الماضي الذي لم يمض.. من اللنبى إلى السنوار
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
تمثل "طوفان الأقصى" الامتداد التاريخي بالغ التفاعل بالغ التواصل، لدخول اللورد ادموند اللنبى القدس في حزيران/ يونيو 1917م وهو يردد مقولته الشهيرة "الآن انتهت الحروب الصليبية"، سنعرف يومها وحتى يومنا هذا، أن الرجل كان في تفاهم وتناغم تام، مع ما يقوم به في هذا اليوم الأسيف، لذلك فقد قبض بيديه على الجزء المفصول من التاريخ وأعاد وصله في مكانه الصحيح تماما، كما يراه وكما سعت به خطاه.
وإن شئنا توصيفا موضوعيا دقيقا، سنجد أن ما قامت به حركة المقاومة الإسلامية يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لم تزد فيه شيئا عما قصده اللورد الشهير وما عناه، هي فقط تعاطت مع معطيات التاريخ كما كان، وكما ينبغي له أن يكون.
فما كان لنتنياهو ومن معه أن يكونوا في مكانهم الآن إلا امتدادا لهذا اليوم، الذي كتب عنوانه اللورد بعبارته الشهيرة وهو يدخل زهرة المدائن، إذ بعد 5 شهور (تشرين الثاني/ نوفمبر 1917م) من دخوله سيصدر الوعد الشهير للسيد بلفور، وزير خارجية بريطانيا، وباقي القصة ستكون مجرد تفاصيل لأحداث تجرى وتسير من طرف واحد يملي، وأطراف أخرى يُملى عليها.
ما قامت به حركة المقاومة الإسلامية يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لم تزد فيه شيئا عما قصده اللورد الشهير وما عناه، هي فقط تعاطت مع معطيات التاريخ كما كان، وكما ينبغي له أن يكون
* * *
نحن اليوم إذن، في المفصل الثاني ليوم دخول اللورد اللنبي، ولا نلوي عنق التاريخ هنا لنصنع مشهدا تحكميا، إنها فقط صورة الحقيقة كما هي، وكما دوّنها التاريخ الذي لا ينكرونه ولا يعتذرون عنه، بل لا زالت بريطانيا إلى الآن تعتبر أن دورها الرئيسي في تأسيس إسرائيل من دواعي فخرها، ورفضت مرارا الاعتذار عن هذا الوعد الموعود.
أيا ما كان الأمر فالحاصل أنها حاضرة بقوة اليوم، ليس فقط بمقتضيات التاريخ الذي مضى ولكن بمقتضيات الحاضر، واستراتيجية الساعة الأكثر خطرا في التاريخ الاستعماري للحضارة الغربية كلها، ساعة انكسار إرادتها واتجاه سير الأمور بعكس ما تخطط له وتعمل على تنفيذه بكل شراسة وقسوة ورعب..
وستكون "طوفان الأقصى" هي أطول الحروب بعد الخروج الاستعماري المخادع من ديارنا، بداية من خمسينيات القرن الماضي، لكنها ستكون أعظم الحروب في الشرق الأوسط كله، ليس فقط لآن في قلبها المسجد الأقصى، ولكن لأنها كذلك بالفعل، عظمة وشرفا، ومن لم يشارك فيها مشاركة فاعلة فهو ليس كذلك، وارتضى لنفسه أن يكون كذلك.
* * *
وسنسمع أثناءها رئيسة وزراء إيطاليا تقول بحسرة في قمة السبع الكبار في 14 حزيران/ يونيو: "يبدو أن إسرائيل وقعت في فخ حماس".
وسنسمع أيضا المراسل العسكري للقناة 14 الإسرائيلية الموالية لنتنياهو سيقول: "أقوم بتغطية هذه الحرب اللعينة منذ 8 أشهر و8 أيام، سمعت سابقا أكثر من مرة من ضباط كبار في الجيش انتقاد سلوك أصحاب القرار على المستوى السياسي والأمني، لكن الذي سمعته هذه الليلة (15 حزيران/ يونيو) أمر مختلف تماما، الأمر يتعلق بأزمة ثقة كبيرة غضب وإحباط حقيقيين، قد يتطوران في الأيام المقبلة إلى أمور أكثر تعقيدا" (يقصد تمردا).
لكن الأكثر أهمية هو ما سيقوله الجنرال العجوز في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك (77 سنة) في معاريف يوم 21 حزيران/ يونيو (ترجمة الأستاذ ياسر زعاترة): "القيادة السياسية والعسكرية، التي جلبت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023م على دولة إسرائيل أكبر فشل وأكبر كارثة منذ تأسيسها، على وشك تكرار ذلك مرة أخرى. لكن هذه المرة سيكون الفشل أخطر بكثير في الحرب الإقليمية الشاملة التي ستجتاحنا وستدمِّر دولة إسرائيل؛ هؤلاء القادة الذين لم ينجحوا في إسقاط حماس في منطقة صغيرة في قطاع غزة لأن الجيش البري صغير جدا، وليست لديه القدرة على البقاء لفترة طويلة في المناطق التي احتلها بسبب نقص القوات القتالية، ما أتاح لحماس العودة إلى تلك المناطق بعد خروج الجيش منها لإعادة بناء نفسها.
هؤلاء القادة بقرارهم مهاجمة حزب الله بقوة برا، جوا وبحرا سيجلبون إسرائيل إلى حرب إقليمية شاملة في ست جبهات في وقت واحد (لبنان، سوريا، الحدود الأردنية، انفجار في الضفة الغربية، غزة، تمرّد المتطرّفين داخل دولة إسرائيل، ولم نذكر بعد مصر التي من المرجح أن تشارك ضدنا في الحرب إذا اندلعت حرب إقليمية شاملة)".
* * *
الميدان في غزة (واقعا) أقوى من خطر في الشمال (متوقعا).. بل ومقيدا ومحكوما بعشرات المعادلات الإقليمية والدولية الأخرى وليس في حالة سائلة وخطرة كما في غزة
"الحالة الإسرائيلية" الآن أوضح من أن تُوضح.. لا نقاش في ذلك.. وأتصور أن مجيء آموس هوكستين (51 سنة)، مبعوث الرئيس الأمريكي، يوم 17 حزيران/ يونيو والذى تزامن مجيئه مع تكرار الكمائن (15 و16 حزيران/ يونيو)؛ هو لأن إسرائيل في خطر حقيقي واستراتيجي شامل، صحيح أن الزيارة أخذت عنوان "لبنان/ حزب الله/ جبهة الشمال"، لكن الميدان في غزة (واقعا) أقوى من خطر في الشمال (متوقعا).. بل ومقيدا ومحكوما بعشرات المعادلات الإقليمية والدولية الأخرى وليس في حالة سائلة وخطرة كما في غزة.
* * *
ونستطيع أيضا فهم جزء من الصورة التي ظهرت لنا بقوة بعد استقالة أحد أكبر وأكفأ خبراء الخارجية الأمريكية في الشئون العربية الإسرائيلية، أندرو ميلر (46 سنة)، يوم الجمعة (21 حزيران/ يونيو)، والتي تتقاطع بوضوح مع نهج السياسة الأمريكية من اليوم الأول وحتى نهاية الحرب، حرفيا حتى نهاية الحرب، وهو الأمر الذي لم يحتمل منه إلا (الاستقالة)، إذ لو كانت هناك أي بادرة تغير في هذا النهج لكان الرجل تمهل قبل قراره الخطير هذا، والذي سيجعل مشهد وزير الخارجية بلينكن أكثر عريا وعوارا، مما هو عليه بالفعل؛ وهو يسمع بل ويرى أهل غزة يقولون كل يوم، مع الشاعر الراحل توفيق زياد (ت: 1994م)، وبعد 260 يوما:
هنا على صدوركم باقون كالجدار
كقطعة الزجاج كالصبار
وفي عيونكم زوبعة من نار
نجوع.. نعرى.. نتحدى..
إننا ها هنا باقون فلتشربوا البحر
نأكل التراب إن جعنا ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل
هنا لنا ماض.. وحاضر.. ومستقبل
x.com/helhamamy
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل غزة حزب الله إسرائيل غزة حزب الله طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة ما کان
إقرأ أيضاً:
من الفلك إلى الملاحة: نجوم اهتدى بها العمانيون عبر التاريخ
يعد الموروث الفلكي البحري أحد أهم المجالات العلمية التي برع فيها العمانيون، حيث يعكس هذا الإرث ثراء معرفتهم الفلكية المتراكمة عبر الأجيال. وأدّى الموقع الجغرافي لسلطنة عمان دورًا محوريًّا في تنمية هذه المعرفة، إذ اعتمد الصيادون والبحارة العمانيون على النجوم كنظام دقيق لتحديد مواسم الصيد وأوقات الترحال البحري. فقد كانت مواقع النجوم وأنماط حركتها تشكل الدليل الأساسي في تحديد المواسم البحرية، حيث ارتبطت بعض النجوم بمواسم معينة للصيد، بينما استخدمت مجموعات نجمية أخرى لتوجيه رحلات السفر البحرية حسب الاتجاهات المطلوبة.
إحدى السمات المميزة لهذا الموروث الفلكي البحري هو تكامله الشامل، حيث تتداخل مواسم الصيد والتنقل البحري مع الظواهر الفلكية والطقسية، مما أدى إلى تطوير نظام دقيق لتفادي الفترات التي يشتهر فيها البحر بالاضطرابات والعواصف، والتي تعرَف محليًّا بـ«ضربات البحر». يعتمد الصيادون والنواخذة على ظهور نجوم محددة كإشارة إلى حدوث هذه الظواهر، وليس كسبب لها، حيث تستمر هذه التقلبات البحرية لفترة لا تتجاوز عشرة أيام، وبعدها يعود النشاط البحري إلى طبيعته. إلا أن هناك استثناءً رئيسيًّا يتمثل في الرياح الموسمية التي تؤثر على محافظة ظفار، حيث تمتد لفترة أطول قد تغطي معظم فصل الصيف.
وقد ساهم الموقع الجغرافي المتميز لسلطنة عمان، إلى جانب فترات طويلة من الاستقرار السياسي والاجتماعي، في نشوء حركة علمية متقدمة أدّت إلى بروز العديد من العلماء العمانيين في مختلف فروع المعرفة. وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن البحث العلمي العماني اقتصر على العلوم الدينية واللغوية والإنسانية، نجد أنه امتد بعمق إلى العلوم الطبيعية، بما في ذلك علم الفلك والرياضيات والطب والهندسة، مما يعكس ثراء الإرث العلمي العماني وتنوعه.
الريادة العمانية في علم الفلك
في مجال علم الفلك، برز العديد من العلماء الذين وثّقوا معارفهم بأساليب متعددة، منها الشعر والنثر، ليتركوا إرثًا علميًّا غنيًّا. من بين هؤلاء، الشيخ عمر بن مسعود المنذري الذي ألّف كتاب «كشف الأسرار المخفيّة، في علوم الأجرام السَّماويّة، والرُّقوم الحَرْفيّة»، والذي يعد أحد أبرز المؤلفات العمانية في علم الفلك. كما نجد أحمد بن مانع الناعبي الذي نظّم القصيدة اللامية السليمانية في المنازل القمرية الشامية واليمانية، وهي قصيدة فلكية تشرح المنازل القمرية وتطبيقاتها. أما في مجال الفلك البحري، فقد تميز أحمد بن ماجد السعدي، المعروف بـ«أسد البحار»، الذي وضع أسسًا علمية للملاحة البحرية من خلال كتابه الشهير «الفوائد في علم البحر والقواعد»، حيث وصف الاتجاهات البحرية اعتمادًا على مواقع النجوم، كما ألّف قصائد توضح معارفه الفلكية التي سخّرها لمساعدة البحارة في تحديد الطرق والموانئ حول العالم.
التكامل بين الفلك والعلوم الأخرى
ولم تقتصر المعرفة الفلكية العمانية على المجال البحري فقط، بل امتدت إلى مجالات متعددة مثل العمارة والهندسة والزراعة. فقد كان العمانيون حريصين على دمج الحسابات الفلكية في تصاميمهم المعمارية، وهو ما يظهر جليًا في القلاع والحصون التي بُنيت وفق معايير فلكية دقيقة، حيث تم توجيه فتحات التهوية بطريقة تسمح بدخول ضوء الشمس والقمر في أوقات وزوايا محددة، مما يعكس فهماً متقدماً للحسابات الفلكية ودورات الأجرام السماوية. كما اعتمد المهندسون العمانيون على الفلك في تحديد المواسم المثلى للبناء، مراعاةً للظروف المناخية والتغيرات الفصلية.
أما في المجال الزراعي، فقد استخدمت المعارف الفلكية في تطوير المدرجات الزراعية في الجبل الأخضر، حيث استند المزارعون إلى زوايا سقوط أشعة الشمس لتحديد أنسب الأوقات لزراعة المحاصيل المختلفة، مما يعكس وعياً دقيقًا بالعوامل الفلكية وتأثيرها على الإنتاج الزراعي.
الفلك البحري .. وضربات البحر
كان للمعرفة الفلكية العمانية دور حاسم في الملاحة البحرية، حيث أسهمت في جعل النواخذة العمانيين محل ثقة لربابنة البحر والتجار حول العالم. فقد استخدم العمانيون مواقع النجوم لتحديد اتجاهات السفر وأوقات الإبحار، مما مكنهم من الإبحار لمسافات طويلة والوصول إلى أماكن بعيدة مثل شرق إفريقيا والهند وجنوب شرق آسيا. كما كان لهذه المعرفة الفلكية دور محوري في رصد ظاهرة ضربات البحر، حيث حدد البحارة مواعيد اضطرابات البحر استنادًا إلى ظهور نجوم معينة، مما ساعدهم في تجنب الإبحار خلال الفترات الخطرة، وقد كما كان للصيادين وسكان المناطق الساحلية، من مسندم شمالًا إلى ظفار جنوبًا، دراية واسعة بهذه الظواهر الفلكية، حيث اعتمدوا على النجوم في تحديد مواسم الصيد والظروف البحرية المثلى.
أشهـر ضربـات البحـر
• ضربة اللحيمر من أشهر الضربات، وتختلف التفسيرات حول نجمها، حيث يعتقد البعض أنه قلب العقرب (Antares) والبعض الآخر أنه السماك الرامح (Arcturus). تحدث في نوفمبر وتسبب رياحًا قوية وأحيانًا أمطارًا، ولا تتكرر سنويًا، لكن خبرة البحارة تمكنهم من التنبؤ بها وأخذ الاحتياطات اللازمة بين التسعين من المائة الأولى والعشرين من المائة الثانية.
• ضربة الكوي تحدث عند اشتداد البرد وتكون مرتبطة بنجم النسر الواقع (Vega)، وعادةً ما تتسم برياح معتدلة لكنها قد تجلب أمطارًا غزيرة في بعض الأحيان، مما يستدعي الحذر خلال العشرة أيام التي تمتد فيها.
• ضربة الشلي تُعرف بأنها أقوى وأعنف الضربات، تحدث في التسعين من المئة الثالثة، وتستمر بين أربعة إلى خمسة أيام، مصحوبة برياح شديدة وأمطار غزيرة. تختلف التفسيرات حول نجمها بين الشعرى اليمانية (Sirius) والعيوق (Capella)، ويرتبط توقيتها إما بطلوع العيوق في يونيو أو غروب الشعرى.
• ضربة اللكيذب تأتي فجأة وقد لا تحدث لعدة سنوات، لكنها قوية إذا وقعت، حيث تصحبها أمطار ورياح شديدة. تقع بين نهاية سبتمبر ومنتصف أكتوبر، وتسبق ضربة اللحيمر. يُنسب اسمها إلى نجم المفرد الرامح (Muphrid)، وتتميز بتغير اتجاه الرياح بشكل غير متوقع.
• ضربة الثريا تعرف أيضًا باسم «غيوب الثريا»، وتحدث في منتصف يونيو، وترتبط بعنقود الثريا النجمي في كوكبة الثور. تأثيرها محدود لكنه قد يكون مصحوبًا بأمطار في بعض السنوات.
إلى جانب هذه الضربات، هناك ضربات أخرى مثل ضربة سهيل، ضربة العشر، العقرب، الطير، والشولة، وكلها محددة بمطالع أو مغارب نجوم معروفة لدى العمانيين. تعكس هذه المعرفة المزيج الفريد بين علوم الطقس والفلك والملاحة البحرية، مما جعل العمانيين من رواد البحر عبر العصور.
مواسم الصيد والنجوم
في زمن لم تكن فيه وسائل الاتصال الحديثة متاحة، ولم تكن هناك تقنيات متطورة مثل الأقمار الصناعية أو أجهزة تحديد المواقع، اعتمد العمانيون بشكل أساسي على النجوم لتحديد الاتجاهات ومواسم الصيد، فكانت بمثابة خريطة سماوية توجّه الصيادين والبحّارة في رحلاتهم، سواء في المياه القريبة من السواحل أو في أعماق البحار خلال الرحلات البحرية الطويلة. وقد استخدم العمانيون مجموعة من النجوم والكوكبات لمعرفة المواسم المناسبة للصيد، حيث ارتبطت حركة النجوم بدورة الحياة البحرية وهجرة الأسماك.
تعتمد مواسم الصيد على الفصول السنوية، لكن العلاقة بين الصيادين وهذه المواسم تحددها الحسبة، والتي تختلف من منطقة إلى أخرى داخل السلطنة. فبينما يعتمد البعض على حسبة النيروز، هناك من يأخذ بـحسبة الكوي، وآخرون يستخدمون حسبة السهلة. كما يؤدي تقسيم السنة دورًا مهمًّا في معرفة المواسم، حيث يتم تصنيفها بين الصيف، القيظ، الشتاء، والمربعانية، وإن كان هذا التقسيم يختلف من منطقة لأخرى. كذلك، الموقع الجغرافي بين شمال وجنوب سلطنة عمان يؤثر على أنواع الأسماك المصادة في كل موسم، حيث تختلف طبيعة المصايد البحرية باختلاف درجات الحرارة والتيارات البحرية.
على سبيل المثال، عندما يبدأ الجو بالميل إلى البرودة مع ظهور نجم سهيل واكتمال طلوع النعوش (بنات نعش)، يبدأ موسم الصيد الوفير، حيث تكون الأسماك متوفرة بكثرة، وتعرَف هذه الفترة بأنها فترة «هيل بلا كيل»، أي وفرة كبيرة في الصيد، وتشمل أسماك الخباط، الكنعد، السهوة، الجيذر، التونة وغيرها. ويُعد طلوع نجم سهيل أو اكتمال طلوع النعوش علامة واضحة على بداية هذا الموسم.
من أشهر النجوم التي يستدل بها الصيادون في تحديد مواسم الصيد: الكوي، النسر، والثريا، وغيرها من النجوم التي لها أهمية كبيرة في معرفة أوقات الصيد الملائمة. ولكن من الجدير بالذكر أن الصيادين لا يعتمدون فقط على الحسبات الزمنية، بل أيضًا على مطالع ومغارب النجوم، حيث لا تكفي الحسبة وحدها، بل يجب أن تكون مصحوبة بمعرفة دقيقة بمواقيت ظهور واختفاء هذه النجوم، مما يساعد على التأكد من عدم وجود مخاطر خلال ارتياد البحر وضمان صيد ناجح وآمن.
د. إسحاق بن يحيى الشعيلي رئيس مجلس إدارة الجمعية الفلكية العمانية