يشير المرشد السياحي خام دي إلى المناظر الطبيعية في مقاطعة شينغ خوانغ الكائنة بالمنطقة الشمالية الشرقية من لاوس، ويقول إنهم يصنعون هنا كل شيء من مخلفات القنابل، بدءا من مصابيح الكيروسين والأجراس التي تعلق في رقاب البقر وآنية الطهي.

وتعرف لاوس رسميا باسم "جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية" ويشار لها عادة بالاسم العامي "موانغ لاو" وهي بلد غير ساحلي في قلب شبه جزيرة الهند الصينية من البر الرئيسي لجنوب شرق آسيا، ويحدها كل من ميانمار والصين في الشمال الغربي، وفيتنام إلى الشرق، وكمبوديا إلى الجنوب، وتايلند إلى الغرب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لبناني يبدع في تحويل مخلفات الحروب إلى "تحف فنية"list 2 of 2مخلّفات قذائف الحرب.. “تجارة قاتلة” لأطفال اليمنend of list قرية "ملاعق الحرب"

وبمجرد أن يصل الزوار بان نابيا التي تلقب بـ"قرية ملاعق الحرب" تتضح شيئا فشيئا معاني كلمات المرشد السياحي.

ذلك لأن الأعين سرعان ما تلتقط مشاهد شظايا القنابل العنقودية، ومنصات إطلاق الصواريخ التي علاها الصدأ، وأكوام القنابل اليدوية ودانات المدافع، بل حتى جناح طائرة حربية وهي تستند جميعها في أكوام إلى جدران البيوت.

ويتم صهر بقايا الأسلحة وتحويلها إلى أدوات نافعة مثل الملاعق، ويلاحظ أن ما يطلق عليها "ملاعق الحرب" تعد من الهدايا التذكارية التي يحرص الزوار على شرائها. ولا تزال لاوس -تلك الدولة غير المطلة على بحار والكائنة جنوب شرقي آسيا- توصف بأنها أكثر دول العالم تعرضا للقصف بالقنابل، على أساس نسبة القنابل لعدد السكان.

ففي الفترة بين عام 1964 إلى 1973، نفذ الطيارون الأميركيون 580 ألف غارة خلال "الحرب السرية" على لاوس بالتزامن مع حرب فيتنام، حيث أسقطوا في المتوسط حمولة طائرة من القنابل كل 8 دقائق.

وعندما غادرت آخر طائرة تابعة للمخابرات الأميركية لاوس، متجهة إلى تايلند منذ 50 عاما، كانت حصيلة القنابل العنقودية التي تم إسقاطها 270 مليون قنبلة عنقودية.

لاوس تعرضت بين عامي 1964 و1973 لأكثر من 580 ألف غارة بواقع حمولة طائرة كاملة من القنابل كل 8 دقائق (الألمانية) ملايين القنابل لم تنفجر

غير أن عشرات الملايين من هذه القنابل لم تنفجر، وتركت كما هي وسط حقول الأرز والغابات والمروج.

وفي بلدة فونسافان يعرض مركز الزوار التابع للمجموعة الاستشارية للألغام -ومقرها بريطانيا- شريط فيديو يظهر كيف كانت لاوس تغطى على مدار الأيام والسنوات بوابل متواصل من القنابل، وهذه المجموعة الاستشارية منظمة إنسانية تعمل على إزالة الألغام من مناطق الحروب السابقة في العالم.

وكل هذه الأهوال حدثت في تلك الدولة الصغيرة، بينما كانت أنظار العالم متركزة على دولة فيتنام المتاخمة لها، وحتى الكونغرس الأميركي لم يكن مطلعا على أن حرب فيتنام طالت لاوس أيضاً عبر المخابرات المركزية، مما دفع الخبراء لتسميتها بـ "الحرب السرية".

وفي ذلك الوقت كانت لاوس ملتزمة بالحياد من الناحية الرسمية إزاء حرب فيتنام، غير أنه سرعان ما أصبحت قطعة شطرنج في الحرب التي كانت الولايات المتحدة تشنها ضد الشيوعية، وتأثرت بالغارات بشكل خاص المنطقة الشمالية الشرقية على طول الحدود مع فيتنام، والتي كانت تمر منها المؤن.

وخشيت المخابرات الأميركية مما يعرف باسم "تأثير الدومينو" الذي يعني في مفهومها أن سقوط دولة في حضن الشيوعية يعني سقوط الدولة المجاورة لها، مثلما يحدث مع قطع الدومينو، مما أثار مخاوفها من انتشار الشيوعية في منطقة جنوب شرقي آسيا، خاصة مع وجود حركة في لاوس مؤيدة للشيوعية.

التعايش مع مخلفات الذخائر الخطرة

وبعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في فيتنام، انسحبت القوات الأميركية من لاوس مخلفة وراءها دولة مليئة بالقنابل والذخائر التي لم تنفجر.

ولا تزال الذخائر العنقودية مدفونة في كثير من الأماكن في العالم، ومعظم هذه الذخائر صغيرة بحجم كرة التنس وتعرف باسم "بومبيز".

غير أن اسم التصغير هذا خادع، فتشير التقديرات إلى أنه منذ نهاية الحرب، قتل 20 ألف شخص على الأقل في لاوس نتيجة انفجار هذه الذخائر، و40% من القتلى من الأطفال.

ولأكثر من 50 عاما تعلم أبناء لاوس -أو أجبروا على التعلم- كيف يتعايشون مع مخلفات الذخائر الخطرة.

فعلى سبيل المثال، يقوم مدرس الإنجليزية سومشيت بوانجسافات طوال 15 عاما، بتشكيل الملاعق وفتاحات الزجاجات وسلاسل المفاتيح، من أجزاء الأسلحة المختلفة بالمنطقة، وأحيانا ينتج 800 قطعة منها يوميا في فرنه الصغير، ويباع الكثير منها هدايا تذكارية في الأسواق السياحية القريبة.

بوانجسافات يقوم منذ 15 عاما بتشكيل الملاعق وفتاحات الزجاجات وسلاسل المفاتيح من بقايا الأسلحة (الألمانية) "لا تزال الحرب مستمرة حتى اليوم"

ويقول بوانجسافات إن عشرات من سكان قريته قتلوا على مدى سنوات نتيجة انفجار القنابل. وبالرغم من تراجع أعداد الضحايا إلى حد كبير، لا يزال السكان يتعرضون بشكل منتظم للقتل أو بتر أطرافهم بسب هذه المخلفات المتفجرة، ففي العام الماضي وقع 27 حادثا خطيرا بسبب هذه القنابل، بينا تم تسجيل 20 حادثا عام 2022.

وفي هذه الحوادث قتل أكثر من 10 أشخاص من بينهم العديد من الأطفال.

ويقول بوانجسافات وهو يفكر بعمق ممسكا بقنبلة يدوية "بالنسبة لنا لا تزال الحرب مستمرة حتى اليوم" مضيفاً أن الذين نجوا من الموت في هذه الانفجارات أصيبوا بالعمى أو فقدوا أذرعهم أو أرجلهم.

هل تواجه أوكرانيا وغزة نفس المصير؟

وهنا يدور تساؤل: هل سيواجه السكان في أوكرانيا وغزة نفس المصير؟ يقول مدير شركة "داماسيك" الدانماركية لإزالة الألغام هنريك فيرش إن "أوكرانيا ستعاني طوال عقود قادمة من الألغام الأرضية والذخائر التي لم تنفجر، مثلما حدث مع الدول الأوروبية التي خرجت من الحرب العالمية الثانية".

وأضاف أنه في الحرب الروسية على أوكرانيا، استخدم الجانبان أنواعا من الذخائر والصواريخ والقنابل العنقودية والألغام الأرضية، بعضها قديم والآخر على درجة كبيرة من التطور.

وأوضح فيرش أن الذخائر التي لم تنفجر وأسقطتها الطائرات المسيرة ستتسبب في مشكلات كثيرة بالمستقبل تتعلق بعمليات إزالتها، وربما يستغرق الأمر مئة عام لرصد جميع مخلفات الحرب في أوكرانيا.

وقد أخذت صورة مماثلة تتبلور في قطاع غزة الأصغر حجما بكثير من أوكرانيا، حيث تدور رحى حرب دموية تشنها إسرائيل على غزة.

ويقول بيهر لودهامر من الدائرة الأممية للأعمال المتعلقة بالألغام إنه في المتوسط سيبقى ما نسبته 10% من الذخائر التي تم إسقاطها أثناء عمليات القصف الجوي في غزة دون أن تنفجر.

ويشير إلى أن إزالة جميع الذخائر التي لم تنفجر من قطاع غزة في فلسطين سوف تستغرق 14 عاما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الذخائر التی لم تنفجر

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تلقي القبض على شخص بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك

كشفت السلطات الأمريكية عن إلقائها القبض على رجل من ولاية فلوريدا بتهمة التخطيط لشن هجوم على بورصة نيويورك بواسطة قنبلة يتم تفجيرها عن بعد.

وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، إن هارون عبد الملك ينر، البالغ من العمر 30 عاما، كان يعتزم زرع قنبلة في مبنى يستخدم في التجارة بين الولايات وتفجيرها عن بُعد بهدف ما قال إنه "إعادة تشغيل" الحكومة الأمريكية.

وأفاد المكتب، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن التحقيقات بدأت في شباط /فبراير بعد تلقي بلاغات عن أن ينر كان يخزن "مخططات تصنيع القنابل" في وحدة تخزين، حسب وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء.


وكشف مكتب التحقيقات الفيدرالي، عن عثورهم على رسومات تصنيع القنابل وأجهزة إلكترونية يمكن استخدامها في تصنيع المتفجرات، مشيرا إلى أن ينر كان قد بحث عن معلومات تتعلق بصناعة القنابل عبر الإنترنت منذ عام 2017.

وأفاد ينر، أثناء التحقيق معه، بأنه كان يخطط لتنفيذ الهجوم في الأسبوع السابق لعيد الشكر، وأنه اعتبر أن سوق الأوراق المالية في مانهاتن سيكون "موقعا مثاليا للاستهداف".

ولفت المتهم إلى أن الهجوم سيكون بمثابة "انفجار قنبلة نووية صغيرة" يقتل جميع من في المبنى، وفقا لما نقلته "أسوشيتد برس" عن وثائق المحكمة.


وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن ينر كان يخطط أيضا لارتداء زي متنكر واستخدام أجهزة راديو ثنائية الاتجاه كوسيلة لتفجير المتفجرات عن بُعد. وتُظهر وثائق المحكمة أن ينر كان قد نشر مقاطع فيديو حول تصنيع المتفجرات، وكان له تاريخ في توجيه تهديدات، بما في ذلك تهديده بأن يصبح “مطلق نار في باركلاند”.

وبالإضافة إلى ذلك، كان ينر جزءا من مجموعة حاولت الانضمام إلى جماعة "بوجالو بوا" اليمينية المتطرفة، ولكن تم رفض طلبه بسبب تصريحاته عن رغبته في "السعي إلى الاستشهاد"، حسب "أسوشيتد برس".

مقالات مشابهة

  • محطة لمعالجة مخلفات مصائد الزيوت في عجمان
  • فيديو عفوي يجمع الأميرة هيفاء نائب وزير السياحة و طفل طلب التقاط صورة تذكارية معها
  • الولايات المتحدة تلقي القبض على شخص بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
  • مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانول
  • من جديد.. ترمب يتعهد برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • رفع 2200 طن مخلفات ونواتج تطهير وتجمعات قمامة في الدقهلية
  • محافظ الدقهلية: رفع 2200 طن مخلفات بلدية وناتج تطهير وتجمعات قمامة بحي شرق وأجا وبلقاس
  • أمن العيون يضرب حصاراً على عصابات الهجرة السرية
  • فيتنام: أسلحة أمريكا وروسيا وإيران وإسرائيل بمعرض عسكري واحد