نشأ خلال الأيام القليلة الماضية جدل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي العربية بشأن موعد الوقوف في عرفات هذا العام، حيث قام البعض بتصوير القمر في مساء 22 يونيو/حزيران وفجر 23 يونيو/حزيران ليظهر في الصور بدرا، ما يعني بالنسبة لهم أن البدر جاء هذا العام يوم 16 أو 17 ذي الحجة على عكس ما تعودوا عليه، فهل حقًا بدأ شهر ذي الحجة هذا العام في موعد خاطئ؟

الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي: بالتأكيد لا.

ولكنْ عادة ما يخطئ الناس في فهم بعض الأمور الفلكية، وفي هذه الحالة أخطأ البعض في ثلاثة أمور، أولها يتعلق بطول المسافة الزمنية بين مولد القمر إلى طور البدر.

حساب خاطئ لموعد البدر

تعلمنا في المدارس أن طول الشهر القمري 29 يوما ونصف اليوم تقريبا، لكنّ ذلك هو متوسط طول الشهر القمري، أما الطول الحقيقي للشهر القمري فيتراوح بين 29.18 و29.93 يوما، وفي بعض الأحيان يكون طويلا بعض الشيء أو قصيرا بعض الشيء، والسبب في ذلك يتعلق بمدار القمر حول الأرض، حيث إنه ليس دائريا بل بيضاوي، وفي أحيان أخرى يكون القمر قريبا من الأرض فيكون جريانه أسرع، وأحيانا يكون بعيدا عنها فيكون جريانه أبطأ.

ولمزيد من الفهم نحتاج أن نتعرف إلى طبيعة دوران القمر حول الأرض. فحينما نرفع رؤوسنا للسماء ليلا فإننا نرى القمر في أطوار متعددة كالهلال أو الأحدب أو التربيع أو البدر، وهذه الأطوار ليست إلا انعكاسا لضوء الشمس على القمر، والاختلاف بينها هو اختلاف في مدار القمر حول الأرض كذلك.

ويمكن لك بسهولة أن تلاحظ هذه الدورة من منزلك، فقط اصعد لسطح المنزل في نفس الموعد كل يوم، وتأمل موضع القمر في السماء، ستجد أنه يغير مكانه وكأنه يقفز في السماء يومًا بعد يوم مبتعدًا عن الشمس بعد غروبها.

الآن دعنا نفترض نظريًا أننا نتمكن من إعادة الزمن للخلف يومًا بعد يوم، فذلك يعني أن القمر سيعود ليقف إلى جوار الشمس تماما، وفي علم الفلك فإن تلك هي لحظة الاقتران أو المحاق؛ تلك التي تشهد ميلاد القمر الجديد، وبعدها يستمر القمر في الدوران حول الأرض وتتنوع أطواره لنصل إلى البدر.

لكن المسافة الزمنية بين ميلاد القمر والبدر ليست ثابتة كما نظن للسبب نفسه سالف الذكر (وهو طبيعة مدار القمر حول الأرض)، فمن الممكن أن يأتي البدر بعد 13 يوما و22 ساعة من لحظة ميلاد القمر، ومن الممكن أن يأتي بعد 15 يوما و14 ساعة، والسبب في هذا الفارق هو نفسه ما أوضحناه قبل قليل، ويتعلق بمدار القمر حول الأرض.

هذا العام، ولد المحاق أو القمر الجديد يوم 6 يونيو/حزيران في تمام الساعة 15:38 دقيقة عصرا بتوقيت مكة المكرمة، وأصبح بدرا يوم 22 يونيو/حزيران الساعة 04:08 فجرا، أي حوالي 15 يوما و12 إلى 13 ساعة.

أطوار القمر ليست إلا انعكاسا لضوء الشمس على القمر (ناسا) فهم خاطئ للرؤية

ما سبق هو أحد جوانب تصور الناس الخاطئ عن رؤية البدر في 16 أو 17 ذي الحجة، وهو الجانب الأساسي، لكنْ هناك جانب آخر يتعلق بطبيعة الرؤية.

وفي الشريعة الإسلامية يخرج المختصون من الهيئات الشرعية للبحث عن هلال رمضان بعد غروب شمس الرؤية، وهو الـ29 من الشهر الهجري، وإذا تمكنوا من رصده كان اليوم الموالي غرة الشهر الجديد، وإذا لم يتمكنوا من ذلك كان اليوم الموالي متمّما.

وتختلف مقتضيات الرؤية من دولة إلى أخرى، فالبعض يرى أنها ينبغي أن تكون رؤية بالعينين، والبعض يضيف التلسكوبات وتقنياتها المتنوعة، وفريق ثالث يقول إن الحساب الفلكي وحده يكفي، وجميعها تفسيرات لفكرة الرؤية، وكل منها يجد ما يرجحه دينيا.

وهذا العام كانت المسافة بين لحظة الاقتران وموعد الرؤية صغيرة حقًا؛ وتعادل أقل من 5 ساعات في بعض الأماكن، وعادة ما يكون هذا الفارق كبيرا فيصل إلى 15 ساعة مثلا أو أكثر، وأضاف ذلك عددا من الساعات إلى الشهر الهجري الجديد (ذي الحجة) مما ساهم في إبعاد البدر قليلا عن موعده المعتاد، ومن يدرك ما تعنيه الرؤية وكيفية حسابها هذا العام سيتوقع أن ذلك سيحدث منذ بداية الشهر الهجري، وهو أمر طبيعي يتكرر كل عدة أعوام حينما تكون المسافة بين بداية الشهرين القمري والهجري أقصر من المعتاد

فهم خاطئ لطبيعة البدر

من جانب آخر، فإن أطوار القمر تتغير بشكل طفيف حول البدر، فيمكن لك أن ترى بدرا لثلاثة أيام متتالية، أما فلكيا فهناك بدر واحد فقط، والبقية كانت توهمات بصرية عادية ومفهومة فلكيا، لكنَّ الكثيرين لا يعرفون عنها.

فمثلا في تمام الساعة 04:08 فجرا بتوقيت مكة المكرمة يوم 22 يونيو/ حزيران كان القمر بدرا تاما تقريبا بمساحة سطح مغطاة من 99.8% إلى 100%، لكنْ لو نظرت إلى القمر في نفس الموعد بعدها بيوم كامل لكانت إضاءة القمر 98%.

بالنسبة لعينيك أو الكاميرا، فإن الصورة واحدة والقمر بدر، لكنْ بالنسبة للتلسكوبات الكبرى التي يمكن أن تتحقق من تفاصيل القمر فإن الأمر ليس كذلك.

اجتمعت هذه الأخطاء الثلاثة معا لكي تدفع البعض إلى الظن بأن ما حصل هو خطأ في حساب الشهر الهجري، وبالتبعية خطأ في موعد الوقوف بعرفة، لكنّ ذلك أبعد ما يكون عن الصواب، ويتكرر هذا النوع من الأخطاء كل عدة أعوام، وعادة ما ينتشر على وسائل التواصل بشكل كثيف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القمر حول الأرض یونیو حزیران الشهر الهجری هذا العام ذی الحجة القمر فی

إقرأ أيضاً:

إحالة 7 موظفين بأحياء الغردقة للمحاكمة التأديبية بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام

أمرت النيابة الإدارية بإحالة سبعة من مسئولي الوحدة المحلية لمدينة الغردقة وحي شمال الغردقة للمحاكمة التأديبية، وذلك على خلفية مخالفات جسيمة تتعلق بالتلاعب في المستندات وتسهيل التعدي على أملاك الدولة وتسهيل الاستيلاء على المال العام.

وشملت قائمة الاتهام رئيسي قسم التخطيط العمراني بالوحدة المحلية لمدينة الغردقة السابق والحالي، ورئيس قسم التراخيص السابق، ومهندسة تراخيص، ومهندسة بالتخطيط العمراني بذات الوحدة، كما شملت كلًا من مهندسة تخطيط ومهندس بالإدارة الهندسية بحي شمال الغردقة.

وتلقت النيابة الإدارية بالغردقة - القسم الثاني، شكوى من الممثل القانوني لإحدى شركات السياحة المتخصصة في إدارة المراسي السياحية واليخوت والتي يتضرر فيها من توقيع غرامة مالية على الشركة بناءً على محضر محرر ضده من جهاز شئون البيئة للتعدي على أرض ملك للدولة "حرم البحر" ببناء خرساني، رغم استئجار الشركة تلك المساحة من المرسى السياحي بموجب عقد أبرمته مع إحدى شركات الاستثمار والتي اتضح لاحقًا أنها لا تمتلك تلك المساحة ولا تملك الحق في التصرف فيها بأي وجه لكونها تقع ضمن أملاك الدولة الخاصة، وأن هناك تلاعبًا في المستندات بالتواطؤ مع مسئولي الجهة الإدارية مما مكَّن الشركة الأخيرة من الادعاء زورًٍا امتلاكها لتلك القطعة من الأرض وإبرام عقد ايجار مع الشركة الشاكية بموجب تلك المستندات حتى إذا ما شرعت في البناء عليها تحرر عنها تلك المخالفة واكتشاف أن قطعة الأرض تقع ضمن نطاق أملاك الدولة.

وخلال التحقيقات الموسعة التي باشرها كل من عبد الله العريني - رئيس النيابة، ومصطفى عادل - رئيس النيابة، بإشراف المستشار أيمن ربيع - مدير النيابة، أمرت النيابة بتشكيل لجنة فنية برئاسة عضو إدارة الحوكمة والمراجعة بديوان عام محافظة البحر الأحمر وتضم في عضويتها عددًا من المهندسين والمسئولين بمديرية الإسكان، وهيئة المساحة، وإدارة الاستثمار، وإدارة السياحة، وإدارة الأملاك، وجهاز شئون البيئة، حيث كشفت التحقيقات في ضوء التقرير المقدم من اللجنة والاستماع لشهادة عددٍ كبير من المسئولين والمختصين، ومواجهة المتهمين بما أسفرت عنه التحقيقات، عن عددٍ من المخالفات الجسيمة والتي ترتب عليها تسهيل التعدي على أملاك الدولة وتسهيل الاستيلاء على المال العام شملت الآتي:

- قيام ممثلي الشركة المشكو في حقها بتقديم عقد قديم للجهات المعنية لتسهيل الحصول على تراخيص بالمخالفة للقانون وباعتبار أن النشاط المخصص له هو إقامة فندق سياحي بالمخالفة للترخيص الصادر في هذا الشأن والمتضمن أن النشاط يقتصر على مشروعٍ سياحي.

- إعداد وتحرير واعتماد مسودات رسوم تخطيطية "كروكي" مخالفة للحقيقة بتعديل الحد الشرقي لقطعه الأرض المملوكة للشركة من كونها أرض فضاء مملوكة للدولة يليها حرم البحر إلى أنها حَرَم البحر مباشرة، ومَهر تلك المحررات المزورة بخاتم شعار الجمهورية وتوقيع المتهمين كل حسب اختصاصه، وإرسالها للجهات الإدارية المعنية ولمكتب الشهر العقاري المختص، مما مَكَّن الشركة المشار إليها من استخراج رخصة بالمخالفة لأحكام القانون والاستيلاء على قطعة أرض مملوكة للدولة بالمرسى السياحي المحظور التصرف فيه.

- إعداد وتحرير واعتماد مسودات رسوم تخطيطية "كروكي" مخالفة للحقيقة بتعديل الحد الجنوبي لقطعة الأرض المملوكة للشركة من كونها "أرض ملك المدينة" إلى أنها "شارع ملك المدينة" دون موافقة السلطة المختصة، ومَهر تلك المحررات المزورة بخاتم شعار الجمهورية وتوقيع المتهمين كُل حسب اختصاصه، وإرسالها للجهات الإدارية المعنية ولمكتب الشهر العقاري المختص، مما مَكَّن الشركة من استخراج رخصة بالمخالفة لأحكام القانون، وفتح منافذ على تلك الأرض والإثراء بلا سبب مشروع من ارتفاع قيمة الوحدات الخاصة بها نظير هذا التعديل، وفَوَّت على الدولة مقابل الانتفاع بقطعه الأرض التي تم فتح المنافذ عليها.

- تحرير واعتماد وإرسال مكاتبات لمصلحة الشهر العقاري ومهرها بخاتم شعار الجمهورية الخاص بالوحدة، بشأن طلب التعديلات الخاصة بالحدين الشرقي والجنوبي لقطعة الأرض المشار إليها حال كون الوحدة المحلية ليست طرفًا فيها مما ترتب عليه تحميل الدولة جميع المصرفات الخاصة بطلبي التعديل بدلًا من صاحب الشأن "الشركة المالكة" وفقًا للقانون.

- إعداد واعتماد مذكرة توريد مبالغ مالية كحق انتفاع لحَرَم شاطئ لصالح الشركة المشار إليها بالمخالفة للقانون لكونها أرض ردم بحر مملوكة للدولة.

- تحرير واعتماد خطاب موجه لسكرتير عام المحافظة خاص بطلب الدراسة لاستغلال قطعة الأرض محل الشكوى مثبت به أن الغرض من التخصيص هو مشروع سياحي بالمخالفة للثابت بالتراخيص الصادرة بكونها وحدات فندقية بالمخالفة للقانون.

- التقاعس عن اتخاذ الاجراءات القانونية نحو تحرير محضر مخالفة لعدم تنفيذ جراج بالبدروم وفقًا للترخيص الصادر للشركة، واتخاذ إجراءات توصيل مرافق خدمات للعقار رغم مخالفات الترخيص.

وفي ضوء ما انتهت إليه التحقيقات من مخالفات جسيمة ارتكبها المتهمون من خلال التلاعب في المستندات، ترتب عليها الاعتداء على المال العام وملكية الدولة في أكثر الأماكن جذبًا للسياحة بمدينة الغردقة وهي المرسى السياحي، فقد أمرت النيابة بإحالة المتهمين جميعًا للمحاكمة التأديبية مع إبلاغ النيابة العامة بما كشفت عنه التحقيقات من جرائم جنائية.

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. صرف المعاشات التقاعدية لشهر إبريل الجمعة
  • «جوتيريش» يدعو إلى استرداد عافية الأرض بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة
  • ما هي حكاية يوم الأرض الذي يحتفل به العالم في 22 أبريل من كل عام؟
  • ترامب يتصل بنتنياهو ويؤكد الوقوف معه في كل القضايا
  • إحالة 7 موظفين بأحياء الغردقة للمحاكمة التأديبية بتهمة تسهيل الاستيلاء على المال العام
  • النيابة الإدارية تحيل 7 مسئولين بالغردقة للمحاكمة بتهمة الاستيلاء على المال العام
  • كوريا تطلق رابع قمر اصطناعي للاستطلاع العسكري
  • رومانيا تواجه اختبارا حاسما للديمقراطية من خلال الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل
  • يبدو أن سياسة سودانية٢٤ هي الوقوف ضد الشعب والوطن والدعاية للعدو
  • مراسلة سانا: وزارة الصحة تبدأ حملة تعزيز اللقاح الوطنية الشاملة لمتابعة ‏الأطفال المتسربين من عمر يوم حتى 5 سنوات وتستمر حتى الـ 30 من ‏الشهر الجاري في مختلف المحافظات