صحيفة “إلموندو” الإسبانية أن هناك طريقتين للتعامل مع هذه الإصابة الآن، الأولى تُعرف بتقنية “الراديو فركوينسي”.
وتقوم التقنية المذكورة على تطبيق موجات كهرومغناطيسية لتوليد حرارة مسيطرة عليها في الأنسجة المصابة بهدف تقليل الألم والالتهاب وتسريع التجدد، وهو ما اتبعه الطبيب إرنست شيلدرز لعلاج إصابة لامين جمال.
وفي حالات أخرى يتم الجمع بين العلاج الطبيعي والعمل العضلي النشط والإبر الجافة، وهو ما تم اتباعه في حالتي ماستانتونو ونيكو وليامز.
ويُطلق على هذه الطرق اسم “العلاجات التحفظية” لأنها تهدف إلى تجنب العملية الجراحية، التي كانت معتمدة في السابق.
وقال الطبيب ديفيد لوبيز كابابي جراح العظام ومختص الطب الرياضي: “لم تعد العمليات الجراحية لعظام العانة في الرياضة الاحترافية شائعة لأننا أحرزنا تقدما كبيرا في الوقاية والعلاج الطبيعي”.
وأوضح: “سابقا، كان الخضوع للجراحة يعني التوقف عن اللعب لبضعة أشهر”.
خلافات بين الأندية والمنتخبات حول الاستفادة من اللاعبين
بعد كل ما ذُكر لن يكون غريبا وجود توتر بين الأندية والاتحادات الوطنية بشأن مشاركة هؤلاء اللاعبين مع المنتخبات، وكان آخرها ما حدث بين برشلونة والاتحاد الإسباني لكرة القدم.
ورغم ذلك يدافع كل طرف عن حقه في الاستفادة من خدمات هؤلاء اللاعبين، الأندية باعتبارها من تدفع رواتبهم، أما المنتخب الوطني فيستند إلى قانون الرياضة ورغبة اللاعبين في التمثيل الدولي وعدم فقدان فرصة المشاركة في كأس العالم.
واسُتبعد لامين جمال الثلاثاء الماضي من تشكيلة منتخب إسبانيا الذي سيخوض مواجهتي جورجيا وتركيا في تصفيات كأس العالم لكرة القدم، بعد خضوعه لتدخل طبي “مفاجئ” وهو ما أثار غضب الاتحاد الإسباني.
وفي الوقت نفسه لم يظهر اسم ماستانتونو في قائمة منتخب الأرجنتين الذي يستعد لمواجهة أنغولا وديا، بسبب معاناته من نفس إصابة لامين، غير أن غيابه لم يتسبب بأي أزمة بين مسؤولي “التانغو” وناديه ريال مدريد.