أصبحت المياه الدولية في البحرين الأحمر والعربي رهينة بيد ميليشيا الحوثي، التي صعدت من هجماتها الإرهابية بدعم من إيران لإغلاق مضيق باب المندب وتعطيل حركة التجارة العالمية المارة عبر هذا الشريان الحيوي.

وتعرضت سفينة تجارية جديدة، كانت تبحر في خليج عدن، إلى هجوم جديد في وقت متأخر الجمعة، وفق ما أفادت به هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية.

وأشارت الهيئة أن طاقم سفينة تجارية أبلغت عن وقوع انفجار في محيطها على بعد 126 ميلا بحريا شرقي مدينة عدن. موضحة في مذكرة استرشادية: "تم الإبلاغ عن سلامة الطاقم وأن السفينة تبحر نحو الميناء التالي".

وجاء الهجوم الجديد عقب نشر "قناة المسيرة" الناطقة باسم الميليشيات الحوثية تسجيلاً مصوراً لما أسمته "تجربة جديدة لدخول زوارق وطائرة مسيرة من طراز "طوفان 1". ووفقاً للمعلومات المسربة فإن هذه الأسلحة الجديدة دعم جديد من "الحرس الثوري الإيراني" الذي عزز قدرات الميليشيات الحوثية لتصعيد هجماتها البحرية وليس كما تدعي ويتم الترويج لها بأنها صنع محلي.

والزورق المسير بحسب ما روجت له الميليشيات، يمكن له أن يحمل رأساً حربياً زنته 150 كلغ، ويمتاز بسرعة عالية تصل إلى 35 ميلا بحريا في الساعة، إلى جانب "قدرة عالية على المناورة والتخفِّي". وأظهرت الميليشيات في المقطع الزورق المذكور وهو يتجه بسرعة كبيرة نحو هدف بحري، قبل أن يصيبه ويدمّره.

ضغوطات على شركات الشحن

وبحسب تقييم أجرته وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" كشف أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي، أدى إلى انخفاض شحن الحاويات عبر المنطقة بنسبة 90% في أول تقييم رسمي له للأثر الاقتصادي لهجمات جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

وبحسب التقرير فإن الهجمات أثرت على ما لا يقل عن 65 دولة، وأجبرت أكثر من 29 شركة كبرى للطاقة والشحن على تغيير مساراتها، حول إفريقيا وهو ما يضيف حوالي 11 ألف ميل بحري لكل رحلة، مما أدى إلى زيادة تكاليف الوقود بنحو مليون دولار لكل رحلة.

وقالت وكالة الاستخبارات الدفاعية: "التهديدات التي يتعرض لها المرور عبر البحر الأحمر تؤدي إلى تفاقم الضغط المستمر على الشحن البحري العالمي الناجم عن الانقطاعات في قناة بنما بسبب الجفاف".

وعلى الرغم من قيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتحالف عسكري بحري في البحر الأحمر لردع الهجمات الحوثية والحد من قدرات الميليشيات على استهداف السفن؛ ولكن حتى الآن، لم يتم ردع الميليشيات بالشكل المطلوب كما تتواصل التداعيات الاقتصادية في الاتساع.

وأشار التقرير إلى أن الهجمات في البحر الأحمر أثرت أيضا على جهود الإغاثة الإنسانية، المقدمة للسودان واليمن، حيث تأخرت لأسابيع نتيجة لطول الطرق حول إفريقيا.

أجندة إيرانية

منذ مطلع يونيو الجاري، ارتفعت حدة ودقة هجمات ميليشيا الحوثي ضد السفن التجارية في ممرات الملاحة الدولية، وعلى الرغم من أن الحرب في قطاع غزة تشهد الكثير من التحركات الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء الحرب الدائرة، وهو ما يكشف حقيقة الادعاءات التي تروج لها الميليشيات وتفضح حقيقة ارتباط ما تقوم به بما يجري في فلسطين.

ففيما التهدئة وتراجع الحرب بشكل كبير في غزة، يصعد الحوثيون ضد الملاحة الدولية، في تأكيد صريح على أن العمليات مرتبطة بأجندة إيرانية، وهي بعيدة كل البعد عن توقف الحرب في غزة وفق ما أكده خبراء ومحللون سياسيون.

وأكد المراقبون أن الميليشيات الحوثية حصلت على دعم عسكري جديد لقيادة المرحلة القادمة، وهذا الدعم ظهر جلياً خلال الهجمات الأخيرة التي استهدفت سفنا تجارية عبر زوارق وطائرات مسيرة، تم تطويرها عبر خبراء إيرانيين ومن حزب الله اللبناني في الداخل اليمني.

يقول الكاتب والمحلل السياسي خالد سلمان، إن الحوثيين حصلوا مؤخرا على صاروخ نوع "فاير دراغون 480" وهو صاروخ صيني قادر على إغراق طراد أمريكي، ما يثير أسوأ الهواجس في مجتمع الاستخبارات الغربية، حول كيفية وصول هذا النوع من الصواريخ إلى الحوثي، وما إذا كان قد تم تهريبه بموافقة رسمية من جمهورية الصين الشعبية، أم عبر إيران، علماً أن في صفقة السلاح هناك خانة تحدد المستخدم الأخير، أي الطرف المشتري، ما يعني منع إعادة منحه لطرف ثالث. 

وأشار إلى أن الحوثيين لم يستخدموا هذا الصاروخ ضد السفن الأمريكية البريطانية، على الرغم من قدرته على إحداث إصابات محققة. وأن سبب عدم استخدامه هو تفادي إغراق السفن الأمريكية أو قتل جنود أمريكيين، ففي الحالتين أو إحداهما يتحول الحوثي من خطر محدود الأثر، إلى خطر مميت، مما يقلب طاولة التصنيف ويستوجب شطب الحوثي من معادلات القوة. 

ويجمع المحلل السياسي خالد سلمان وآخرون على أن التصعيد الحوثي الأخير مرتبط بالتوتر السياسي بين واشنطن وطهران، "على خلفية رفع إيران لمعدلات التخصيب، وتعقيدات جديدة تتصل بإدارة الملف النووي، ما يجعل الحوثي أداة ضغط إيرانية مفيدة لطهران في معركة المصالح".

وأكدوا أن البحر الأحمر سيكون ساحة تجاذبات ومقايضة وورقة ضغط إيرانية في أي محادثات أو مشاورات غير مباشرة بين أميركا وإيران.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: البحر الأحمر فی البحر

إقرأ أيضاً:

روسيا تتجه إلى إنشاء قاعدة بحرية لها على ساحل البحر الأحمر

تتجه روسيا إلى المضي قدمًا في خطتها لإنشاء أول قاعدة بحرية لها في أفريقيا على البحر الأحمر بعد سنوات من الانتظار، وهو ما قد يجعل موسكو مثل الولايات المتحدة والصين في المنطقة، اللواتي يمتلكن قواعد في جيبوتي.

وجاء في تقرير لموقع "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات" أن البحر الأحمر يعد أحد الممرات المائية في العالم الذي يحظى بأهمية إستراتيجية؛ حيث يربط قناة السويس بالمحيط الهندي ويؤمن عبور حوالي 12 بالمئة من التجارة العالمية.

وفي شباط/ فبراير 2024، قام وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف بزيارة إلى موسكو، حيث التقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، وعقب الاجتماع قال إن البلدين توصلا إلى "اتفاق كامل" بشأن القاعدة الروسية، وهو ما عزز مبادرة من شأنها أن تسمح بتمركز ما يصل إلى أربع سفن حربية ونحو 300 جندي هناك على مدى 25 عاما.

وأشار التقرير الذي ترجمع "عربي21" إلى أنه خلال الفترة الاستعمارية، تم رسم حدود السودان بشكل مصطنع دون مراعاة الاختلافات العرقية والدينية، مما أدى إلى حرب أهلية شبه دائمة لا تزال آثارها مستمرة إلى حدود الساعة. 

وفي سنة 2011، انقسمت البلاد إلى جزأين، حيث أجرى جنوب السودان استفتاءً وأعلن نفسه دولة مستقلة، وعليه، تتسم العلاقات بين الدولتين بالتوتر، وتصل أحيانًا إلى مواجهات مسلحة.


في الوقت نفسه، يشهد السودان حربًا أهلية شرسة في السنوات الأخيرة، ففي 15 نيسان/ أبريل 2023، اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها نائبه السابق محمد حمدان دقلو.

وتعليقًا على الاتفاق بشأن القاعدة البحرية الروسية كتبت صحيفة "خبر7" التركية  أنه خلال الحرب الأهلية المستمرة في السودان، تحافظ روسيا على اتصالات وثيقة مع كل من الجيش والجماعات المسلحة الأخرى. 

وفي هذا السياق، تلتقي وفود روسية رفيعة المستوى مع مسؤولين سودانيين في بورتسودان وتحاول تعزيز التعاون العسكري مع المنطقة.

ويرى الخبراء أن الوجود الروسي في السودان أمر بالغ الأهمية بسبب حالة عدم اليقين المحيطة بمستقبل القواعد الروسية في سوريا، معتبرين أن القاعدة العسكرية الجديدة في السودان ستمنح موسكو ميزة استراتيجية كبيرة في البحر الأحمر.

وفي مؤتمر صحفي مشترك، صرّح سيرغي لافروف بأن المحادثات ركّزت بشكل خاص على الحرب المستمرة في السودان بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع، مؤكدًا أن موسكو مهتمة بتطبيع الوضع في السودان وتلتزم بوقف الأعمال القتالية في أسرع وقت ممكن من خلال إطلاق حوار وطني ينبغي أن يشمل جميع القوى السياسية والإثنية والدينية في البلاد.

وأضاف لافروف أنه بعد استقرار الأوضاع في السودان، ستتهيأ الظروف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث سيكون أحد الأولويات مساعدة السودان في استغلال موارده المعدنية، مقابل قيام روسيا بتزويد السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية. بموجب الاتفاق، يجب ألا يتجاوز الحد الأقصى لعدد الأفراد العسكريين في القاعدة الروسية في بورتسودان 300 فرد، كما لن يُسمح بوجود أكثر من أربعة سفن روسية في الميناء في نفس الوقت.

وأشار موقع "يورآسيان تايمز" الهندي الكندي إلى أن روسيا تواصل توسيع وجودها العسكري في النقاط الإستراتيجية حول العالم، مما يمنحها إمكانية الوصول إلى طرق بحرية حيوية. كما أوضح الموقع أن القاعدة البحرية في السودان ستكون أول منشأة عسكرية بحرية دائمة لروسيا في إفريقيا، مما يجعلها تحظى بنفوذ مماثل للولايات المتحدة والصين في المنطقة.

ولفت موقع "يورآسيان تايمز" الانتباه إلى أن القاعدة البحرية على ساحل السودان من شأنها أيضاً أن تساعد روسيا على تعويض الخسارة المحتملة لقاعدة ميناء طرطوس في سوريا. في ظل عدم الاستقرار في سوريا والهجمات المنتظمة على البنية التحتية قد تصبح القاعدة السودانية جزءًا من إستراتيجية روسية واسعة النطاق لتوسيع نفوذها العسكري في أفريقيا. كما أن إنشاء مركز دائم للدعم اللوجستي في السودان سيمنح روسيا القدرة على الاستجابة السريعة للتغيرات في الوضع الإقليمي، بالإضافة إلى ضمان تنفيذ العمليات البحرية في المحيط الهندي.

وذكر الموقع أن المفاوضات حول إنشاء قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر قائمة منذ سنة 2017، عندما اقترح الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير على روسيا إقامة مركز للدعم اللوجستي للبحرية الروسية خلال زيارته إلى سوتشي. ومع ذلك، حالت الأحداث اللاحقة، بما في ذلك الانقلاب العسكري سنة 2019، دون تنفيذ المشروع.


وفي سنة 2020، تم التوصل إلى اتفاق يمنح روسيا الحق في نشر ما يصل إلى أربعة سفن حربية، بما في ذلك السفن النووية، في السودان لمدة 25 عامًا. وكان المشروع يهدف إلى إنشاء قاعدة ذات وظيفة دفاعية، تركز على دعم الاستقرار والسلام في المنطقة.

وأردف الموقع أن خطط موسكو واجهت تهديدًا جديدًا مع اندلاع الحرب الأهلية في السودان في نيسان/ أبريل 2023، بحيث عطل الصراع بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية خطط بناء القاعدة. ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن روسيا توفر حوالي 87 بالمئة من إجمالي واردات السودان من الأسلحة، مما يعكس الدور المحوري لموسكو في تقديم الدعم العسكري لهذا البلد.

ونقل الموقع عن المحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني: "الجيش السوداني في أمسّ الحاجة إلى الأسلحة والذخيرة وقطع الغيار لطائراته الحربية المصنّعة في روسيا. تقديم قاعدة بحرية لروسيا مقابل ذلك هو الخيار الأفضل".

وفي محاولاتها لمنع تعزيز نفوذ روسيا في أفريقيا ومن أجل الفوز بالموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان، بما في ذلك مناجم الذهب، تسعى الولايات المتحدة بأي ثمن إلى منع إنشاء قاعدة بحرية روسية في ميناء بورتسودان. وفي سبيل ذلك، تحاول تحقيق هذا الهدف بأيدي أطراف أخرى.

وعليه، في 24 أيلول/ سبتمبر 2023، وفي مطار شانون الأيرلندي، جرى "اجتماع غير مقرر" بين فولوديمير زيلينسكي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان. وقد أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية هذه الرواية، مشيرة إلى أن خط المواجهة بين أوكرانيا وروسيا يمتد الآن إلى أفريقيا.


وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن مشاركة كييف في نزاع داخلي في دولة أخرى تنطوي على مخاطر سياسية كبيرة، خاصة في ظل تردد الغرب في تقديم دعم إضافي لأوكرانيا.

وفي ختام التقرير نوه الموقع بأن الوضع الجيوسياسي العالمي تغير بعد وصول ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، ومن غير المعروف كيفية رد فعل واشنطن على تصرفات كييف في إفريقيا خاصة في ظل وضوح طموحات الرئيس الأمريكي الحالي تجاه الدول الغنية بالموارد الطبيعية.

مقالات مشابهة

  • “مصائد موت” في أعماق البحر الأحمر تثير دهشة العلماء 
  • مهرجان السياحة .. اختتام رالي البحر الأحمر | صور
  • شاهد.. رهينة إسرائيلي يُقبل رأس عنصر من حماس
  • جراحة نادرة لزراعة أعصاب في ذراع مريض مصاب بالشلل بشبين الكوم
  • "واشنطن بوست": تلميحات متكررة من ترامب حول إمكانية الترشح لولاية ثالثة
  • تفاصيل هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • من جديد.. البحرية الامريكية تصف القتال في البحر الأحمر بالأصعب 
  • موسم «السمك الناشف» ينطلق فى البحر الأحمر.. الوجبة الشعبية
  • البحرية الامريكية :القتال في البحر الاحمر صعب لم نشهده منذ الحرب العاليمة الثانية
  • روسيا تتجه إلى إنشاء قاعدة بحرية لها على ساحل البحر الأحمر