سواليف:
2025-01-27@19:29:43 GMT

الحرب الصاخبة على غزة والجريمة الصامتة في الضفة

تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “83”

#الحرب الصاخبة على #غزة والجريمة الصامتة في الضفة

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

على مدى المائتين وستين يوماً الماضية، من عمر العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والتي ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا ولم تنته عملياتها ولم تتوقف غاراتها، والتي أدت إلى استشهاد وإصابة قرابة 150 ألف فلسطيني، وتدمير أكثر من 80% من بيوتهم ومساكنهم، ومحالهم ومتاجرهم، ومساجدهم ومدارسهم، وأسواقهم ومخابزهم، وطرقهم وشوارعهم، وغيره مما أحدثته الحرب الظالمة، وطحنته الغارات الهمجية، ويشهد عليها العالم ويسكت، ويراقبها ويسجل وقائعها ويعرف تفاصيلها، ويدرك عنفها ويعرف أبعادها، ويعلن مخاوفه من نتائجها، ويحذر من انتشارها واتساع إطارها.

مقالات ذات صلة خاطرة 2024/06/22

إلا أنه يقف عاجزاً ولا يقوى على فعل شيءٍ ضد حكومة الكيان الصهيوني، التي يرى عدوانها، ويدرك تمردها، ولا يستطيع إجبارها على وقف العدوان، والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، والتوقف عن الحرب المجنونة التي تستهدف الفلسطينيين جميعاً، وتحاول القضاء على جميع مظاهر الحياة في قطاع غزة، وتدمير كل مقوماتها الإنسانية والمدنية، رغم أن هذه الحرب قد ألحقت بالدول الداعمة أضراراً بليغة، وكبدتها خسائر اقتصادية فادحة، وعرضت استقرار بلادها للخطر، وأثرت على صورتها الدولية وعلاقاتها السياسية.

انشغل العدو الصهيوني إلى جانب الحرب الصاخبة الطاحنة الشديدة الضرووس في قطاع غزة، بعدوانٍ منظم منسق، ودائمٍ مستمر، ضد القدس والضفة الغربية، أرضاً وسكاناً، وحجراً وشجراً، وتراثاً وحضارةً، وتاريخاً ووجوداً، ومقدساتٍ ومزاراتٍ، وقبورٍ ومقاماتٍ، وهو عدوانٌ متأصلٌ جداً وقديمٌ متجددٌ دائماً، وينفذ وفق مخططاتٍ وبرامجٍ، وتصوراتٍ وأحلامٍ، وأماني وطموحاتٍ، إلا أنه يجري بهدوءٍ وصمتٍ، ودون جلبةٍ أو صوتٍ، خلال انشغال العالم بالحرب الصاخبة المدوية على قطاع غزة، اعتقاداً منهم أن أحداً لن يلتفت إليهم أو ينتبه إلى ممارساتهم، أو يعترض على سياستهم، أو يصغي السمع إلى صرخات الفلسطينيين واستغاثاتهم.

الحقيقة التي يجب أن ندركها نحن الفلسطينيين، ويعرفها العالم كله، عرباً ومسلمين وغيرهم، أن الحرب الإسرائيلية على القدس والضفة الغربية لا تقل أبداً في خطورتها وضراوتها، وشدتها وقسوتها، وأبعادها وتداعياتها، ومستقبلها وآثارها، عن الحرب المشتعلة في قطاع غزة، والتي رغم عنفها وصخبها وخطورتها، إلا أنها لا تستطيع أن تخفي أن العين الإسرائيلية، والأطماع اليهودية، مفتوحة إلى أبعد مدى على القدس والضفة الغربية، التي يطلق عليها الإسرائيليون اسم “يهودا والسامرة”، كما يطلقون على القدس اسم “أور شاليم”، وعلى المسجد الأقصى المبارك “جبل الهيكل”، ويتطلعون إلى هدمه وبناء “هيكل سليمان” الثالث مكانه وعلى أنقاضه.

خلال الأشهر التسعة الماضية، تفرغت الحكومة اليمينية المتشددة لتنفيذ مخططاتها في مدينة القدس والضفة الغربية، وتولى الوزيران اليمينيان المتطرفان ايتمار بن غفير بصفته وزيراً للأمن الوطني الإسرائيلي، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بصفته وزيراً في وزارة الحرب، مهمة قضم الأراضي الفلسطينية، وتشريع بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة، وتوسيع العديد من المستوطنات القائمة، والموافقة على تشريع البؤر الاستيطانية وتخصيصها بميزانياتٍ كبيرة، لتتمكن من البناء والتوسع واستيعاب مئات المستوطنين، وكانت الحكومة الإسرائيلية قد وافقت على إلغاء قانون إعادة الارتباط، الذي سمح لهم بإعادة تنشيط الاستيطان في شمال الضفة الغربية.

وخلال المدة نفسها قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي مئات الشبان الفلسطينيين، في المواجهات وخلال الاجتياحات وعلى نقاط التفتيش والحواجز الأمنية، وتعمد قتل العشرات بتهمة الاشتباه بتفيذ عمليات طعنٍ أو دهسٍ، واعتقل ما يزيد عن تسعة آلاف فلسطيني، واجتاح مراتٍ عديدة مدن جنين ونابلس وقلقيلية ومخيماتها، وخربها وعاث فساداً فيها، إذ قصفها من الجو بطائراتٍ حربيةٍ، واستهدف أهلها بطائراتٍ مسيرةٍ وصواريخ موجهةٍ، وجرف شوراعها وخرب طرقها، ودمر مبانيها، وحرق مساجدها، وغَيَّرَ معالمها، وعطل شبكات المياه والكهرباء والهاتف ومجاري الصرف والبنى التحتية.

كما سمحت حكومة الاحتلال أو غضت الطرف عن مستوطنيها الذين اعتادوا الاعتداء على القرى والبلدات الفلسطينية، بعد أن قام بن غفير بتسليحهم، وشجعهم على إطلاق النار على المواطنين الفلسطينيين، ولم تعترض حكومتهم على قيامهم بحرق السيارات وإشعال النار في أشجار الزيتون والبساتين، واقتحام المزارع والحظائر وسرقة المواشي والأغنام أو تسميمها وقتلها.

أما المسجد الأقصى فما زال يتعرض يومياً لعمليات اقتحامٍ منظمة من قبل المستوطنين والأحزاب والمجموعات المتطرفة، التي تصر على تأدية الصلاة والطقوس الدينية اليهودية في باحاته، بعد قيام الجيش والشرطة بإخراج المصلين الفلسطينيين منه، وتمكين المستوطنين من اقتحامه والدخول إليه، في الوقت الذي تمنع سلطات الاحتلال المواطنين الفلسطينيين في أيام الجمعة والأيام العادية من الدخول إلى المسجد والصلاة فيه، ولا تتردد الشرطة الإسرائيلية في اقتحام الحرم، والدخول بأحذيتها وأسلحتها إلى صحن المسجد، وإطلاق النار والقنابل الدخانية والمسيلة للدموع على جموع المصلين لإجبارهم على إخلاء المسجد وباحاته.

إنها حربٌ واحدةٌ لا تختلف أهدافها في قطاع غزة عنها في القدس والضفة الغربية، ففي الساحتين يرتكب العدو الإسرائيلي ضد الفلسطينيين أفظع الجرائم، لكن حجم الدم المهراق في غزة يصرف الأنظار عن المؤامرات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، والعدو الذي يعرف انشغال العالم بحربه على غزة، يسابق الزمن ويحرق المراحل سعياً وراء تنفيذ أغلب المشاريع والمخططات، لكن يقيناً، ما بقي الشعب الفلسطيني ومقاومته، فإن ظنونه ستخيب، ومخططاته ستفشل، ومشاريعه ستتبدد، ولن يحقق شيئاً مما يحلم به.

استانبول في 23/6/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى غزة القدس والضفة الغربیة فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

دراسة أمريكية صادمة.. حرب غزة تسلب 35 عامًا من أعمار الفلسطينيين

رغم توقف الحرب وإعلان الهدنة، إلا أن كل شبر في قطاع غزة يروي قصة مأساوية تحمل نتاج خراب ومحاولات إبادة استمرت لمدة 15 شهرًا، لتتغير معالم المدن بشكل كامل، بل والمواطنين كذلك، بعدما تبدل متوسط أعمار سكان قطاع غزة، الذي انخفض بشكل صادم خلال الأشهر المنقضية.

دراسة تكشف تأثير صادم للحرب على غزة

دراسة صادمة كشفت نتائج كارثية للحرب على غزة والتي استمرت لمدة 15 شهرًا، أشارت إلى أن متوسط أعمار قطاع غزة انخفض بشكل غير مسبوق أو متوقع إلى النصف، مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، بحسب وسائل إعلام فلسطينية.

تغير معدل أعمار سكان قطاع غزة 

فريق بحثي دولي أشرف على الدراسة المذكورة سلفًا، تحت قيادة ميشيل جيلو، من جامعة بنسلفانيا، وذلك وفقًا للبيانات التي جمعها على مدار الأشهر المنقضية، إذ تراجع متوسط العمر المتوقع من 75.5 عامًا قبل الحرب، إلى 40.5 عامًا خلال العام الأول من الصراع.

الدراسة لخصت أن الرجال كانوا الأكثر تأثرًا بهذا التغيير المفاجئ، من خلال انخفاض متوسط أعمارهم من 73.6 عامًا إلى 35.6 عامًا، بينما انخفض متوسط أعمار النساء من 77.4 عامًا إلى 47.5 عامًا، وذلك باعتماد العديد من السيناريوهات من أجل تقدير متوسط الأعمار بعد الحرب.

جاء السيناريو الأول استنادًا إلى إحصائيات الوفيات الرسمية دون تضمين المفقودين، أما السيناريو الثاني فجاء من خلال احتساب الوفيات والثالث تضمن تقديرات عدد المفقودين والمتواجدين تحت الركام والأنقاض.

رغم النتائج الصادمة للدراسة، إلا أنها لم تشمل التأثيرات غير المباشرة للحرب، ممثلة في انهيار النظام الصحي ونقص الموارد الغذائية أو انهيار المنظومة الصحية بالكامل، بسبب استهداف الكيان المحتل خطة ومنهج للقضاء على جميع الخدمات داخل قطاع غزة، وبالفعل تم تنفيذ ذلك من خلال تدمير المستشفيات وقصف المنشآت الطبية والسكنية.

مقالات مشابهة

  • العودة الصغرى إلى غزة تُحيي آمال عودة الفلسطينيين إلى كامل أراضيهم (شاهد)
  • حملة اعتقالات صهيونية تطال عشرات الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة
  • الضفة الغربية.. قتلى وجرحى جرّاء قصف إسرائيلي
  • قتيلان فلسطينيان في قصف إسرائيلي في طولكرم شمال الضفة الغربية  
  • قوات خاصة وتعزيزات عسكرية إسرائيلية تقتحم مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية
  • دراسة أمريكية صادمة.. حرب غزة تسلب 35 عامًا من أعمار الفلسطينيين
  • حملة اعتقالات صهيونية تطال عشرات الفلسطينيين بالضفة الغربية
  • موقف شجاع وثابت : بعد دعوة ترامب.. مصر ترفض تهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم
  • «القاهرة الإخبارية»: السلطات المصرية في انتظار وصول الأسرى الفلسطينيين المبعدين
  • أستاذ علوم سياسية: مخاوف من نقل آلة الحرب إلى الضفة الغربية